موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى ترك الجوع
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 188 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الجوع المشروع الاختياري وما لنا طريق إلى الله إلا على الوجه المشروع ولو لا إن الله جعل هذا حد المصلحة في عموم خلقه لما وقته إلى هذا القدر فلا يكون الإنسان في الزيادة عليه أعلم بمصالح الجوع في العبد من ربه هذا غاية سوء الأدب فإن كان ممن يطعم ويسقى في مبيته وفنائه ويجد أثر ذلك في قوته وصحة عقله وحفظ مزاجه فليواصل ما شاء فإنه ليس بصاحب جوع وكلامنا في الجوع وإن كان أيضا ممن يستغرقه حال ووارد قوي يحول بينه وبين الطعام كأبي عقال فإن كان صاحب فائدة فهي المطلوب وإن لم يكن فذلك مرض يعرض حاله على الأطباء وما ذلك مطلب القوم‏

[جوع الأكابر]

وأما جوع الأكابر فجوع اضطرار فإن الذي ينتجه الجوع قد حصل لهم ملكة لا تزول عنهم في حال جوع ولا شبع فلم يبق إلا التقليل ولكن من الحلال إما للنشاط في الطاعات وإما لخفة الحساب‏

فإن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال إنكم لتسئلون عن نعيم هذا اليوم‏

ولم يكن سوى تمر وماء وما أدخل نفسه في الجماعة فإن لله عبادا سليمانيين يقول الله لهم هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ وهم سبعون ألفا في هذه الأمة قد نعتهم النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم والخبر صحيح وعكاشة منهم بالنص عليه‏

[ترك العمل اتباعا أعظم أجرا من العمل ابتداعا]

فينبغي للصالح السالك أن لا يزيد على الحد المشروع فيكون متبعا فإن ترك العمل بالاتباع أعظم أجرا من العمل بالابتداع فإنا بالاتباع بحكم الأصل فإن وجودنا تبع لوجود من أوجدنا فلتكن أفعال العلماء بهذه المرتبة على ذلك ولما

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فسدوا مجاريه بالجوع والعطش‏

لم يختلف أحد من العلماء ولا من أهل الله إنه أراد الصوم والتقليل من الطعام في السحور المسنون لمن واصل وفي الإفطار لمن أفطر فإنه قال بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فلا يتعدى المريد الحد الذي سنه من شرع الطريق إلى الله به ولا تعرف قدر ما دللتك عليه إلا في نتيجته إن فتح لك هنا ولا تجع من غير صوم فإنه غير طريق مشروعة ولا تجعل سبب ذلك حديث أجر الصوم فذلك ليس لك إنما هو للعمل ودع النفس ترغب في الأجرة التي لها على ذلك فإن فيها من يطلب ذلك وأنت بالسر الإلهي والروح الامري بمعزل عن هذا الطلب الذي تطلبه النفس الحيوانية فإنك مجموع ولا تلحق بأهل الغلط من أهل هذه الطريق الذين يجوعون تلامذتهم من غير صوم أو يصومونهم ثم يطعمونهم قبل غروب الشمس ذلك غلط منهم وجهل بطريق الله تعالى وإن كانوا يقصدون بذلك مخالفة النفوس فما هذا موضعه وإنما ينبغي أن يخالفوها في تعيين المأكول على حد مخصوص ووجه معين وميزان مستقيم يعرفه أهل الله فإذا مالت إلى طعام خاص معين عندها حتى لا تكره شيئا من نعم الله ولقد عملت على هذا زمانا حتى طاب لي كل شي‏ء كنت لا أقدر على أكله وتمجه نفسي وكذلك في التقليل منه وهو أشد ما على النفس أن تشرع في الشي‏ء ثم يحال بينها وبين التملي منه والله الموفق لا رب غيره‏

(الباب السابع ومائة في ترك الجوع)

الجوع بئس ضجيع العبد جاء به *** لفظ النبي فلا ترفع به رأسا

قد أدرك القوم في تعيينه غلط *** ولم يقيموا له وزنا وقسطاسا

من قال ما الجوع لم يعرف حقيقته *** وقد أضل بما قد قاله الناسا

جوع العوائد محمود ولست أرى *** فيما أراه من استعماله بأسا

جوع الطبيعة مذموم وليس يرى *** فيه المحقق بالرحمن إيناسا

[إعطاء النفس حقها من الغذاء]

ترك الجوع عند القوم ليس الشبع وإنما هو إعطاء النفس حقها من الغذاء الذي جعل الله به صلاح مزاجها وقوام بنيتها فإذا أحس صاحب هذه الحالة بالجوع فذلك جوع العادة

[لا يذم حال يعطى الفوائد]

خرج أبو بكر البزار في مسنده أن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم كان يتعوذ من الجوع ويقول إنه بئس الضجيع‏

ولا يذم حال يعطي الفوائد فدل أنه لا فائدة في مثل هذا الجوع وأن الفوائد فيما أظهر الشرع ميزانه من ذلك فترك الجوع عبادة وطريق موصلة إلى الله وبهذا فضل سلمان على أبي الدرداء وشهد له بذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن لنفسك عليك حقا ولعينك عليك حقا ولزورك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فقم ونم وصم وأفطر وأعط كل ذي حق حقه‏

فإنك لا تدخل على الحق أبدا ولا حد عليك حق وأعظم الحقوق حق الله ثم حق نفسك انتهى الجزء السابع والتسعون بانتهاء السفر الثالث عشر والحمد لله‏


مخطوطة قونية
4059
4060
4061
4062
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 188 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!