موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب الفكوك في أسرار
مستندات حكم الفصوص

تأليف: الشيخ صدر الدين القونوي

فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية


20 - فك ختم الفص اليحيوى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي
20 / 1 -اعلم ان موجب تسمية هذه الحكمة بالحكمة الجلالية امر ان :
أحدهما يختص بحال يحيى عليه السلام والآخر يختص بذاته وصفته وأسمه ، فلنبدأ بذكر ما يختص بذاته وصفته وأسمه
فنقول: قد ثبت ان الحق سبحانه ذو الجلال والإكرام ، ومن أسمائه الجليل ، وليس في الوجود موجود يستهلك كثرة صفاته وأسمائه في وحدة ذاته بحيث يضمحل لذاتها كل عدد ومعدود إلا الحق سبحانه ،
فمن عنايته بشأن يحيى عليه السلام - وان جعل له من هذا الكمال نصيبا - فأنزله منزلة نفسه ، فأدرج اسمه وصفته في وحدة ذاته ، ولم يفعل ذلك بغيره ، ممن وجد قبله .
2 / 20 - فشرفه بذلك وبالأولية التي هي من أمهات نعوت الحق وشرفه أيض بأن أتاه الحكم صبيا وبالبشرى بحسن الخاتمة هنا وفيما بعد الموت والمحشر بقوله تعالى : " وسَلامٌ عَلَيْه يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " [ مريم / 15 ] وهذا من نوع ما نبهت عليه في فك ختم الفص الصالحي في الحاشية من ان كل ما يكون نسبته الى الحق من حيث الأسباب الباطنة اقوى ، كانت اضافته الى الحق اقوى وأتم .
3 / 20 - وحصول الولد بين المرأة العاقرة والشيخ الفاني يبعد إضافته الى الأسباب المعتادة الظاهرة ، وكان صمت أبيه الثلاثة الأيام وأمر الحق له بالذكر والتسبيح وأمره قومه أيضا بالتسبيح بكرة وعشيا سببا لتكميل استعداده الذي قبل من الحق الحكم والحنان والزكاة في حال صباه ،
كما كان صمت مريم احد الأسباب المعينة بإذن الله في نطق عيسى ، لان مدار امر الوجود على الظهور والبطون ،
فما نقص من الباطن اخذه الظاهر وتقوى به وبالعكس أيض ، فافهم تصب ان شاء الله .

4 / 20 - وايضا فليعلم ان الهمة من الأسباب الباطنة ، وأول الأسباب في وجود يحيى إستحسان الله حال مريم سلام الله عليها ، فتوجه بهمته ملتجئا الى ربه بدعائه ، فاستجاب له ربه ورزقه يحيى ، ولو لا وجود أبيه زكريا وإصلاح الحق زوجته له لخرج يحيى مثل عيسى يتكلم بالحكمة في المهد ، لكن لما كان حكم الطبيعة في مثل هذا الأمر اقوى من حكم الروحانية ، وكان الأمر في قضية عيسى بالعكس ، تأخر ذلك الى عهد الصبى .
5 / 20 - والأمر الاخر من الأمرين المشار إليهما هو انه ينبغي لك ان تعلم ان الصفات تنقسم بنحو من القسمة الى قسمين :صفات ذاتية وصفات حالية ،
فالصفات الذاتية واضحة عند الأكثرين ،
وأما الصفات الحالية : كالغضب والرضاء والقبض والبسط ونحو ذلك .
6 / 20 - وهذه الصفات الحالية في اصطلاح اهل طريق الله ترجع الى ثلاثة اصول :
إحدها مقام الجلال والآخر مقام الجمال
والآخر مقام الكمال ، فلمقام الجلال الهيبة والقبض والخشية والورع والتقى ونحو ذلك ،
ولمقام الجمال الرجاء والبسط والأنس واللطف والرحمة والنعيم والإحسان ونحو ذلك ،
ولمقام الكمال الحيطة بالجلال والجمال وتوابعهما من الأحوال والجمع بين كل ذلك وسواه .
7 / 20 - وكان الغالب على ظاهر يحيى الأحوال الجلالية ، فلذلك سمى شيخنا رضى الله عنه حكمته بحكمة الجلالية وورد في الحديث ما هذا معناه :
ان يحيى وعيسى عليهما السلام تفاوضا ، فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه - :
كأنك قد أمنت مكر الله وعذابه ؟
فقال له عيسى : كأنك آيست من فضل الله ورحمته ؟
فأوحى الله إليهما : ان أحبكما الى أحسنكما ظنا بى .
فهذا ما يسر الله ذكره من التنبيه على سر الحكمة اليحيوية وحاله وصفته ، فتدبر ترشد ان شاء الله .
.
....

Y7aNc9FJrT0

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!