موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

البحث داخل الكتاب

عرض الصفحة 26 - -

 

كتاب فصوص الحكمللشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

التنسيق موافق لطبعة ....

 

 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 26


حالة من أحوال جذبه بقوله «أنا الحق»، أو ابن الفارض الذي أفناه حبه لمحبوبه عن نفسه فلم يشعر إلا بالاتحاد التام به فقال:

متى حِلت عن قولي «أنا هي» أو أقل‏ وحاشا لمثلي إنها فيَّ حلّت‏ «1»

أقول: فرق بين هذين الرجلين وبين ابن عربي الذي يقول في صراحة لا مواربة فيها ولا لبس، معبراً لا عن وحدته هو بالذات الإلهية ولا عن فنائه في محبوبه، بل عن وحدة «الحق» والخلق:

فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا وليس خلقاً بهذا الوجه فادّكرو

جمِّع وفرِّق فإن العين واحدة وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر «2»

بل على افتراض أن «أنا الحق» التي نطق بها الحلاج لم تكن صرخة جذب ولا كلمة شطح، وإنما كانت- كما يقول الأستاذ نيكولسون- تعبيراً عن نظرية كاملة في ثنائية الطبيعة الإنسانية المؤلفة من اللاهوت والناسوت، فإن أقصى ما يمكن أن نصف به هذه النظرية هو أنها نظرية في الحلول لا في الاتحاد ولا في وحدة الوجود.

ولكن أي صورة من صور القول بوحدة الوجود يمثلها مذهب ابن عربي؟ إنه لا شك ليس مذهباً مادياً يحصر الوجود فيما يتناوله الحس وتقع عليه التجربة، ويعتبر الله اسماً على غير مسمى حقيقي. على العكس هو مذهب روحي في جملته وتفاصيله، يُحلُّ الألوهية من الوجود المحل الأول ويعتبر الله الحقيقة الأزلية والوجود المطلق الواجب الذي هو أصل كل ما كان وما هو كائن أو سيكون فإن نَسَبَ إلى‏


(1) التائية الكبرى 277، ومعنى البيت: متى تحولت عن دعواي أنني أنا هي (أي المحبوبة): حاشا لمثلي أن يقول إنها حلت في، وهو بهذا ينكر نظرية الحلول التي قال بها الحلاج.

(2) الفص الإدريسي.


- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 26


 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!