موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب نقد النصوص
في شرح نقش الفصوص

تأليف: الشيخ عبد الرحمن الجامي

فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية


06 - شرح نقش فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي

قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن حضرة الخيال هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء وغير شيء فلها على الكل حكم التصوير وهي كلها صدق وتنقسم قسمين:
قسمٌ يطابق لما صورته الصورة من الخارج وهو المعبر عنه بالكشف.
وقسمٌ غير مطابق وفيه يقع التعبير.
والناس هنا على قسمين:
عالم ٌ.
ومتعلم.
والعالم يصدق في الرؤيا، والمتعلم يصدق الرؤيا حتى يعلمه الحق ما أراد بتلك الصورة التي حل له. )
06 - شرح نقش فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن حضرة الخيال هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء وغير شيء .
فلها على الكل حكم التصوير، وهي كلها صدق وتنقسم قسمين:
قسم مطابق لما )
لما كان أخص أحكام الصفقات السلبية سلب الكثرة عن وحدة الحق سبحانه .
كانت الموجودات الصادرة عن الحق من حيثية الصفات السلبية التنزيهية أقربها نسبة إلى الوحدة وأبعدها من مرتبة الظهور، وهي الأرواح.
بخلاف الصفات الثبوتية : فإنه يجب أن تكون الموجودات الصادرة عن الحق من حيثها أقرب نسبة إلى الظهور وأتم تحققا به.
وقد سبق أن أول حامل وظاهر بأحكام الصفات الثبوتية الخليل عليه السلام، فلزم أن يظهر في ولده - الذي هو نتيجته .
حكم عالم المثال، الذي إذا اعتبر مطابقته للواقع، يسمى «حقا».
فلذلك وصفت تلك الحكمة ب «الحقية»، واختصت الحكمة الحقية بالكلمة الإسحاقية، وقرن فضها بالقصر الإبراهيمي.
(اعلم أن حضرة الخيال)، يعني المرتبة الجامعية للصور المرتسمة في القوة المتخيلة المتصلة بنشأة الإنسان وأي متخيل كان - ويسمى «مثالا مقيدا » أيضا، كما يسمى عالم المثال «خيالا مطلقا»؛ ونسبتها إلى حضرة المثال .
نسبة الجداول إلى النهر العظيم الذي منه تفرعت - (هي الحضرة الجامعة الشاملة لكل شيء) موجود في الخارج (و) لكل (غير شيء) موجود فيه، يعني الموجودات والمعلومات كلها.
(فلها)، أي لحضرة الخيال، (على الكل)، أي على كل واحد من الموجود والمعدوم، (حكم التصویر) وقدرة عرضهما على النفس في صور المحسوسات، نوما بالنسبة إلى عموم الناس ويقظة بالنسبة إلى بعضهم، سواء كان مع الغيبة عن الإحساس أم لا.
(وهي)، أي حضرة الخيال والصور المرتسمة فيه، (كلها صدق)، مطابقة للواقع، بشرط أن يكون انطباعها في الخيال من الجهة العلوية أو القلب النوراني، لا من الجهة السفلية.
فإن المعنى الكلي العلمي ينزل من أم الكتاب إلى عالم اللوح المحفوظ - وهو بمثابة القلب للعالم - ومنه إلى عالم المثال، فيتجسد فيه ؛ ثم إلى عالم الحس.
فيتحقق في الشاهد: وهو المرتبة الرابعة من الوجود النازل من العالم
قال : ( صورته الصورة من خارج، وهو المعبر عنه بـ «الكشف» . وقسم غير مطابق، وفيه يقع التعبير ).العلوي إلى العالم السفلي ومن الباطن إلى الظاهر ومن العلم إلى الكون. والخيال من الإنسان هو عالم المثال المقيد، كما أن عالم المثال هو الخيال المطلق، أي خيال العالم، فللخيال الإنساني وجه إلى عالم المثال - لأنه منه، فهو متصل به ووجه إلى النفس والبدن.
وكلما انطبع فيه نقش من هذه الجهة السفلية، وتمثلت فيه صورة، كان ذلك محاكاة لهيئة نفسانية أو هيئة مزاجية، أو لبخار يرتفع إلى مصعد الدماغ، كما للمحرورين وأصحاب الماليخوليا ولا حقيقة له ؛ ويسمى «أضغاث أحلام».
وكلما انطبعت فيه صورة من الجهة العلوية، أي من عالم المثال أو من القلب النوراني الإنساني، فيتجسد فيه، كان حقا، سواء كان في النوم أو في اليقظة .
(وتنقسم) الصور المرتسمة في حضرة الخيال (قسمين: قسم مطابق لما صورته) حضرة الخيال، (الصورة) الكائنة (من خارج)، أي من خارج ما في حضرة الخيال.
يعني يكون الصورة الخارجية مطابقة لما صورته القوة المتخيلة.
(وهو)، أي القسم المطابق هو، (المعبر عنه به "الكشف المجرد") عن تصرفات القوة الخيالية.
(وقسم) آخر (غير مطابق) لما صورته الصورة من خارج، لأن القوة المصورة تصرفت فيه وألبسته صورة مناسبة له، وإن لم تكن مطابقة. وهذا القسم يسميه بعضهم ب «الكشف المخيل».
(وفيه)، أي في القسم الغير المطابق، (يقع التعبير)، وهو الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.
وللصدق والإصابة أسباب بعضها راجع إلى النفس، وبعضها إلى البدن، وبعضها إليهما جميعا :
أما الأسباب الراجعة إلى النفس كالتوجه التام إلى الحق سبحانه والاعتقاد بالصدق وميل النفس إلى العالم الروحاني العقلي وطهارتها عن النقائص وإعراضها عن الشواغل البدنية واتصافها بالمحامد لأن هذه المعاني توجب تنورها وتقويها.
وبقدر ما قویت النفس وتنورت، تقدر على خرق العالم الحسي ورفع الظلمة الموجبة لعدم الشهود.
وأيضا تقوي المناسبة بينها وبين الأرواح المجردة لاتصافها بصفاتها. فيفيض عليها المعاني الموجبة للانجذاب إليها من تلك الأرواح، فيحصل الشهود التام.
ثم إذا انقطع حكم ذلك الفيض، ترجع إلى الشهادة متصف بالعلم، منتقشة بتلك الصور بسبب انطباعها في الخيال .
قال الشيخ : (والناس هنا على قسمين: عالم ومتعلم . والعالم يصدق في الرؤيا، والمتعلم )والأسباب الراجعة إلى البدن صحته واعتدال مزاجه الشخصي ومزاجه الدماغي.
والأسباب الراجعة إليهما الإتيان بالطاعات والعبادات البدنية والخيرات واستعمال القوى وآلاتها بموجب الأوامر الإلهية .
وحفظ الاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط فيه ودوام الوضوء وترك الاشتغال بغير الحق دائما.
بالاشتغال بالذكر وغيره خصوصا من أول الليل إلى وقت النوم.
وأسباب الخطأ ما يخالف ذلك من سوء مزاج الدماغ و اشتغال النفس باللذات الدنيوية واستعمال القوى المتخيلة في التخيلات الفاسدة والانهماك في الشهوات والحرص على المخالفات، فإن كل ذلك ما يوجب الظلمة وازدياد الحجب.
فإذا أعرضت النفس من الظاهر إلى الباطن بالنوم، يتجسد لها هذه المعاني، فتشغلها عن عالمها الحقيقي ، فيقع مناماته أضغاث أحلام لا يؤبه بها، أو يرى ما تخيلته المتخيله
(والناس هنا)، أي في معرفة القسم الثاني من المنامات، (على قسمين) :
أحدهم (عالم) بموطن الرؤيا، يعلم ما أراد الله سبحانه بالصور المرئية ، كنبينا صلى الله عليه وسلم حيث أتي في المنام بقدح لبن.
قال: «فشربته حتى خرج الري من أظفاري، ثم أعطيت فضلی عمر".
قيل: «ما أولته يا رسول الله ؟ »
قال : «العلم».
وما تركه لبنا على صورة ما رأي لعلمه بموطن الرؤيا وما يقتضيه من التعبير
وهذا العلم لا يحصل إلا بانكشاف رقائق الأسماء الإلهية والمناسبات التي بين الأسماء المتعلقة بالباطن وبين الأسماء التي تحت حيطة الظاهر، لأن الحق سبحانه إنما پهب المعاني صورة بحكم المناسبة الواقعة بينها، لا جزافا .
كما يظن المحجوبون أن الخيال يخلق تلك الصور جزافا، فلا يعتبرون ويسمونها «أضغاث أحلام - يل المصور هو الحق من وراء حجابية الخيال، ولا يصدر منه ما يخالف الحكمة.
فمن عرف المناسبات التي بين الصور ومعانيها وعرف مراتب النفوس التي يظهر الصور في حضرة خيالاتهم بحسبها يعلم علم التعبير كما ينبغي.
ولذلك تختلف أحكام الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب، وهذا الانكشاف لا يحصل إلا بالتجلي الإلهي من حضرة الاسم الجامع بين الظاهر والباطن.
قال الشيخ : يصدق الرؤيا حتى يعلمه الحق ما أراد بتلك الصورة التي جلی له.(و) ثانيهم (متعلم) غير عالم بما أراد الله سبحانه بتلك الصور، لكنه مستأهل مستعد للترقي إلى مرتبة العلم.
(والعالم يصدق في الرؤيا)، أي يوفي حقها - من قولهم، "صدق في القتال"، إذا وفي حقه وفعل على ما يجب.
وعليه قوله تعالی : "رجال صدقوا ما عاهدوا الله "[ الأحزاب :23 ]، أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم ..
(والمتعلم يصدق الرؤيا)، أي يأخذ الصور المرئية صادقة مطابقة لما في نفس الأمر مما يجب عليه، ويجتهد في تحققها، (حتى يعلمه الحق) أنه (ما أراد) وأي أمر شاء (بتلك الصورة المرئية التي جلی) الحق سبحانه وكشفه (له) في المنام .
كالخليل صلوات الله عليه حيث رأى في المنام أنه يذبح ابنه ، وكان كبش ظهر في صورة ابنه .
فصدق الرؤيا ولم يعبرها، لأن الأنبياء والكتل أكثر ما يشاهدون الأمور في عالم المثال المطلق. وكل ما يرى فيه لا بد أن يكون حقا مطابقة للواقع.
فظن عليه السلام أنه شاهد فيه، فلم يعبرها.
فصدق منامه حتى علمه الله سبحانه أن المراد بصورة ابنه هو الكبش.
اعلم أن عالم المثال المقيد .
وهو عالم الخيال - إذا شوهدت فيه صورة ، وتجد له المعنى أو الروح في صورة مثالية أو خيالية ، ثم إذا رجع إلى الحس وشاهد حقية ذلك على الوجه المشهود.
فقد جعله الله حقا، أي أظهر حقية ما رأي في الوجود العيني حتة، فإن الخيال لا حقة له ولا ثبات.
كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام : "هذا تأويل ژینی من قبل قد جعلها ربي حقا " [يوسف : 100].
وكان هذا حال إبراهيم عليه الصلاة والسلام في مبدئه . فكان لا يرى رؤيا إلا وجد مصداقها في الحس ورأي حقيتها عينا. فكان عليه السلام لا أول رؤياه. وهو نوع من الكشف الصوري.
وسر ذلك أن الوارد إذا نزل من الخارج على القلب، ثم انعكس من القلب إلى الدماغ، فصورته القوة المصورة في المتخيلة و جسدته، خرج على صورة الواقع، لأن عكس العكس مطابق للصورة الأصلية.
فيشاهد صاحب الكشف المذكور شاهد الوارد مطابقة للصورة الأصلية على ما رآه في عالم الخيال.
وكان مشاهد إبراهيم عليه السلام على هذا، وقد تعود بذلك.
ثم لما نقله الله سبحانه إلى مقام من وسع قلبه الحق، وصار محل الاستواء الإلهي، فلا ينطبع في قلبه غالبا أمر من خارج ؛ بل من قلبه يكون المنبع، والانطباع الأول في الدماغ.
فانبعث الوارد - یعني القربان - من قلبه إلى القوة المتخيلة .
فصورت له المصورة ذلك القربان - وهو الكبش - على صورة إسحاق عليه السلام لمناسبة واقعة بينهما، وهي إسلامه لوجه الله وانقياده لأحكامه.
وأيضا كان الكبش صورة السر الذي أوجب عليه القربان ، وهو استسلامه لله وفناؤه فيه ؛ و«الولد سر أبيه».
وحيث كان الانطباع واحدا، لم يظهر بصورة الأصل.
فاحتاج إلى التأويل المعرب عن الأمر المراد بذلك التصوير على نحو انبعاثه من القلب .
فلما استيقظ عليه السلام، لم يفسر رؤياه بمقتضى الموطن.
بل جرى على سيرته الأولى على ما اعتاده .
وكان مشهد إسحاق عليه السلام أيضا من هذا القبيل.
فلما قال له: " يا بني إني أري في المنام أني أذبحك" [الصافات: 102].
أي لله قربانا ، قال : " يا أبت أبي أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" [الصافات: 102].
.


_u9p4kmy8Ec

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!