موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المفاتيح الوجودية والقرآنية
لفصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الباقي مفتاح

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب

  السابق

المحتويات

التالي  

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب


لكن ترتيب الأنبياء في الفصوص غير موافق لتسلسلهم التاريخي، ولا لترتيب أسمائهم في القرآن. وشراح الفصوص الكثيرون لم يينوا سر ذلك الترتيب.
فأجبته عن سؤاله في كتاب عنوانه "مفاتیح فصوص الحكم" طبع سنة 1417 هـ (1997 م) بدار القبة الزرقاء للنشر بمراكش.
كتبت بحثا فيه بيان السورة التي يستمد منها كل فص، ودبجته في "كتاب مفاتيح فصوص الحكم" السابق ذكره، الذي أجريت فيه تعديلات وإضافات فأصبحت مواضيع أقسامه كما يلي:
* القسم الأول: يحتوي على مقدمة ومفاتيح ترتيب أبواب الفصوص، وبيان المفاتيح القرآنية لأشهر كتب الشيخ الأكبر، وتفصيل للسور المناسبة لأبواب الفصوص.
القسم الثاني: يتألف من 28 فصلا، لبيان الإسم الإلهي الذي يستمد منه كل فص و مرتبته الوجودية وحرفه اللفظي ومنزلته الفلكية، والإشارات الخفية المبثوثة في كل فص الدالة على ذلك.|
* القسم الثالث: يتألف من 27 فصلا، لبيان السورة المناسبة لكل فص، و تلويحات الشيخ لأياتها، وكيفية ارتباط الأبواب وتسلسلها البديع.
* القسم الرابع: فيه بيان لعلاقات عددية لطيفة عجيبة تتعلق بمفاتيح الفصوص، أي أسماء الأنبياء والصور والأسماء الحسن وأوصاف الحكم والبسملة والفاتحة.
وأهم هذه الأعداد هي: 1572 / 400 / 365 / 360 / 36 / 28.
3 رجب 1418 هـ / نوفمبر 1997 م
المقدمة عن خطبة الكتاب
تتمة الدين إسلام وإيمان وإحسان، والتصوف الإسلامي الأصيل هو التعبير العملي عن مقام الإحسان .
والشيخ الأكبر أبو بكر محمد بن علي محيي الدين بن العربي (560 -638 هـ.) هو الترجمان الأعظم، كيفا وكما، لحقائق التصوف الإسلامي.
فقد كتب أكثر من أربعمائة تأليف في مختلف جوانب المعارف الصوفية، أشهرها الموسوعة الكبرى "الفتوحات المكية" وكتاب "فصوص الحكم" الذي لخص فيه بعض أبرز محاور الحقائق الصوفية.
وبين الشيخ مصدر علومه فقال:
فجميع ما نتكلم فيه في مجالسي وتصانيفي إنما هو من حضرة القرآن وخزائنه، أعطيت مفتاح الفهم فيه والإمداد منه، وهذا كله حين لا تخرج عنه، فانه أرفع ما يمنح، ولا يعرف قدره إلا من ذاقه وشهد معرفته حالا من نفسه و كلمه به الحق في سره
فإن الحق إذا كان هو المكلم عبده في سره بارتفاع الوسائط فإن الفهم يستصحب كلامه منك، فيكون عين الكلام منه عين الفهم منك لا يتأخر عنه.
فان تأخر عنه فليس هو كلام الله. ومن لم يجد هذا فليس عنده علم بكلام الله عباده). (الفتوحات ج 3 باب 366 ص 334-335).
فكل تأليف الشيخ تستمد حقائقها من آيات القرآن وأسماء الله الحسنى وتجلياتها في الأناق والأنفس.
والكثير من تأليف الشيخ لا يمكن فهم خفاياها وإشاراتها وإدراك أعماقها وتراكيبها إلا بإرجاعها إلى مصدرها القرآن.
وفي بعضها يوضح الشيخ ذلك المصدر، وفي البعض الآخر لا يصرح به ويترك مفتاح فهمها القرآني مكتوما خفيا حتى لا يكتشفه إلا من هو أهل له.
وفي هذا الإطار القرآني كتب هذا البحث.
فليس الغرض من هذا الكتاب شرح الفصوص بعد أن قام به عشرات الرجال -وقد ذكر عثمان يحيي في كتابه حول تأليف الشيخ مائة وعشرين شرحا للفصوص، ولا شك أن هناك شروحا كثيرة أخرى لم يذكرها.
وإنما الغرض من هذا البحث هو كشف مفتاحين أساسين للنصوص هما ضروريان للفهم العميق للكتاب، وبدونهما تبقى البنية الكلية للفصوص مجهولة.
وتبقى كثير من الإشارات والتلميحات المبثوثة في الفص خفية.
وفي حدود علمي، لم يبين أحد من جميع الشراح هذين المفتاحين اللذين هما:
أولا: سر ترتيب أبواب الفصوص.
ثانيا: السورة القرآنية التي يستمد منها كل فص.
هذا هو الغرض الأساسي من هذا البحث حول الكتاب الذي يكفي في بيان مكانته قول الشيخ في مقدمته:
(رأيت رسول الله في مبشرة أريتها في العشر الأواخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده كتاب.
فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه وأخرج به إلى الناس ينتفعون به.
فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا.
فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة أو نقصان (...)
فما ألقي إلا ما يلقى إلي، ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما يزل به علي، ولست بنبي رسول ولكن وارث ولآخرتي حارث...)
وبسبب هذا السند المحمدي لكتاب الفصوص كان الشيخ الأكبر يمنع من جعله تحت نفس غلاف أي كتاب من كتبه الأخرى.
حسبما ذكره الجندي في شرحه للفصوص (صفحة: .5
: يقول عفيفي: (ولا مبالغة في القول بأن كتاب الفصوص أعظم مؤلفات ابن عربي كلها قدرة وأعمقها غورا وأبعدها أثرا في تشكيل العقيدة الصوفية في عصره وفي الأجيال التي تلته).
ويبدو أن في هذا القول مبالغة، فهو يصح على الفتوحات المكية أكثر من صحته على الفصوص، لأن جل ما في الفصوص مبثوث ومفرق في أبواب الفتوحات.
وفي الفتوحات كثير جدا من العلوم والحقائق التي لا توجد في الفصوص.
ولعل أصدق قول فيه هو قول تلميذ الشيخ الأكبر صدر الدين القونوي في مقدمة كتابه "الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص" وهو : (كتاب فصوص الحكم من أنفس مختصرات تصانيف شيخنا الإمام الأكمل قدوة الكمل هادي الأمة إمام الأئمة محيي الحق والدين أبي عبد الله محمد بن علي بن العربي الطائي الحاتمي رضي الله عنه وأرضاه به منه، وهو من خواتيم منشآته وأواخر تنزلاته، ورد من منبع المقام المحمدي والمشرب الذاتي والجمع الأحدي، فجاء مشتملا على زبدة ذوق نبينا صلوات الله عليه في العلم بالله.
ومشيرا إلي محند أذواق أكابر الأولياء والأنبياء المذكورين فيه، ومرشدا كل مستبصر نبيه لخلاصة أذواقهم ونتائج متعلقات هممهم واشواقهم وجوامع محصولاتهم وخواتم كمالاتهم.
فهو كالطابع على ما تضمنه مقام كمال كل منهم، والمنبه على أصل كل ما انطووا عليه وظهر عنهم).
و القونوي في كتابه هذا حول الفصوص لم يبين سر ترتيب أبوابه. وإنما أشار إلى إشكاليته.
فرأى أن فص آدم عليه السلام مناسب لحضرة الأحدية.
ثم فص شيث عليه السلام مناسب لحضرة الواحدية.
ثم فص نوح عليه السلام مناسب لعالم الأرواح.
ثم فص إدريس عليه السلام مناسب لصفات التتريه.
ثم فص إبراهيم عليه السلام مناسب للصفات الثبوتية.
وأخير فص إسحاق عليه السلام مناسب لحضرة الخيال.
فقال في بداية فصل: "فك ختم الفص الاسحاقي":
اعلم أن شيخنا لم يلتزم في هذا الكتاب مراعاة الترتيب الوجودي في شأن الأنبياء المذكورين وإن وقع كثير من ذلك مطابقا للترتيب المشار إليه.
بل إنما التزم التنبيه على المناسبة الثابتة بين النبي وبين الصفة التي ترفا به والإشارة إلى محتد ذوق ذلك النبي ومستنده من الحق.
ومع ذلك فقد من الله .معرفة ثبوت المناسبة الترتيبية الوجودية من أول الكتاب إلى ههنا....
مفاتيح ترتيب أبواب فصوص الحكم وسورها القرآنية
الحكم، جمع حكمة، والحكمة - كما يقول الشيخ في آخر الفص العيسوي- هي: "وضع الأشياء مواضعها فلا يعدل بها عما تقتضيه ونطلبه حقائقها وصفاها". فكل مرتبة في الوجود موضوعة بالحكمة الإلهية في مقامها المناسب، وقد خصص الشيخ الباب 198 من الفتوحات المكية (ج 2 ص 421 - 470) لبيان مراتب الوجود الظاهرة بنفس الرحمان - بفتح الفاء - وهي ثمان وعشرون مرتبة على عدد الحروف.
لأن الإنسان مخلوق على صورة الرحمان، فالنفس الإنساني الذي به ظهرت الحروف عند مروره عبر مخارجها، على صورة النفس الرحماني.
فخصص الشيخ في الباب 198 لكل مرتبة فصلا - من الفصل 11 إلى الفصل 38 - ومفتاح سر ترتيب أبواب الفصوص يوجد في تلك الفصول، لكل فص فصل، وبنفس الترتيب، ومجموع الفصوص مناسب للفصل الثامن والثلاثين الأخير لأنه ليس لهذه المرتبة وجود عيني مستقل و إنما هي عبارة عن تعيين المراتب لا عن إيجادها.
فأبواب الفصوص صورة لمراتب نفس الرحمن خلال تزله من الغيب إلى الشهادة. ولقد أكد الشيخ على مفهوم نفس الرحمن في عدة أبواب من الفصوص كالباب العاشر الهودي، والباب الثاني عشر الشعيبي، والباب الخامس عشر العيسوي، والباب الثاني والعشرين الإلياسي، والباب السابع والعشرين المحمدي.
ولعلاقة الفصوص بالنفس اختار الشيخ لفظة (كلمة) في عنوان كل فص.
ومما يؤكد العلاقة بين الفصوص والباب 198 هو أنهما كتبا في نفس الفترة.
فالشيخ يقول في الفصل 27 من الباب 198 أنه كتبه في آخر ربيع الآخر سنة 627 هـ.
وفي مقدمة الفصوص يقول إنه شرع في كتابتها في أواخر محرم من نفس تلك السنة.
فكان أبواب الفصوص كتبت بالتوازي مع فصول مراتب الكون في نفس الرحمن، من الباب 198 من الفتوحات.
وما يزيد هذه العلاقة بين نفس الرحمن والفصوص تأكيدا ما ذكره الجندي عن كيفية أخذه لكتاب الفصوص.
حيث يقول: إنه عند سماعه لشيخه محمد صدر الدين القونوي وهو يشرح خطبة الفصوص أخذهما حال نفح فيه النفس الرحماني بنفحاته ففهم به مضمون الكتاب كله.
وهو نفس ما وقع للقونوي مع شيخه الشيخ الأكبر خلال شرحه للخطبة، وموقع هذا النفس في نص الخطبة يظهر خصوصا في قوله: هذه الرحمة التي وسعتكم فوسعو
فوسع الرحمة هو عين انفساح نفس الرحمن بإظهار مراتب الوجود.
يقول الجندي عن شيخه صدر الدين القونوي:
(... شرح لي خطبة الكتاب وقد أظهر وارد الغيب عليه آياته، ونفع النفس الرحماني بنفحاته، واستغرق ظاهري وباطني روح نسماته، وفرح نفائس أسمائه وبعثاته. وتصرف باطنه الكريم تصرفا عجيبا حاليا في باطني، وأثر تأثيرا كماليا في راحلي وقاطني، فافهمني الله من ذلك مضمون الكتاب كله في شرح الخطبة، وألهمني مصون مضمون أسراره عند هذه القرية.
فلما تحقق الشيخ له من ذلك وأن الأمر الإلهي وقع بموقعه من هنالك، ذكر لي أنه استشرح شيخنا المصنف كل هذا الكتاب فشرح له في خطبته لباب ما في الباب الأولي الألباب وأنه رضي الله عنه تصرف فيه تصرفا غريبا علم بذلك مضمون الكتاب.
فسررت هذه الإشارة وعلمت أن لي أوفر حظ من تلك البشارة ثم أمرني بشرحه وأمرني برعاية الطالب في ذلك ونصحه) انتهى.
معنى فص الحكمة
يقول الشيخ في آخر الفص الآدمي: "فص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها".
فإذا كانت الحكمة المعينة هي مرتبة من مراتب الوجود. ففص الحكمة هو قلبها أي مركز تلك المرتبة الوجودية وقطبها. وروح هذا المركز هو مظهر من مظاهر الإنسان الكامل يعبر عنه باسم من أسماء الأنبياء.
فنسب الشيخ كل كلمة إلى أحد الأنبياء. فحلقات سلسله مراتب الوجود هي عين النفس الرحماني النازل بالأمر الإلهي من غيب الغيب إلى أقصى منازل الشهادة. وروح هذا التنزل هو عين حقيقة الإنسان الكامل التي أسرت وسرت مظاهرها من أقصى المسجد الحرام الغيبي إلى أقصى درجات المسجد الأقدس في قلب العبد البشري الطيني...
وصوره هذا التنزل لها مثال في تاريخ الإنسان فوق الأرض وهي سلسلة حلقات الأنبياء والكمل عبر الزمان.
أي أن لكل مركز مرتبة وجودية مسقطا في تاريخ الإنسان هو عين ني أو قطب الفترة الزمانية المناسبة لها، وهو كلمة الله العليا في تلك الفترة.
ولهذا قال الشيخ عنه في الكلمة الآدمية: "فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم".. وكما ختمت مراتب الوجود بالإنسان الجامع ختمت فصوص المراتب -أي الكمل- من أوتي جوامع الكلم الإنسان الفرد الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم إن كل كلمة من تلك الكلمات العليا لها معنى هو عبارة عن اسم إلهي، فنسب الشيخ حكمة كل كلمة إلى أحد الأسماء الحسنى له مناسبة خاصة مع نبي الكلمة ومع المرتبة الوجودية التي مدارها حول ذلك النبي الكامل.
ومن هنا نفهم لماذا لم يجعل الشيخ للنبيين اليسع وذي الكفل بابا رغم ذكرهما في القرآن مع الأنبياء مرتين.
بينما جعل بابا لمن لم يرد ذكرهما في القرآن وهما النبيان شيث بن آدم وخالد بن سنان.
كما خصص باب للحكيم لقمان -هو ليس بنبي-، لكنه من أقطاب رجال نفس الرحمان حسبما ذكره الشيخ في الباب 15 من الفتوحات.
وسبب هذا - كما سنراه في التفصيل اللاحق- هو أن أنسب الأنبياء إلى المرتبة الثانية من مراتب نفس الرحمان، وهي مرتبة اللوح المحفوظ، هو شيث عليه السلام، لأن المرتبة الأولى للقلم الأعلى أي العقل الأول المناسب للمثل الأعلى الإنسان الأول: آدم عليه السلام، لاستمدادها معا من الاسم: البديع.
وكما انبعث اللوح من القلم، انبعث شيث من آدم، وكان المتوجه على إيجاد اللوح وإمداد شیث الاسم: الباعث.
وكذلك بالنسبة للقمان فإن مقامه هو الأنسب للمرتبة الثالثة والعشرين المخصوصة بالنبات كما يظهر من قوله لابنه: "يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)" الآية 16 من سورة لقمان .
أي أن الاسم الإلهي المتوجه لإيجاد النبات هو نفس الاسم الحاكم على فص لقمان وهو الاسم: الرزاق الذي رزق لقمان الحكمة وحسن الذكر في القرآن الكريم مقرونا بحبة الخردل التي هي من أصغر مظاهر الرزق...
وكذلك فان أنسب الأنبياء إلى المرتبة السادسة والعشرين المخصوصة بالجن، ليس هو اليسع ولا ذو الكفل، بل هو خالد صاحب النبوة البرزخية كما ذكره الشيخ في فصه، ويسمي الشيخ الجن أحيانا بالأرواح البرزخية، وأصلهم من النار.
وخالد قصة معروفة في إطفاء النار التي ظهرت في بلاد قومه...
والاسم الحاكم على هذه المرتبة وهذا النص هو : اللطيف.
فإن قيل من هو الكامل صاحب المرتبة الثامنة والعشرين الأخيرة التوجه على إيجادها الاسم: " رفيع الدرجات ذو العرش " 15 سورة غافر.
والتي لها الفصل 38 من الباب 198،الفتوحات المكية حيث يقول الشيخ: (اعلم أن المراتب كلها إلهية بالأصالة وظهرت أحكامها في الكون وأعلى مرتبة إلهية ظهرت في الإنسان الكامل...).
فالجواب: هذه المرتبة الجامعة للمراتب والمعينة لها، لها جمعية الإنسان المحمدي الكامل، ومظهرها الأتم هو خاتم الأولياء المحمديين الذي عين مراتب الفصوص كما فصل مراتب الوجود.
و لعلاقة الخاتم بالمراتب يشير الشيخ في قوله في فص شیث: (وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب، وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد مقدم الجماعة وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة).
كلمة المفاتيح الوجودية من عنوان الكتاب تعني الأسماء الإلهية الحسيني الممدة الأنبياء الفصوص والمتوجهة على إيجاد مراتب الوجود.
أما المفاتيح القرآنية فهي السور والآيات المناسبة الكل فص.
التناسب بين أبواب الفصوص ومراتب العالم وحقائق الإنسان
فصل الشيخ في العديد من مكتوباته مراتب العالم، وسنذكر بعضها لاحقا.
وفي نهاية تفاصيله يرجعها إلى نفس الإنسان الجامع لما انتشر في الآفاق لقوله تعالى: " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق» 53 سورة فصلت.
وفي هذا المعنى يقول في كتابه "عنقاء مغرب":
(فليس غرضي في كل ما أصنف في هذا الفن معرفة ما ظهر من الكون، وإنما الغرض تنبيه الغافل على ما وجد في هذا العين الإنساني والشخص الآدمي... لا فائدة في معرفة ما خرج عن ذاتك إلا ما يتعلق به سبيل نجاتك).
فلنذكر ما يناسب كل باب في الفصوص من مراتب العالم كما سنفصله في هذا الكتاب، ومايناسب كل مرتبة من حقائق الإنسان حسب ما ذكره الشيخ في أواخر الباب السادس من الفتوحات حيث صنف مراتب العالم إلى ثلاثة أصناف:
العالم الأعلى بدءا من الحقيقة المحمدية وانتهاء بقلك القمر في السماء الدنيا.
ثم عالم الاستحالة بأفلاكه الأربعة: نار وهواء وماء وتراب.
ثم عالم التعمير من ملائكة وجن وجماد وحيوان ونبات وإنسان.
وقد فصلنا أسماء أصناف الملائكة التي تعمر مختلف مراتب العالم في أخر باب فص موسى عليه السلام من هذا الكتاب.
من ديوان الشيخ الأكبر:صادني من كان فكري صاده ... ما له والله عنه من محيص
صابرا في كل سوء وأذى ... في كيان من عموم وخصوص
صرة أودعت قلبي علمها ... في كتاب وسمته بالفصوص
صبرت قهرا وعجزا وأبت ... غيرة منها عليه أن تنوص
صيرته واحدا في دهره ... ثم رامت عنه عزا أن تبوص
صادفت والله في غيرته ... عين ما جاء به لفظ النصوص
صدقتها فلها النور الذي ... ما له في كونها ذاك الوبيص
صلبت في الدين فانقاد له ... كل معنى هو في البحث عويص
صلى القلب اشتعالا بعد م ... كان ذا عزم عليه وحريص
صامت النفس وصلت فله ... لمعان من سناها وبصيص
المرتبة 28 لفص حكمة جامعية في كلمة خاتمية من الإسم رفيع الدرجات ذي العرش وحرف الواو ومنزلة الرشا ببرج الحوت
ظهور مراتب الكون بتحلي الأسماء الحسنى إنما كان من الاسم الظاهر.
فلنبدأ بآخر حلقة من سلسلة الظهور ونصعد لأولها:
الظهور لا يكون إلا بالاختلاف والتنوع ويستلزم التفاضل فرفيع وأرفع وسافل وأسفل.
فلهذا كانت أخر الدرجات من الاسم الظاهر، أي الدرجة 28 مناسبة لاسمه تعالى: ( رفيع الدرجات و العرش ) (غافر، 15) الذي يقول عنه الشيخ أنه (متوجه على تعيين المراتب لا على إيجادها، لأنها نسب لا تتصف بالوجود إذ لا عين لها.
ولها من الحروف حرف الواو ومن المنازل المقدرة الرشا وهو الحبل الذي للفرع (...)
وإنما كان لها الواو لأن الواو لها الستة من مراتب العدد وهي أول عدد كامل والكمال في العالم إنما كان بالمرتبة فأعطيناه الواو.
ومن المنازل الرشا وهو الجبل والحبل الوصل وبه يكون الاعتصام كما هو بالله. فأنزل الحبل منزلته فلولا أن رتبة الحبل أعطت ذلك ما ثبت قوله : " واعتصموا بحبل الله " 103 سورة آل عمران. كما قال : " واعتصموا بالله " 146 سورة النساء.
فافهم این جعل رتبة الحبل وبأي اسم قرنه وإلى أي اسم أضافه (...)
اعلم أن المراتب كلها إلاهية بالأصالة وظهرت أحكامها في الكون وأعلى مرتبة الإلهية ظهرت في الإنسان الكامل.
فأعلى الرتب رتبة الغني عن كل شيء وتلك الرتبة لا تنبغي إلا الله من حيث ذاته. وأعلى الرتب في العالم الفن بكل شيء وإن شئت قلت الفقر إلى كل شيء وتلك رتبة الإنسان الكامل .
فإن كل شيء خلق له ومن أجله وسخر له لما علم الله من حاجته إليه فليس له غنى عنه.
والحاجة لا تكون إلا لمن بيده قضاؤها وليس إلا الله الذي بيده ملكوت كل شيء.
فلا بد أن يتجلى لهذا الإنسان الكامل في صورة كل شيء ليودي إليه من صورة ذلك الشيء ما هو محتاج إليه وما يكون به قوامه (...)
واعلم أنه لولا الصور ما تميزت الأعيان ولولا المراتب ما علمت مقادير الأشياء ولا كانت تنزل كل صورة منزلته كما قالت عائشة رضي الله عنها : "أنزلوا الناس منازلهم".
وبالرتبة علم الفاضل والمفضول وما ميز بين الله والعالم وما ظهرت حقائق ما هي عليه الأسماء الإلهية من عموم التعلق وخصوصه...) انتهی
وقد سبق القول إن صاحب هذه المرتبة الكاملة الرفيعة المعينة للدرجات هو خاتم الأولياء المحمدي الذي عين هذه المراتب في أبواب الفصوص وفصول الباب 198 من الفتوحات وبه ظهرت أفضل رتبة وأعلى درجة للإنسان الكامل بجمعيته القرآنية وتفصيله الفرقاني الأوسع
المهمين على كل سابق ولاحق لكونه صاحب أم الكتاب الجامعة التي أشار إليها الشيخ بقوله: "فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب".
كما أشار في فص شيث لعلاقة الخاتم هذه الدرجة المعينة للمراتب عند قوله:
(وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم مقدم الجماعة...)
و حرفه الواو منتهى النفس الإنسان - كما أن الخاتم الكامل هو منتهى النفس الرحماني - الجامع لكل قواها إذ إليه تنتهي .
وإليه أشار في قوله عن الأولياء من أهل الأنفاس في الفصل 11 من الباب 198: (فدخلنا في كل ما ذكرناه في هذه الإمدادات الإلهية ذوقا مع عامة أهل الله وزدنا عليهم باسم إلهي هو الآخر أخذنا منه الرياسة وروح الله الذي بناله المقربون من قوله تعالى : " فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم " 88 - 89سورة الواقعة. ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة 580... الخ). و منزلته الفلكية الرشا ببرج الحوت المائي منبع الحياة وحبله متصل برج شرف الشمس أي الحمل.
والرشا في اللغة هو الحبل فهو رمز للرابط بين حلقات سلسله مراتب الوجود أي هو رمز لعمد قبة الكون أي الإنسان الأحمدي الكامل.
ولهذه المرتبة المناسبة للباب الثامن والعشرين الخفي في الفصوص ثلاثة مظاهر:
المظهر الأول لهذه المرتبة: مقدمة الفصوص حيث نرى الختمان: خاتم الرسل صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمد خاتم الأولياء بالفصوص في حضرة الرحمة الواسعة التي أشار إليها بقوله: "هذه الرحمة التي وسعتكم فوسعوا"، ويناسبها في القرآن البسملة - خصوصا بسملة الفاتحة - التي بوجودها في فاتحة كل سورة تتميز مراتب القرآن أي سورة.
و كما قال الشيخ "لولا الصور ما تميزت الأعيان"، وفي بسملة أم الكتاب تنطوي حقائق القرآن... وحيث أن الهيئة الكلية للفصوص دائرية كهيئة منازل الفلك فإن:
المظهر الثاني لهذه المرتبة: في أواخر فص سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدءا من قوله: (فراعي الدرجات التي للحق في قوله: " رفيع الدرجات ذو العرش " و لاستوائه عليه باسمه الرحمن).
فكان هذا الباب الخاتمي الأكبر طواه الشيخ في آخر باب الكلمة المحمدية الفردية والشيخ من رؤوس الأفراد واسمه محمد وتنتهي فقرته عند الاسم الواسع الذي ذكره في المقدمة.
وفي قوله في هذا الفص الأخير: (وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا يسعها فافهم).
فكما بدأ الشيخ الفصوص بالرحمة الواسعة، ختمه بالرحمانية المحمدية والقلب الواسع المفضي إلى اللانهاية ...
فاسم فص حكمة الشيخ الجامعة لكل الفصوص في مرتبته الثامنة والعشرين هو :
(فص حكمة جامعية في كلمة خاتمية) وهي منطوية في باب (فص حكمة فردية في كلمة محمدية) لأن ذلك الخاتم -كما يقول الشيخ حسنة من حسنات سیدنا محمد و فله النصيب الأوفر من جمعيته، وعبد الجامع هو الاسم المخصوص به كقطب لجميع الأقطاب حسبما ذكره الشيخ في الباب 270 من الفتوحات.
والسورة المناسبة لهذا المظهر هي: فاتحة الكتاب لأنها الأم الجامعة كما سنذكره لاحق
المظهر الثالث لهذه المرتبة: مجموع أبواب الفصوص، وخصوصا الباب العاشر أي (فص حكمة أحدية في كلمة هودية) الذي له فلك المنازل الثمانية والعشرين المناسبة لمراتب الوجود ولأبواب الفصوص ولهذا ذكر الشيخ فيه أنه اجتمع بكل الرسل عليهم السلام ولم يكلمه منهم إلا هود لتمام المناسبة الوجودية بينهما ولنسبتهما العربية، وحكمتها الأحدية.
والاسم الإلهي المتوجه على إيجاد مرتبة فلك المنازل الفلكية الثمانية والعشرين كما سنراه هو "المقدر" القريب في معناه من "رفيع الدرجات" إذ كل منهما يعين المراتب ويميزها.
وسنرى في القسم الأخير من هذا الكتاب أن لسورة فص هود علاقة عددية عجيبة لحروفها مع مجموع المراتب ومفاتيح الفصوص.
ولعلاقة هود بالخاتم حيث أن هودا هو أول الرسل العرب المذكورين في القرآن والشيخ عربي طائي وهو آخر الورثة الكمل المحمديين في زمانه يقول شارحوا الفصوص الأوائل من تلاميذ الشيخ في شرحهم لفص هود أن اجتماع جميع الأنبياء بالشيخ في المشهد الذي أقيم فيه بقرطبة سنة: 586 هـ. وقع لتهنئته بنیل مقام ختم الولاية المحمدية.
يقول القاشاني: "وإنما أخبره هود دون غيره منهم لمناسبة مشربه وذوقه ل لمشرب الشيخ قدس الله سره، في توحيد الكثرة وسعة مقام كشفه وشهود الحق في صورة أفعاله وآثاره".
وهذا المظهر الجامع للمراتب الفلكية يناسبه مجموع سور القرآن وخصوصا السور التسع والعشرين المفتتحة بالحروف المقطعة والمناسبة لتلك المنازل الفلكية حسبما ذكره الشيخ في الباب الثاني من الفتوحات (ج الأول ص 60) والباب (198 فصل 27 ج الأول ص 449) وقد قال الشيخ إن خاتم الأولياء والقرآن أخوان (فتوحات الثالث باب 366 ص 329) وقال إن القطب لا يتمكن من الخلافة الكاملة إلا بعد تحصيله لمعاني حروف أوائل السور وهي 78 حرفا (ف الاول ص 555).
من ناحية أخرى لمة فص آخر له علاقة متميزة مع الخاتم وهو فص شيث الذي فصل الشيخ فيه علاقة خاتم الأولياء بخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام.
ذلك لأن هذا الفص مرتبة اللوح المحفوظ. وفي اللوح كتب الله تعالى تعيين المراتب التي هي من وظائف الخاتم.
واللوح هو الروح الكل الذي ينفخ في الصور النفوس الجزئية فتعين مراتبها وتتميز أوصافها وحقائقها (ينظر الفتوحات ج الأول باب 198 ص 427 اب 271 ص 575).
ومن هذه المماثلة بين الخاتم واللوح في وظيفة الحفظ وتعيين المراتب ونفخ الحياة تكلم الشيخ في فص شبث اللوحي على الأختام والمواهب والعطايا ... ومن الكلمات المثيرة للوح المحفوظ كلمة: (كل شيء).
قال تعالى: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء" 145 سورة الأعراف.
وعدد (كل شيء) هو 360. وكثيرا ما ذكر الشيخ في كتبه أن عدد أمهات العلوم اللوحية هو 360 ومنه كانت الدائرة الفلكية 360 درجة.
وهذا العدد مطابق لعدد الاسم "رفيع - 360" من (رفيع الدرجات المتوجه على إيجاد هذه المرتبة الخاتمة الثامنة والعشرين.
كل هذه الاعتبارات تؤكد ما عرف الشيخ به مقام خاتم الأولياء في الباب 559 من الفتوحات حيث يقول: (الختم الخاص هو المحمدي ختم الله به ولاية الأولياء المحمديين أي الذين ورثوا محمدا صلى الله عليه وسلم وعلامته في نفسه أن يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي من محمد صلى الله عليه وسلم فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي لله تعالى.
وإذا لم يعلم هذا فليس بختم. ألا ترى النبي صلى الله عليه وسلم لما ختم به النبيين أوتي جوامع الكلم واندرجت الشرائع كلها في شرعه اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس....
وأخيرا فإن في فص شيث إشارة إلى أن لخاتم الأولياء المرتبة الجامعة الثامنة والعشرين، وذلك حين ذكر أنه رأى نفسه على شكل لبنتين لبنة ذهب تليها لبنة فضة في منتهى الكعبة.
وذكر قصة هذه الرؤيا في الفتوحات (باب 65 ج الأول ص 318- 319). كما أورد حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي ولا نبي"... فإذا جمعنا هذا القول مع قول الشيخ في الباب 72 من الفتوحات: "وارتفاع البيت سبعة وعشرون ذراعا وذراع التحجير الأعلى فهو ثمانية وعشرون ذراع كل ذراع مقدار لأمر ما إلهي يعرفه أهل الكشف …" يتبين أن ذلك الذراع الخاتم هو لخاتم الأولياء صاحب اللبنتين والله أعلم.
وفي نص حكمة إمامية في كلمة هارونية يذكر الشيخ اسم رفيع الدرجات، وفي هذا إشارة لمقامة الإمامي كما سنذكره في الملاحظات حول ذلك الفص.
وكذلك في فص داود إشارة إلى هذا المقام الختامي لأن لذلك الفص مرتبة سماء القمر . بمنازله الثمانية والعشرين فقال فيه أن الولي الخليفة يأخذ من معدن الرسل فهو كقوله في فم شبث أن روح الخاتم المحمدي لا تانيه المادة إلا من الله تعالى…
تناسب أنبياء الفصوص والبروج والشهور وفاتحة الكتاب
ذكرها الشيخ في جوابه عن السؤال 144 من أسئلة الحكيم الترمذي فقال
عن الحديث الشريف: " ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي "
فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا وصاموا إلى أن ماتوا وما أفطروا نهارا مع طول
أعمارهم سوالا ورغبة ورجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلهم م
تمنوا و جعلهم الله اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا.
كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون جميع المراتب تتمنى أن تكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الاسم الظاهر ليجمعوا بينه وبين ما حصل لهم من اسمه "الباطن" انتهى.
وقد خصص الشيخ الباب 463 من الفتوحات لمعرفة الاثني عشر قطبا الذين عليهم مدار العالم ومدار الأمة المحمدية.
كل قطب له برج معين وهو على قدم نبي مناسب لمقامه وله سورة منها مدده فلنذكر هؤلاء الأنبياء ونجعل بين قوسين سورة أقطابهم:
لنوح "يس" والقطب الذي على قلبه هو الإمام المهدي الظاهر في آخر الزمان. ولإبراهيم "الإخلاص" .
ولموسى "النصر".
ولعيسى "الكافرون".
ولداود "الزلزلة".
ولسليمان "الواقعة والمعادلة"
ولأيوب "البقرة".
ولإلياس "آل عمران".
ولوط له "الكهف" والقطب الذي على قلبه يدرك عيسى عند نزوله وهو الذي يقتله الدجال في زعمه وهو الخضر يظهر له على هيئة فتى ممتلئ شبابا.
وهود "الأنعام".
ولصالح "طه" والقطب الذي على قلبه هو أشرف الأقطاب الأن صورته أشرف السور في العالم السعيد ويقرأها الحق تعالى على عباده في الجنة بلا واسطة.
و لشعيب "الملك"..
وللعلاقة بين البروج والشهور
توجد أيضا نسبة بين الأنبياء والشهور القمرية فيقول في الباب 90: "فإن أفضل
الشهور عندنا رمضان ثم شهر ربيع الأول ثم شهر رجب ثم شعبان ثم ذو الحجة ثم شوال ثم ذو القعدة ثم المحرم.
وإلى هنا انتهى علمي في فضيلة الشهور القمرية"
وفي الباب 12 يقول: "وفي الأنبياء من الزمان أربعة حرم: هود وصالح وشعيب سلام الله عليهم ومحمد صلى الله عليه وسلم وعينها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب".
ويقول الشيخ عن تلك البروج في الفصل الثالث من الباب 371:
"وأسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي وترابي وهوائي وناري وعن هؤلاء ينكون في الجنة ما يتكون"...
ومن هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تمت إحاطتهم.
ومن كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان وإذا سعدوا سرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل والقضاء النافذ هم إلى هذا الفلك تنتهي لا تعداه لإنها لم تعتقد سواه.
وإن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم والمنازل ثلاثة دنيا و برزخ وآخرة.
وما ثم رابع ولكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم، لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا" انتهى
وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة المؤمنون" يقول: فلما قضى الله أن يكون لهذه البروج أثر في العالم الذي تحت حيطة سماء هذه البروج جعل الله في نشأة هذا الإنسان "اثني عشر قابلا يقبل بها هذه الآثار فيظهر الإنسان الكامل بها" ثم فصل الشيخ تفصيلا وافيا تلك الآثار.
ثم إن هذه الآثار وأولئك الأئمة الأقطاب لهم علاقة بمفاتيح الكنوز الاثني عشر التي ذكرها الشيخ في الباب 379 من الفتوحات المخصوص .بمنزل سورة المائدة التي فيها الآية: "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا" الآية فذكر أسماء اثني عشر رجلا روحانيا ينشئهم الله تعالى من ركعات وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكل ركعة رجل.
يقول الشيخ عنهم ما خلاصته:
"اعلم أن الاثني عشر منتهى البساط من الأعداد: فالأصابع منها تسعة والعقد ثلاثة. ولكل واحد مشهد الحي لا يكون لسواه، ولكل واحد رجل من عباد الله له حكم ذلك العدد.
فالواحد منهم ليس من العدد. ولهذا كان وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأ رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الركعة .
وأما الثاني عشر فهو الجامع لهم وهو حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول.وهؤلاء الاثنا عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف المكنوزة في صور العالم فيستخرجوها بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع الله الذاتية المستصحية استصحاب الواحد للأعداد.
وربما صورهم هي التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة
لأن صورهم منه في باطنه فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين .
فلما ظهر بجسده استصحبته تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوترها فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صلى الله عليه وسلم "انتشروا وفيه ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين" إلى آخر ما فصله.
فعدد ركعات يوم كامل هو مجموع الركعات المفروضة في الصلوات الخمس أي 17 ركعة مع عدد ركعات الوتر أي 11 ركعة فمجموعها:
28 لكل ركعة مناسبة خاصة مع نبي من أنبياء الفصوص ومرتبته الوجودية. وبتأمل أسمائهم نجدها نابعة من الأسماء الحسنى التي عليها مدار أم الكتاب المخصوصة به في مقام "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" ونزلت إليه من كتر تحت العرش.

فلنذكر أسماءهم مع ما يناسبها من الفاتحة:عبد الكبير "الله أكبر" (بسم الله ).
عبد الحميد "الحمد لله" .
عبد الرحمن وعبد الرحيم و "الرحمن الرحيم" .
عبد المعطي "وإياك نستعين ".
عبد المؤمن "الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم".
عبد الملك "ملك يوم الدين" .
عبد الهادي "أهدنا الصراط المستقيم ".
عبد ربه "رب العالمين" .
عبد الفرد "إياك نعبد وإياك نستعين".
عبد الله "بسم الله الحمد الله" .
عبد المجيب "آمين".

وفي عدة مواضع من كتبه يتكلم الشيخ عن الصلة الأصيلة بين القرآن والإنسان الكامل وبين الخاتم المحمدي وأم القرآن فاتحة الكتاب التي ذكرها الشيخ في آخر الفص الأدمي الأول .
قائلا: "فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب". فالفصوص تفصيل لبعض حقائقها.
وفي الباب 383 من الفتوحات المخصوص بمنزل الفاتحة يبين أن بحقائقها يحفظ الله الوجود، وعدد أحكام تلك الحقائق أربعة عشر ناتجة عن ضرب السبعة في الاثنين، لأنها هي السبع المثاني والقرآن العظيم.
لكل حكم رجل هو مظهر ذلك الحكم في كل زمان، ومجموعهم يتألف من القطب والإمامين والأوتاد الأربعة و الأبدال السبعة،
لكل بدل إقليم، ولكل وتد جهة، وللإمامين عالمي الغيب والشهادة، و بالقطب بحفظ
الجميع، وهم على قلب 14 نبیا هم آدم وإدريس ونوح وإبراهيم ويوسف وهود وصالح وموسى وداود وسليمان ويجي وهارون وعيسى ومحمد سلام الله عليهم.
وهم من الأسماء الإلهية الله والرب والهادي والرحيم والرحمن والشاي والقاهر والمميت والمحيي والجميل والقادر والخالق والجواد والمقسط .
كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي و كل نبي يفيض على كل وارث من أولئك الأربعة عشر ولهم من الحروف الأربعة عشر حرفا من أوائل السور المذكورة سابقا، وهي مجموعة كلها في الفاتحة المؤلفة من 21 حرفا مع لام ألف وعدد كلماتها: 25 وهو عدد الأنبياء المذكورة أسماؤهم في القرآن وهو حاصل ضرب الخمسة في نفسها والخمسة هو العدد الحافظ لنفسه ولغيره حسب تعبير الشيخ ومع البسملة فعدد كلماتها 29 على عدد المنازل أو الحروف مع الام ألف.
ملاحظة:
عدد البسملة بالحساب المغربي الكبير - باعتبار ألف المد في الله الرحمان - يساوي: 1028 وهو عدد له أهمية كبرى عند الشيخ وكثيرا ما يشير إليه إذ هو عدد الصور في إزار العظمة" راجع جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمذي " أو عدد مواقع النجوم أي عدد أقسام دائرة فلك المنازل مع السماوات السبعة " "71021
+ " وهو عدد كل مخارج الحروف في عالم الحيوان" راجع "عقلة المستوفز".
وهو يساوي مجموع العددين" 281000 + " أي آخر المراتب العددية وآخر المراتب الحرفية، حيث أن عدد آخر حرف هو : 1000 وهو عدد سجدات الصلوات الخمس مع الوتر خلال شهر قمري مع اعتبار أن لصلاة الجمعة ركعتين
فقط: ففي كل يوم 18 ركعة أي 36 سجدة على عدد وجوه البروج أو مقامات المشاهدة و في الشهر 1044 = 29 * 36 ينقص منه السجدات الناقصة في صلاة الجمعة خلال شهر: 16 = 4 * 4 فيبقى عدد صور إزار العظمة: 1028.
وإنما ذكرنا هذا العلاقة الصلاة بحفظ مراتب الوجود المناسبة لأبواب الفصوص: فالصلاة حافظة للدين إذ هي عموده.
والدین حافظ للوجود لقوله تعالى: "ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض" والحافظ للصلاة هو المصلي الكامل.
فبصلاة الكامل تحفظ مراتب الوجود ولهذا قرها الحق تعالى بالحفظ فقال: "حافظوا على الصلوات".
وهذا ختم الشيخ الفص المحمدي الخاتم الذي هو قطب الفصوص بالكلام على الصلاة.
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الاسم "الحفيظ" هو : 1029 وهو العدد الذي يعتبر عوض 1028 أحيانا لأقسام مواقع النجوم كما أن المنازل تعتبر أحيان 29.
عوض: 28... وأما عدده الصغير بالحساب المغربي فهو "حفیظ - 25" أي 5*5 والخمسة هو عدد الحفظ كما سبق ذكره، أو عدد كلمات الفاتحة أو عدد الأنبياء المذكورين في القرآن باسمائهم.
.

OU0X0JhQZ7Y

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!