موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى المكر
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 529 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

حجاب يحجب به الإنسان وأنه موضع المكر والاستدراج فإن العاقل لا يقف في مواطن إمكان المكر فيها بل ينبغي له أن لا يقف إلا في موضع يكون على بصيرة فيه كما فعل موسى في غربة الوطن فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ فاغترب بجسمه عن وطنه خوفا منهم فلو كان مثل خروج محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرا لم يكن خوفه منهم بل كان مشهوده خوفه من الله أن يسلطهم عليه فوهب له مع الرسالة التي كانت له قبل هجرته السيادة على العالمين فإن الهجرة كانت له مطلوبة وهي الاغتراب عن وطنه فعلامة صدق المريد في غربته عن وطنه حصول مقصوده فإذا لم يحصل فخلل في غربته إذا طلبه وجده فليس بصادق وإذا فارقه بالكلية ظاهرا وباطنا فلا بد من حصول المقصود فمن تعلق قلبه بوطنه في حال غربته فما اغترب الغربة المطلوبة وأما الغربة عن الحق التي هي من حقيقة الدهش عن المعرفة

[الوجوب والإمكان‏]

فاعلم إن الإمكان موطنه غير موطن الوجوب بل هما موطنان للواجب والممكن وموطن الممكن العدم أو لا وهو موطنه الحقيقي فإذا اتصف بالوجود فقد اغترب عن وطنه بلا شك وكان في حال سكناه في وطنه مشاهدا للحق فإنه جار له إذ وصف العدم له أزلا وصف الوجود لله أزلا فاغترب عن وطنه بالوجود ففارق مجاورة الحق ولزم الحدوث بهذه الغربة والحق غير متصف بهذه الصفة ولم يتصف الحق بالحدوث أزلا في حال عدمه فاغترب عن الحق بحدوثه ولما حصل له الوجود الحادث ووقعت المشاركة في الوجود بينه وبين الحق دهش فإنه رأى ما لا يعرفه فإنه عرف نفسه متميزا عن الحق بحال العدم فلما فارق هذا الحال بالوجود أدركه الدهش عن المعرفة الأولى وهذه الغربة حال رجلين رجل لم يأنس بهذا المقام ولا وصل إليه بطريق استدراج وترق من حال إلى حال بل أتاه بغتة فجاءه ما لم يعهده ولا ألفه فرأى نفسه تضعف عن حمله فيخاف من عدم عينه فيدهش عن تحصيل تلك المعرفة ويرجع إلى حسه عاجلا فيتغرب عن الحق في تلك الرجعة ورأينا من أهل هذا المقام أبا العباس أحمد العصاد المعروف بمصر بالحريري وما رأينا غيره وأما الرجل الآخر فهو رجل ما من معرفة ترد عليه إلا وتدهشه لعظيم ما يرى مما هو أعلى مما حصل له وأمكن فيتغرب عن الحق الذي كان بيده ويحصل من هذه المعرفة حقا يقوم به إلى وقت تجل آخر يعطي فيه معرفة تدهشه لما ذكرناه فيتغرب أيضا عن الحق الذي حصل له في هذه المعرفة دائما أبدا دنيا وآخرة وأما العارفون المكملون فليس عندهم غربة أصلا وإنهم أعيان ثابتة في أماكنهم لم يبرحوا عن وطنهم ولما كان الحق مرآة لهم ظهرت صورهم فيه ظهور الصور في المرآة فما هي تلك الصور أعيانهم لكونهم يظهرون بحكم شكل المرآة ولا تلك الصور عين المرآة لأن المرآة ما في ذاتها تفصيل ما ظهر منهم وما هم فما اغتربوا وإنما هم أهل شهود في وجود وإنما أضيف إليهم الوجود من أجل حدوث الأحكام إذ لا تظهر إلا من موجود فمرتبة الغربة ليست من منازل الرجال فهي منزلة أدنى ينزلها المتوسطون والمريدون وأما الأكابر فما يرون أنه اغترب شي‏ء عن وطنه بل الواجب واجب والممكن ممكن والمحال محال فتعين وطن كل مستوطن ولو قامت غربة بهم لانقلبت الحقائق وعاد الواجب ممكنا والممكن واجبا والمحال ممكنا والأمر ليس كذلك والغربة عند العلماء بالحقائق في هذا المقام غير موجودة ولا واقعة والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الأحد والثلاثون ومائتان في المكر»

يستدرج العاقل في عقله *** من حيث لا يعلمه الماكر

ومكره عاد عليه وما *** يدري بذاك الفطن الخابر

فمن أراد الأمن من مكره *** ليحصل الباطن والظاهر

يحقق الميزان من شرعه *** فيعلم الرابح والخاسر

[أن المكر يطلقه على إرداف النعم مع المخالفة]

اعلم أن المكر يطلقه أهل الله على إرداف النعم مع المخالفة وإبقاء الحال مع سوء الأدب وإظهار الآيات من غير أمر ولا حد واعلم أنه من المكر عندنا بالعبد أن يرزق العبد العلم

الذي يطلب العمل ويحرم العمل به وقد يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فإذا رأيت هذا من نفسك أو علمته من غيرك فاعلم إن المتصف به ممكور به ولقد رأيت في‏


مخطوطة قونية
5452
5453
5454
5455
5456
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 529 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!