موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الهمّة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 526 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

كذلك فالمريد من انقطع إلى الله تعالى عن نظر واستبصار وطلب مرضاة الله وتجرد عن إرادته إذ علم أنه ما يقع في الوجود إلا ما يريده الله لا ما يريده الخلق فيقول هذا المريد فلما ذا أتعني وأريد ما لا أعلم أنه يقع أم لا يقع فإنه لا علم لي بما في علم الله تعالى من ذلك فإن وقع ما أريد فلكونه مراد الله فبما ذا أفرح وإن لم يقع فلا بد من انكسار الخيبة فاستعجل الهم وربما ينجر معه عدم الرضي لعدم وقوع المراد فالأولى إن لا يريد إلا ما يريده الحق كان ما كان على الإجمال فمتى وقع تلقيته بالقبول والرضي فيتجرد عن إرادته فلا يبقى له إرادة الأعلى هذا الحكم وأما الذي يطلعه الله من المريدين على مراد الله في العالم فإن ذلك قد يكون على أحد طريقين الطريق الواحدة بأخبار إلهي وكشف لما يكون والطريق الثانية أن يرزقه الله علم ما تعطيه حقائق الأشياء وترتيبها الإلهي الذي رتبت عليه فيريد عند ذلك أمرا ما فلا تخطئ له إرادة بل يقع مراده على حسب ما تعلق به فهذا مريد بالحق كما كان سميعا بصيرا بالحق إذ كان الحق سمعه وبصره فتكون أيضا إرادته ومهما أخطأت إرادته فليس بمريد على الحقيقة إذ لا فائدة في إن لا يكون مريدا إلا من قامت به الإرادة وإنما الفائدة في إن لا يكون مريدا إلا من تنفذ إرادته فالمريد في هذه الطريقة يحمل المشاق والشدائد والمكاره مشاق وشدائد ومكاره غير ملتذ بها بل يحملها من أجل الله أو أجل ما له فيها أي في حملها من السعادة الأبدية أعلاها وأن يشكر الله فعله فيكون ممن أثنى الله عليه فيتجرع الغصص ويصبر عليها لعلمه بما في طي ذلك من الخير الإلهي وقد يكون بعض رجال الله مريدا من وجه مرادا من وجه فتختلف أحواله فتختلف أحكامه فإذا التذ بالواقع المكروه كان مرادا وإذا تألم بالواقع المحبوب كان مريدا فكيف حاله بالمكروه فهذا حال المريد قد بيناه مفصلا لمن يعقل من أهل الله والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب التاسع والعشرون ومائتان في حال الهمة»

إذا كنت في همة فاتئد *** فإن الوجود لها مستعد

ولا تفتحن بها مغلقا *** ولا تك ممن بها يستبد

ولا تركنن إليها وكن *** كما أنت في باطن المعتقد

[إن الله هو الفاعل للأشياء]

نريد بباطن المعتقد كون الله هو الفاعل للأشياء لا أثر فيها لهمة مخلوق ولا لسبب ظاهر ولا باطن لعلمه بأن الأسباب إنما جعلها لله ابتلاء ليتميز من يقف عندها ممن لا يرى وقوع الفعل إلا بها ممن لا يرى ذلك ويرى الفعل لله من ورائها عندها لا بها اعلم أن الهمة يطلقها القوم بإزاء تجريد القلب للمنى ويطلقونها بإزاء أول صدق المريد ويطلقونها بإزاء جمع الهمم بصفاء الإلهام فيقولون الهمة على ثلاث مراتب همة تنبه وهمة إرادة وهمة حقيقة فاعلم إن همة التنبه هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة الإنسان مما يتعلق به التمني سواء كان محالا أو ممكنا فهي تجرد القلب للمنى فتجعله هذه الهمة أن ينظر فيما يتمناه ما حكمه فيكون بحسب ما يعطيه العلم بحكمه فإن أعطاه الرجوع عن ذلك رجع وإن أعطاه العزيمة فيه عزم فيحتاج صاحب هذه الهمة إلى علم ما تمناه وأما همة الإرادة وهي أول صدق المريد فهي همة جمعية لا يقوم لها شي‏ء وهذه الهمة توجد كثيرا في قوم يسمون بإفريقية العزابية يقتلون بها من يشاءون فإن النفس إذا اجتمعت أثرت في أجرام العالم وأحواله ولا يعتاض عليها شي‏ء حتى أدى من علم ذلك ممن ليس عنده كشف ولا قوة إيمان أن الآيات الظاهرة في العالم على أيدي بعض الناس إنما ذلك راجع إلى هذه الهمة ولها من القوة بحيث أن لها إذا قامت بالمريد أثرا في الشيوخ الكمل فيتصرفون فيهم بها وقد يفتح على الشيخ في علم ليس عنده ولا هو مراد به بهمة هذا المريد الذي يرى أن ذلك عند هذا الشيخ فيحصل ذلك العلم في الوقت للشيخ بحكم العرض ليوصله إلى هذا الطالب صاحب الهمة إذ لا يقبله إلا منه وذلك لأن هذا المريد جمع همته على هذا الشيخ في هذه المسألة والحكايات في ذلك مشهورات مذكورة وأثر هذه الهمة في الإلهيات‏

قول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا

فمن جمع همته على ربه إنه لا يغفر الذنب إلا هو وأن رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ كان مرحوما بلا شك ولا ريب قال تعالى وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ من الْخاسِرِينَ لأنهم ظنوا أن الله لا يعلم كثيرا مما يعملون فلهذا قلنا إنه لا بد من علم‏


مخطوطة قونية
5440
5441
5442
5443
5444
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 526 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!