موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة علوية في كلمة موسوية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة علوية في كلمة موسوية


25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
المرتبة 25 : لفص حكمة علوية في كلمة موسوية من الاسم القوي ومرتبة الملائكة وحرف الفاء ومنزلة الأخبية من برج الدلو .

سريان اللطيف في جميع المراتب يستلزم مقاومته وقهره لجميع الحدود والقيود ، أي يستلزم ظهور الاسم : القوي المتوجه على إيجاد مرتبة الملائكة .
وقد قرنت الملائكة في القرآن بالقوة فوصف الحق تعالى جبريل بقوله :ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( التكوير ، 20 ) كما قال عنه :عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى( النجم ، 5 ) .
وقال :عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ ( التحريم ، 6 ) .
ومنهم حملة العرش المحيط ، ومنهم إسرافيل الذي يفني الخلق بنفخة ويحييهم بأخرى .
وهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون لقوتهم المستمدة من الاسم المتوجه على إيجاد مرتبتهم أي القوي المتوجه أيضا على إيجاد حرف الفاء ومنزلة سعد الأخبية من الدلو الهوائي
والفاء حرف تفشي النفس في الهواء المناسب بلطافته لطافة الملائكة والجن.
كم ناسبهم لفظ سعد الأخبية فالخبأ هو الستر فهم السعداء المخبئون عن الأبصار . . . ويضاهيهم في الإنسان قواه الروحية .
وأنسب الأنبياء لحضرة القوة هو موسى عليه السلام فقد وصف بالقوة في الآية 26 من القصص :إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ وأمره الحق تعالى بالقوة في الآية 145 من سورة الأعراف فقال له :فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِه
كم أمر تعالى قومه :خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ( البقرة ، 63 ) .
وسيرته مشحونة بمظاهر القوة ، فقد سمع كلام اللّه تعالى مباشرة فخص بكمال القوة السمعيةوتحدى فرعونوقومه والسحرةوقوم اعوجاج بني إسرائيلوقتل القبطي بوكزة ،
ورمى الألواح ليأخذ بلحية أخيه . . .
وفي كتاب العبادلة نجد بابا تحت عنوان :" عبد اللّه بن موسى بن عبد القوي " .
ولهذ ذكر الشيخ في هذا الفص لفظتي " القوي - قوة " نحوا من ست مرات في بداية الباب الذي افتتحه بالقوى الروحية التي جمعها موسى من جميع الأطفال الذين قتلوا من أجله وأرواحهم كالملائكة لأنهم استشهدوا على صفاء الفطرة .
ومن مظاهر القوة في هذا الفص تسخير كل شيء للإنسان الكامل فبقوة مكانته الحاملة للأمانة كان له هذا التسخير ، حتى إن أقوى الملائكة في خدمته . . .
وشبه الشيخ موسى بالجبل الشامخ في قوته .
ورغم قوته ، فإنه خر صعقا لما تجلى ربه للجبل بعد طلبه الرؤية .
ولهذ نجد الشيخ في الفصل 35 من الباب 198 الذي تكلم فيه عن الاسم القوي والملائكة يتكلم على مسألة هذه الرؤية فيقول : (
وليس في العالم المخلوق أعظم قوة من المرأة لسر لا يعرفه إلا من عرف فيم وجد العالم وبأي حركة أوجده الحق تعالى وأنه عن مقدمتين فإنه نتيجة .
والناكح طالب والطالب مفتقر والمنكوح مطلوب والمطلوب له عزة الافتقار إليه والشهوة غالبة . فقد بان لك محل المرأة من الموجودات وما الذي ينظر إليها من الحضرة الإلهية وبماذ كانت ظاهرة القوة .
وقد نبه اللّه على ما خصها به من القوة في قوله في حق عائشة وحفصة :
" وان تظاهرا عليه - أي تتعاونا عليه - فإن اللّه هو مولاه - أي ناصره - وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " .
هذ كله في مقاومة امرأتين وما ذكر إلا الأقوياء الذين لهم الشدة والقوة فان صالح المؤمنين يفعل بالهمة وهو أقوى الفعل . فان فهمت فقد رميت بك على الطريق .
فأنزل الملائكة بعد ذكره نفسه وجبريل وصالح المؤمنين منزلة المعينين ولا قوة إلا باللّه . فدل أن نظر الاسم القوي إلى الملائكة أقوى في وجود القوة فيهم من غيرهم فإنه منه أوجدهم .
فمن يستعان عليه فهو فيما يستعان فيه أقوى مما يستعان به .
فكل ملك خلقه اللّه من أنفاس النساء هو أقوى الملائكة فإنه من نفس الأقوى .
فتوجه الاسم الإلهي القوي في وجود القوة على إيجاد ملائكة أنفاس النساء أعظم للقوة فيهم من سائر الملائكة وإنما اختصت الملائكة بالقوة لأنها أنوار .
وأقوى من النور فلا يكون لأن له الظهور وبه الظهور وكل شيء مفتقر إلى الظهور ولا ظهور له إلا بالنور في العالم الأعلى والأسفل قال تعالى :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقيل إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم قيل له : أرأيت ربك ؟
فقال صلى اللّه عليه وسلم : نور أنى أراه .
وقال لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه . والسبحات الأنوار . فهي المظهرة للأشياء والمفنية لها .
ولم كان الظل لا يثبت للنور والعالم ظل والحق نور فلهذا يفنى العالم عن نفسه عند التجلي فإن التجلي نور وشهود النفس ظل .
فيفنى الناظر المتجلي له عن شهود نفسه عند رؤية اللّه
فإذ أرسل الحجاب ظهر الظل ووقع التلذذ بالشاهد .
وهذ الفصل فيه علم عظيم لا يمكن أن يقال ولا سره أن يذاع ، من علمه علم صدور العالم علم كيفية .
واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل .
فانظر كيف تكلم الشيخ في هذا الفصل على مسألة الرؤية الموسوية للمناسبة بينها وبين فص موسى لاستمدادها معا من الاسم ( القوي ) .
وكلامه على المرأة مناسب لكلامه في هذا الفص عن وجود العالم بحركة الحب بدءا من قوله :
" فان الحركة أبدا إنما هي حبيبة . . . ففر لما أحب النجاة . . . " كما تكلم على أم موسى وامرأة فرعون وبنتي شعيب .
وكلامه في هذا الفصل على تجلي النور مناسب لكلامه في آخر الفص على التجلي والكلام في صورة النار التي طلبها موسى خدمة لأهله :
" كنار موسى رآها عين حاجته ..... وهو الإله ولكن ليس يدريه "
وإنم ختم الباب بذكر النار ليمهد للدخول لباب الفص الموالي المخصوص بالاسم اللطيف المتوجه على إيجاد الجن وكلمة خالد في الحكمة الصمدية
فألطف الأركان النار التي خلق منها الجن . . . وإلى النار صمد موسى في طلبه حاجته . . . ولخالد قصة إعجاز مع النار .
وأم وصف حكمة هذا الفص الموسوي بالعلوية فلها عدة وجوه :
أولا : ورد الاسم " الأعلى " في القرآن تسع مرات وسمى الحق تعالى موسى به فقال في الآية 68 من طه : قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى
وهذ في مقابلة قول فرعون في سورة النازعات الآية 24 : فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى
فلم يصف الحق تعالى أحدا من الرسل بالأعلى إلا موسى فحكمته علوية لعلو درجته في النبوة والرسالة حيث كلمه اللّه بلا واسطة
وكتب له التوراة بيده تعالى وأيده بكبرى المعجزات وهو القطب الأكبر لبني إسرائيل وللسماء السادسة سماء العلم الذي هو أعلى المنح .
ومن أسماء القطب القرآنية : " المثل الأعلى " .
ثانيا : حيث أن لهذا الفص مرتبة الملائكة فحكمته علوية لأنهم وصفوا في القرآن بالملأ الأعلى قال تعالى في الآية 8 من الصافات : لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى
وفي الآية 69 من ص : ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ
وفي الآيتين 6 و 7 من النجم : ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ( 6 ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى
ثالث : التكامل بين موسى وأخيه هارون .
فلهارون المرتبة 24 التي لها الاسم المذل المتوجه على أسفل المراتب أي الحيوان الأرضي . ولموسى المقابل أي العلو الملائكي السماوي .
فائدة : في فصول كتاب " عقلة المستوفز " :
ذكر الشيخ أسماء ملائكة مراتب الوجود فلنذكرها هنا باختصار .
* لعالم الملكوت الأعلى الأرواح العالون المهيمون في الجلال والجمال ومنهم القلم الأعلى .
ودونه اللوح المحفوظ . ودونه أربعة أملاك مناسبون لأركان الطبيعة الأربعة وأرواح متحيزة في أرض بيضاء مهيمون في التسبيح والتقديس لا يعرفون أن اللّه خلق سواهم .
* للعرش حملته الثمانية والحافون به هم الملائكة الواهبات وبه مقام إسرافيل ، وتحته ملائكة عالم الهباء .
ثم الكرسي وملائكته المدبرات وبه مقام ميكائيل ، وتحته ملائكة عالم الرفرف وهي المعارف العلى وعالم المثل الإنسانية .
وتحته فلك البروج وملائكته المقسمات وبه مقام جبرائيل .
وتحته ملائكة عالم الرضوان والجنان .
وتحته فلك الكواكب الثابتة وملائكته التاليات وبه مقام رضوان خازن الجنان .
وكل هذه العوالم السابقة من عالم الدوام والبقاء .
وأم عالم الاستحالة وهو عالم الدنيا فهو التالي :
السماء السابعة وكوكبها كيوان وملائكتها النازعات .
وبينه وبين فلك الكواكب الثابتة ملائكة عالم الجلال ومسكن مالك خازن النار وعزرائيل ملك الموت .
وتحته ملائكة عالم الجمال .
ثم السماء السادسة وكوكبها المشتري وملائكته الملقيات ومقدمهم اسمه المقرب .
وتحته ملائكة عالم الهيبة .
ثم السماء الخامسة وكوكبها الأحمر وملائكتها الفارقات ومقدمهم اسمه الخاشع .
وتحته عالم البسط .
ثم السماء الرابعة وكوكبها الشمس وملائكتها الصافات ومقدمهم اسمه الرفيع .
وتحته ملائكة عالم الأنس .
ثم السماء الثالثة وكوكبها الزهرة وملائكتها الفاتقات ومقدمهم اسمه الجميل .
وتحته ملائكة عالم الحفظ .
ثم السماء الثانية وكوكبها الكاتب وملائكتها الناشطات ومقدمهم اسمه الروح .
وتحته ملائكة عالم المزج .
ثم السماء الأولى وكوكبها القمر وملائكتها السابحات ومقدمهم اسمه المجتبى.
وتحته ملائكة عالم الخوف .
ثم كرة الأثير وملائكتها السابقات .
وتحته ملائكة عالم الشوق .
ثم كرة الهواء وملائكتها الزاجرات ومقدمهم اسمه الرعد .
وتحته ملائكة عالم الحياة .
ثم كرة الماء وملائكتها الساريات ومقدمهم اسمه الزاجر .
وتحته ملائكة عالم الذكر .
ثم كرة التراب وملائكتها الناشرات ومقدمهم اسمه قاف .
وعلى كرة التراب عالم الإنسان يخلق اللّه من أعماله وأقواله وخواطره ملائكة هم آخر الملائكة خلقا .

25 : سورة فص موسى عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الفلق " . والاسم الإلهي الوحيد الظاهر فيها هو . " رب الفلق " المناسب للاسم " القوي " الحاكم على مرتبة هذا الفص والمتوجه على إيجاد الملائكة لأن " الفلق " يستلزم القوة الفالقة .
وفي القرآن لم يقترن الفلق مع مخلوق سوى موسى حين فلق البحر بعصاه .
قال تعالى في الآية 63 من الشعراء :
" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم " وفلق موسى الحجر بعصاه فتفجرت منه اثنتا عشرة عينا ،
ووكز القبطي ففلق جسمه وقضى عليه ،
وضم يده إلى جناحه فانفلق كونها بياضا من غير سوء ،
وانفلقت عصاه حية فإذا هي تلقف ما يأفك السحرة . . .
وأعظم من كل هذا انفلاق سمعه بكلام اللّه تعالى مباشرة فقال تعالى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً ( النساء ، 164 )
وختم الشيخ الفص بالكلام عن نار موسى التي سمع منها الخطاب والتي انفلقت أنوارها من " رب الفلق " ،
هذه الأنوار التي فصلها في الباب " 271 فتوحات " الخاص بمنزل سورة " الفلق " حيث قال الشيخ رضي الله عنه :
إنه يتعلق بهذ المنزل علم طلوع الأنوار وهي على نوعين أنوار أصلية وأنوار متولدة عن ظلمة الكون . إلى آخره .
وفي آخر هذا الباب يقول إن هذا المنزل من منازل الأمر . أي من السور المفتتحة بالأمر " قل " .
وهو ما يذكر بقوله في هذا الفص : " . . . ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري " .
والاسم " الرب " الحاكم على سورة " الفلق " هو الأكثر تجليا في موسى وفصه :
تربية أمه ورضاعها ، وتربية فرعون ، وتربية شعيب ، وتربية الخضر .
وتكرر في هذا الفص هذا الاسم ومشتقاته نحو " 16 " مرة والفص مشحون بصور إعاذة رب الفلق لموسى من شر ما خلق : شر قتل الأبناء ، وشر الإلقاء في اليم ، وشر القبطي ، وشر فرعون وآله وشر السحرة . . .
والاسم " الرب " مع مشتقاته هو الاسم الأكثر ظهورا مع الاسم " اللّه " في القرآن .
واسم " موسى " هو الأكثر ذكرا من جميع الأنبياء إذ تكرر 136 مرة
وبعده " إبراهيم " تكرر 69 مرة
وكان الاسم " الرب " كثير الجريان على لسان موسى كقوله :قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي( المائدة ، 25 ) ، رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ( الأعراف ، 143 ) ، رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي( الأعراف ، 151 ) ، رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ( الأعراف ، 155 ) ،
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ( طه ، 25 ) ، وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى( طه ، 84 )
رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( القصص ، 21 ) ، رَبِّ إِنِّي لِم أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ( القصص ، 24 ) . . . إلى آخره .
وكلام الشيخ عن موسى والسحرة في هذ الفص مناسب للآية :
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ( الفلق ، 4 ) .
علاقة هذا الفص بلاحقه
في هذا الفص أعاد كلمة " مجنون " وفسره ب " مستور " .
فالجن هم المستورون المذكورون في سورة الفص التالي أي سورة " الناس " التي نزلت مباشرة بعد " الفلق " فهي أختها ولها الاسم " اللطيف " المتوجه على إيجاد " الجن " أي الأرواح البرزخية النارية كما أن لهذا الفص الاسم " القوي " المتوجه على " الملائكة " أي الأرواح النورية .
ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بالكلام عن نار موسى لأنها ألطف الأركان فناسبت اسم " اللطيف " المتوجه على الجن .
فنورها لملائكة فص موسى من " الفلق "وحرارته ودخانها لجن فص خالد من " الناس " وأشار إلى الجنة والناس بقوله : " رب المشرق والمغرب " فجاء بما يظهر ويستر وهو الظاهر والباطن .
فالظهور للناس والستر للجن.
.

UNzn-7pTah0

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!