The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإسفار عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل الذكر من الأسرار

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي)

والمتن للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

 

 


[ مطلب في بيان المحو في الوحدة ]

فإن لم تقف معه محيت، ثم غيبت، ثم أفنيت، ثم سحقت، ثم محقت، حتى إذا انتهت فيك آثار الماحي مع إخوانه، أثبت، ثم أحضرت، ثم أبقيت، ثم جمعت، ثم عينت، فخلعت عليك الخلع التي تقتضيها، ثم ترد إلى مدرجتك، فتعاين كل ما رأيته مختلف الصور، حتى ترد إلى عالم حسك المقيد الأرضي، أو تمسك حيث غبت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لك عن الملائكة المهيمة «1»، وهم المخلوقون من العماء، فإن لم تقف معهم رفع لك عن العماء الذي كان فيه ربنا قبل أن يخلق الخلق، وقد بسطنا القول في حقيقته في «رسالة السبحات» لنا، قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: العماء هو مستوى الاسم الرب كما أن العرش مستوى الاسم الرحمن. والعماء هو أول الأشياء وفيه ظهرت الظروف المكانيات والمراتب فيمن لم يقبل المكان والمكانة، ومنه ظهرت المحال القابلة للمعاني الجسمانية حسّا وخيالا، وهو موجود شريف الحق معناه، وهو الحق المخلوق به كل شيء وما سوى اللّه تعالى، وهو المعنى الذي ثبتت فيه واستقرت أعيان الموجودات، ويقبل حقيقة الممكنات وظرفية المكان ورتبة المكانة واسم المحل، ومن عالم الأرض إلى هذا العماء، ليس فيه من أسماء اللّه تعالى سوى أسماء الأفعال خاصة ليس لغيرها أثر في كون مما بينهما من العالم المعقول والمحسوس، انتهى كلام الشيخ رضي اللّه تعالى عنه.

واعلم أنك إن لم تقف مع العماء رفع لك عن نفس الرحمان بفتح الفاء وهو أصل العماء، فإن لم تقف معه رفع لك إلى جناب أسماء التنزيه وفارقت أسماء الأفعال، فتعلم علم السلب وتشرف على العالم بأسره، وتعرف ما ينبغي لك مرتبة.

مطلب في بيان المحو في الوحدة ( فإن لم تقف معه ) رقيت إلى الوحدة الذاتية و ( محيت ) هناك قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: المحو عند الطائفة رضي اللّه تعالى عنهم محو أوصاف العادة وإزالة العلة وما ستره الحق ونفاه، قال تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ [ الرّعد: الآية39 ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( 1 ) الملائكة المهيمة في شهود جمال الحق وهم الذين لم يعلموا أن اللّه خلق آدم لشدة اشتغالهم بمشاهدة الحق وهيمانهم، وهم العالون الذين لم يكلفوا بالسجود لآدم لغيبتهم عما سوى الحق وولههم بنور الجمال، فلا يسعون شيئا مما سواه وهم الكروبيون. ( اصطلاحات الصوفية لعبد الرزاق القاشاني، ص 99 رقم ( 447 ) طبعة الحكمة - دمشق ).

"***"

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فثبت المحو وهو المعبر عنه بالنسخ عند الفقهاء، فهو نسخ إلهي رفعه اللّه تعالى ومحاه بعد ما كان له حكم في الثبوت والوجود، وهو في الأحكام وفي الأشياء انتهاء المدة فإنه قال: كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى [ لقمان: الآية 29 ] . فهو يثبت إلى وقت معين ثم يزول حكمه لا عينه، فإنه قال يجري إلى أجل مسمى، فإذا بلغ الأجل زال جريانه، وإن بقي عينه فالعادة التي في العموم يمحوها اللّه تعالى عن الخصوص، فمنهم من يمحوها في ظاهره ومنهم من يمحوها في باطنه، وتبقى عليه أوصاف العادة وهو الكامل مع كونه صاحب محو، كما أنه يكون المسخ في القلوب وهو اليوم كثير، وكان في بني إسرائيل ظاهرا بالصورة فمسخهم اللّه قردة وخنازير، وجعل ذلك في هذه الأمة في باطنها سترا لها، ولكن لا تقوم الساعة حتى يظهر في صورها شيء من ذلك مع خسف وقذف، كذا ورد في الخبر «1» عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ومن العادة الركون إلى الأسباب والعلل، فصاحب المحو يزول عنه الركون إلى الأسباب، فإن اللّه تعالى لا يعطل حكم الحكمة في الأشياء، والأسباب حجب إلهية موضوعة لا ترفع، أعظمها حجاب عينك فعينك سبب وجود المعرفة باللّه إذ لا يصح لها وجود إلا في عينك، ومن المحال رفعك مع إرادة اللّه بأن يعرف فيمحوك عنك، فلا تقف مع وجود عينك، وظهور الحكم منه كما محى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حكم رميه مع وجود الرمي منه، فقال: «وما رميت» فمحاه «إذ رميت» فأثبت السبب «ولكن اللّه رمى» وما رمى إلا بيد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإزالة العلة في المحو إنما هي في الحكم لا في العين، فلو زالت العلة والسبب لزال العبد وهو لا يزول، فمن الحكمة إبقاء الأسباب مع محو العبد من الركون إليها على حكم نفي أثرها في المسببات، فالأسباب ستور وحجب، ولا يكون محو أبدا إلا في ما له أثر، وإلا فليس بمحو، واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

( 1 ) يشير إلى قوله صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه أحمد في المسند عن حذيفة بن أسيد: «اطّلع النبي صلى اللّه عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ما تذكرون ؟ قالوا: نذكر الساعة، فقال: «إنها لن تقوم حتى ترون عشر آيات، الدخان، والدجال، والدابّة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم». وروى هذا الحديث الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة، حديث رقم ( 39 - 2901 ).

""

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مطلب في بيان التغييب ( ثم غيبت ) قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه: الغيبة عند القوم غيبة القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق لشغل القلب بما ورد عليه، وإذا كان هذا فلا تكون الغيبة إلا عن تجل إلهي، فلا يصح أن تكون الغيبة على ما حدوه بمخلوق، فإنه مشغول غائب عن أحوال الخلق، وبهذا تميزت الطائفة عن غيرها، فإن الغيبة موجودة الحكم في جميع الطوائف، فغيبة هذه الطائفة تكون بحق عن خلق حتى تنسب إليه على جهة الشرف والمدح،

وأهل اللّه تعالى في الغيبة على طبقات وإن كانت كلها بحق، فغيبة العارفين غيبة بحق عن حق، وغيبة من دونهم من أهل اللّه تعالى غيبة بحق عن خلق، وغيبة الأكابر من العلماء باللّه غيبة بخلق عن خلق، فإنهم قد علموا أن الوجود ليس إلا اللّه بصور أحكام الأعيان الثابتة الممكنات،

ولا يغيبه إلا صورة حكم عين في وجود حق فيغيب عن حكم صورة عين أخرى تعطي في وجود الحق ما لا تعطي هذه، والأعيان وأحكامها خلق فما غاب إلا بخلق عن خلق في وجود حق،

فالعامة مصيبة لبعض هذه المسألة فإنها ينقصها منها في وجود حق، وغيبتها إنما هي بخلق عن خلق مثل الكمل من رجال اللّه.

وما في الأعيان عين يكون حكمها مشاهدة فلا تتصف بالغيبة، فلما لم يكن ثم عين لها وصف الإحاطة بالحضور مع الكل، وأن ذلك من خصائص الإله فلا بد من الغيبة في العالم والحضور.

مطلب في بيان الفناء ( ثم أفنيت ) وقد ذكرنا فيما تقدم وأوردنا من كلام الشيخ رضي اللّه عنه فيه ما فيه الكفاية.

السحق ( ثم سحقت ) وهو عبارة عن ذهاب تركيب حقيقتك عند غلبة تجلي الوحدة الذاتية عليك.

المحق ( ثم محقت ) وقد تكلمنا عليه فيما مضى ( حتى إذا انتهت فيك آثار الماحي مع إخوانه ) مثل المغني والمغيب، والماحق.

""

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

 

البحث في نص الكتاب



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!