موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


سوف دفن الشيخ أبو مدين الذي توفي قبل ذلك بقليل كما ذكرنا أعلاه.

وفي تلمسان أيضاً التقى الشيخ الأكبر بالشاعر أبي يزيد عبد الرحمن الفازازي (توفي 627/1230)، وقد أنشده من شعره بيتا يستشهد به الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية أثناء حديثه عن أنواع النجاسات حيث يقول إن كل متردّد بين هواءين لا ‏بدّ من هلاكه، كما قال الفازازي: [1]

هوىً صحيحٌ ‏وهواءٌ عليلْ

صلاحُ حالي بهما مستحيلْ

رؤيته للنبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام (تلمسان، 590/1194)

ولقد ذكرنا في أول هذا الفصل أعلاه أن الشيخ محي الدين يعتبر أن الشيخ أبا مدين شيخه رغم أنه لم يرَه في الواقع، ولكنه يحبه كثيرا ويعتقد فيه لدرجة أنه كان يبغض من يبغضه. فعندما كان الشيخ في تلمسان سنة تسعين وخمسمائة، تعرّف على رجل من أهل الله اسمه عبد الله الطرطوسي، فدار بينهما حديث عن الشيخ أبي مدين فعلم الشيخ ابن العربي أن الطرطوسي يبغض الشيخ أبا مدين فبغضه لذلك، ولكنه في نفس الليلة رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المنام فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لِم تكره فلاناً؟ فقال: لبُغضه في أبي مدين. فقال له: أليس يحبُّ الله ويحبُّني؟ فقال له: بلى يا رسول الله، إنه يحبُّ الله ويحبُّك. فقال له: فلِم بغضته لبغضه أبا مدين وما أحببته لحبِّه الله ورسوله؟ فقال له: يا رسول الله من الآن، إني والله زللتُ وغفلتُ والآن فأنا تائب وهو من أحبِّ الناس إليّ، فلقد نبّهتَ ونصحتَ صلّى اللهُ عليك.

فلما استيقظ الشيخ ركب دابته وجاء إلى منزل عبد الله وأخذ له هدية وأخبره بما جرى، فبكى عبد الله الطرسوسي وقبِل الهدية وأخذ الرؤيا تنبيهاً من الله فزال عن نفسه كراهته في أبي مدين وأحبّه. وذكر للشيخ الأكبر أن سبب كراهته في أبي مدين أنه قسم مرة الأضحيات على أصحابه وما أعطاه منها شيئاً.[2]

الشيخ أبو مدين

يعدّ الشيخ أبو مدين، الذي كان يُدعى في العالم العلوي بأبي النجا،[3] من الرجال الذين تأثر بهم الشيخ الأكبر كثيرا لكثرة ما ينقله عنه من أخبار وأقوال ويدعوه بكلمة "شيخنا". من أجل ذلك سنذكر هنا بعض صفاته مما يذكره عنه الشيخ الأكبر رضي الله عنهما، مع أنه لم يلتقيه أبدا في الواقع، وإنما التقاه في



[1] الفتوحات المكية: ج1ص370.

[2] الفتوحات المكية: ج4ص498.

[3] لقد ذكر ذلك الشيخ الأكبر كما سنرى بعد قليل، وربما يدل هذا الاسم على أن الشيخ أبي مدين كان من النجباء. والنجباء هم ثمانية في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم الذين تبدو منهم وعليهم أعلام القبول من أحوالهم ... وهم أهل علم الصفات الثمانية ... ومقامهم الكرسي لا يتعدوه ماداموا نجباء ... (الفتوحات المكية: ج2ص8).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!