موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الأفعال.

فيقول الشيخ محي الدين أن يتخيل من لا معرفة له بالحقائق أنها (أي القيومية) من خصائص الحق التي لا يمكن للخلق التخلّق بها في حين أنه لا فرق بينها وبين سائر الأسماء الإلهية كلّها في التخلّق بها على ما تعطيه حقيقة الخلق كما هي لله بحسب ما تعطيه ذاته تعالى وتقدّس.

فلما اجتمع مع الشيخ محي الدين وناقشه في الأمر رجع إلى قول الشيخ محي الدين الذي أبان له معنى قوله تعالى "الرجال قوّامون على النساء" حيث أثبت لهم درجة في القيّومية، فأقنعه الشيخ محي الدين وجميع أصحابه فشكروا الله على ذلك.[1]

سياحته في الساحل ولقاؤه بالرندي (شذونة، 589/1193)

بعد ذلك بدأ الشيخ محي الدين رحلة جديدة إلى الساحل جنوبي غرب الأندلس بهدف الاجتماع برجال الله الذين عادة ما يسيحون في تلك المناطق الجبلية، وهناك التقى برجل مشهور من رجال الله اسمه أبو عبد الله محمد بن أشرف الرندي، وهو من الأبدال، وهو الذي ذكرناه أعلاه أنه دخل على عبد المجيد ابن سلمة في خلوته.

ويروي الشيخ محي الدين في "روح القدس" قصة لقائه بالشيخ ابن أشرف الرندي فيقول إنه خرج مرة من مدينة شذونة يريد الساحل، فتبعه شاب لا نبات بعارضيه يريد صحبته فأخذه معه. وفي الطريق وجد أمامه شخصان، الواحد أسمر طويل يقال له عبد السلام السائح يجول في الأرض لا يقرّ به قرار،[2] ومعه آخر يقال له محمد بن الحاج، وكانا يمشيان مشيا سريعا. ومع ذلك فقد لحقهما الشيخ محي الدين وكان بينه وبينهما عدة أميال، فمرّ عليهما مستعجلا، وكان يوم جمعة، فأوى إلى قرية "روطة"[3] من أجل صلاة الجمعة. فدخل الشيخ محي الدين إلى مسجد الجماعة وركع ركعتين، فلم يلبث أن جاء أبو عبد الله بن أشرف الرندي، فلما دخل قام إليه ذلك السائح عبد السلام وصاحبه فسلما عليه وعرفه، وكان الشيخ محي الدين مضجعا في الجامح وهو يضرب بيده على صدره ويغني شعرا:

ضاحكٌ عن جُمانٍ
ضاق عنه الزمانُ

سافرٌ عن بدرِ
وحواه صدري

فجاء إليه الشيخ الرندي وقال له: أتريد أن تستر نفسك؟ فقال له ابن العربي: وكذلك تفعل أنت؟



[1] الفتوحات المكية: ج2ص182، ج4ص179.

[2] وهو الشيخ عبد السلام الأسود، ذكره الشيخ محي الدين في روح القدس: ص82، وسنذكره باختصار بعد قليل.

[3] روطة قرية على شاطئ البحر، جنوبي شذونة، وهي موضع رباطٍ ومقر للصالحين مقصودة من جميع الأقطار. راجع الحِميري، "الروض المعطار": ص340، "شريش".


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!