موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية


23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
المرتبة 23 : لفص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية . من الاسم الرزاق ومرتبة النبات وحرف الثآء ومنزلة سعد بلع .
ظهور الاسم المذل يستلزم بقاء المذللين . وبقاؤهم يستلزم تغذيتهم بالرزق .
أي أن المذل يستلزم ظهور الاسم الرزاق . فلهذا كانت له المرتبة 23 وعن توجهه وجد عالم النبات وله من الحروف الثاء وله من المنازل سعد بلع كما فصله الشيخ في الفصل 33 من الباب 198 .
ومن الاتفاق أن كلمة ( سعد بلع ) مناسبة للرزاق . فالرزق من مظاهر السعادة ، والسعادة رزق . ولفظة : بلع تعني التقم رزقا أو غذاء ، يقال ابتلع أي التقم لقمة . . . ولفظة ) لقم
( مناسبة لاسم قطب هذه المرتبة أي لقمان الحكيم فأصل اسمه ) لقمان ( من ) لقم ( وعلى لسانه ورد ذكر مظهر من أصغر مظاهر الرزق النباتي كما يظهر من قوله لابنه :يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ( لقمان ، 16 ) –
وهي الآية التي ذكرها الشيخ في فص الكلمة اللقمانية الذي فتحه بالرزق والغذاء
فقال : (إذا شاء الإله يريد رزقا * له فالكون أجمعه غذاء)
(وإن شاء الإله يريد رزقا * لنا فهو الغذاء كما يشاء)
وهذ المعنى فسّره الشيخ في الفصل 33 المذكور حيث يقول :
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم وكان فيه بقاؤه ونعيمها وفرحها وسروره .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها . الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليه .
وهذ معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين وبقاء المضافين من كونهما مضافين
إنم هو بوجود الإضافة فالإضافة رزق المتضايفين وبه غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبه الاسم الرزاق وهو من جملة المرزوقين
فهو أول من تغذى بما رزق فأول ما رزق نفسه ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس
ثم نزل في النفس الإلهي بعد الأسماء فوجد الأرواح الملكية فرزقها التسبيح
ثم نزل إلى العقل الأول فغذاه بالعلم الإلهي والعلم المتعلق بالعالم الذي دونه وهكذ لم يزل ينزل من عين ما يطلب ما به بقاؤه وحياته إلى عين حتى عم العالم كله بالرزق فكان رزاقا .
فلم وصل إلى النبات ورأى ما يحتاج إليه من الرزق المعين

فأعطاه ما به غذاؤه فرأى جل غذائه في الماء فأعطاه الماء ، له ولكل حي في العالم ، وجعله رزقا له ثم جعله رزقا لغيره من الحيوان فهو والحيوان رزق ومرزوق (
وإنم قرن الشيخ الرزاق بالنبات خصوصا لأن اللّه تعالى قرن الرزق بالثمرات في العديد من الآيات كقوله تعالى : وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ( البقرة ، 22 ) .
كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَ الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ( البقرة ، 25 ) .
رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ( البقرة ، 126 ) .
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ( إبراهيم ، 37 ) .
أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا( القصص ، 57 ) .
ولعلاقة هذا الفص بالنبات وردت فيه كلمات شجر - طعام - غذاء - ذوق . . .
ومن التناسب بين هذا الفص وفصله 33 من الباب 198 قوله في هذا الفص :
( والعين واحدة من كل شيء وفيه . . . الخ . . . )
وقوله في ذلك الفصل : ( وقد أعلمتك في غير ما موضع من هو عين العالم الظاهر وأنه غير متغير الجوهر . . . )
مثال ذلك : الماء جوهر واحد تتغذى به كل النباتات رغم تنوع صورها وأذواقها وثمراتها .
قال تعالى :يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ( الرعد ، 4 ) .
وأم نسبة الكلمة اللقمانية للحكمة الإحسانية . فلأن لقمان أوتي الحكمة من اللّه تعالى والحكمة من أجل الأرزاق :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ( لقمان ، 12 ) .
والحكمة والإحسان متلازمان لأن الإحسان هو فعل ما ينبغي بإتقان ووضعه في مقامه الأليق وهذه هي الحكمة .
وقد ظهر لقمان في القرآن مربيا لابنه حسا ومعنى وظهرت كلمة الإحسان في القرآن مقترنة بالأبوة كقوله تعالى :وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وتحقق لقمان بالإحسان المذكور في الآية 22 من سورته :وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى.
من ناحية أخرى ؛ فبالحكمة تحفظ المراتب وبالرزق والغذاء تحفظ الحياة والحفظ مقترن عدديا بالعدد 5 الذي يقول عنه الشيخ إنه يحفظ نفسه وغيره ( ف ب 198 ص 446 )
وبالعدد مائة عدد الأسماء الحسنى التي بها حفظ الوجود - أي 99 مع الاسم الوتر الأعظم.
وبسريان الخمسة في المائة ينتج العدد " 500 " الذي هو عدد حرف هذه المرتبة أي حرف الثاء وهو الحرف الذي يرمز عادة لصفة " الثقيل " أي الجسم الذي لا قيام له إلا برزق الغذاء .
ويرمز أيضا للثمرات والثواب .
ولهذ فان بين هذا الباب 23 من الفصوص والباب الخامس الإبراهيمي علاقة متينة لأن لفص إبراهيم المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الكلي . ول بقاء للجسم إلا بالغذاء .
ولهذ كانت الحقيقة الإبراهيمية مع ميكائيل مختصة بالرزق والغذاء من بين حملة العرش الثمانية " انظر الباب 13 من الفتوحات " .
ولهذ ختم الشيخ الفص الإبراهيمي بقوله :
" وبالأرزاق يكون تغذي المرزوقين فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث ل يبقى فيه شيء إلا تخلله " .
فان الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها فهذا التكامل بين الفصين هو تكامل بين مرتبة الجسم الخامسة مع مرتبة الغذاء الثالثة والعشرين ومجموع المرتبتين هو العدد التام الجامع : 5 + 23 = 28.
وكتمهيد للدخول إلى الفص 24 التالي المخصوص بالحيوان الهاروني
ذكر الشيخ في أواخر هذه الكلمة اللقمانية البعوضة والذرة التي هي من أصغر المتغذيات .
23 : سورة فص لقمان عليه السلام
سورة هذا الفص هي التي ذكرها الشيخ في آخره ، أي " الزلزلة " من آيتها :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( الزلزلة ، 7 - 8 )
المناسبة لقول لقمان : يا بُنَيَّ إِنَّه إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ( لقمان ، 16 ) .
قال الشيخ عن حبة الخردل : " وليس إل الذرة المذكورة في آية الزلزلة . فهي أصغر متغذ ، والحبة من الخردل أصغر غذاء . . . "
والخير المذكور في " الزلزلة " مناسب للقمان الذي قال اللّه عنه في سورته :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ( لقمان ، 12 )وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً( البقرة ، 269 )
ومن هذا الخير الكثير مقام الإحسان المنسوب إليه هذا الفص لأن المحسن يحاسب نفسه على الذرة . ولمقام الإحسان صلة إشارية بآخر كلمة في السورة أي " يره " فهو كما ورد في الحديث " أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "
ولهذا نجد الشيخ في الوصل السادس عشر من الباب 369 وهو الوصل المتعلق بسورة " الزلزلة " - يخصص في آخره فقرة طويلة نفيسة حول طلب موسى رؤية ربه وتدكدك الجبل وما يتعلق بهذه المسألة العالية ، وله صلة بآية : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ( الأنعام ، 103 ) .
وقد تكلم عن الاسمين " اللطيف الخبير " في تعقيبه على قول لقمان :
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ وقال إن قول :كانَ لَطِيفاً خَبِيراً أتم في الحكمة وأبلغ .
يشير إلى تميز الحكمة المحمدية عن الحكمة اللقمانية لأن الحكمة المحمدية وردت بقوله تعالى : " كان لطيفا خبيرا " في الآية 34 من سورة " الأحزاب " : وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً .
وأخير فان " الزلزلة " مجاورة لسورة " البينة " التي لها فص إبراهيم الذي سن القرى وله مرتبة الجسم الكل ، وله في الثمانية العرشية مع ميكائيل الأرزاق من الاسم " الرزاق " الحاكم على هذا الفص اللقماني .
وذكرنا هذه العلاقة بين الفصين
عند الكلام عن سورة فص إبراهيم . . . من ناحية أخرى " فان للرؤية التي ذكرناها في هذا الفص علاقة . . . " مباشرة بالمشاهدة في منزل " البينة " من فاتحتها " لم يكن "
كما فصله الشيخ في منزلها في الفتوحات
وفي كتابه " الفناء في المشاهدة " وفي الباب 22 سمى " البينة " : منزل المشاهدة .
علاقة هذا الفص بلاحقه
ختم الشيخ هذا الفص بالكلام عن الشرك تمهيدا للدخول في منزل فص هارون التالي الذي سورته : " الكافرون " وكلها تعبير عن التبري من الشرك . . .
وختم الكلام باسم " الرحمن " من الآية :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ( الإسراء ، 110 ) كمقدمة أمام بداية الفص الموالي وهي :
" اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت . . . " إلى آخره .
وختم فص هارون بالكلام عن اللطيف الخبير المذكورين في هذ الفص ،
وانتهى بقوله : " فلا بد أن يعبده من رآه بهو اه
إن فهمت " إشارة إلى الرؤية التي ذكرناها في هذا الفص .
وإلى هذه المشاهدة يشير الشيخ في الأبيات التي افتتح به الباب 285 المتعلق بمنزل " الزلزلة " وهي :
تناجيني العناصر مفصحات * بما فيها من العلم الغريب
فأعلم عند ذاك شفوف جسمي * على نفسي وعقلي من قريب
فيا قومي علوم الكشف تعلو * بما تعطي على علم القلوب
فان العقل ليس له مجال * بميدان المشاهد والغيوب
فكم للفكر من خطأ وعجز * وكم للعين من نظر مصيب
ولولا العين لم يظهر لعقل * دليل واضح عند اللبيب
يشير بالعين لكلمة " يراه " في السورة .
وانظر كيف ذكر شفوف الجسم ، مما يؤكد علاقة هذا الفص مع فص إبراهيم الذي له مرتبة الجسم الكل .
والجسم هو أثقل الأشياء لغلبة عنصره الأرضي الترابي
وإليه أشار الشيخ في الفقرة من الباب " 559 فتوحات " المتعلقة بسورة " الزلزلة " حيث جعل عنوانها : " الدليل في حركة الثقيل " إشارة للآيات : إِذ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ( 1 ) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَه ( الزلزلة ،1 - 2 ).
ومن لطيف الاتفاق أن الحرف اللفظي وكذلك الحرف الرقمي لهذه المنزلة الثالثة والعشرين التي لها هذا الفص هو حرف " الثاء " مفتاح كلمة " ثقيل " ، وللثقيل الحركة المنكوسة المخصوصة بالأجسام حول الأرض والنبات المتوجه على إيجاده " الرزاق "في هذه المرتبة الثالثة والعشرين من مراتب الوجود.
.

m8Koh6O4exM

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!