موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وهكذا فإن ابن العربي قد تربّى على يد هذين الشيخين الجليلين العريبي والميرتلي. ولكنه أحيانا كان يقارن بينهما، حيث أنه كان مرة متكدّرا من شدّة ما رأى من مخالفات الناس وحيودَهم عن طريق الحق فدخل على شيخه أبي العباس العريبي وهو في مثل هذه الحال فقال له الشيخ: عليك بالله! ثم خرج من عنده ودخل على شيخه أبي عمران الميرتلي وهو على تلك الحالة فقال له: عليك بنفسك! فتعجب من القولين، وقال للميرتلي: يا سيدنا قد حرت بينكما هذا أبو عباس يقول عليك بالله وأنت تقول عليك بنفسك، وأنتما إمامان دالاّن على الحق! فبكى أبو عمران وقال للشيخ الأكبر: يا حبيبي الذي دلّك عليه أبو العباس هو الحق وإليه الرجوع، وكل واحد منّا دلّك على ما يقتضيه حاله، وأرجو إن شاء الله أن يُلحقني بالمقام الذي أشار إليه أبو العباس. فاسمع منه فهو أولى بي وبك.

وهكذا كان هؤلاء الشيوخ منصفين ويعرفون المقامات ويقدّرونها. فلما رجع الشيخ الأكبر إلى أبي العباس وذكر له مقالة أبي عمران، قال له: أحسن في قوله؛ هو دلّك على الطريق وأنا دللتك على الرفيق، فاعمل بما قال لك وبما قلتُه لك فتجمع بين الرفيق والطريق، وكلُّ من لا يصحب الحق في سفره فليس هو على بيّنة من سلامته فيه.[1]

فاطمة القرطبية بنت ابن المثنّى

وكذلك فقد شاركت بعض النساء الصالحات في تربية الشيخ الأكبر، فقد التقى باثنتين منهن على الأقل وكان لهما دور كبير في ذلك، وهن ياسمين من مرشانة الزيتون وفاطمة القرطبية في إشبيلية وهي بنت ابن المثنى وكانت في الخامسة والتسعين من عمرها. كانت فاطمة القرطبية كما ذكرنا أعلاه بمثابة أمّه الروحية كما كانت "نور" أمّه الترابية. فكانت إذا جاءت والدته إلى زيارتها تقول لها "يا نور هذا ولدي وهو أبوك فبُرّيه ولا تعقّيه".[2]

بعض أوصافها

يقول عنها في الباب الثامن والأربعين وثلاثمائة من الفتوحات المكية أنه خدمها عدة سنوات وهي تزيد في وقت خدمته إياها على خمس وتسعين سنة، ومع ذلك فكان يستحيي أن ينظر إلى وجهها وهي في هذا السن من حمرة خديها وحسن نعمتها وجمالها؛ "تحسبها بنت أربع عشرة سنة من نعمتها ولطافتها"، كما يصفها. ثم يقول إنه كان لها حال مع الله وكانت تؤثره على كل من يخدمها من أمثاله وتقول: ما رأيت مثل فلان إذا دخل علينا دخل بكلّه لا يترك منه خارجاً شيئا وإذا خرج من عندي خرج بكلّه لا يترك عندي منه شيئا.



[1] الفتوحات المكية: ج1ص177.

[2] الفتوحات المكية: ج2ص348.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!