موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية


01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

كل الأسماء المنبعثة بالباعث لا ظهور لها إلا بوجود المخلوق المبدع الأول.
فالبديع هو الاسم الأصلي في الظهور من نفس الرحمان.
فله المرتبة الأولى بتوجهه على إيجاد المبدع الأول أي العقل الأول.
وأنسب الكمل لهذه الأولية هو الإنسان الخليفة الأول أبونا سيدنا آدم عليه السلام فله الفص الأول.
وقد سبق القول أن للعمل الأول أسماء مختلفة باعتبار ما له من الوجوه والوظائف فهو الحقيقة المحمدية والقلم الأعلى والروح الكلي وروح الأرواح والحق المخلوق به والعدل والإمام المبين والعرش المجيد والدرة البيضاء والعقاب المالك.
وقد تكلم الشيخ عن علاقة البديع بالعقل في الفصل 11 والفصل 37 من الباب 198 وفيه يقول ما خلاصته.
"فنظر الاسم الإلهي الذي يقتضي أن يكون له الأثر في العالم ابتداء فنجده البديع لأنه لم يتقدم العالم عالم يكون على مثاله فالبديع له الحكم في ابتداء العالم على غير مثال، وليس المبدئ كذلك فالبديع حيث كان حكمه ظاهر نفي المثال، وما انتفى عنه المثال، فهو أول فأعطيناه أول الزمان اليومي وهو الذي ظهر بوجود الشمس في الحمل وأوله الشرطين.
وأعطيناه من الحروف الهمزة فإنها أول حرف ظهر في المخرج الأول فهي أول مبدع من حروف نفس الإنسان، کالعقل أول مبدع في أول درجة من نفس الرحمان. وللهمزة من الوجوه والأحكام مثل ما للعقل في النفس).
ولهذا كانت حكمة هذا الفص إلهية لأن الاسم الله هو أول الأسماء وأول حروفه الهمزة المناسبة للقلم وآخرها الهاء المناسبة للوح النفس فمدار هذا الفص حول الأصول الثلاثة الجامعة: "الله البديع" والعقل الأول وآدم عليه السلام .
وفصل الشيخ العلاقات بين هذه الثلاثة. فلنذكر أمثلة الكلامه حولها يقول (صفته أي أدم- الحضرة الإلهية) وإن شئت مجموع الأسماء الإلهية وإن شئت قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله خلق آدم على صورته) فهذه صفته فإنه لما جمع له في خلقه بين يديه علمنا أنه قد أعطاه صفة الكمال فخلقه کاملا جامعا ولهذا قبل الأسماء كلها. "فتوحات الجزء الثاني باب 73 جواب عن سؤال الترمذي رقم: 40 ص 67"
ويقول: (... ولهذا ثبت العالم فإن الله لا ينظر إلى العالم إلا يبصر هذا العبد. فلا يذهب العالم للمناسبة. فلو نظر إلى العالم ببصره لاحترق العالم بسبحات وجهه فنظر الحق العالم ببصر الكامل المخلوق على الصورة فهو عين الحجاب الذي بين العالم وبين السبحات المحرقة "فتوحات ج الأول باب 178 ص 354").
ويقارن الشيخ بين مرتبتي العقل الأول والإنسان فيقول:
الصورة الإلهية لا تخلو إما أن تكون جامعة فهي صورة الإنسان أو غير جامعة فهي صورة العقل.
فإذا سوى الرب الصورة العقلية بأمره وصور الصورة الإنسانية بيديه توجه عليهما الرحمان بنفسه فنفخ فيهما روحا من أمره.
فأما صورة العقل فحملت في تلك النفخة بجميع علوم الكون إلى يوم القيامة وجعلها أصلا لوجود العالم، وأعطاه الأولية في الوجود الإمكاني.
وأما صورة الإنسان الأول المخلوق باليدين فحملت في تلك النفخة علم الأسماء الإلهية ولم تحملها صورة العقل فخرج على صورة الحق وفيه انتهى حكم النفس إذ لا أكمل من صورة الحق.
ودار العالم وظهر الوجود الإمكاني بين نور وظلمة وطبيعة وروح وغيب وشهادة وستر و کشف... "فتوحات ج الأول باب 198 فصل 11: العقل الأول").
ويقول: (وأقام سبحانه هذه الصورة الإنسانية بالحركة المستقيمة صورة العمد الذي للخيمة فجعله لقبة هذه السماوات، فهو سبحانه يمسكها أن تزول بسببه، فعبرنا عنه بالعمد.
فإذا فنيت هذه الصورة و لم يبق منها على وجه الأرض أحد متنفس انشقت السماء فهي يومئذ واهية لأن العمد زال وهو الإنسان.
ولما انتقلت العمارة إلى الدار الآخرة بانتقال الإنسان إليها وخربت الدنيا بانتقاله عنها علمنا قطعا أن الإنسان هو العين المقصودة الله من العالم وأنه الخليفة حقا وأنه محل ظهور الأسماء الإلهية وهو الجامع لحقائق العالم كله "فتوحات باب 7 ص 125"
ويقول: (فإن الكامل من الرجال بمنزلة الاسم الله من الأسماء فتوحات باب 554 ص 194".
ولعلاقة هذا الباب بالعقل الأول تكررت فيه الألفاظ المشتقة من العقل مثل: معقولة، معقولية عقل نحو 14 مرة خصوصا في الفقرة التي بدأها بقوله: "ثم نرجع إلى الحكمة فنقول.. الح".
وبعدها انتقل إلى الحديث حول التماثل بين الإنسان والعقل الأول في الحدوث والإمكان الذاتي
والافتقار.
ثم تكلم عن الجمع بين الضدين عند الحق والخلق والمتمثل في خلق الإنسان باليدين والمتمثل في العقل الأول بإقباله على الله تعالى استمدادا وإدباره نحو النفس الكلية إمدادا.
ثم ذكر الآية التي فيها ذكر الأب الأول وزوجته وما بث منهما من رجال ونساء، إشارة إلى أن العلاقة الزوجية الإنسانية صورة العلاقة القلم الأعلى باللوح المحفوظ، أو العقاب المالك بالورقاء المطوقة.
فهما أول ناکح ومنکوح وما تولد منهما من صور كونية حاملة ومحمولة الرجال الأرواح والعقول ونساء النفوس والطبائع...
وقول الشيخ: (ما أودع في هذا الإمام الوالد الأكبر) يعني بهما في نفس الوقت الإمام المبين أي العقل الأول وادم الوالد الأكبر ...
ثم ذكر ترتيب أبواب الفصوص داخل الكلمة الآدمية إشارة إلى جمعية آدم لأبنائه من الكمل جمعية بالقوة تظهر تفاصيلها بالفعل في بقية الأبواب، كجمعية العقل الأول لكل المراتب الكونية المحملة في علمه الإجمالي المعبر عنه بالنون ثم يفصلها مسطرة في اللوح لتنتشر عبر مدارج النفس الرحماني...
وما العقل وآدم إلا أول مظاهر الإنسان الكامل على المستوى الكون والمستوى الإنساني...
وختم الفص بذكر أم الكتاب إشارة وتمهيدا للدخول إلى فص شيث الموالي الذي له مرتبة اللوح المحفوظ الذي من أسمائه أم الكتاب.
01 : سورة فص آدم عليه السلام
سورة هذا الفص الأول للإنسان الأول والعقل الأول هي أول سورة أنزلت أي "العلق" التي سمي الشيخ منها في الباب 288. من الفتوحات "منزل التلاوة الأولى" وسماه في الباب 22: منزل التعليم، وفي الفصل التاسع عشر من الباب 369: خزانة التعليم، وفي الباب "559 الجزء الرابع ص 388" "الحكم في اللوح والقلم".
فمناسبتها لآدم هي أنه هو أول متحقق من البشر بأياتها الأولى التي هي أول ما نزل من القرآن وهي: "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم".
فأدم هو أول إنسان تعلقت القدرة الإلهية بخلقه وأول من تعلم من ربه الأسماء كلها. وقد تكررت كلمة "خلق" في الآيتين الأولى والثانية مرتين متتاليتين: خلق العالم ثم خلق آدم أو الخلق التقديري ثم الخلق الإيجادي.
وتكررت كلمة "إنسان" في السورة ثلاث مرات...
- فما ذكره الشيخ في هذا الفص حول آدم والإنسان مرجعه لكلمات "إنسان" من السورة...
-وما ذكره حول المعقولات حتى تكررت مشتقات كلمة "عقل" نحو 14 مرة مرجعه الكلمة في "علم بالقلم " 4 سورة العلق .
والقلم الأعلى هو العقل الأول.
وقد توسع الشيخ في معنى هذه الآية في الوصل 19 من الباب "369" وهو الوصل المتعلق بسورة العلق.
- ومن كلمة "اقرأ" التي هي مفتاح السورة وكلمتها العاشرة استمد الشيخ كلامه الطويل حول الجمعية الآدمية والكليات المعقولة والأدب، لأن القرء هو الجمع، ولأن الأدب هو جماع الخير كله .
ولهذا نجد الشيخ في الباب "298 فتوحات" الذي هو منزل سورة العلق يبدأ بذكر الجمع والأدب فيقول مشيرا الأولية نزول السورة: "أول ما أمر الله به عبده الجمع وهو الأدب وهو مشتق من المادية وهو الاجتماع على الطعام كذلك الأدب عبارة عن جماع الخير كله"
وفي هذا الفص يقول: (لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى أن يرى عينه في كون جامع بحصر الأمر كله) ثم توسع في بيان هذه الجمعية بحيث تكررت مشتقات كلمة "جمع" أكثر من 12 مرة زيادة على كلمات "كل - کلیات" فهو يقول مثلا: (... فهو الكلمة الفاصلة الجامعة.) وليس للملائكة جمعية آدم... لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته ... فما فاز إلا بالمجموع “.
ويذكر الأدب فيقول: ...(فهذا التعريف الإلهي مما أدب به الحق عباده الأدباء مفاتیح فصوص الحکم الأمناء الخلفاء) وقال: (... وتعلم الأدب مع الله تعالى ...) وفي آخر الفص ( ...واجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين).
وحيث أن جمعية آدم مقرونة باسم الرب في " اقرأ باسم ربك " 1 سورة العلق.
جعل الشيخ حكمة هذا الفص منسوبة للاسم الجامع لأسماء الرب وهو "الله".
وعن العلاقة بين آدم والله يتكلم في متل العلق "أي الباب 288 في" فيقول: (ولقيت الشيخ أبا أحمد بن سیديون بمرسية وسأله إنسان عن اسم الله الأعظم فرماه بحصاة يشير إليه أنك اسم الله الأعظم .
وذلك أن الأسماء وضعت للدلالة فقد يمكن فيها الاشتراك وأنت أدل دليل على الله وأكبره فلك أن تسبحه بك. إلى آخر ما فصله.
وقد افتتح هذا المنزل بأبيات فيها إشارة إلى كلمات السورة و لمسائل هذا الفص، وهي: |
كن للاله كبسم الله للبشر ..... من اسمه الرب رب الروح والصور
فالخلق والأمر والتكوين أجمعه ..... له فلا فرق بين العقل والحجر
كالزاهد المتعالي في غناه به ..... فلا يميز بين العين والمدر
والعارف المتعالي في نزاهته ..... له التميز بين العين والبصر
إذ الرجوع إلى التحقيق شيمة من ..... يرى المنازل في الأعلام والسور
قوله: (غناه به يشير للآيتين 6 و7 " إن الإنسان ليطغى ، أن رءاه استغنى" و منهما قال في هذا الفص: (فكل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها وأن فيها، فيما تزعم، الأهلية لكل منصب عال ومنزلة رفيعة عند الله، لما عندها من الجمعية الإلهية) .
ومنه أيضا قوله في أواخر الفص: (فالکل مفتقر ما الكل مستغن).
والبيت الأخير السابق مناسب لقوله في هذا الفص: (وإنما كان آخرا لرجوع الأمر كله إليه) وهذا المعنى مرجعه للآية -8 "إن إلى ربك الرجعى " كما أن كلامه في آخر الفص عن التقوى مرجعه للآية -12 " أو أمر بالتقوى".
وفي البيتين الأخيرين ذكر العين والبصر وفعل: بری لتكرار فعل الرؤية في السورة: (كما في الآيات) " 7 - 9 - 11 - 13 .
و" يرى" في الآية -12 " ألم تعلم بأن الله يرى " التي خصص الشيخ لها الباب "507" من الفتوحات وقد بدأ هذا الفص بهذه الرؤية الإلهية فقال:
لما شاء الحق سبحانه... أن يرى أعيانها وإن شئت قلت أن يرى عينه... فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤية نفسه في أمر آخر...)
وقال: (... ولهذا سمي إنسانا فإنه به ينظر الحق إلى خلقه فيرحمهم...)
وقال: (وذكر أنه أرانا آياته... فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا وإذا شهدنا شهد نفسه...) وإلى هذه الرؤية بشير في قصيدة من ديوانه: (من روح سورة العلق)
يرى الحق أعمالي بما هو ذو بصر ..... وما عندنا من ذاك علم ولا خبر
ولما أتى الشرع الذي خص بالهدى ..... به نحو ما قلنا به مثل ما أمر
ولا تك ممن قال فيه بأنه ..... مزيد وضوح العلم في عالم البشر
فذلك قول لا خفاء بنقضه ..... وإن كان مدلولا عليه بما ذكر
علاقة هذا الفص بفصي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و شيث عليه السلام
ملاحظة هامة:
نظرا لتسلسل مراتب الوجود في رباط محكم، فكذلك أبواب الفصوص.
ولهذا فهناك ارتباط و تناسب بين كل فص وسابقه ولاحقه.
ومن عادة الشيخ في أواخر كل باب أن يمهد ويقدم ويشير إلى الدخول في الباب الذي يليه.
فإذا كان هذا الباب الأول للعقل الأول فالباب الثاني الموالي للنفس الكلية أي اللوح المحفوظ المشار إليه في الآية التي ذكرها" وخلق منها زوجها " 1 سورة النساء.
أي خلق النفس من العقل كحواء من آدم... وختم الباب بذكره لأم الكتاب أي اللوح المحفوظ في المقام الشيثي.
فإذا علمنا أن البنية الكلية للفصوص هي دائرية كفلك المنازل حسب التناسب بين كل فص مع متلته الفلكية كما سبق بيانه، فالباب السابق لهذا الفص الآدمي الأول هو الفص المحمدي الأخير الحاكم عليه الاسم الجامع المتوجه على إيجاد الإنسان وحرف الجمعية الميم وسنرى أن سورته فاتحة الكتاب التي أشار إليها بذكر "أم الكتاب" في آخر هذا الفص الآدمي.
فالاسم "الجامع" و "الإنسان" مناسبان تماما للجمعية الآدمية...
ولتأكيد العلاقة بين الفصين نجد الشيخ في فص محمد صلى الله عليه وسلم يتكلم عن آدم وحواء وشفيعة الرجل لوترية الحق وشفعية المرأة للرجل.
وهذا التناسب بين الفصين مرجعه للعلاقة بين الاسمين الحاكمين عليهما أي "الله البديع" و"الفرد الجامع" وللتناسب بين سورتيهم "العلق" و"الفاتحة".
فالفاتحة هي أول سور القرآن ترتيبا، والعلق أولها نزولا.
ومرجع الفاتحة لبسملتها التي نجد موقعها في بداية العلق " اقرأ باسم ربك " 1 سورة العلق . و حروف البسملة 19 لها نسبة معروفة مع
الزبانية التسعة عشر المذكورين في العلق "تنظر أهمية العدد 19 عند الشيخ في كتابه مثل المنازل الفهوانية وفي أواخر الباب 22 من الفتوحات ومدار الفص المحمدي حول الفاتحة روح الصلاة الجامعة بين العبد وربه المناسبة للأيتين 10 و19 من العلق "عبدا إذا صلى.. واسجد واقترب".
.

iEDaBBYyfT0

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!