اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[إن أهل الله إذا جذبهم الحق إليه سبحانه من مريد ومراد جعل في قلوبهم داعية إلى طلب سعادتهم]
فاعلم أيها السامع أن أهل الله إذا جذبهم الحق إليه سبحانه من مريد ومراد جعل في قلوبهم داعية إلى طلب سعادتهم فبحثوا عليها وفحصوا عنها ووجدوا في قلوبهم رقة وخشوعا وطلبا للسلامة مما الناس عليه من التكالب والتحاسد والتدابر والتنافر فإذا وفوا مكارم الأخلاق أو قاربوا ذلك وجدوا في أنفسهم داعية إلى الخلوات والانفراد عن الناس فمنهم من أخذ في السياحة ولازم الجبال والفلوات ومنهم من كانت سياحته في البلاد كل ما أنس به أهل بلدة أو عرف فيها رحل عنها إلى غيرها ومنهم من عزل في مسكنه بيتا وانفرد به واحتجب عن الناس كل ذلك ليقع له التفرد بالحق الذي دعاه إليه والأنس به لا ليعلم ولا ليجد كونا من الأكوان من خرق عادة في ظاهر الحس أو في سره فلا يزال على كل ما ذكرناه إلى أن ينقدح له في نفسه لبعضهم أو في خياله لبعضهم أو من خارج لبعضهم من جانب الحق ما يحول بينه وبين نفسه ويستوحش من ذلك الوارد عليه ويطلب الأنس بالمخلوق في تلك الساعة فإذا سكت حكم الوارد عنه وعاد إلى حسه اشتاق إليه اشتياقا شديدا واستفرغ في محبة ذلك الوارد استفراغا عظيما ووجد حلاوته عند فقده وسرت اللذة في حسه وروحه ويأتيه في ذلك الوارد خطاب وتعريف