موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام الفقر وأسراره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 262 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

أدب مع الله ولو لا أنه جائز له أن يبدأ بالمروة في سعيه لما قال هذا ورجح ما بدأ الله به على ما في المسألة من التخيير من أجل الواو فإنه ما بدأ الله به إلا لسر يعلمه فمن لم يبدأ به حرم فائدته وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم خذوا عني مناسككم‏

وتقديم الصفا في السعي من المناسك‏

[تقديم البر على البحر في السفر]

ولقد رويت في هذا المعنى حكاية عجيبة عن يهودي أخبرني بها موسى بن محمد القرطبي القباب المؤذن بالمسجد الحرام المكي بالمنارة التي عند باب الحزورة وباب أجياد رحمه الله سنة تسع وتسعين وخمسمائة قال كان رجل بالقيروان أراد الحج فتردد خاطره في سفره بين البر والبحر فوقتا يترجح له البر ووقتا يترجح له البحر فقال إذا كان صبيحة غد أول رجل ألقاه أشاوره فحيث يرجح لي أحكم به فأول من لقي يهوديا فتألم ثم عزم وقال والله لأسألنه فقال يا يهودي أشاورك في سفري هذا هل أمشي في البر أو في البحر فقال له اليهودي يا سبحان الله وفي مثل هذا يسأل مثلك أ لم تر أن الله يقول لكم في كتابكم هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ في الْبَرِّ والْبَحْرِ فقدم البر على البحر فلو لا إن لله فيه سرا وهو أولى بكم ما قدمه وما أخر البحر إلا إذا لم يجد المسافر سبيلا إلى البر قال فتعجبت من كلامه وسافرت في البر يقول الرجل فو الله ما رأيت سفرا مثله ولقد أعطاني الله فيه من الخير فوق ما كنت أشتهي‏

[إنكار الغزالي لمقام القربة]

وقد أنكر أبو حامد الغزالي هذا المقام وقال ليس بين الصديقية والنبوة مقام ومن تخطي رقاب الصديقين وقع في النبوة والنبوة باب مغلق فكان يقول لا تتخطوا رقاب الصديقين ولا شك أن الأنبياء أصحاب الشرائع هم أرفع عباد الله من البشر ومع هذا لا يبعد أن يخص الله المفضول بعلم ليس عند الفاضل ولا يدل تميزه عنه أنه بذلك العلم أفضل منه بل قال له يا موسى أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا وما قال له أنا أفضل منك بل علم حق موسى وما ينبغي له وامتثل أمره فيما نهاه عنه من صحبته احتراما منه لمقام موسى وعلو منزلته وسكوت موسى عنه حين فارقه ولم يرجع عن نهيه لأنه علم إن الخضر ممن لم يسمع نهي موسى عليه السلام ولا سيما وقد قال له وما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي فعلم موسى أنه ما فارقه إلا عن أمر ربه فما اعترض عليه في فراقه إياه وحصل لموسى مقصوده ومقصود الحق في تأديبه فعلم إن لله عبادا عندهم من العلم ما ليس عنده ولم يكن إلا علم كون من الأكوان من علوم الكشف وهو من أحوال المريدين أصحاب السلوك فكيف لو كان من العلوم المتعلقة بالجناب الإلهي إما من العلم المحكم أو المتشابه‏

[السر الذي وقر في نفس أبى بكر]

ومن هذا المقام حصل لأبي بكر الصديق السر الذي وقر في نفسه وظهرت قوة ذلك السر مع وقته وقول عائشة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في مرضه حين أمر أن يصلي بالناس أنه رجل أسيف ورسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يعرف منه بالسر الذي حصل عنده ما لا تعرفه الجماعة فما بقي أحد يوم مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إلا ذهل في ذلك اليوم وخولط في عقله وتكلم بما ليس الأمر عليه إلا أبو بكر الصديق فما طرأ عليه من ذلك أمر بل رقى المنبر وخطب الناس وذكر موت النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقال من كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ الآية فسكن جأش الناس حتى قال عمر والله ما كأني سمعت بهذه الآية إلا في ذلك اليوم وهذا

قوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا وجب يعني الموت فلا تبكين باكية وأما قبل وقوع الموت فالبكاء محمود

وكذا فعل أبو بكر لما قام رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقال ما تقولون في رجل خير فاختار لقاء الله فبكى أبو بكر وحده دون الجماعة وعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد نعى لأصحابه نفسه فأنكر الصحابة على أبي بكر بكاءه وهو كان أعلم فلما مات صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بكى الناس وضجوا إلا أبا بكر امتثالا

لقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إذا وجب فلا تبكين باكية

هذا كله من السر الذي أعطاه هذا المقام‏

[الذي ينبغي أن يقال ليس بين محمد وأبى بكر رجل لا أنه ليس بين الصديقية والنبوة مقام‏]

فالذي ينبغي أن يقال ليس بين محمد وأبي بكر رجل لا أنه ليس بين الصديقية والنبوة مقام فإن الصديق تابع بطريق الايمان فما أنكره متبوعة أنكر وما قرره متبوعة قرر هذا حظ الصديق من كونه صديقا ومن كون مقام آخر لا يحكم عليه حال الصديقية فاعلم ذلك انتهى السفر الرابع عشر بانتهاء الجزء السادس ومائة من الفتوحات المكية

(الباب الثاني والستون ومائة في معرفة الفقر وأسراره)


مخطوطة قونية
4372
4373
4374
4375
4376
4377
4378
4379
4380
4381
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 262 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!