موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أسرار أصول أحكام الشرع
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 162 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

من النار وأشجار الجنة مغروسة في تلك التربة المسكية كما يقتضي حال نبات هذه الدار الدنيا الزبل لما فيه من الحرارة الطبيعية لأنه معفن والحرارة تعطي التعفين في الأجسام القابلة للتعفين وهذا القدر كاف في تقوى النار أعاذنا الله منها في الدارين‏

(الباب الثامن والثمانون في معرفة أسرار أصول أحكام الشرع)

الشرع ما شرع الإله تخلقا *** فهو العليم بحقهم وبحقه‏

فإذا أتى عبد يشرع شرعة *** قام الإله بحقها في حقه‏

والشرعتان هما من أصل واحد *** ما لم يقل قال الإله لخلقه‏

فإذا يقول فإنها أحبولة *** نجم القرين بنجمها من أفقه‏

ليصدقوا ما قلدوا أفكارهم *** فهو الكذوب وإن أتاك بصدقه‏

فلتعتبر أحكام أصل كتابها *** فلربما غص اللعين بريقه‏

[أصول الشرع المتفق عليها والمختلف فيها]

اعلم أن أصول أحكام الشرع المتفق عليها ثلاث الكتاب والسنة المتواترة والإجماع واختلف العلماء في القياس فمن قائل بأنه دليل وأنه من أصول الأحكام ومن قائل بمنعه وبه أقول‏

[التقوى عمل مشروع فلا بد أن ينسب حكمه إلى دليل أو أصل شرعي‏]

قال الله تعالى واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله وقال إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وقال اتَّقُوا الله وآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ من رَحْمَتِهِ ويَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ به ويَغْفِرْ لَكُمْ مثل قوله في عبده خضر آتَيْناهُ رَحْمَةً من عِنْدِنا وعَلَّمْناهُ من لَدُنَّا عِلْماً فجعل إعطاءه العلم عبده من رحمته والتقوى عمل مشروع لنا فلا بد أن تكون التقوى نسبة حكمه إلى دليل من هذه الأدلة أو إلى كلها في أي مسألة يلزمنا فيها تقوى الله‏

[الأصول الفاعلة والمنفعلة في الشرع والحقائق الإلهية والكونية]

قال الجنيد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وهما الأصلان الفاعلان والإجماع والقياس إنما يثبتان وتصح دلالتهما بالكتاب والسنة فهما أصلان في الحكم منفعلان فظهرت عن هذه الأربع الحقائق نشأة الأحكام المشروعة التي بالعمل بها تكون السعادة فإن الموجودات ظهرت عن أربع حقائق إلهية وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والأجسام ظهرت عن أربع حقائق عن حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة والمولدات ظهرت عن أربعة أركان نار وهواء وماء وتراب وجسم الإنسان والحيوان ظهر عن أربعة أخلاط صفرا وسودا ودم وبلغم فالحرارة والبرودة فاعلان والرطوبة واليبوسة منفعلتان فاعلم‏

[المعنى البعيد لقول الجنيد: علمنا مقيد بالكتاب والسنة]

ولما كان من لا يؤمن بالشرائع المنزلة يشاركنا بالرياضة والمجاهدة وتخليص النفس من حكم الطبيعة يظهر عليه الاتصال بالأرواح الطاهرة الزكية ويظهر حكم ذلك الاتصال عليه مثل ما يظهر من المؤمنين العاملين منا بالشرائع المنزلة بما وقع من التشبيه والاشتراك فيما ذكرناه عند عامة الناس ونطقنا بالعلوم التي يعطيها كشف الرياضة وإمداد الأرواح العلوية وانتقش في هذه النفوس الفاضلة جميع ما في العالم فنطقوا بالغيوب قال الجنيد علمنا هذا وإن وقع فيه الاشتراك بيننا وبين العقلاء فأصل رياضتنا ومجاهدتنا وأعمالنا التي أعطتنا هذه العلوم والآثار الظاهرة علينا إنما كان من عملنا على الكتاب والسنة فهذا معنى قوله علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة وتتميز يوم القيامة عن أولئك بهذا القدر فإنهم ليس لهم في الإلهيات ذوق فإن فيضهم روحاني وفيضنا روحاني وإلهي لكوننا سلكنا على طريقة إلهية تسمى شريعة فأوصلتنا إلى المشرع وهو الله تعالى لأنه جعلها طريقا إليه فاعلم ذلك‏

[الإجماع لا بد أن يستند إلى نص وإن لم ينطق به‏]

ولما كان شرع الله وحكمه في حركات الإنسان المكلف لا يؤخذ إلا من القرآن كذلك لم توجد إلا بالمتكلم به وهو الله تعالى فقال للشي‏ء كن فكان فالقرآن أقوى دليل يستند إليه أو ما صح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الذي قام الدليل على صدقه أنه مخبر عن الله جميع ما شرعه في عبيد الله وقد يكون ذلك الخبر إما بإجماع من الصحابة وهو الإجماع أو من بعضهم بنقل العدل عن العدل وهو خبر الواحد وبأي طريق وصل إلينا فنحن متعبدون بالعمل به بلا خلاف بين علماء الإسلام ولهذا يقول أهل الأصول في الإجماع إنه لا بد أن يستند إلى نص وإن لم ينطق به‏

[القياس مختلف في اتخاذه دليلا شرعيا وأصلا دينيا]

وأما القياس فمختلف في اتخاذه دليلا وأصلا فإن له وجها في المعقول ففي مواضع تظهر قوة الأخذ به على تركه وفي مواضع لا يظهر ذلك ومع هذا فما هو دليل مقطوع به فأشبه خبر الآحاد فإن الاتفاق على الأخذ به مع كونه لا يفيد العلم وهو أصل من أصول إثبات الأحكام فليكن‏


مخطوطة قونية
3949
3950
3951
3952
3953
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 162 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!