موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الفِرار
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 155 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

في أمر يكون لك لا عليك والمحجوب غافل عن هذا غير سامع لصمم قام به من شدة الهواء الذي أصمه فالله يجعلنا ممن سمع نطق جوارحه بالموعظة قبل سماعه إياها بالشهادة إنه ولي جواد كريم ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏

(الباب الثاني والثمانون في الفرار)

جزاء من فر أن ينبأ *** فرار موسى لما تابا

من فر منه به إليه *** صير محبوبه محبا

وكان وترا فصار شفعا *** وكان عينا فصار قلبا

أظهرني في الوجود تاجا *** فعدت في ساعديه قلبا

أعطان كن ثم قال عبدي *** فقال كن بي تكون ربا

[الفرار أنتج لموسى الرسالة والحكم‏]

الضمير في ساعديه يعود على الوجود قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام إنه قال لفرعون وآله فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ ثم قال وتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ فقوله وتِلْكَ نِعْمَةٌ قوله أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا فتلك النعمة تربية فرعون والمن يبطل الإنعام لأنه استعجال جزاء فلو لم يقل لنفعه ذلك عند الله إذ كان من شأن فرعون إذلال بنى إسرائيل وموسى منهم وكان قد أعزه وتبناه فهذا معنى قوله أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ والفرار أنتج لموسى الرسالة والحكم فكان خليفة رسولا لأن الرسول لا يكون حاكما حتى يكون خليفة

[ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين‏]

ثم قال لنا ربنا لما قضاه من أن جعلنا ورثة النبيين والمرسلين في نبوتهم ورسالتهم ما أعطانا الله من حفظ دينه والفتيا فيه والاجتهاد في استنباط الحكم فقال فَفِرُّوا إِلَى الله فجاء بالاسم الجامع والمراد منه اسم خاص يقتضي لنا ما اقتضى لموسى عليه السلام في فراره وهو الاسم الوهاب الذي يعطي لينعم خاصة وذلك الوهب يجعله رسولا ضرورة لأن الحكم في غير محكوم عليه لا يصح وقال فيمن تربص في أهله ولم يفر إليه ما ذكره في كتابه وهو قوله تعالى قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وأَبْناؤُكُمْ وإِخْوانُكُمْ وأَزْواجُكُمْ وعَشِيرَتُكُمْ وأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ من الله ورَسُولِهِ وجِهادٍ في سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا والتربص نقيض الفرار فَفِرُّوا إِلَى الله إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وقد ذكرنا هذا الفرار الموسوي في كتاب الأسفار عن نتائج الأسفار وسميت هذا الفرار الموسوي سفر الطلب‏

[معنى الفرار وكيف هو وما ينتج‏]

فلنحقق هنا معنى الفرار وكيف هو مقام وما ينتج فإنه يظهر أنه نسبة لا مقام كالعزلة والخلوة فإن كونه من المقامات مجهول عند أكثر أهل الله‏

[الفرار بين طرفى ابتداء وانتهاء]

فاعلم إن الفرار بين طرفي ابتداء وانتهاء فابتداؤه من وانتهاؤه إلى فقد يكون السبب الموجب للفرار من كفرار موسى عليه السلام ولا يتعين إلي فإن الفار من من إنما يطلب النجاة من غير تعيين غاية والفار إذا كان هو السبب الموجب للفرار لا بد أن يكون معينا ولا يتعين من وهو عكس الأول ولما كان الأمر بهذه المثابة أمرنا الله أن نفر إليه ولا بد وقد نفر إليه منه مثل‏

قوله وأعوذ بك منك‏

وقد نفر إليه من كون ما من الأكوان أو من صفة ما من الصفات إلهية كانت أو غير إلهية أو صفة فعل أو غير صفة فعل‏

[عناية الله بهذه الأمة المحمدية]

فعلمنا الله كيف نفر في قوله إِلَى الله وهذه عناية من الله بنا أعني بهذه الأمة المحمدية يستروح منها ما لا يخفى على أحد فإن الأنبياء عليهم السلام يصدقون في كل ما يخبرون به من أحوالهم منزهون أن يلبسوا ثوبي زور فقال موسى عليه السلام فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فانتج له ذلك الفرار الحكم الذي هو الإمامة والخلافة والرسالة مع كون السبب الموجب الذي ذكره وما ذكر إلى أين فر فإذا فر الفار إلى الله وعين من فر إليه وأبهم ما فر منه فما ترون تكون جائزته فإن جائزة موسى جائزة منقطعة فإن الخلافة هنا تترك والرسالة كذلك ينقطع الأمران بالموت والانقلاب إلى الدار الآخرة فهذا أعطى حكم ما فر منه لما كان منقطعا فإنه انقطع بغرقه أو بموته لو مات ولا بد له من الموت فكانت النتيجة والهبة مناسبة بما أعطيه من انقطاعهما بالموت فإن الإمامة والرسالة ينقطعان بالموت والفرار إلى الله يعطي ما يبقى ببقاء الله ولا أعين فإن التعيين في ذلك إلى الله وسواء كان الفرار من الله أو لم يكن فإن المراعاة هنا لمن فر إليه وفي حق موسى لما فر منه وإذا كانت هذه الأمة مع الأنبياء بهذا الحكم وهذه المنزلة


مخطوطة قونية
3920
3921
3922
3923
3924
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 155 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!