موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

شرح القاشاني
على فصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الرزاق الكاشاني

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب

  السابق

المحتويات

التالي  

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب


مقدمة شرح القاشاني على متن كتاب فصوص الحكم للشيخ الأكبر أبن العربي الحاتمي الطائي

شرح القاشاني العارف بالله الشيخ عبد الرزاق القاشاني 938 هـ على متن كتاب فصوص الحكم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الاحد ذاته وكبريائه الواحد بصفاته وأسمائه .
المتعالى عن أن يتكثر بكثرة النسب والتعيينات باحديته في صورة الاكوان والكثرات فلا كثرة في المظاهر والاسماء تكثره.
ولا تكرر في تعاقب تارات التجلي تكرره .
تجلى بذاته لذاته وظهرت الحقائق والاعيان وجعلها براقع وجهه بوجوده .
وعلمنا بعلمه فاشهدنا ذاته بشهوده والصلاة على من جمع فيه مراتب الوجود بأسرها.
وجعل في يده مفاتح الغيوب فأوحى إليه بنشرها .
محمد الذي أوتي جوامع الكلم ليكمل بها طوائف الامم ويعلم جميع الخلائق لطائف الحكم .
فختم به ما أودع من الكمال عالم التكوين والإبداع.
وضبط بوجودك نظام الكل من الأصناف والأنواع .
وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين كشفوا الحجب عن جمال وجهه الباقي فتلألأت سبحاته متساطعة إلى يوم التلاقي.
(وبعد) :
فإن الزمان لما تقاصرت أذياله وكادت يرتفع بانكشاف الحق اسباله.
ونطق الحق على لسان الخلق بأسراره وزهق الباطل بتشعشع أنواره .
واقتضت الحقيقة أن تهتك استاره وطفقت في كل سمع يحدث أخبارها .
أقبل على جماعة من اخوان الصدق والصفا وأرباب الفتوة والوفا من أهل العرفان والتحقيق .
ومن أيدته العناية بالتوفيق خصوصا كالصاحب المعظم العالم العارف الموحد المحقق شمس الملة والدين قدوة أرباب اليقين محمد بن مصلح المشتهر بالتبریزی متعه الله بما فيه وأطلعه على خوافيه.
أن أشرح لهم كتاب فصوص الحكم المنسوب الى الشيخ الكامل المكمل البحر الخضم محيي الملة والدين ابی عبدالله محمد بن علي المعروف بابن العربي الطائي الحاتمي الاندلسي قدس الله روحه و كثر من عنده فتوحه شارطين على أن لا أكتم شيئا من جواهر كنوزة وأبرز ما أمكن من معضلات مخفیانه ورموزه.
فأسعفتهم إلى ملتمسهم وصرفت عنان همتي الى تسهيل مقتبسهم مجتهدا في حل ألفاظ الكتاب بقدر مايسر الله لي من فهم ما هو الحق والصواب.
معتصما بالله فما أتصدى من المرام فإنه أصعب ما قصد من مطالب الأنام سائلا اياه أن لا يكلني فيما أعانيه إلى نفسي.
وأن يكلأني بإلهامه الحق عن تصرفات عقلی وحدسي .
وأن يلق الى قلبي ما ألقاه إلى من يلقاه .
ويحفظني عن الخطأ و الزلل فما أطلبه وألقاه .
وقد قدمت أمام الكلام ثلات مقدمات تحتوي على أصول فصوص الحكم هذه.
الكلمات الاولى في تحقيق حقيقة الذات الأحدية حقيقة الحق المسماة بالذات الأحدية :ليست غير الوجود البحت من حيث هو وجود لا بشرط اللاتعين ولا بشرط التعيين فهو من حيث هو مقدس عن النعوت والأسماء لا نعت له ولا رسم ولا اسم ولا اعتبار للكثرة فيه بوجه من الوجوه .
وليس هو بجوهر ولا عرض فان الجوهر له ماهية غير الوجود وهو بها جوهر ممتاز عن غيره من الموجودات. والعرض كذلك
وهو مع ذلك محتاج إلى موضع موجود يحل "يتجلى" فيه "وعليه" وما عدا الواجب فهو إما جوهر وإما عرض .
فالوجود من حيث هو وجود لیس مما عدا الواجب.
وكل ما هو وجود مقيد فهو به موجود .
بل هو باعتبار الحقيقة غيره باعتبار التعيين .
فلا شئ غيره بحسب الحقيقة وإذا كان كذلك فوجوده عين ذاته .
إذ ما عدا الوجود من حيث هو وجود عدم صرف.
والوجود لا يحتاج في امتيازه عن العدم الى تعیین نفی امتناع اشتراكهما في شي اذ العدم لا شيء محض .
ولا يقبل العدم وإلا لكان بعد القبول وجودا معدوما كما لا يقبل العدم الصرف الوجود كذلك .
ولو قبل أحدهما نقيضه لكان من حيث هو بالفعل نقيضه .
وهو محال ولإقتضاء القابلية التعدد فيه ولا تعدد في حقيقة الوجود من حيث هو وجود .
بل القابلة لهما الأعيان وأحوالهما الثابتة في العالم العقلي يظهر بالوجود وبختفي بالعدم .
وكل شي موجود بالوجود فعينه غير وجوده .
فلم يكن وجودا وإلا فإذا وجد كان للوجود وجود قبل وجود وجوده .
والوجود بذاته موجود فوجوده عینه .
والا لكان ماهيته غير الوجود فلم يكن وجودا وإلا فإذا وجد كان للوجود وجود قبل الوجود .
وذلك محال فالوجود بذاته واجب أن يوجد بعينه لا بوجود غيره .
وهو المقوم لكل موجود سواه لأنه موجود بالوجود وإلا لكان لا شيئا محضا .
فهو الغني بذاته عن كل شي والكل مفتقرا إليه .
وهو الأحد الصمد القيوم أولم یكف بربك أنه على كل شئ شهيد .
الثانية في بيان حقائق الأسماء ولاتناهيها :
اعلم أن ذات الحق تعالى من حيث هي هي يقتضي علمه بذاته بعين ذاته لا بصورة زائدة على ذاته .
وعلمه بذاته يقتضي علمه بجميع الأشياء على ما هي عليه في ذاته وذلك الاقتضاء هو المشيئة .
وقد تطلق علمها الارادة لكن الأراده :أخص منها .
فإنها قد تتعلق بالزيادة والنقصان علی سبیل الحدوث والظهور.
والكون في المظاهر الكونية في العالم الأعلى والأسفل بالايجاد والاعدام .
والإرادة إنما تتعلق بالايجاد ولا يقع بالارادة الأ مقتضى المشيئة الأولى.
كما أشار اليه في الفص اللقماني في عموم المشيئة وخصوص الارادة .
فنسبة الصفات الذات الأحدية إلى الصور العلمية المتعينة بعد التعين الاول الثابت للجوهر الأول وهي النسب الاسمائية .
لان كل نسبة صفة والذات مع أي صفة كانت اسم و اولاها النسبة العلمية التي تعينت بها الأعيان.
لكن العلم لا يتصور إلا بالحياة .
فالحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام أمهات الصفات .
وهى نسبة ذاتية إذا اعتبرت مع الذات حصلت الأسماء السبعة التي سماها الشيخ في الفتوحات
الأئمة السبعة.
فالذات بحسب هذه النسب اقتضت الجوهر الأول وظهرت الموجدية والأولية والخلق والمبدئية والأمر وسائر الأسماء المنسوبة الى الابداء.
فالسبعة الأولى تسمى الأسماء الإلهية
والثانية تسمى التالية لانها توابع الاولى .
فظهرت بعين الجوهر الأول الذي ينفصل عنه حقائق الأعيان نسب الذات الى كل متعين علمى.
وتعدد النسبة بتعدد الحقائق وأحوالها وأحكامها تعددت الصفات والأسماء وهي أسماء الربوبية وحضرتها أی حضرة الأسماء الحضرة الواحدية.
ولكل اسم من السبعة نسبة إلى كل عين .
فللذات بحسب كل عين اسم .
وتلك الأعيان أيضا أسامي لكونها عين الذات مع التعين .
ولكل عين الى جزيئاتها الحادثة في العالم نسبة والحوادث غير متناهية.
فأسماؤه تعالى غير متناهية ولهذا وصفها بأنها لا يبلغها الاحصاء .
وهي تقتضي وجود العالم .
بل هی ملكوتها التي يدبر الله الملك الحق بها .
ملك العالم وكل اسم رب الملكوت الذي هو مقتضاه لأن الله تعالى رب الاكوان بها.
فاعلم بان هذا الأصل نافع في حل أكثر فصوص الكتاب .
والله الهادی.
الثالثة في بيان الشأن الإلهي :
اعلم أن الشأن الإلهي والأمر التدبیری دوری .
فان الحضرة الأحدية إذا اقتضت التعين الاول والعين الواحدة المسماة بلسان أهل الذوق البرزخ بين أحكام الوجوب والامكان المحيط بالطرفين .
كانت الذات الأحدية باعتبار الشؤون الأسمائية الحضرة الالهية والواحدية .
وتلك العين هي القلم الأعلى وتتشعب الى عقول كثيرة لا يعلمها الا الله .
ثم النفوس والافلاك وتتفاوت مراتبها في الاحاطة بحسم تفاوت العقول التي تفيض منها وقلة الوسائط بينها وبين الذات وكثرتها.
وإذا سمي العقل الأول القلم الاعلى سميت النفس الكلية باللوح المحفوظ لانتقاشها ما يفيض من القلم عليها من العلوم والنقوش المنطبعة في الأفلاك المنتقشة بصور الحوادث الجزئية الزمانية بمجموعها اللوح القدرى .
وينتهي إلى العناصر ثم يرجع إليه بالتركيب والمزيج في صور المواليد الثلاثة ومراتبها .
حتى يصل إلى الإنسان منصبغا يصبغ جميع المراتب .
فان ترقى بالعلم والعمل وسلك حتى انتهى إلى الأفق الأعلى ورجع إلى البرزخ الجامع كما نزل منه .
بلغ الحضرة الالهية واتصف بصفات الله بحسب ما قدر له من الإمكان .
وسبق العلم به عند تعيين عينه واتسم بما أمكن به من الأسماء الإلهية التي هي مفاتيح غيبه .
واطلع على ما في تلك الخزائن من العلوم ولم يبق بينه وبين الحضرة الاحدية حجاب فناسب باحدية جمعيته البرزخ الجامع واتصل بالنقطة الأحذية وتم به دائرة الوجود .
فكان أولا باعتبار حقيقته وآخرا بانتهاء أحكام الكل إليه اذ كان من الدائرة بمثابة النقطة التي انتهت الدائرة بها الى أولها .
ولما كانت الموجودات بأسرها كدائرة هو نقطتها الأخيرة وهو جزء من العالم أشبه العالم بالخاتم .
فانه حلقة ومن حيث أن الإنسان من جملة أجزاء العالم انتقش بنقش العلوم التي في الحضرة الإلهية.
وحمل سر أسمائه وصفاته وختم به العالم بأسره شبه بالفص من الخاتم .
فالحق تعالى بحسب أسمائه الحسنى يدبر امر الوجود باقتضاء هذه الاسماء أكوان العالم .
ويرب بالأسماء التالية التي هي أسماء الربوبية كلها ما يحتاج اليها وتطلبها ويمدها ويبلغها إلى كمالاتها التي هي معاني الأسماء الإلهية في الإنسان الكامل البالغ إلى الحقيقة الإلهية .
فيربيه الاسماء الالهية حتى تنصف بها وهذه الاضافات والامدادات هي الشؤون الالهية ثم يتولى بذاته ربوبية هذا الإنسان ويؤيده بجميع أسمائه.
فيعبده هذا الإنسان حق عبادته بالعبودية الذاتية وليس وراء عبادة الله قربة.
.

OU0X0JhQZ7Y

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!