موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

فص حكمة أحدية في كلمة هودية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة أحدية في كلمة هودية


10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الرب هو السيد المالك المصلح الثابت. والتربية والإصلاح يستلزمان التدرج في منازل السلوك مع الثبات على السير بلا ملل، وتقدير كل شيء في موضعه الأصلح. فالاسم الرب يستلزم ظهور الاسم: المقدر فله المرتبة العاشرة التي لها فلك منازل الكواكب التي تبدو ثابتة رغم سرها.
ومدار هذا الفص حول طرق الصراط المستقيم لأن أنسب المراتب للطرق المختلفة في عين أحذيتها هو الفلك المكوكب لأن لكل کو کب طريقا مخصوصا في فلك معين و كلها واحد في غاية التناسق وكمال الإحكام.
قال تعالى في سورة يس مبينا علاقة اسمه المقدر بالكواكب :" والقمر قدرناه منازل " .
وقال:"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " وقال: "وكل في فلك يسبحون " وفي سورة الواقعة (75 و76): " فلا أقسم بمواقع النجوم ده وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ". وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو هود عليه السلام .
قال تعالى : " وبالنجم هم يهتدون " (النحل، 16).
فالهداية مناسبة لاسمه هود لأن فعل هود معناه اهتدى بمشيه على الصراط المستقيم. وفي الباب 14 من الفتوحات سماه الشيخ: الهادي كما نجده يقرن بين الهدى والطريق المستقيم في حضرة الهادي من الباب 558 فيقول:
فهدي الحق هدي ….. وذاك هو الطريق المستقيم
عليه الرب والأكوان طرا ….. فما في الكون إلا مستقیم
فحكمة هود أحدية لشهوده أحدية كثرة الأفعال الإلهية وصرح بذلك قائلا: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" (هود، 56).
ومن هذه الدواب الكواكب قال تعالى: " والنجوم مسخرات بأمره" (الأعراف، 54). قد أشار الشيخ إلى علاقة هذا الفص بسير الحکم الكواكب في المنازل بكثرة كلامه على المشي .
حتى قال: "وهذه الحكمة من علم الأرجل" كما أشار إلى المراتب الثماني والعشرين المقسم عليها فلك المنازل بقوله: (فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ):... وعلم الأرجل هو من علوم العرب كما أن من علومهم مواقع النجوم وما يهتدون في رحلاتهم.
و هود هو أول الرسل العرب المذكورين في القرآن.
ولهذا نجد الشيخ في الباب 278 من الفتوحات المخصوص بمنزل قريش يشير إلى الأنبياء العرب وأنبياء السماوات السبعة وعلومهم فيقول: (واعلم أن هذا المنزل إذا دخلته تجتمع فيه مع جماعة من الرسل صلوات الله عليهم فيحصل لك منهم علم الأدلة والعلامات فلا يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء إذا تحل لك إلا مميزه وتعرفه حين يجهله غيرك. ويحصل لك منهم القدم. ويعلم علم الحروف والنجوم من حيث خصائصها وطبائعها وآثارها) .
والملاحظ أن هذا الفص تفصيل لفاتحة كتاب الفصوص التي هي: (الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الأمم).
حيث أن الشيخ بين في هذا الفص أن كثرة الطرق منطوية في أحدية الطريق المستقيم للرب الأخذ بناصية كل دابة.
وهذه العلاقة بين المقدمة وهذا الفص هي علاقة الاسم (رفيع الدرجات) المتوجه على إيجاد المرتبة الجامعة المعينة لكل المراتب وهي مرتبة خاتم الأولياء الثامنة والعشرون بالاسم (القدر) الحاكم على هود.
وهذه العلاقة المتميزة بين هود والخاتم ذكر الشيخ في هذا الفص اجتماعه بجميع الأنبياء .
وقال: (ماكلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام ) النسبة العربية المشتركة بينهما ولمشربهما المشترك في الأحذية والهداية والكرم العربي.
وإنما كلمه هود باسم جميع الأنبياء لتهنئته بنيله مقام خاتم الولاية المحمدية الخاصة كما ذكره شراح الفصوص الأوائل...
وإلى هذه العلاقة أشار الشيخ بقوله آخر الفص: (قد بانت المطالب بتعيينك المراتب) ... وقد ذكرنا هذا في الكلام حول المرتبة 28.
وقوله: (فكن في نفسك ميولي لصور الاعتقادات كلها) أي العقائد الصحيحة التي بينها الحق تعالى على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام .
فكأنه يعي: كن متحققا هذه المرتبة العاشرة التي لفلك المنازل المكوكب الذي هو هيولي كل المنازل و كل الصور الكوكبية والمراتب الحرفية.
يقول الشيخ عنه ما خلاصته: (فالمنازل مقادير التقاسيم التي في فلك البروج عينها الحق تعالى لنا إذ لم يميزه البصر إلا هذه المنازل وجعلها 28 منزلة من أجل حروف النفس الرحماني وإنما قلنا ذلك لأن الناس يتخيلون أن الحروف الثمانية والعشرين من المنازل حكم هذا العدد لها وعندنا بالعكس عن هذه الحروف كان حكم عدد المنازل.
وجعلت 28 مقسمة على 12 برجا ليكون لكل برج في العدد الصحيح قدم وفي العدد المكسور قدم ليعم حكم ذلك البرج في العالم بحكم الزيادة والنقص والكمال وعدم الكمال لأن الاعتدال لا سبيل إليه لأن العالم مبناه على التكوين والتكوين بالاعتدال لا يصح فكان لكل برج مترئتان وثلث صحيحتان أو مكسورتان...
ولما خلق الله هذا الفلك كون في سطحه الجنة فسطحه مسك وهو أرض الجنة وقسم الجنات على ثلاثة أقسام للثلاثة وجوه التي لكل برج:
جنات الاختصاص والميراث والأعمال.
ثم جعل في كل قسم أربعة أغار مضروبة في ثلاثة يكون منها 12 نهرا ومنها ظهر في حجر موسى 12 نهرا لاني عشر سبطا.
نهر الماء وهو علم الحياة
ونهر الخمر وهو علم الأحوال
ونهر العسل وهو علم الوحي
ونهر اللبن وهو علم الأسرار واللب الذي تنتجه الرياضات والتقوى.
والإنسان مثلث النشأة: روح وحس وبرزخ بينهما. لكل نشأة من الأعمار نصيب.
فله اثنا عشر نهرا في كل جنة أربعة.
ونفس الرحمن فيها دائم لا ينقطع تسوقه ريح تسمى المثيرة.
وفي الجنة شجرة ما يبقى بيت فيها إلا دخلته تسمى المؤنسة يجتمع إلى أصلها أهل الجنة في ظلها فيتحدثون بما ينبغي لجلال الله بحسب مقاماتهم فيزدادون علما فتزداد درجاتهم في جناتهم فلا يمر عليهم نفس إلا ولهم فيه نعيم مقيم جديد.
ووجدت هذه الجنان بطابع الأسد وهو برج ثابت فله الدوام وله القهر فلهذا يقول أهله للشيء كن فيكون.
وأما مقعر هذا الفلك فجعله الله محلا للكواكب الثابتة القاطعة في فلك البروج ولها من الصور فيه 1021 صورة وصور كواكب السماوات السبعة فبلغ الجميع 1028 صورة في 1028 فلك...
ويبقى في الآخرة في جهنم حكم أيام هذه الكواكب لأن هذا الفلك سقف جهنم والجواري السبعة مع انکدارها وطمسها وانتشارها فتحدث في جهنم حوادث غير حوادث إنارتها وسير أفلاكها بها فتبقى السباحة للكواكب بذاتها مطموسة الأنوار. ويبقى في الجنة في الآخرة حكم البروج وحكم مقادير العقل عنها لأن تلك البروج العرشي سقف الجنة.
وأما كثيب المسك الأبيض الذي في جنة عدن الذي تجتمع فيه الناس للرؤية يوم الزور الأعظم وهو يوم الجمعة فأيامه من أيام أسماء الله ولا علم لي ولا لأحد ما استأثر الله ما في علم غيبه.
وعدن بين الجنات کالكعبة بيت الله بين بيوت الناس وتزور الحق على قدر صلاتك وتراه على قدر حضورك فهنا مناجاة وهناك مشاهدة وهنا حركات وهناك سكون".
فانظر كيف ختم الشيخ فصل فلك المنازل من الباب 198 بذكره للكعبة والصلاة مثلما ختم فص هود بذكره للمسجد الحرام واستقباله.
ليمهد للدخول لفص صالح الموالي الذي له مرتبة السماء السابعة حيث البيت المعمور الذي هو كعبة تلك السماء وهو على سمت كعبة الأرض.
وحيث إبراهيم الخليل باني الكعبة الذي ألقي في النار فكانت عليه بردا وسلاما، فختم الشيخ بالبرد والنعيم الجهنمي بعد إقامة الحدود على الجهنميين"خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد " (هود، 107).
وحرف هذه المرتبة هو حرف التفشي أي الشين وهو أنسب الحروف لفلك المنازل لتفشيه المناسب لتفشي نفس الرحمن .کراتبه الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل هذا الفلك.
يقول الشيخ في الباب 198:
(ثم انفش ذلك النفس الإلهي على أعيان العالم الثابتة ولا وجود لها فكان مثل ذلك في الكلام الإنساني حروف التفشي).
وأخيرا فإن وصف حكمة هذا الفص بصفة - أحذيه - مناسب أيضا من حيث العدد إلى المنازل الثمانية والعشرين حيث أن عدد كلمة " أحدية = 1+8+9+10+5" هو 28.
وسنرى أن السورة المناسبة لهذا الفص، وهي سورة الفيل.
لها علاقة عددية متميزة مع ذلك العدد 28، ومع تفشي نفس الرحمان من عدد (بسم الله الرحمن الرحيم).
10: سورة فص هود عليه السلام
هي سورة الفيل .
بدأ الشيخ الفص بذكره للدابة كالفيل الذي أخذ ربه بناصيته فامتنع عن التوجه للكعبة وكالطير الأبابيل التي رمت أصحاب الفيل بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول للدواب .
والاسم "الرب" الأخذ بالناصية هو الاسم الوحيد الظاهر في سورة الفيل.
وفي الفص عدة إشارات إلى كلمات السورة كقوله: "ألا ترى عادا قوم هود كيف" إشارة إلى "ألم تر كيف..."
وكلامه عن العلوم الذوقية من فاتحتها: " ألم تر كيف فعل ربك " [الفيل: 1] .
ولهذا يقول في الوصل العاشر من الباب 369 وهو المتعلق بسورة الفيل:
"وهذا وصل الأذواق وهو العلم بالكيفيات فلا تقال إلا بين أربابها..."
وكلامه حول الضلال والحيرة كقوله:
"ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا... وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك..."
يشير إلى آية: " ألم تجعل يده في تضليل " [الفيل، 2].
وكلامه حول النسب الإلهي مرجعه إلى نسبة المربوب لربه من كلمة "ربك" في الآية الأولى وهو ما يقرره في فقرة من الباب "559" وهي متعلقة بسورة الفيل التي لمنزها الباب "297 فتوحات " وعنوانها : "الاعتبار لأولي الأبصار"
فقال: "ما بينه وبين ربه سوى النسب العام الموجود لأهل الخصوص من الأنام وهو التقوى ".
وهو قوله في هذا الفص: "صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه... أين المتقون ؟"
وكلامه على هلاك المجرمين وقوم هود والآلام مناسب لآخر السورة: "ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول " [ الفيل: 4-5].
علاقة هذا الفصل بسابقه ولاحقه
- الرابطة بين فصي هود ويوسف السابق هي مسألة النسب الإلهي.
ففي نص يوسف يقول الشيخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت"
يشير إلى أن سبب نزولها قول المشركين للرسول : "انسب لنا ربك".
"" حديث المستدرك للحاكم : عن أبي بن كعب رضي الله عنه، " أن المشركين، قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، "ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] .
قال: لم يكن له شبيه، ولا عدل وليس كمثله شيء " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي] ورواه البيهقي ومسند أحمد و الترمذي و ابي عاصم و امالي بشران وغيرهم ""
وفي وسط نص يوسف أشار إلى سورة الفيل حين استشهد بالآية :" ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " [الفرقان، 45].
وهي مقاربة لذوق "ألم تر كيف فعل ربك" (الفيل، 1) من حيث ذوق الكيفية.
وإلى هذه الكيفية يشير في الأبيات التي افتتح بها منزل سورة الفيل الباب "279 فتوحات ".
وكلام الشيخ عن الحيرة في هذا الفص مطابق لكلامه في ذلك الباب من متل سورة
الفيل.
وأما علاقة هذا الفص بفص صالح التالي:
فكما أن هودا وصالحا أخوان في النسبة العربية، فسورتا نصيهما المتجاورتان كذلك أي قريش والفيل.
وفي كليهما تظهر عناية الرب تعالى وحفظه لبيته الحرام وسكان بلده الأمين.
ولهذا ختم الشيخ فص هود بالكلام عن المسجد الحرام تمهيدا للدخول لسورة قريش المناسبة لفص صالح والتي ورد فيها ذكر هذا المسجد: " فليعبدوا رب هذا البيت " [قریش، 3] .
وبدأ فص صالح بذكر الركائب أي الإبل التي تركبها العرب وهي من الدواب التي ذكرها في فاتحة فص هود الآية (56) "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ".
لطيفة عددية عجيبة:
سبق القول بأن عدد كلمة "أحدية" التي هي صفة حكمة هذا الفص هو: 28.
ومن لطيف الاتفاق أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب المغربي الصغير هو : 406 الذي هو مجموع الأعداد الثمانية والعشرين الأولى المناسبة لهذا الفص لأن له مرتبة فلك المنازل الثماني والعشرين، وهي المرتبة العاشرة نزولا من القلم الأعلى "0+ 2 = 10" "تلك عشرة كاملة".
كما أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب النفسي (حيث نعطى لكل حرف قيمة مرتبته في مخارج الحروف. مثلا: . 1/ ن = 14/ ر= 28) هو: 1572
ينظر تفصيل الحساب ودلالات العددين 406 و 1572 في القسم الأخير من الكتاب.
.

f1IdWabpANM

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!