موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ثم يضيف الشيخ الأكبر أنه سمعها تقول: عجبت لمن يقول إنه يحبّ الله ولا يفرح به وهو مشهوده، عينه إليه ناظرة في كل عين، لا يغيب عنه طرفة عين، فهؤلاء البكّاؤون كيف يدّعون محبته ويبكون! أما يستحيون؟ إذا كان قربه مضاعفاً من قرب المتقرّبين إليه والمحبّ أعظم الناس قربةً إليه فهو مشهوده، فعلى من يبكي، إن هذه لأعجوبة! ثم تقول له: يا ولدي ما تقول فيما أقول؟ فيقول لها: يا أمّي القول قولك.

ثم يضيف الشيخ محي الدين فيقول إنها كانت تضرب بالدف وتفرح، فكان يقول لها في ذلك، فتقول له: إني أفرح به حيث اعتنى بي وجعلني من أوليائه واصطنعني لنفسه؛ ومن أنا حتى يختارني هذا السيّد على أبناء جنسي؟ وعزّة صاحبي لقد يغار عليّ غيرةً ما أصفها؛ ما التفتُّ إلى شيء باعتمادٍ عليه عن غفلة إلا أصابني ببلاء في ذلك الذي التفتُّ إليه.

فاتحة الكتاب تخدمها

ويقول الشيخ محي الدين عن فاطمة القرطبية أن الله تعالى قد أعطاها فاتحة الكتاب تخدمها، فكان إذا أرادت شيئا تقرأ الفاتحة فيتشكل لدى قراءتها صورة هوائية تفعل لها ما تأمرها به. فيذكر الشيخ محي الدين قصةً حصلت أمامه وذلك أن امرأة دخلت مرة عليهم، وكان الشيخ محي الدين عند أمه فاطمة القرطبية، فقالت له يا أخي إن زوجي في شريش شذونة أُخبرت أنه يتزوج بها فماذا ترى؟ فقال لها: وتريدين أن يصل؟ قالت نعم. فردّ ابن العربي وجهه إلى العجوز وقال لها: يا أم ألا تسمعين ما تقول هذه المرأة؟ قالت: وما تريد يا ولدي؟ قال: قضاء حاجتها في هذا الوقت، وحاجتها أن يأتي زوجها. فقالت: السمع والطاعة، إني أبعث إليه بفاتحة الكتاب وأوصيها أن تجيء بزوج هذه المرأة، وأنشأَت فاتحة الكتاب فقرأتْها وقرأَ الشيخ ابن العربي معها. فيقول الشيخ محي الدين أنها كانت تُنشئ بقراءتها صورةً مجسّدةً هوائيةً فتبعثها عند ذلك لتقضي ما تريد. فلما أنشأَتها صورةً، قالت لها: "يا فاتحة الكتاب تروحي إلى شريش وتجيئي بزوج هذه المرأة ولا تتركيه حتى تجيئي به". فيقول الشيخ أنه لم يلبث إلا قدر مسافة الطريق من مجيئه فوصل إلى أهله.[1]

رؤية الجن

وكانت فاطمة القرطبية ترى الجن من غير تلبيس، وذلك أمر يلتبس على الكثير من الشيوخ الذين يظنون أنهم يرون الجنّ ويخاطبونهم وهم على الحقيقة لا يرون سوى صوراً خياليةً توهمهم الجنُّ إيّاها، كما كان يحدث مع أبي العباس الزقاق الذي التقاه الشيخ الأكبر في مدينة فاس كما سنتكلم عن ذلك في الفصل الثالث.[2]



[1] الفتوحات المكية: ج2ص347-348.

[2] الفتوحات المكية: ج2ص621.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!