- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 18
يا من يراني مجرماً ولا أراه آخذ كم ذا أراه منعماً ولا يراني لائذا «1» ومن أمثلة تأويل الظاهر بالباطن شرحه لكتابه المعروف بترجمان الأشواق الذي نظمه بلسان النسيب والغزل يكنِّي بكل اسم فيه عن فتاة جميلة تعلق بها عند ما زار مكة سنة 598 ه، ويومئ إلى الواردات الإلهية والتنزلات الروحانية والمناسبات العلوية. وفي ذلك يقول: كلُّ ما أذكره من طلل أو ربوع أو مغان كلُّ م أو خليل أو رحيل أو رُبىً أو رياض أو غياض أو حِمَى أو نساء كاعبات نُهَّدٍ طالعات كشموس أو دُمىَ كل ما أذكره مما جرى ذكره أو مثله أن تفهم صفة قدسية علوية أعْلَمَتْ أن لصدقي قدم فاصرف الخاطر عن ظاهرها واطلب الباطن حتى تعلما «2» ثانياً: أنه يستعمل كثيراً من المصطلحات الفلسفية والكلامية على سبيل الترادف أو المجاز مع ألفاظ أخرى واردة في القرآن والحديث فيحملها من المعاني ما يخرجها عن أصلها. «فالخير» الذي تكلم عنه أفلاطون و«الواحد» الذي تكلم عنه أفلوطين، والجوهر الذي تكلم عنه الأشاعرة، «و الحق» «و الله» كما يفهمهما المسلمون: كل هذه مستعملة عنده بمعنى واحد. كذلك يستعمل على سبيل الترادف كلمة «القلم» الواردة في القرآن «و حقيقة الحقائق» الواردة في فلسفة أريجن،
(1) الفتوحات المكية ج 2 ص 646: ونفح الطيب ص 407. (2) ذخائر الأعلاق في شرع ترجمان الأشواق لابن عربي طبعة بيروت سنة 1312 ه ص
- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 18 |