موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


بداية البشرى (قرطبة، 586/1190)

لقد ذكرنا أعلاه أن الشيخ محي الدين قد رأى جميع الرسل والأنبياء من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، كما ذكر في الفتوحات المكية. وفي فصوص الحكم يبيّن الشيخ الأكبر أن هذه الرؤيا كانت في قرطبة سنة 586/1190، حيث يقول: "واعلم أنه لمّا أطلعني الحق وأشهدني أعيانَ رسلِهِ عليهم السلام وأنبيائه كلِّهم من البشريّين، من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين، في مشهد أُقمت فيه بقرطبة سنة ستٍ وثمانين وخمسمائة، ما كلَّمني أحدٌ من تلك الطائفة إلا هودٌ عليه السلام، فإنه أخبرني بسبب جمعيّتِهِمْ."[1] وفي مكان آخر يقول الشيخ محي الدين أنه اجتمع بالأنبياء والرسل مرتين كما ذكرنا أعلاه.

فماذا كان يا ترى سبب جمعيّتهم؟ وما هو دور ابن العربي رضي الله عنه في هذه الجمعية؟ سوف نجد في آخر هذا الفصل أن الشيخ محي الدين يعطي المزيد من التفصيل عن هذه الرؤيا أن هذا الاجتماع كان عيادة للشيخ أبي محمد مخلوف القباني الذي كان قد مرض المرض الذي سيموت فيه، ولكن -كما توضّح كلوديا عداس في البحث عن الكبريت الأحمر- أن هذا كان ربما أحد الأسباب ولم يكن السبب الرئيسي. أما السبب الرئيسي الذي لا يبوح به ابن العربي هنا فقد تناقله تلاميذه المقربين جيلا بعد جيل كما وضحت الدراسات المختلفة من خلال كتبهم والشروحات التي قدموها على فصوص الحكم، حيث يذكر مؤيّد الدين الجندي، وهو من أحد تلاميذ الشيخ محي الدين كما سنذكره في الفصل السابع، في شرحه على فصوص الحكم نقلا عن أستاذه صدر الدين القونوي الذي تبناه ابن العربي أن الشيخ محي الدين قد أُخبر أنه سيكون خاتم الأولياء المحمديين في نهاية خلوة دامت تسعة أشهر،[2] ولا شك هي الخلوة التي قام بها الشيخ محي الدين في قرطبة سنة 586. ويؤكد مثل هذا الخبر أيضاً عدد من التلاميذ الآخرين لابن العربي مثل عبد الرزاق القيشاني (توفي 730/1330) وداود القيصري (توفي 751/1350) أن رؤية ابن العربي لاجتماع الأنبياء والرسل قد كان من أجل ترشيحه إلى منصب خاتم الولاية المحمّدية.[3]

وسوف نرى لاحقا أن البشارات سوف تتوالى بهذا الصدد إلى أن تتوَّج في مكّة حين يبلغ الشيخ محي الدين سنّ "الرشد" الحقيقي حين يصبح عمره أربعين سنة.

قطب المتوكلين الشيخ عبد الله بن الأستاذ الموروري

يبدو أن ابن العربي قد بدأ رحلاته الاستطلاعية الداخلية، وراء إشبيلية وقرطبة، بمدينة مورور، وهي مدينة صغيرة تقع إلى الشرق من إشبيلية على مسافة بينها وبين رندة. وكان سبب سفره هذا أنه أراد أن يتقن مقام التوكل، فبحث عن منبعه، فأطلعه الله تعالى على قطب المتوكّلين فرأى التوكّل



[1] فصوص الحكم: ص110.

[2] مؤيد الدين الجندي، شرح فصوص الحكم: ص109. انظر أيضاً في "البحث عن الكبريت الأحمر": ص92.

[3] عبد الرزاق القيشاني، شرح فصوص الحكم: ص130. انظر أيضاً في "البحث عن الكبريت الأحمر": ص76.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!