موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مطلع خصوص الكلم
في معاني فصوص الحكم

تأليف: الشيخ داود القيصري

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب

  السابق

المحتويات

التالي  

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب


الفصل الثاني في أسمائه وصفاته تعالى من مقدمة كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي

شرح الشيخ داود بن محمود بن محمد القَيْصَري كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

اعلم، ان للحق سبحانه وتعالى بحسب "كل يوم هو في شأن".
شؤونات وتجليات في مراتب الإلهية وان له بحسب شؤونه ومراتبه صفات وأسماء.
والصفات ام "جلالية او جمالية". ايجابية أو سلبية.
والأولى اما حقيقية لا إضافة فيها كالحياة والوجوب والقيومية على أحد معنييها .
أو إضافة محضة كالأولية والآخرية.
أو ذو إضافة كالربوبية والعلم والإرادة.
والثانية كالغنى والقدوسية والسبوحية.
ولكل منها نوع من الوجود سواء كانت "جلالية او جمالية" .ايجابية أو سلبية.
لان الوجود يعرض العدم والمعدوم أيضا من وجه و ليست الا تجليات ذاته تعالى بحسب مراتبه التي تجمعها مرتبة الألوهية المنعوتة بلسان الشرع ب (العماء).
وهي أول كثرة وقعت في الوجود وبرزخ بين الحضرة الأحدية الذاتية وبين المظاهر الخلقية.
لان ذاته تعالى اقتضت بذاته حسب مراتب الألوهية والربوبية صفات متعددة متقابلة كاللطف والقهر والرحمة والغضب والرضا والسخط وغيرها.
وتجمعها النعوت الجمالية والجلالية إذ كل ما يتعلق باللطف هو الجمال وما يتعلق بالقهر هو الجلال.
ولكل جمال أيضا جلال كالهيمان الحاصل من الجمال الإلهي .
فإنه عبارة عن انقهار العقل منه وتحيره فيه .
ولكل جلال جمال وهو اللطف المستور في القهر الإلهي.
كما قال الله تعالى : "ولكم في القصاص حيوة يا أولى الألباب".
وقال أمير المؤمنين، عليه السلام: " سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته واشتدت نقمته لأعدائه في سعة رحمته".
ومن هنا يعلم سر قوله صلى الله عليه وسلم عليه السلام: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".
وهذا المشار إليه برزخ بين كل صفتين متقابلتين.
والذات مع صفة معينة واعتبار تجل من تجلياتها تسمى بالاسم:
فان الرحمان ذات لها الرحمة، والقهار ذات لها القهر.
وهذه الأسماء الملفوظة هي أسماء الأسماء.
ومن هنا يعلم ان المراد بان الاسم عين المسمى ما هو.
وقد يقال الاسم للصفة إذا الذات مشتركة بين الأسماء كلها و التكثر فيها بسبب تكثر الصفات وذلك التكثر باعتبار مراتبها الغيبية التيهي مفاتيح الغيب وهي معان معقولة في غيب الوجود الحق تعالى يتعين بها شؤون الحق وتجلياته.
وليست بموجودات عينية ولا تدخل في الوجود أصلا، بل الداخل فيهما تعين من الوجود الحق في تلك المراتب من الأسماء فهي موجودة في العقل معدومة في العين .
ولها الأثر والحكم فيما له الوجود العيني كما أشار إليه الشيخ رضى الله عنه، في الفص الأول وسيجئ بيانه، ان شاء الله تعالى.
ومن وجه يرجع التكثر إلى العلم الذاتي ، لان علمه تعالى بذاته لذاتهأوجب العلم بكمالات ذاته في مرتبة أحديته، ثم المحبة الإلهية اقتضت
ظهور الذات بكل منها على انفرادها متعينا في حضرته العلمية ثم العينية،فحصل التكثر فيها.
والصفات ينقسم إلى ماله الحيطة التامة الكلية، وإلى ما لا يكون كذلك في الحيطة وان كانت هي أيضا محيطة بأكثر الأشياء.
فالأول هي الأمهات من الصفات المسماة بالأئمة السبعة، وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرةوالسمع والبصر والكلام.
وسمعه عبارة عن تجليه بعلمه المتعلق بحقيقة الكلام الذاتي في مقام جمع الجمع والأعياني في مقامي الجمع والتفصيل ظاهرا وباطنا، لا بطريق الشهود .
وبصره عبارة عن تجليه وتعلق علمه بالحقايق على طريق الشهود.
وكلامه عبارة عن التجلي الحاصل من تعلقي الإرادة والقدرة لاظهار ما في الغيب وايجاده.
قال تعالى: "انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون".
وهذه الصفات، وان كانت أصولا لغيرها، لكن بعضها أيضا مشروطة بالبعض في تحققه، إذا العلم مشروط بالحياة والقدرة بهما وكذلك الإرادة والثلاثة الباقية مشروطة بالأربعة المذكورة.
والأسماء أيضا، تنقسم بنوع من القسمة إلى أربعة أسماء هي الأمهات:
وهي الأول والآخر والظاهر والباطن، ويجمعها الاسم الجامع وهو الله والرحمان.
قال تعالى: "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى".
أي، فلكل منهما الأسماء الحسنى الداخلة تحت حيطتهما.
فكل اسم يكون مظهره أزليا وأبديا:
فأزليته من الاسم الأول،
وأبديته من الاسم الآخر،
وظهوره من الاسم الظاهر،
وبطونه من الاسم الباطن.
فالأسماء المتعلقة بالابداء والايجاد داخلة في الأول.
والمتعلقة بالإعادة والجزاء داخلة في الآخر.
وما يتعلق بالظهور والبطون داخلة في الظاهر والباطن.
والأشياء لا تخلو من هذه الأربعة: الظهوروالبطون والأولية والآخرية.
وينقسم بنوع من القسمة أيضا، إلى أسماء الذات وأسماء الصفات وأسماء الافعال.
وان كانت كلها أسماء الذات لكن باعتبار ظهور الذات فيها يسمى أسماء الذات.
وبظهور الصفات فيها تسمى أسماء الصفات.
و بظهور الأفعال فيها تسمى أسماء الافعال.
وأكثرها يجمع الاعتبارين أو الثلاث، إذ فيها ما يدل على الذات باعتبار وما يدل على الصفات باعتبار آخر وما يدل على الافعال باعتبار ثالث.
كالرب فإنه بمعنى الثابت للذات وبمعنى المالك للصفة وبمعنى المصلح للفعل.
وأسماء الذات :
هو الله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر العلى العظيم الظاهر الباطن الأول الآخرالكبير الجليل المجيد الحق المبين الواجد الماجد الصمد المتعال الغنى النور الوارث ذو الجلال الرقيب.
وأسماء الصفات:
وهي الحي الشكور القهار القاهر المقتدر القوى القادر الرحمان الرحيم الكريم الغفار الغفور الودود الرؤف الحليم الصبور البر العليم الخبير المحصي الحكيم الشهيد السميع البصير.
وأسماء الأفعال:
هو المبدئ الوكيل الباعث المجيب الواسع الحسيب المقيت الحفيظ الخالق الباري المصور الوهاب الرزاق الفتاح القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل الحكم العدل اللطيف المعيد المحيى المميت الوالي التواب المنتقم المقسط الجامع المغنى المانع الضار النافع الهادي البديع الرشيد.
هكذا عين الشيخ قدس سره، الأسماء في كتابه المسمى بانشاء الدوائر، نقلتها من غير تبديل وتغيير تبركا وتيمنا بأنفاسه المباركة.
ومن الأسماء ما هي مفاتيح الغيب التي لا يعلمها الا هو ومن تجلى له الحق بالهوية الذاتية من الأقطاب والكمل.
قال تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول".
وإليه أشار النبي، صلى الله عليه وسلم، في دعائه بقوله: "أو استأثرت به في علم غيبك".
وكلها داخل تحت الاسم الأول والباطن بوجه وهي المبدىء للأسماء التي هي المبدأ للأعيان الثابتة كما سنبين،انشاء الله تعالى، ولا تعلق لها بالأكوان.
قال الشيخ، رضى الله عنه، في فتوحاته المكية: "واما الأسماء الخارجة عن الخلق والنسب، فلا يعلمها الا هو لأنه لا تعلقلها بالأكوان".
ومنها ما هي مفاتيح الشهادة، أعني الخارج، إذ قد تطلق ويراد بهاالمحسوس الظاهر فقط، وقد يراد بها أعم من ذلك.
كما قال تعالى : "عالم الغيب والشهادة".
وكلها داخلة تحت الاسم الآخر والظاهر بوجه آخر.
فالأسماء الحسنى هي أمهات الأسماء كلها.
واعلم، ان بين كل اسمين متقابلين اسم ذو وجهين متولد منهما هو برزخ بينهما.
كما ان بين كل صفتين متقابلتين صفة ذات وجهين متولدة منهما هي برزخ .
ويتولد أيضا من اجتماع الأسماء بعضها مع بعض، سواء كانت متقابلة أو غيرمتقابلة، أسماء غير متناهية ولكل منها مظهر في الوجود العلمي والعيني.
تنبيه
اعلم، ان أسماء الأفعال بحسب أحكامها تنقسم أقساما.
منها أسماءلا ينقطع حكمها ولا ينتهى اثرها أزل الآزال وأبد الآباد كالأسماء الحاكمة على الأرواح القدسية والنفوس الملكوتية.
وعلى كل ما لا يدخل تحت الزمان من المبدعات وان كانت داخلة تحت الدهر.
ومنها ما لا ينقطع حكمه أبد الآباد وان كانت منقطعة الحكم أزل الآزال كالأسماء الحاكمة على الآخرة، فإنها أبدية كما دلت الآيات على خلودها وخلود أحكامها.
وغير أزلية بحسب الظهور، إذ ابتداء ظهورها من انقطاع النشأة الدنياوية.
ومنها ما هو مقطوع الحكم أزلا ومتناهي الأثر ابدا كالأسماء الحاكمة على كل ما يدخل تحت الزمان وعلى النشأة الدنياوية فإنها غير أزلية ولا أبدية بحسب الظهور وان كانت نتايجها بحسب الآخرة أبدية.
وما ينقطع احكامه، اما ان ينقطع مطلقا ويدخل الحاكم عليه في الغيب المطلق الإلهي كالحاكم على النشأة الدنياوية ، واما ان يستتر ويختفي تحت حكم الاسم الذي يكون أتم حيطة منه عند ظهور دولته إذ للأسماء دول بحسب ظهوراتها وظهور أحكامها .
وإليها تستند أدوار الكواكب السبعة التي مدة كل دورة الف سنة والشرايع إذ لكل شريعة اسم من الأسماء تبقى ببقاء دولته وتدوم بدوام سلطنته وتنسخ بعد زوالها.
وكذلك التجليات الصفاتية إذ عند ظهور صفة ما منها تختفي احكام غيرها تحتها.
وكل واحد من الأقسام الأسمائية يستدعى مظهرا به يظهر أحكامها وهو الأعيان.
فان كانت قابلة لظهور الأحكام الأسمائية كلها كالأعيان الانسانية كانت في كل آن مظهرا لشأن من شؤونها.
وان لم يكن قابلة لظهور أحكامها كلها كانت مختصة ببعض الأسماء دون البعض كالأعيان الملائكة.
ودوام الأعيان في الخارج وعدم دوامها فيه دنيا وآخرة راجع إلى دوام الدول الأسمائية وعدم دوامها.
فافهم فإنك ان أمعنت النظر في هذا التنبيه وتحققت المطلوب منه، يظهر لك أسرار كثيرة.
والله الهادي.
تنبيه آخر
اعلم، ان الأشياء الموجودة في الخارج كلها داخلة تحت الاسم الظاهر من حيث وجودها الخارجي.
والحق من حيث ظهوره عين الظاهر كما انه من حيث بطونه عين الباطن، فكما ان الأعيان الثابتة أي، طبائع الأعيان الثابتة في العلم من حيث الباطن .
أسمائه تعالى والموجودات الخارجية، مظاهرها كذلك طبايع الأعيان الموجودة في الخارج من حيث الظاهر أسمائه تعالى والأشخاص مظاهرها.
فكل حقيقة خارجية، سواء كانت جنسا أو نوعا، اسم من أمهات الأسماء لكونها كلية مشتملة على افراد جزئية، بل كل شخص أيضا اسم من الأسماء الجزئية لان الشخص هو عين تلك الحقيقة مع عوارض مشخصة لها لا غير.
هذا باعتبار اتحاد الظاهر والمظهر في الخارج واما باعتبار تغايرهما العقلي، فالأشخاص مظاهر للحقايق الخارجة كما انها مظاهر للأعيان الثابتة وهي مظاهر للأسماء والصفات. فافهم.
تنبيه آخر
قال بعض الحكماء من المتأخرين ان علمه تعالى بذاته هو عين ذاته وعلمه بالأشياء الممكنة عبارة عن وجود العقل الأول مع الصور القائمة به هربا من مفاسد تلزمهم.
هذا، وان كان له وجه عند من تعلم الحكمة الإلهية المتعالية من الموحدين ، لكن لا يصح مطلق ولا على قواعدهم لأنه حادث بالحدوث الذاتي و حقيقة علمه تعالى قديمة لأنها عينه.
فكيف يمكن ان يكون (هو هو) بعينه.
وأيضا، العقل لكونه ممكنا حادثا ومسبوقا بالعدم الذاتي معلوم للحق، لان ما لا يعلم لا يمكن اعطاء الوجود له.
فالعلم به حاصل قبل وجوده ضرورة فهو غيره وماهيته مغايرة لحقيقة العلم بالضرورة لان العلم قد يكون واجبا بالذات، كعلم الحق سبحانه بذاته.
وقد يكون صفة ذات اضافه وقد يكون إضافة محضة بخلاف الماهية.
فان قلت: علمه بذاته مغاير لعلمه بمعلولاته، وهذا العلم هو المسمى بالعقل الأول.
قلت: حقيقة العلم واحدة والمغايرة بين افرادها اعتبارية إذ اختلافها بحسب المتعلقات فهي لا يقدح في وحدة حقيقته.
والحق يعلم الأشياء بعين ما يعلم به ذاته لا بأمر آخر، وكونه صفة ذات إضافة أو إضافة محضة في بعض الصور ينافي كونه عين العقل الأول .
لكون الأول عرض والثاني جوهرا، وكونه جوهرا من الجواهر كما مر، انما هو لسريان الهوية الإلهية فيها وليس عندهم كذلك، فلا يمكن ان يكون العلم جوهرا.
وأيضا، كما انه عالم بالأشياء كذلك هو قادر، فكونه عبارة عن علمه دون قدرته ترجيح بلا مرجح بل عكسه أولى لشمول قدرته على كل ما بعده عنده مدون علمه.
وأيضا، القول بأن العقل عين علمه تعالى تبطل العناية الإلهية السابقة على وجود الأشياء كلها.
وليس عبارة عن حضوره عنده تعالى، لان الحضور صفة الحاضر وهوالعقل، وعلمه تعالى صفته فهو غيره.
وأيضا، حضوره متأخر بالذات عن الحق وعلمه لأنه صفته وهو متأخر بالذات عن الحق وعن علمه لأنه مع جميع كمالاته متقدم بالذات على جميع الموجودات، فلا يفسر علمه تعالى بالحضور.
وأيضا، يلزم احتياج ذاته تعالى في أشرف صفاته إلى ما هو غيره صادر منه، ويلزم ان لا يكون عالما بالجزئيات وأحوالها من حيث هي جزئية، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
نعم، لو يقول العارف المحقق انه عين علمه تعالى من حيث انه عالم بحقايق الأشياء والمعاني الكلية على سبيل الاجمال والمظهر عين الظاهر باعتبار، يكون حقا ويكون هو اسمه العليم كما مر بيانه في التنبيه المتقدم.
لان ماهيته عبارةعن الهوية الإلهية المتعينة بتعين خاص سميت به عقلا أولا، لكن لا يختص هوبذلك.
بل النفس الكلية أيضا كذلك لاشتماله على الكليات والجزئيات، بل كل عالم بهذا الاعتبار يكون اسمه العليم لا العقل الأول فقط.
والحكيم لا يشعر بهذا المعنى إذ عنده ان العقل وغيره مغاير للحق تعالى ماهية ووجودا ومعلول من معلولاته.
فيلزم ان يكون في أشرف صفاته محتاجا إلى غيره، تعالى عنه.
والحق ان كل من انصف يعلم في نفسه ان الذي أبدع الأشياء وأوجدها من العدم إلى الوجود، سواء كان العدم زمانيا أو غير زماني.
يعلم تلك الأشياء بحقايقها وصورها اللازمة لها الذهنية والخارجية قبل ايجاده إياها، والا لا يمكن اعطاء الوجود لها فالعلم غيرها.
والقول باستحالة ان يكون ذاته تعالى وعلمه الذي هو عين ذاته محلا للأمور المتكثرة انما يصح إذا كانت غيره تعالى.
كما عند المحجوبين عن الحق ، اما إذا كانت عينه من حيث الوجود والحقيقة وغيره باعتبار التعين والتقيد فلا يلزم ذلك.
وفي الحقيقة ليس حالا ولا محلا بل شئ واحد ظهر بصورة المحلية تارة والحالية أخرى.
فنفس الامر عبارة عن العلم الذاتي الحاوي لصورالأشياء كلها.
كليها وجزئيها، صغيرها وكبيرها، جمعا وتفصيلا، عينية كانت أوعلمية: "لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء."
فان قلت: العلم تابع للمعلوم ، وهو الذات الإلهية وكمالاتها، فكيف يكون عبارة عن نفس الامر؟
قلت: الصفات الإضافية لها اعتباران:
اعتبار عدم مغايرتها للذات و اعتبار مغايرتها لها.
فبالاعتبار الأول، العلم والإرادة والقدرة وغيرها من الصفات التي يعرض لها الإضافة ليس تابعا للمعلوم والمراد والمقدور لأنها عين الذات ولا كثرة فيها.
وبالاعتبار الثاني، العلم تابع للمعلوم وكذلك الإرادة والقدرة تابعة للمراد والمقدور.
وفي العلم اعتبار آخر وهو حصول صور الأشياء فيه فهو ليس من حيث تبعيته لها عبارة عن نفس الامر بل من حيث ان صور تلك الأشياء حاصلة فيه عبارة عنه.
ومن حيث تبعيته لها يقال، الأمر في نفسه كذا.
أي تلك الحقيقة التي يتعلق بها العلم وليست غير الذات في نفسها كذا.
وجعل بعض العارفين العقل الأول عبارة عن نفس الامر حق لكونه مظهرا للعلم الإلهي من حيث إحاطته بالكليات المشتملة على جزئياتها ولكون علمه مطابقا لما
ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻟﻠﻮﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻮﻅ .
ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻻﻣﺮ ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻻ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﺍﻟﺰﻋﻢ ﺑﺒﺪﺍﻫﺘﻪ ﺍﻧﻤﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈﻞ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻇﻠﻪ ﻻﻥ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻇﻼﻝ ﻛﻮﺟﻮﺩﺍﺗﻬﻢ.
ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﺑﺪﻳﻬﻲ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻫﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﺼﻮﻝ ﺍﻟﺸﺊ ﺑﺪﺍﻫﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﻣﺎﻫﻴﺘﻪ.
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﻳﻖ.
.


OU0X0JhQZ7Y

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!