موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الغربة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 527 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ما تتعلق به هذه الهمة فإن تعلقت بمحال لم يقع وعاد وبالها على صاحبها فأثر في نفسه بهمته وإن تعلقت بما ليس بمحال وقع ولا بد وهنا من هذه الطائفة تعلقت بالمحال وهو نفي العلم عن الله ببعض أعمال العباد فعذبهم الله بأعمالهم فظنهم أرداهم وهذه مسألة لا يمكننا أن أو فيها حقها لاتساعها وما يدخل فيها مما لا ينبغي أن يقال ولا يذاع غير أن لها النفوذ حيث وجدت فإذا لم تجتمع ودخلها خلل فليس لها هذا الحكم فلو إن هؤلاء الذين ظنوا بربهم أنه لا يعلم كثيرا مما يعملون يظنون أن الله لا يؤاخذ على الجريمة لما هو عليه من الصفح والتجاوز وتحجبهم جمعيتهم على هذا عن بطشه تعالى وشديد عقابه لم يؤاخذهم فإن ظنهم أنما تعلق بممكن وأما همة الحقيقة التي هي جمع الهمم بصفاء الإلهام فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل الله الذين جمعوا هممهم على الحق وصيروها واحدة لاحدية المتعلق هربا من الكثرة وطلبا لتوحيد الكثرة أو للتوحيد فإن العارفين أنفوا من الكثرة لا من أحديتها في الصفات كانت أو في النسب أو في الأسماء وهم متميزون في ذلك أي هم على طبقات مختلفة وإن الله يعاملهم بحسب ما هم عليه لا يردهم عن ذلك إذ لكل مقام وجه إلى الحق وإنما يفعل ذلك ليتميز الكثير الاختصاص بالله الذي اصطنعه الله لنفسه من عباد الله عن غيره من العبيد فإن الله أنزل العالم بحسب المراتب لتعمير المراتب فلو لم يقع التفاضل في العالم لكان بعض المراتب معطلا غير عامر وما في الوجود شي‏ء معطل بل هو معمور كله فلا بد لكل مرتبة من عامر يكون حكمه بحسب مرتبته ولذلك فضل العالم بعضه بعضا وأصله في الإلهيات الأسماء الإلهية أين إحاطة العالم من إحاطة المريد من إحاطة القادر فتميز العالم عن المريد والمريد عن القادر بمرتبة المتعلق فالعالم أعم إحاطة فقد زاد وفضل على المريد والقادر بشي‏ء لا يكون للمريد ولا للقادر من حيث إنه مريد وقادر فإنه يعلم نفسه تعالى ولا يتصف بالقدرة على نفسه ولا بالإرادة لوجوده إذ من حقيقة الإرادة أن لا تتعلق إلا بمعدوم والله موجود ومن شأن القدرة أن لا تتعلق إلا بممكن أو واجب بالغير وهو واجب الوجود لنفسه فمن هناك ظهر التفاضل في العالم لتفاضل المراتب فلا بد من تفاضل العامرين لها فلا بد من التفاضل في العالم إذ هو العامر لها الظاهر بها وهذا مما لا يدرك كشفا بل إدراكه بصفاء الإلهام فيكشف المكاشف عمارة المراتب بكشفه للعامرين لها ولا يعلم التفاضل إلا بصفاء الإلهام الإلهي فقد نبهناك على معرفة الهمة بكلام مبسوط في إيجاز فافهم والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب الموفي ثلاثين ومائتان في الغربة»

تغرب عن الأوطان والحال والحق *** عساك تحوز الأمر في مقعد الصدق‏

وكن نافذا في كل أمر ترومه *** ولا تدهشن إن جاءك الحق بالحق‏

ولو لا وجود الفتق في الأرض والسما *** لما دارت الأفلاك من شدة الرتق‏

كذاك سماوات العقول وأرضها *** وأعني بها الطبع المؤثر في الخلق‏

فدارت بأفلاك القوي ثم أبرزت *** معارفها للسامعين من النطق‏

[أن الغربة عبارة عن مفارقة الوطن في طلب المقصود]

اعلم أن الغربة عند الطائفة يطلقونها ويريدون بها مفارقة الوطن في طلب المقصود ويطلقونها في اغتراب الحال فيقولون في الغربة الاغتراب عن الحال من النفوذ فيه والغربة عن الحق غربة عن المعرفة من الدهش أما غربتهم عن الأوطان بمفارقتهم إياها فهو لما عندهم من الركون إلى المألوفات فيحجبهم ذلك عن مقصودهم الذي طلبوه بالتوبة وأعطتهم اليقظة وهم غير عارفين بوجه الحق في الأشياء فيتخيلون إن مقصودهم لا يحصل لهم إلا بمفارقة الوطن وأن الحق خارج عن أوطانهم كما فعل أبو يزيد البسطامي لما كان في هذا المقام خرج من بسطام في طلب الحق فوقع به رجل من رجال الله في طريقه فقال له با أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك قال طلب الحق قال له الرجل إن الذي تطلبه قد تركته ببسطام فتنبه أبو يزيد ورجع إلى بسطام ولزم الخدمة حتى فتح له فكان منه ما كان فهؤلاء هم السائحون فجعل الله سياحة هذه الأمة الجهاد في سبيل الله واعلم أن هذا الأمر ليس باختيار العبد وإنما صاحب هذا الأمر يطلب وجود قلبه مع ربه في حاله فإذا لم يجده في موضع يقول ربما إن الله تعالى لم يقدر أن يظهر إلى قلبي في هذا الموضع فيرحل عنه رجاء


مخطوطة قونية
5444
5445
5446
5447
5448
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 527 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!