موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب نقد النصوص
في شرح نقش الفصوص

تأليف: الشيخ عبد الرحمن الجامي

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب

  السابق

المحتويات

التالي  

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب


الفصل الثالث عن الماهيات .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي

الأعيان الثابتة - وهي التي يسميها الحكماء «ماهیات» - غير مجعولة.
فقال بعضهم، نفي مجعوليتها إنما هو من حيث أنها صور علمية:" لأنها حينئذ معدومة في الخارج.
والمجعول لا يكون إلا موجودا؛ كما لا توصف الصور العلمية والخيالية التي في أذهاننا بأنها مجعولة ما لم توجد في الخارج.
فالجعل إنما يتعلق بها بالنسبة إلى الخارج".
وههنا بحث حاصله أن الماهية الممكنة كما أنها محتاجة إلى الفاعل في وجودها الخارجي، كذلك محتاجة إليه في وجودها العلمي، سواء كان ذلك الفاعل مختارة أو موجبا.
فالمجعولية - بمعنى الاحتياج إلى الفاعل - من لوازم الماهية الممكنة مطلقا.
فإنها أينما وجدت كانت متصف بهذا الاحتياج، سواء كان اتصافها به بينا أو غير بين.
وإن فسرت المجعولية بأنها الاحتياج إلى الفاعل في الوجود الخارجي، كان الكلام صحيحا، والتقييد تكلفا.
فالصواب أن يقال ، المراد بكون الماهيات غیر مجعولة أنها في حد أنفسها لا يتعلق بها جعل جاعل وتأثير مؤثر .
فإنك إذا لاحظت ماهية السواد مثلا، ولم تلاحظ معها مفهوما سواها، لم يعقل هناك جعل ؛ إذ لا مغايرة بين الماهية ونفسها حتى يتصور توسط جعل بينها، فيكون أحديهما مجعولة تلك الأخرى.
وكذا لا يتصور تأثير الفاعل في الوجود بمعنی جعل الوجود وجود؛ بل، تأثيره في الماهية باعتبار الوجود، بمعنى أنه يجعلها متصفا بالوجود، لا بمعنى أنه يجعل اتصافها موجودة متحققة في الخارج.
فإن الصباغ مثلا إذا صبغ ثوبا، فإنه لا يجعل الثوب ثوبا ولا الصبغ صبغا ؛ بل يجعل الثوب متصفا بالصبغ في الخارج، وإن لم يجعل اتصافه به موجودة في الخارج.
فليست الماهيات في أنفسها مجعولة، ولا وجوداتها أيضا في أنفسها مجعولة ؛ بل، الماهيات في كونها موجودة مجعولة .
وهذا المعنى مما لا ينبغي أن ينازع فيه.
ولا منافاة بين نفي المجعولية عن الماهيات بالمعنى الذي ذكرناه أولا وبين إثباتها لها بما بيناه آنفا.
فالقول بنفي المجعولية مطلقا و بإثباتها كلاهما صحيح إذا حملا على ما صورناه .
وصل "الممكن والتعين"
الممكن هو الوجود المتعين . فإمكانه من حيث تعينه ، ووجوبه من حيث حقيقته : وذلك أن التعين نسبة عقلية، فهي بالنسبة إلى المرجح واجبة للمتعین .
والتعين هو حدوث ظهور الوجود من وجه معين يعينه القابل المعين للوجود بحسب خصوصه الذاتي، فيمكن بالنظر إلى كل تعين حادث للوجود أن ينسلخ الوجود عنه ويتعين تعينا آخر، وينعدم التعيين الأول ؛ إذ نفس التعين هو الواجب الوجود الحق الساري في الحقائق، لا التعين المعين .
وليس كل تعيين معين واجبا له على التعيين إلا لموجباته.
فيمكن أن ينعدم، ويتعين الوجود تعينا آخر، إذ الوجود المتعين لا ينقلب عدما ؛ بل، يتبدل تعيناته بتعينات أخرى غير تعيينات قبلها.
فيتحقق من هذا حقيقة الإمكان للتعيين المعين، وهو نسبة عدمية في الوجود، فهو بين عدم ووجود: مهما رجح الحق إفاضة نور الوجود على ذلك الوجه المعين، بقي موجودا .
والكشف يقضي بالتبدل مع الآنات؛ وإن أعرض عنه التجلي الوجودي، انعدم وعاد إلى أصله، هذا أصل الإمكان.
وأما اسم «الغير» و«السوي» للممكنات، فذلك من حيث امتيازاتها النسبية والذاتية بالخصوصيات الأصلية.
فهي من هذا الوجه أغيار بعضها مع بعض.
وأما غیرتها للوجود المطلق الحق، فمن حيث أن كلا منها تعین مخصوص للوجود الواحد بالحقيقة يناير الآخر بخصوصيته ؛ والوجود الحق المطلق لا يغاير الكل ولا يناير البعض، لكون كلية الكل وجزئية الجزء نسبة ذاتية له، فهو لا ينحصر في الجزء ولا في الكل.
فهو مع كونه فيهما عينهما لا يغاير كلا منهما في خصوصهما.
ولكن غيريته في أحدية جمعه الإطلاقي مطلقة عن الكلية والجزئية والإطلاق.
فما في الحقيقة إلا وجود مطلق ووجود مقيد، وحقيقة الوجود فيهما حقيقة واحدة . و الإطلاق والتعين والتقيد نسب ذاتية له. فافهم .
وصل "الأثر و المراتب"
اعلم أن الأثر لا يكون لوجود أصلا من كونه وجودا فقط، بل لا بد من انضمام أمر آخر خفي إليه، يكون هو المؤثر، أو عليه يتوقف الأثر.
ولما كان أمر الكون محصورا بين وجود و مرتبة، وتعذر إضافة الأثر إلى الوجود - كما مر – تعين إضافته إلى المرتبة .
ومرتبة الوجود المطلق الألوهية ؛ فإليها وإلى نسبها المعبر عنها ب «الأسماء» تستند الآثار.
والمراتب كلها أمور معقولة غير موجودة في أعيانها ؛ فلا أثر إلا الباطن.
ومتى أضيف إلى ظاهر، لغموض سره وصعوبة إدراكه بدون الظاهر؛ فمرجعه في الحقيقة إلى أمر باطن من ذلك الظاهر وفيه . فاعرف.
إذ كل ما هو ثابت للوجود الحق الواجب، فهو ثابت له أزلا وأبدا ؛ وكذا كل ما هو ثابت للممكن.
لكن كل واحد منهما مرآة للآخر يظهر به أحكامه.
فالمعرفة بالصفات والأحكام والنسب والمراتب وظهورها للممكنات هي الحادثة بحدوث الممكنات، لا ثبوتها وانتفاؤها لمن هي ثابتة له أو منتفية عنه. فافهم.
أعظم الشبه والحجب التعددات الواقعة في الوجود الواحد بموجب آثار الأعيان الثابتة فيه، فتوهم أن الأعيان ظهرت في الوجود وبالوجود.
وإنما ظهرت آثارها في الوجود، ولم تظهر هي ولا تظهر أبدا ؛ فالظهور إنما هو للوجود، لكن بشرط التعدد مع آثار الأعيان فيه .
والبطون صفة ذاتية للأعيان، وللوجود أيضا من حيث تعقل وحدته .
.


OU0X0JhQZ7Y

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!