موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة الشريعة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 561 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

البعد منك دنو *** وتر وشفع وتو

لما رأيت إماما *** يقول للقوم سووا

صفوفكم في صلاة *** لها العلا والدنو

علمت إن وجودي *** له البقاء والسموواعلم أن البعد يختلف باختلاف الأحوال فيدل على ما يراد به قرائن الأحوال وأن الأحوال وجميع ما ذكرناه فيما يكون قربا إذا لم يكن صفة للعبد فعدمه عين البعد هذا هو الجامع لهذا الباب الذي أشار إليه القوم‏

[حكم البعد عند ابن العربي‏]

وأما حكم البعد عندنا فقد يكون على خلاف ما قرروه بعدا مع تقريرنا ما قرروه بعدا أنه بعدا بلا شك إلا إنا زدنا فيه أمورا أغفلتها الجماعة لا أنهم جهلوا ما نذكره إلا أنهم ما ذكروه في معرفة البعد وأدخلوه في باب القرب وذلك أن القرب اجتماع والبعد افتراق وما يقع به الاجتماع غير ما يقع به الافتراق فالبعد غير القرب فإذا اجتمع أمران في شي‏ء ما فذلك غاية القرب لأن عين كل واحد منهما عين الآخر فيما وقع فيه الاجتماع فإذا تميز كل واحد من العينين عن صاحبه بنعت لا يكون عليه الآخر فقد تميز عنه وإذا تميز عنه فذلك البعد لأنه ليس عينه من حيث ما هو عليه مما وقع له به الافتراق ويظهر ذلك في حدود الأشياء وإذا وقع البعد اختلف الحكم وقد يكون البعد بنعت عرضي كالمكان والزمان والحد والمقدار والأكوان والألوان في حق من تطلب ذاته هذه النعوت فإذا عقل أمران لا اجتماع بين واحد منهما مع الآخر وافترقا من جميع الوجوه كلها فذلك غاية البعد فلا أبعد من العالم من الله لأنه ما ثم من حيث ذاته شي‏ء يجمع بينهما وهذا موجود في قوله تعالى فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وكان الله ولا شي‏ء معه ثم ننزل في درجة البعد دون هذا فنقول العبد لا يكون سيدا لمن هو عبد له فلا شي‏ء أبعد من العبد من سيده فالعبودية ليست بحال قربة وإنما يقرب العبد من سيده بعلمه أنه عبد له وعلمه بأنه عبد له ما هو عين عبوديته فعبوديته تقتضي البعد عن السيد وعلمه بها يقضي بالقرب من السيد قال الله لأبي يزيد البسطامي لما حار في القرب وما عرف بما ذا يتقرب إليه فقال له الحق في سره يا أبا يزيد تقرب إلي بما ليس لي الذلة والافتقار فنفى سبحانه عن نفسه هاتين الصفتين الذلة والافتقار وما نفاه عنه فإنه صفة بعد منه فمن قامت به تلك الصفة التي تقتضي البعد فهو بحيث هي وهي تقتضي البعد وقال أبو يزيد لربه في وقت آخر بم أتقرب إليك فقال له الحق اترك نفسك وتعال وإذا ترك نفسه فقد ترك حكم عبوديته لما كانت العبودية عين البعد من السيادة فالعبد بعيد من السيد فطلب منه في الذلة والافتقار القرب بالعبودية وطلب منه في ترك النفس القرب بالتخلق بأخلاق الله وهو ما يكون به الاجتماع فالتجلي في غير مادة تجلى البعد وفي المواد تجلى القرب وأما البعد من الأسماء الإلهية فكل اسم لا بكون العبد تحت حكمه في الوقت‏

[ظهور الأسماء الإلهية من العبد]

واعلم أن الأسماء الإلهية إذا ظهر بها العبد عن الأمر الإلهي فهو في قرب النيابة عن الله لا في قرب الحقيقة وإذا ظهر ببعضها عن غير أمر إلهي فهو في عين البعد المستعاذ منه في‏

قوله صلى الله عليه وسلم وأعوذ بك منك‏

لأن حقيقة المخلوق لا تتمكن في حال شهوده لمخلوقيته أن يكون خالقا والكبرياء والجبروت صفة للحق فإذا قامت بالعبد فقد قام به الحق فاستعاذ منه وما ثم أعظم منه يستعاذ به فاستعاذ به فأين كبرياء الحق وجبروته من صفته بأنه يفرح بتوبة عبده ويصف نفسه بجوع عبده وعطشه ومرضه فبمثل هذا استعاذ ومن مثل ذلك الآخر استعاذ والمنعوت بهما واحد العين وهو الله فاستعاذ به منه‏

فقال وأعوذ بك منك‏

وهذا غاية ما يصل إليه تعظيم المحدث إذا عظم جناب الله وأما بعد المخالفة فهو بعد العبد عن سعادته وعن الأسماء الإلهية التي تقتضي الموافقة في القرب بالطاعات وإن كان في المخالفة قريبا من الأسماء الإلهية التي تطلب الأكوان من حيث التكليف فإنها محصورة في عفو ومؤاخذة فهو قريب بالمؤاخذة منه فالمخالفة تطلب الرحمة وتتعرض للعقوبة وهو سبحانه على مشيئته في ذلك فلم يبق في بعد المخالفة إلا البعد عن سعادته إما بنقصان حظ عن غيره أو مؤاخذة بالجريمة وأما البعد منك الذي ذكرته الطائفة فهو قوله لأبي يزيد اترك نفسك وتعال ومن ترك نفسه بعد عنها وقد بينا لك في هذا الباب معنى هذا القول والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الثاني والستون ومائتان في معرفة الشريعة»

الشريعة التزام العبودية بنسبة الفعل إليك‏

إن الشريعة حد ما له عوج *** عليه أهل مقامات العلى درجوا


مخطوطة قونية
5585
5586
5587
5588
5589
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 561 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!