موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الوَجْد
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 536 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

من هذا ومع هذا الصدق فتركه أولى لأن مراعاة حق الله أولى من مراعاة الخلق إذ مراعاة الخلق إن لم تكن عن مراعاة مر الحق بها وإلا فهي مداهنة والمداهنة نعت مذموم لا ينبغي لأهل الله أن تتصف بشي‏ء لا يكون للحق فيه أمر بوجوب إن كان فعلا أو يكون لذلك الفعل نعت إلهي في النعوت فتستند إليه فيه ولو كان مذموما في الخلق فإنه محمود في جانب الحق لظهور الحق به لأمر يقتضيه الحكم فمستنده الإلهي قول نوح لقومه فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ وقول الله إِنَّا نَسِيناكُمْ ... كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا فوصف نفسه بالنسيان ويظهر حكم مثل هذا المقصود من ألحق به هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ فموضع الاستشهاد من هذا الموافقة في الصورة فانسحب الاسم عليه في الجناب الإلهي كما انسحب عليه في الجناب الكوني ولم يكن الغرض كون ذلك الأمر محمودا أو مذموما وإنما المراد ظهور الموافقة الإلهية فلما رأى أهل الله ظهور الموافقة الإلهية سامحوا في التواجد واشترطوا التعريف لما يعطيه مقام الصدق الذي عليه اعتماد القوم فإن قلت فهذه الموافقة الإلهية والنبوية إنما وقعت في دارين ومجلسين مختلفين والتواجد في مجلس واحد قلنا صدقت فيما ذكرته في عين ما استشهدنا به فنحن ما قصدنا إلا الموافقة فإن أردت حصول الأمر من الجانبين في وقت واحد فذلك موجود في مكر الله بالماكرين من حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ فلا يكون ذلك إلا في الدنيا فإنهم في الآخرة يعرفون أن الله مكر بهم في الدنيا بما بسط لهم فيها مما كان فيه هلاكهم فهنا وقع المكر بهم حيث وقع المكر منهم بل في بعض الوقائع أو أكثرها بل كلها إن عين مكرهم هو مكر الله بهم وهُمْ لا يَشْعُرُونَ ولما دخل عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده وأبا بكر يبكيان في قضية أسارى بدر فقال لهما عمر بن الخطاب اذكر إلى ما أبكاكما فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجده تباكيت‏

أي أوافقكما في إرسال الدموع والتباكي كالتواجد إظهار صورة من غير حقيقة فهي صورة بلا روح غير أن لها أصلا معتبرا ترجع إليه وهو ما ذكرناه فإن قلت فكيف تعطي الحقائق إظهار حكم معنى في الظاهر من غير وجود ذلك المعنى فيمن ظهر عليه حكمه قلنا هذا موجود في الإلهيات في قوله ولا يَرْضى‏ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ والرضي إرادة وقد نفى أن يكون مرضيا عنده فقد نفى أن يكون مرادا له فقد ظهر حكم معنى نفاه الحق عن نفسه فكذلك حكم الوجد في التواجد مع نفي الوجد عنه ولمسألة الرضي معنى دقيق ذكرناه في كتاب المعرفة وهو جزء لطيف فلينظر هناك وإنما جئنا به هنا صورة لم نذهب به مذهب التحقيق الذي لنا في الأشياء وإنما أخرجناه مخرج البرهان الجدلي الموضوع لدفع حجة الخصم لا لإقامة البرهان على الحق فالوجد الظاهر في التواجد هو حكم وجد متخيل في نفس المتواجد فهو حكم محقق في حضرة خيالية وقد بينا أن الخيال حضرة وجودية وأن المتخيلات موصوفة بالوجود فما ظهر المتواجد بصورة حكم الوجد إلا لهذا الوجد المتخيل في نفسه فما ظهر إلا عن وجود فله وجه إلى الصدق ولهذا يجب على المتواجد التعريف بتواجده ليعلم السامع من أهل المجلس أن ذلك عن الوجد المتخيل لا عن الوجد القائم بالنفس في غير حضرة الخيال له في والخيال حكم صحيح في الحس كصاحب الصفراء إذا كان في موضع يتخيل السقوط منه فيسقط فهذا سقوط عن تخيل ظهر حكمه في الحس وكذلك المتواجد قد يحكم عليه الوجد المتخيل بحيث أن يفنيه عن الإحساس كما يفنى صاحب الوجد الصحيح ولكن بينهما فرقان في النتيجة قد ذكرناه في شرح ما لا يعول عليه في الطريق فإن نتيجة الوجد الصحيح مجهولة ونتيجة الوجد الخيالي إذا حكم مقيدة معلومة يعلمها صاحبها إن كان من أهل هذا الشأن فإنه ما ينتج له إلا ما يناسب خياله في الوجد وهو معلوم والوجد الصحيح مصادفة من حيث لا يشعر صاحبه فلا يدري بما يأتيه به وقد ذكرنا في التواجد ما فيه غنية والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيل‏

«الباب السادس والثلاثون ومائتان في الوجد»

إذا أفناك عنك ورود أمر *** فذاك الوجد ليس به خفاء

له حكم وليس عليه حكم *** نعم وله التلذذ والفناء

وذا من أعجب الأشياء فيه *** فإن مزاجه عسل وماء


مخطوطة قونية
5481
5482
5483
5484
5485
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 536 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!