موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (إنما يستجيب الذين يسمعون)
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 162 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

«الباب الموفي عشرين وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ»

إني أغار على قلبي فاسأله *** أن لا يزاحمه خلق من البشر

فيه فإن لنا قلبا يهيم به *** في كل حال من التنزيه والصور

لما سمعت نداء الحق من قبلي *** أجبته حذرا من حاكم الغير

فقلت ما ذا فقال الحق قلت له *** ما ذا تريد فقال احذر من الحذر

فعشت في طيب نفس حيث كنت فما *** أخاف من وقع آفات ولا ضرر

[من مات بغير توبة]

اعلم أيدنا الله وإياك بِرُوحٍ مِنْهُ أن هذا الذكر لما وفقنا الله تعالى لاستعماله بإشبيلية من بلاد الأندلس سنة ست وثمانين وخمسمائة بقينا فيه ثلاثة أيام فرأينا له بركة في تلك الأيام وكنا به ثلاثة أنا وعبد الله النزهوني قاضي شرف وكان عبدا صالحا ضابطا فقيها وشخصا ثالثا من أهل البلد فجعل علة الإجابة السماع لا من قال إنه سمع وهو لم يسمع كما قال تعالى ينهانا أن نكون مثل هؤلاء فقال ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ فالسمع في هذا الذكر هو عين العقل لما أدركته الأذن يسمعها من الذي جاء به المترجم عن الله تعالى وهو الرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الذي لا ينطق عن الهوى فإذا علم ما سمع كان بحسب ما علم فإن العلم حاكم قاهر في حكمه لا بد من ذلك وإن لم يكن كذلك فليس بعلم فما عصى الله قط عالم يعلم بالمؤاخذة على إتيانه المعصية ولا بد من العلم بكونها معصية في الحكم الإلهي وذلك حظ المؤمن وليس إلا رجلان قائل بإنفاذ الوعيد فيمن مات على غير توبة وقائل بغير إنفاذ الوعيد فيمن مات على غير توبة بل هو في مشيئة الله إن شاء غفر وإن شاء آخذ وما ثم مؤمن ثالث لهذين وكلاهما ليس بعالم بالمؤاخذة في حق شخص حي ما لم يمت فإن القائل بإنفاذ الوعيد يقول بإنفاذه فيمن مات ولم يتب وهو يرجو التوبة ما لم يمت فليس بعالم بالمؤاخذة على هذه المعصية فإنه لا يعلم أنه يموت على توبة أو على غير توبة والذي لا يقول بإنفاذ الوعيد لا يعلم ما في مشيئة الحق فما عصى إلا من ليس بعالم بالمؤاخذة وأما من كشف له عن المقدور قبل وقوعه فقد علم ما له وعليه ومن له هذا الحال وهذا المقام فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقد كان ممن سمع قول الله له إيمانا أو عيانا

اعمل ما شئت فقد غفرت لك‏

وهذا ثابت شرعا وهنا سر لمن بحث عليه وهو أنه من هذه حالته فما عصى الله لأنه ما عمل إلا ما أبيح له من العمل والثاني المغفور له فقد سبقت المغفرة ذنبه فما أبصر ذنبه إلا ممحوا بخير عظيم يقابل ذلك الذنب فعلى كل حال وإن جرى عليه لسان ذنب ومعصية فما جرى عليه حكم ذلك وليس المعتبر إلا جريان الحكم على فاعل تلك المعصية فما عصى الله عالم بالمؤاخذة وقد دعانا الله لما خلقنا له من عبادته فسمعنا ولما سمعنا استجبنا فأخبر الله عنه بسرعة الإجابة لما ذكرها ببنية الاستفعال وفي هذا الذكر شمول رحمة الله بخلقه فأخبر أنه ما استجاب إلا من سمع فوجد العذر من لم يسمع كما وجد العذر من لم تبلغه الدعوة الإلهية فحكمه حكم من لم يبعث الله إليه رسولا وهو تعالى يقول وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وما هو رسول لمن أرسل إليه حتى يؤدي رسالته فإذا سمع المرسل إليه أجاب ولا بد كما أخبر الله تعالى عنه لما جاء به هذا الرسول في رسالته فإذا رأينا من لم يجب علمنا بأخبار الله أنه ما سمع فأقام الله له حجة يحتج بها يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ فتقول الرسل عليه السلام لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ فعلمنا من قولهم إن العلم بالإجابة من علوم الغيب فعلمنا إن السماع غيب فلا يعلم من أجاب إلا من هويته غيب وليس إلا الله وما أقام الله العذر عن عباده إلا وفي نفسه أن يرحمهم فرحم بعض الناس بما أسمعهم ف اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاةَ التي حكم الله فيها بالقسمة بينه وبين عبده ومن لم يستجب اعتذر الله عنه بأنه لم يسمع وهذا من حكم الغيرة الإلهية على الألوهة أن يقاومها أحد من عبادها بخلاف ما دعت إليه إذ لو علم أنهم سمعوا وما استجابوا لعظمهم في أعين الناس وجعلهم في مقام المقاومة له يعني لما علم السابق علمه فيهم أنه لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ فستر علمه فيهم بأن قال ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وهُمْ لا يَسْمَعُونَ وقال ولو شاء الله لأسمعهم فأكذبهم في قولهم سمعنا فقال إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ فلو سمعوا استجابوا فإن الله أعز وأجل من أن يقاومه مخلوق أ لا تراه يقول في حق من سمع من النصارى وإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ‏


مخطوطة قونية
9184
9185
9186
9187
9188
9189
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 162 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!