موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

شرح الجامي
على فصوص الحكم

تأليف: الشيخ عبد الرحمن الجامي

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية


01 . فص حكمة إلهية في كلمة آدمية .شرح عبد الرحمن الجامي فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح الشيخ نور الدين عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامي على متن فصوص الحكم للشيخ الأكبر

الفص الأدمي
متن نص فصوص الحكم :
لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء
أعیانیها وان شئت قلت آن یری عينة گون جامع یحصر الامُر كله ۔
لكونه مقصفاً بالوجود، و یظهر به بیرهٔ الیه .
شرح الجامي :
فص الشيء خلاصته و زبدته و فص الخاتم ما یزین به الخاتم ویكتب علیه اسم صاحبه .
قال ابن السكیت : كل ملتقی عظمین فكو فص .
والإلهية اسم مرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات كلها.
ففص الحكمة الإلهية عبارة عن خلاصة العلوم والمعارف المتعلقة بالمرتبة الإلهية.
أو عبارة عن محل يتنفس بها وهو قلب الإنسان الكامل، فإن الفص، كما أنه قد انطوى عني قوسي حلقة الخاتم وانطبق على أحدية جمعهما.
وكما أنه يختم بما ينطبع فيه من الصور ويعرب عن كليتها.
وكما أنه تابع لقالبه من التربیع و التثلیث والتدویر و غیرها.
و مستتبع لما یرد علیه كذلك قلب الانسان الكامل، له الإنطراء على قوسى الوجوب والإمكان والانطباق على أحدية جمعهما .
وله أن يعرب عما فيه من صور الحقائق وينبىء عن أحدية جمعها .
وكذلك له صورة تابعة لمزاج الشخص، كما أن له أن يستتبع تجلي الحق ويصوّره بصورته .
على ما نص عليه الشيخ رضي الله عنه في الفص الشعيبي .
ولا يبعد أن يجعل الفص عبارة عن أحدية جمع تلك العلوم والمعارف بناء على أن أحدية جمع الأشياء زبدتها وخلاصتها.
أو على أن الفصل الذي هو ملتقى قوسي حلقة الخاتم أو ملتقى كل عظمين بمنزلة أحدية جمعهما.
والمراد بالكلمة من كل موضع فی هذا الكتاب عین النبی المذكور فیه من حیث خصوصیته و حظه المتعين له ولأمته من الحق سبحانه .
فالحاصل أن أول ما ألقاه المالك عليه خلاصة علوم ومعارف متعلقة بالمرتبة الإلهية متحققة في كلمة آدمية.
أو خلاصة تلك العلوم والمعارف ، أو المحل القابل لها، أو أحدية جمعها متحققة في كلمة آدمية.
وإنما خصت الحكمة الإلهية بالكلمة الآدمية فإنها كما كانت المرتبة الإلهية عبارة عن أحدية جمع الأسماء الإلهية كذلك كانت الكلمة الآدمية عبارة عن أحدية جميع مظاهر آياتها فناسب أن تخص بها.
(لما شاء الحق سبحانه) بمشيئة أزلية هي الاختيار الثابت له سبحانه وليس أختباره سبحانه على النحو المتصور من اختبار الخلق الذي هو تردد واقع بين أمرین كل منهما ممكن الوقوع عنده فيترجح أحدهما لمزيد فائدة ومصلحة.
لأن هذا مستنكر في حقه سبحانه اذ لیس لدیه تردد و لا امكان حكمین مختلفین بل لا یمكن غیر ما هو المعلوم المراد في نفسه .
فأن قلت : فكیف یصح قولهم إن شاء أوجد العالم وإن شاء لم أوجد قلت : صدق الشرطية لایقتضی صادق المقدم أو امكانه، فقوله : ان لم یشاء غیر صادق بل غير ممكن.
فإن قلت: قد قال بعضهم في قوله تعالى: {ألم تر.إلي ربك كيف مدّ الظلّ}. أي ظل التكوين على المكونات {ولو شأء لجعله ساكنا} 45 سورة الفرقان.
ولم يمده فإن الحق لو لم يشاء إيجاد العالم لم يظهر ، وكان له أن لا يشاء فلا يظهر.
قلت :هذا إما لنفي الإيجاب المتوهم للعقول الضعيفة، وإما باعتبار ذاته الأحدية غني عن العالمين .
فإذا نظر العقل إلى غناه وعدم اقتضائه لذاته أحد المتقابلات حكم بأن له أن لا يشاء وجود العالم فلم يظهر العالم .
وأما إذا نظر إلى علمه الشامل حكم بعدم مشیئته بل بعدم امكانه (من حیث آسمانه) كله (الحسنی) ای المتناسبة فی بلوغها إلى مرتبة الكمال وترتب آثارها عليه (التي لا يبلغها الإحصاء) وألعد من حيث جریانها وإن كانت كلیاتها منحصرة فی تسعة و تسعین آلف و واحد ؛ وإنما قید بالحيثية، لأن ذات الحق سبحانه باعتبار إطلاقها له مرتبة الغنى عن العالمين ليس نسبته اقتضاء شيء من العالم.
ومشيئته إليها أولى من نسبة عدمها، وباعتبار تقيدها ببعض الأسماء لا يقتضي المظهر الجامع بل ما يكون مظهرا له فقط .
فاقتضاؤها المظهر الجامع لا يكون إلا من حيث جميع أسمائها الحسنى .
فلهذا قيد المشيئة بهذه الحيثية (أن يرى أعيانها) المتمايزة بعضها عن بعض في التعقل وذلك باعتبار مرتبة الواحدية (وإن شئت قلت أن يرى عينه) المتحدة الغير المتميز فيها اسم عن اسم وذلك باعتبار مرتبة الأحدية .
ويمكن أن يقال : تجويز العبارتين إنما هو بالنسبة إلى المرتبة الواحدية، فإن للأسماء فيها اعتبارین :
أحدهما: اعتبار و حدة الذات
و ثانیه ما : اعتبار كثرة النسب و الاعتبارات،
فالعبارة الأولى بملاحظة الاعتبار الثاني والثانية بملاحظة الأول (في كون) أي ما كون (جامع) وحداني يظهر فيه اسم وشأن وصفة بصورة الجمع وصفه وحكمه بحيث يضاهي الشأن الكلي الذي هو التعيين الأول .
وهذه الجمعية إنما تكون بأمرين:
أحدهما : أشتماله على الأسماء كلها بحيث لا يشذ شيء منها،
وثانيهما : صلاحية مظهريته بها كلها، فإن مجرد الاشتمال لا يستلزم صلاحية المظهرية وإلا لكان كل موجود مظهراً جامعاً .
وإلى الأوّل أشار بقوله: (يحصر الأمر) أي أمر الأسماء كأنها، وعلله بقوله: لكونه (متصفاً بالوجود) لأن اتصافه بالوجود إنما يكون بتجلى الوجود يرى فيه بأحدية جمع جميع شؤونه وأسمائه وإلى الثاني مما عطف عليه أعني قوله (ويظهر به)، أي
متن نص فصوص الحكم :
فإن رؤية الشي ء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرأة، فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له
شرح الجامي :
بالكون الجامع (سره) أي سر الحق وهو أسماؤه المستكنة فی غیب ذاته (إليه) .
أي إلی الحق سبحانه .
و یحتمل آن یكون قوله: یظهر به بالنصب عطفاً علی یری .
ویكون قوله : لكونه موجوداً متعلقاً بقوله: يرى على أنه علة مصححة للرؤية، فإن الشيء ما لم يكن موجودا لم تصبح رؤيته ، فتعلق المشیئة الذي هو المعنى المقصود الأصلى والعلة الغائية من اتحاد العالم ظهور الحق سبحانه فی هدا المظهر الجامع وشهوده فيه شؤونه و صفاته على وجه ينصبغ كل منها بأحكام الأخر كما مر .
أعلم أن رؤية الحق سبحانه أعيان الأسماء في الكون الجامع ينبغي أن يكون غير
العلم بها.
فإن العلم بها ثابت أزلاً وأبداً لا احتياج فيه إلى مظهر ولا سبق مشيئة،
فالمراد بها : إما العلم بعد الوجود فيكون التغير في المعلوم لا في العلم ، فالعلم بالشيء قبل وجوده علم وبعد وجوده رؤية وشهود، وليس فيه مزيد فائدة.
وأما الإبصار إما نظراً إلى مقام الجمع على أن يثبت البصر للحق سبحانه مغايراً لنسبة العلم سواء كانت صفة وجودية أو نسبة اعتبارية.
فالشيء قبل وجوده معلوم وبعد وجوده مرئي مبصر،فإن الشيء ما لم يوجد لم يبصر.
وإما نظراً إلى مقام الفرق فتكون الأشياء مرئية للحق سبحانه باعتبار ظهوره فی المظاهر فیكون مرائیاً فی المظاهر، كما آنه مرئی فیها .
فان قلت : آعيان الأسماء أمور معقولة فكيف تتعقل الرؤية لها.
قلت ذلك إنما هو باعتبار اتحاد المظاهر بالمظهر .
فإن قلت: بعض المظاهر أيضاً غير مدركة بالبصر كالمجردات.
قلت : إذا كان البصر مستنداً إلى مقام الجمع فيمكن أن لا يكون مشروطاً بأن يكون المبصر مادياً.
وإذا كان مستنداً إلى مقام الفرق فيمكن أن يكون المراد به قوة العلم والحضور سواء كان بالبصر أو البصيرة .
فإن قلت : أعيان بعض الأسماء وآثارها إنما تدرك بسائر القوى كالسمع واللمس والذوق والشام والقوى الباطنة ، فما وجه التخصيص بالرزية .
قلت : المراد بالرؤية : إما الإحساس مطلقاً بل الإدراك بعد الوجود أو ترك ما عداها، لأنه يعرف بالمقايسة.
ولما كان القائل أن يقول : إن الحق سبحانه كان يعلم الأسماء وأعيانها ويراها ويشاهدها أزلاً في مجلى التعيين الأوّل والثاني من غير وجود الكون الجامع في الخارج ، فأي حاجة إلى وجوده علل المشيشة.
دفعاً لذلك بقوله: (فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه) من غير توسط ظهوره في المظهر (ما هي) أي تلك الرؤية (مثل رؤية نفسه في أمر آخر يكون) هذا الأمر.
أي كذلك الشيء (كالمرآة) لانطباع صورته فيه (فإنه)، أي ذلك الشیء حین یظهر فی المظهر (تظهر له نفسه فی صورة یعطیها المحل المنظور فیه) بحسب قابليته لتجليه (مما لم يكن)، أي من صورة لم تكن (يظهر) هذه الصورة (له)، أي لذلك
متن نص فصوص الحكم :
من غير وجود هذا المحل و لا تجليه له.
و قد كان الحق سبحانه أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه، فكان كمرآة غير مجلوة. و من شأن الحكم الإلهي أنه ما سوى محلا إلا و يقبل روحا إلهيا عبر عنه بالنفخ فيه، و ما هو إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة لقبول
شرح الجامي :
الشيء بنفسه (من غير وجود هذا المحل) المنظور فيه (ولا تجليه)، أي تجلي ذلك الشيء (له) أي لهذا المحلي .
ولما كان الرائي ههنا هو الحق سبحانه عبر عن التقابل بالتجلي .
وقرأ بعضهم : ولا تجلية بالتاء على وزن تفعلة، أي ومن غير تجلية للمحل من الجلاء.
ثم إنه كذلك القائل أن يعود ويقول : كما كان الحق سبحانه يعلم نفسه بدون الكون الجامع كذلك كان تعليمها ما يلحقها عند ظهورها فيه، فأي حاجة إلى وجوده فعلة المشيئة في الحفيقة هي الرؤية المغايرة للعلم على أي وجه كانت لا غير.
لا يقال : يلزم من ذلك استكماله سبحانه بغیره.
لانه یقال : هذا الشيء له كالمرآة من مظاهره التي لیست غیره مطلقاً بل من وجه لا يخفى ما فى هذا الجواب ، فإن مرآئية هذا الشىء إنما هى من جهة المغایرة ، فیلزم الاستكمال به من حیث إنه غیر و يعسر لا المحذور .
فالحق في الجواب أن يقال : إن للحق سبحانه كمالين : ذاتياً وإسمياً.
وامتناع استكماله بالغير إنما هو في الكمال ألذاتي لا الأسمائي.
فإن ظهور أيام لأسماء تمتنع بدون ان مظاهر الكونیة، ولما بین رضي اللّه عنه تعلق المشینة بوجود الكون الجامع أردفه بذكر وجود شرائط وجوده بل موجباته بجملة حالية.
فقال : (وقد كان الحق سبحانه أوجد العالم كله)، أی أفاض علی أعيانه الثابتة وجوداً يماثل (وجود شبح مسوّى) معدل (لا روح فيه)، فإن كلاً من الموجودين يستتبع وجود أمر آخر فوجوب العالم يستتبع الكون العالم .
ووجود الشبح المسوي يستتبع وجود الروح و نفخه فيه (فكان) ، أي العالم بلا وجود الكون الجامع الذي هو بمنزلة الروح له (كمرآة غیر مجلوة)، لأن الروح للشبح المسوى بمنزلة الجلاء للمرأة إذ بهماً كمالهما.
ثم أنه رضي الله عنه بين حال الممثل به ليعلم حال الممثل له .
فقال : (ومن شأن الحكم الإلهي) وإجراء سنته (أنه تعالی ما سوی محلاً)، أي مزاجاً يصلح لفيضان الروح عليه.
وإنما قيدنا بذلك ليصح قوله لا بد وأن يقبل روحاً إلهياً، فإن (روحا إلهيا) يتكون عند التسوية ويتعلق بالمسوّى كالأرواح الجزئية لجمهور الناس.
أو يتخلق به عند التسوية بعلم ما كا موجوداً قبلها كالأرواح الكلیهٔ أی يتكمل من أولياء الله تعالی (عبر عنه)، اي عن ذلك القبول (بالنفخ فيه)، أي في المحل المسوّى، وفيه مسامحة.
لأن قبول الروح لازم للنفخ لا عينه، فاللائق به أن يجعل عبارة عن إفاضة
الروح ، لا عن قوله لأن النفخ صفة النافخ لا المنفوخ فيه .
متن نص فصوص الحكم :
الفيض التجلي الدائم الذي لم يزل و لا يزال. و ما بقي إلا قابل، و القابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس.
فالأمر كله منه، ابتداؤه و انتهاؤه، "و إليه يرجع الأمر كله" 123 سورة هود ، كما
شرح الجامي :
وقال الشيخ مؤيد الدین الجندي رحمه الله فى قوله :
و عبر عنه ، یعود الضمیر إلی الروح لا بمعنى أن الروح هو النفخ بل بمعنى أن الله تعالى ذكر تعين الروح في المحل بعد التسوية بهذه العبارة فقال تعالى : " و نفخت فيه من روجى " 29 سورة الحجر.
(وما هو) أي النفخ ( إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسوّاة) وفيه أيضاً مسامحة .
فإن حصول قوله : المسوّاة ، وجعله الشیخ الجنید رحمه الله تعالی لسان الحكم الإلهي .
وفيه بعد اللام في قوله : (لقبول الفيض) متعلق بالاستعداد .
وقوله : (التجلي الدائم الذي لم یزل)، أي من الأزل (ولا يزال) ، أي الی الأبد بدل من الفیضك بدل الكل . والفیض مفعول للقبول وفاعله الصورة المسوّاة.
ومعنى قبولها الفيض أعني التجلي المذكور، وإن كانت موجودة إن ذلك المتجلی هيولانی الوصف وإنما ی تعبیر ويتقيد بحسب المتجلی له.
فإذا كان المتجلى له عيناً ثابتة غير موجودة يكون هذا التجلى بالنسبة إليه تجلياً وجودياً.
وإن كان وجوداً خارجاً كالصورة المسواة، يكون التجلي بالنسبة إليها بالصفات وتفيد صفة غير الوجود كصفة الحياة ههنا .
وفي بعضی النسخ فیضك التجلي بدون اللام فالإضافة بيانية والمعنى ما سبق أولاً منه .
والفیض عبارة عما یفید التجلی المذكور للصور المسؤاة من صفة الحياة ، وع كیك الروح المفاض إليها المتعلق بها.
ونصب التجلي الدائم على أن يكون مفعولاً للقبول، والفیض فاعلا له لا تظاهر صحة معناه إلا بتكلف و تعسف.
ولما كان أمر الوجود دائرا بين الفاعل والقابل والفعل والأثر واستناد كل من الفاعل والفعل والأثر إلى الحق سبحانه ظاهر مما سبق.
فلم يبق غير مستند إليه سبحانه إلا القابل أعني الأعيان الثابتة القابلة من الفاعل الحق وتجليه الدائم الذي هو فعله قبض الوجود.
فلذا قال : (وما بقي) غير مستند إلى الحق سبحانه (إلا قابل) وهو الأعيان الثابتة ألقابلة للتجلى الوجودي الدائم (والقابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس) من شوائب الكثرة .
وهو عبارة عن التجلي الحبى الذاتى الموجب لوجود الأشياء واستعداداتها فى الحضرة العلمية.
والفيض المقدس عبارة عن التجلی الوجودي الموجب لظهور مما تقتضیه تلك الاستعدادات في الخارج (فالأمر)، أي من أمر الوجود (كله منه) ، أي من الحق سبحانه (ابتداؤه) بحسب فيضه الأقدس وتجلية تصور الأعيان الثابتة في العلم (و) منه (انتهاؤه) أيضا بحسب فيضه المقدس وتجلية تصوّر الأعيان الموجودة في العين (وإليه يرجع الأمر كله) بالفناء فيه
متن نص فصوص الحكم :
ابتدأ منه .
اقتضى الأمر جلا، مرأة العالم، فكان آدم عين جلاء تلك المرأة وروح تلك التنورة.
وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم بـ : الإنسان الكبير.
فكانت الملائكة له كالقوى الروحانية والجنسية التي هي النشأة الإنساني .
وكل قوة محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها.
وأن فيها فيما تزعم، الأهلية لكل منصب عالي ومرتبة رفيعة عند الله ما عندها
شرح الجامي :
آخر (كما ابتدأ منه) عند الوجود عن عدم أول (فاقتضى الأمر) جواب تما وإلقاء تبعد العهد، أي اقتضى الأمر المذكور من المشبه والتسوية وكون شأن الحكم الإلهي ما ذكر (جلاء مرآة العالم) ونفخ الروح في صورته المسواة (فكان آدم) بوجوده العيني (جلاء تلك المرأة وروح تلك الصورة)، ولما انجر كلامه رضي الله عنه إلى أن آدم روح صورة العالم أراد أن يبين نسبة الملائكة القادحين في خلافته إلى صورة العالم ومنشأ محجوبيتهم عن إدراك كماله ليكون توطئة للتنبيه على خطابهم في ذلك القدح كما سيجيء عن قريب.
قال : (وكانت الملائكة ) القادحون في خلافة آدم وهي ما عدا الجبروت والنفوس المجردة (من بعض قوى تلك الصورة التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم) الصوفية المحققين (بالإنسان الكبير) صورة كما يعبرون عن الإنسان بالعالم الصغير صورة، وذلك لأن النشأة الواحدة تفصيلها العالم وإجمالها الإنسان ، وإنما قلنا صورة لأن الأمر بحسب المرتبة بالعكس، فإن للخليفة استعلاء على المستخلف عليه وإنما فال رضي الله عنه :
من بعض قوى تلك الصورة، لأن لها قوی أخر : كالجن والشياطين (فكانت الملائكة القوى الروحانية من المتخيلة والمتفكرة والحافظة والذاكرة والعاقلة (والحسبة) كالباصرة والسامعة و الشامة والذائقة واللامسة
التي هي (النشأة الإنسانية) فكما أن النفس الناطقة تدبر البدن بواسطة هذه القوى كذلك النفس الكلية تدبر العالم كله بواسطة الملائكة (وكل قوة) من تلك القوى الملكية (محجوبة بنفسها) عن معرفة فضيلة الجمعية الإنسانية الكمالية (لا تری) ذاتا (أفضل من ذاتها ) بل ترى ذاتها أفضل مما عداه (وإن فيها) بالهمزة المكسورة عطف على جملة كل قوة، ومشعر بتعليل مضمونها ، والضمائر كلها راجعة إلى القوة .
وصححها القيصري بفتح الهمزة وجعلها معطوفة على أفضل من ذاتها والضمير للنشأة الإنسانية ولكن يأبى عنه قوله :
(فيما تزعم)، أي أن كل قوة في زعمها لا في الواقع (الأهلية لكل منصب عالي
:متن نص فصوص الحكم
من الجمعية الإلهية .
بين ما يرجع من ذلك إلى الجناب الإلهي، وإلى جانب حقيقة الحقائق، و- في النشأة الحاملة لهذه الأوصاف - إلى ما تقتضيه الطبيعة الكلية التي حضرت قوابل العالم كله أعلاه وأسفله .
وهذا لا يعرفه عقل بطریق نظر فكري، بل هذا الفن من الإدراك لا يكون إلا
شرح الجامي :
ومنزلة رفيعة) كالخلافة (لما) تحتق (عندها)، أي عند كل فترة (من الجمعية الإلهية) أحدية جميع الأسماء والصفات الوجوبية والحقائق المظهرية الإمكان دائرة بين (ما يرجع من ذلك)، أي مما عنده (إلى الجمع الإلهي) أحدية جمع الأسماء الوجوبية الغالبة الفعالة المؤثرة (و) بین ما يرجع منه (إلى جانب حقيقة الحقائق) الإنسانية السافلة المنفعلة المتأثرة (و) بين ما يرجع منه (في النشأة الحاملة لهذه الأوصاف)، أي القرى التابعة لها تبعية الأوصاف لموصوفاتها إلى ما تقتضيه الطبيعة الكلية من الصورة الروحانية والمثالية والجسمانية وتوابعها، وفي بعض النسخ الطبيعة الكل، فالكل بدل منها أو عطف بيان لها، ولما كانت الطبيعة في عرف أهل النظر مختصة بالجسمانيات، وأراد تعميمها كما يقتضيه الكشف وصفها بقوله : (التي حصرت قوابل العالم كله) و مواده (أعلاه) الروحاني (وأسفله) الجسمانين
اعلم أن الحقائق ثلاث:
الأولى :حقيقة مطلقة فعالة واحدة عالية واجبة وجودها بذاتها وهي حقيقة الله تعالى.
والثانية : حقيقة مقيدة منفعلة سافلة قابلة للوجود من الحقيقة الواجبة بالفيض والتجلي وهو حقيقة العالم.
وحقيقة ثالثة : أحدية جامعة بين الإطلاق والتقييد والفعل والانفعال والتأثير والتأثر فهي مطلقة من وجه مقيدة من آخر فعالة من جهة منفعلة من أخرى.
وهذه الحقيقة أحدية جمع الحقيقتين ولها مرتبة الأولية الكبرى والآخرية العظمى. وذلك لأن الحقيقة الفعالة المطلقة في مقابلة الحقيقة المنفعلة المقيدة وكل مفترقين فلا بد لهما من أصل هما فيه واحد مجمل وهو فيهما متعدد مفصل، إذ الواحد أصل العدد والعدد تفصيل الواحد، وظاهرية هذه الحقيقة هي الطبيعة الكلية الفعالة من وجه، والمنفعلة من آخر .
فإنها تتأثر من الأسماء الإلهية وتؤثر في موادها وكل واحدة من هذه الحقائق الثلاث حقيقة الحقائق التي تحتها.
ولما سرت أحدية جمع الموجود في كل حقيقة من الجزئيات انبعثت إنابة كل تعين تعين بأن نه استحقاق الكمال الكني الأحدي وما تحققت أن تعين الكمال الأحدي الجمعي إنما يكون بحسب القابل واستعداده (وهذا)، أي حصر الطبيعة قوابل العالم كله (لا بعرفه عقل بطریق نظر فكري)، بأن تتحرك من الطالب المشعور بها توجه إلى مباديها المعلومة ومنها إلى تلك المطالب.
وذلك لأن معرفة هذا الحصر لا تحصل إلا بمعرفة الطبيعة، ومعرفتها على م
:متن نص فصوص الحكم
عن كشف إلهي منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه .
فسمي هذا المذكور إنسانا و خليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحضرة الحقائق
شرح الجامي :
يؤدي إليه النظر الفكري لا يتجاوز عما هو معلوم لعلماء الرسوم من اختصاصها بالأجسام السفلية والأجرام العلوية (بل هذا الفن)، أي النور (من الإدراك) و المعرفة (لا يكون إلا عن كشف إلهي) حاصل بالتوجيه والافتقار التام إلى الله سبحانه وتفريغ القلب.
وتعريته بالكلية من جميع التعلقات الملكوتية والعلوم والقوانين الرسمية (منه)، أي من ذلك الكشف الإلهي (يعرف ما أصل صورة العالم) المنطبعة في مواده بفعل تأثير من ذلك الأصل (القابلة) لتلك الصورة (لأرواحه) المنفوخة فيها إن كانت من الصور المجردة.
فالمراد بأرواحها الأسماء التي هي مظاهر لها فإن نسبة الظاهر إلى المظهر نسبة الروح إلى الصورة المساواة له.
اعلم أن الطبيعة في عرف علماء الرسوم قوة بين قوى النفس الكلية سارية في الأجسام الطبيعية السفلية والأجرام العلوية فاعلة تصورها المنطبعة في موادها الهيولانية .
وفي سر من مشرب الكشف والتحقيق إشارة إلى حقيقة إلهية فعالة للصور كلها . وهذه الحقيقة بفعل الصورة الاسمانية بباطنها في المادة العلمية فإن النشأة واحدة جامعة تحقيقها للصور الحقانية الوجوبية والصور الخلقية الكونية روحانية كانت أو مادية أو جسمانية بسيطة أو مركبة.
والصور في صور التحقيق الكشفي علوية وسفلية ؛ فالعلوية حقيقة وهي صور الأسماء الربوبية والحقائق الوجوبية ومادة هذه الصور الروحانية هي النور.
وأما الصور السفلية في صور الحقائق الإمكانية .
وهي أيضا منقسمة إلى علوية وسفلية ؛ فمن العلوية ما سبق من الصور الروحانية، ومنها صور عالم المثال المطلق والمقيد.
وأما السفلية فمنها صور عالم الأجسام للغير العنصرية كالعرش والكرسي ومادتها الجسم الكل ومنها صور العناصر والعنصريات.
ومن العنصريات الصور الهوائية والنارية والمازجية.
مادة هذه الصور الهواء والنار وما اختلط معهما من الثقيلين الباقين من الأركان المغلوبين في الخفيفين.
ومنها الصور السفلية حقيقة وهي ما غلب في نشأته
الثقيلان وهم : الأرض والماء .
على الخفيفين وهم: النار والهواء.
وهي ثلاث صور معدنية وصور نباتية وصور حيوانية وكل عالم من هذه العوالم تستعمل على صور شخصية لا تتناهى ولا يحصيها إلا الله سبحانه. والحقيقة الفعالة الإلهية فاعلة بباطنها الصور الأسمائية وظاهرها الذي هو الطبيعة الكلية تفعل ما عداها من الصور.
فالحقيقة الإلهية أصل جميع الصور والطبيعة الكلية التي هي مظهرها أصل صور العالم كله (تسمى هذه) الكون الجامع (المذكور إنسانا وخليفة فأما إنسانيته فلعموم نشأته) المرآتية .
فإن له ثلاث نشأت :
نشأة روحية
ونشأة عنصرية
ونشأة مرآتية هي أحدية جمعهم
والعموم أهل
:متن نص فصوص الحكم
كلها وهو يلحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي به يكون النظر وهو المعبر عنه بالبصر .
فإنه به نظر الحق تعالى إلى خلقه فرحمهم .
شرح الجامي :
المرآتية (وحصره الحقائق كلها) إلهية كانت أو كونية (وهو)، أي الكون الجامع (للحق سبحانه بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وهو)، أي إنسان العين (هو المعبر عنه بالبصر) الذي به يبصر الشيء ويؤنس (فلهذا)، أي لمعنى الإبصار المتضمن للإنسان (سمي) إنسان العين (إنسانا) وهو فعلان من الأنس للمبالغة فيه (فإنه) الضمير للشأن أو للكون الجامع (به)، أي بالكون الجامع المذكور (نظر الحق سبحانه إلى خلقه فرحمهم).
قوله : فلعموم نشأته مقدمة تقوله :
فإنه به نظر الحق فإنه لو لم تكن نشأته عامة حاصرة للحقائق كلها لم يمكن به النظر إلى خلفه كله.
وتوصيف إنسان العين بقوله : الذي يكون النظر واردة فالوصف بقوله : وهو المعبر عنه بالبصر إشارة إلى وجه تسمية إنسان العين بالإنسان وهو كونه بحيث يبصر ويؤنس به.
ولهذا فرع عليه قوله : فلهذا سمي إنسانا.
وقوله : وهو للحق بمنزلة إنسان العين إشارة إلى أن وجه التسمية كما أنه متحقق في إنسان العين كذلك متحقق في الكون الجامع.
وقوله : فإنه به نظر الحق تعليل له.
ولو حمل قوله : فلهذا سمي إنسانا على أن معناه فلكون الكون الجامع بمنزلة إنسان العين للحق سبحانه . سمي ذلك الكون الجامع إنسان .
و جعل قوله : فإنه نظر الحق علة له لا لما ذكر في الوجه الأول كان علة للعلية كما لا يخفى.
وإذا تحقق وجه تسمية إنسان العين بالإنسان الكون الجامع فكما يناسب تسمية إنسان العين به كذلك يناسب تسمية الكون الجامع بالإنسان بواسطة تسمية إنسان العين به ، فإن العكس أولى كما لا يخفى وعلى هذا التقدير هذا الكلام وجه واحد للتسمية لا رجحان.
ويمكن أن يجعل وجهين :
أحدهما : قوله لعموم النشأة، فإن عموم النشأة وحضرة الحقائق كلها تقتضي أن يكون له مع كل حفيفة نسبة مخصوصة بها أنس بالكل وأنس الكل به ، فيتحقق معنى الأنس فيه .
وثانيها : قوله: وهو للحق بمنزلة إنسان العين لأنه يفهم منه وجه تسمية إنسان العين به وهو متحقق بعينه في الكون الجامع كما عرفت.
ثم اعلم أن الشيخ الكبير رضي الله عنه أورد في كتاب "الفكوك" أن الإنسان الكامل الحقيقي هو البرزخ بين الوجوب والإمكان والمرأة الجامعة بين صفات القدم وأحكامه و بين صفات الحدثان .
وهو الواسطة بين الحق والخلق وبه ومن مرتبته يصل فیض الحق والعدد الذي هو سبب بقائه ما سوى الحق إلى العالم كله علوا وسفلا.
ولولاه من حيث برزخيته التي تغاير الطرفين لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحداني لعدم المناسبة والارتباط ولم يصل إليه . انتهى كلامه.
وكان الشيخ رضي الله عنه ما أراد بنظر الحق به إلى خلقه ورحمته عليهم إل
:متن نص فصوص الحكم
هو الإنسان الحادث الأزلي و النشؤ الدائم الأبدي، والكلمة الفاصلة الجامعه . تم العالم بوجوده .
هو من العالم كفص الخاتم من الخاتم، الذي هو محل النقش والعلامة التي بها يختم الملك على خزانته، وسماه خليفة من أجل هذا.
شرح الجامي :
وصول الفيض من مرتبته إليهم (فهو)، أي (الإنسان) هو (الحادث) بوجوده العيني العنصري بالذات والزمان.
أما حدوثه الذاتي فلعدم اقتضاء ذاته الوجود.
وأما حدوثه الزماني فلكون نشأته العنصرية مسبوقة بالعدم الزماني (الأزلي) المتقدم على سائر الأعيان باعتبار وجوده العلمي في عينه الذاتية .
وأما بحسب وجوده الغيبي الروحي فإن كان من الكمل فهو أيضا أزلي فإن نفوس الكمل كلية أزلية مساوية في الوجود للعقل الأولى.
وأما من كان نفسه جزئية يستحيل عليه ذلك، لأن النفوس الجزئية لا تتعين إلا بعد حصول المزاج وبحسبه، ولا وجود لها قبل ذلك. كذا قال الشيخ الكبير في بعض رسائله .
والفرق بين أزلية الأعيان الثابتة وبين بعض الأرواح المجردة وبين أزلية المبدع إياها أن أزلية المبدع تعالی نعت سلبي ينفي الأولية بمعنى افتتاح الوجود من العدم، لأنه عين الوجود وأزلية الأعيان والأرواح دوام وجودها مع دوام مبدعها مع افتتاح الوجود من العدم لكونه من غير م (والنشاء الدائم الأبدي) النشاء النمو والارتفاع والازدياد والمراد به ذو النشاء.
أي الذي ينمو ويزداد دائما ابدا في المراتب هو الإنسان الكامل فإن أول مراتبه :
التعيين الأول الذي هو الحقيقة المحمدية
ثم التعيين الثاني الذي هو صورته التفصيلية
ثم العقل الأول
ثم النفس الكلي
وهكذا إلى آخر المراد الذي هو نشأته العنصري لا يزال يزداد وينمو بحسب التجليات الإلهية والشؤونات الربانية دائما أبدأ دنيا وآخرة.
(والكلمة الفاصلة الجامعة)، الكلم ثلاث:
كلمة جامعة لحروف الفعل والتأثير التي هي حقائق الوجوب .
و كلمة جامعة لحروف الانفعال التي هي حقائق الإمكان .
وكلمة برزخية جامعة بين حروف حقائق الوجوب وبين حروف حقائق الإمكان فاصلة متوسطة بينهما .
وهي حقيقة الإنسان (بوجوده) العنصري ووصوله إلى الكمالي الجدعي فإنه لو لم يوجد هذا الإنسان في العالم لم يحصل كمال الجلاء والاستجلاء الذي هو العلة الغائية من اتحاد العالم .
وإنما قال بوجوده ولم يقل به لأن وجوده منفي نفيا أزليا علما وظهورات في المراتب و بانسحاب القبض الوجودي العين عليه بحسب نشأته العنصرية يتم العالم ويكمل كما عرفت.
(فهو)، أي الإنسان (من العالم كفص الخاتم من الخاتم) وكما يكون تمامية الخاتم وكماله بالفص ونقصانه بعده .
كذلك تمامية العالم وكماله بالإنسان ونقصانه بعدمه (وهو)، أي الفص (محل النقش) أي نقش اسم صاحب الخاتم وغيره مما ينقش على الفصوص (والعلامة التي بها) يتميز بعض عن بعض وبه (يختم الملك على خزائنه)

متن نص فصوص الحكم :
لأنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن فما دام ثم المليك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه ، فاستخلفه في حفظ العالم لا يزال العالم محفوظة ما دام فيه هذا الإنسان الكامل.
شرح الجامي :لئلا يتصرف فيها أحد فيبقى محفوظة .
وكذلك الإنسان الكامل هو محل نفوس الأسماء الإلهية وعلامة أحدية جمعها التي بها تستحق أن يختم به على خزائنه الدنيا والآخرة
(وسماه) الحق سبحانه (خليفة) حيث قال تعالى : "إني جاعل في الأرض خليفه" آية 30 سورة البقرة.
(من أجل هذا)، المعنى الذي هو الختم (لأنه) أي الإنسان الكامل لكونه ختمة أو الحق سبحانه بالإنسان الكامل الختم (هو الحافظ خلقه) وإلى الأول ينظر قوله : (كما يحفظ الختم الخزائن) من التصرف فيه (فما دام ختم الملك عليها لا يجسر)،

أي لا يجترئ (أحد على فتحها)، أي فتح تلك الخزائن والتصرف فيه (إلا بإذنه) أي الملك.
وكذلك ما دام الإنسان الكامل في العالم لا يتسلط حقائق المباينة التي في حقائق خزائن العالم على فتحها والتصرف فيها إلا بإذن الحق سبحانه (فاستخلفه) أي الحق سبحانه الإنسان الكامل (في حفظ العالم) من الخلل الذي تقتضيه التفرقة والمباينة التي في حقائق العالم من الخصوصيات التي بها يتميز بعضها عن البعض (فلا يزال العالم محفوظة) من هذا الخلل (ما دام فيه هذا الإنسان الكامل) وكان قائما بخلافة الحق سبحانه في حفظ العالم .
فإذا أذن لهذا الإنسان الكامل بالخروج عن الدنيا وأمره الانفكاك عن خزينتها إلى الأخرى خربت الخزينة وانتهب ما فيها.
وحفظ العالم عبارة عن بقاء صون أنواع الموجودات على ما خلفت عليها الموجب لبقاء كمالاتها وآثارها باستمداده من الحق التجليات الذاتية و الرحمة الرحمانية والرحيمية بالأسماء والصفات التي هي الموجودات صارت مظاهرها و محل استوائها.
اعلم أن النشأة الدنيوية الحسية بمنزلة خزانة إختزن الحق سبحانه فيها الحقائق الإمكانية المظهرية والحقائق الأسمائية الإلهية الظاهرة بها .
ولا شك أن كل واحدة من تلك الحقائق الإمكانية عبارة عن أحدية جمع حقائق بسيطة متباينة متمايزة.
مقتضية بذاتها الافتراق في الامتياز كما كانت في الرتب العلمية متحدة بالوجود الواحد الذي يقتضي بذاته الوحدة وزوال الكثرة .
وباعتبار هذا الوجود الواحد ظهر بعضها متبوعة وبعضها تابعة، وبعد اتحادها بالوجود الواحد صارت حقيقة مظهرية تظهر فيها الأسماء الإلهية بحسب قابليتها واستعدادها وجمعيتها، ولما كان الكون الجامع والإنسان الكامل أحدية جمع جميع الحقائق الإمكانية المظهرية.
وكان المقصود الأصلي والغاية القصوى من إيجادها وجوده العنصري.
الذي هو مظهر أحدية جميع الحقائق الإلهية كان وصول الإمداد الإلهي والتجلي الوجودي إلى الحقائق المظهرية كلها قبل وجوده العنصري بواسطته ومن مرتبته.
وبعد وجوده العنصري فوض ذلك الإمداد إليه بأن وقع التجلي الأحدي الوجودي
متن نص فصوص الحكم
ألا تراه إذا زال و فك من خزانة الدنيا لم يبق فيها ما اخترنه الحق تعالى فيها وخرج ما كان فيها والتحق بعضه ببعضه، وانتقل الأمر إلى الآخرة فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبدا .
فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة الله تعالى على الملائكة .
شرح الجامي :
الجمعي أولا على حقيقته الأحدية الجمعية وبرقيقة المناسبة التي بينه وبين حقيقة سري إليها ثانية.
فما دام كان ذلك الكامل مقصودة إيجاده أو بقاؤه في النشآت الدنيوية ووصل قبض التجلي من مرتبنه أو وجوده إليها.
بقيت تلك الحقائق محفوظة من الخلل الذي تقتضيه التفرقة والمباينة التي كانت عنها قبل إيجادها بالوجود الواحد .
والوحدة الذاتية لذلك التجلي وكان كالختم عليها لئلا يفتحها تسلط تلك التفرقة والمباينة عليها واقتضى التجلي التقلص والانسلاخ عنه (ألا تراه)، أي الإنسان الكامل (إذا زال) بأن يرتحل خاتم الولاية المطلقة .
فلا يظهر بعده إنسان كامل (وفك من خزانة الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق سبحانه) من الحقائق المظهرية والأسماء الإلهية الظاهرة به (وخرج ما كان فيها) من الحقائق المظهرية والأسماء الإلهية.
(والتحق بعضه)، أي التحق في النشأة الدنيا بعض ما اختزنه الذي له مرتبة الفرعية والجزئية (بعض) آخر له مرتبة الأصلية الكلية .
أي الفروع بأصولها والجزئيات بكلياتها كالتحاق المواليد بالعناصر.
أو التحق بعض الفروع ببعض آخر لرجوعهما إلى الأصل الجامع لهما.
أو التحق في النشاءة الآخرة بعض ببعض لمناسبة بينهما إما في درجات الجنان أو دركات النيران.
أو التحق بعض ما اختزنه الحق في الدنيا ببعض ما اختزنه في الآخرة بانتقاله من الصورة الدنيوية إلى الصورة الأخروية.
فكأن الصورة الدنيوية التحقت بالصورة الأخروية واندر جت فيه
(وانتقل الأمر)، أي أمر الظهور والإظهار من النشأة الدنيا العنصرية الكثيفة الزائلة (إلى) النشأة (الآخرة) النورية اللطيفة البافية واختزن الحق الأسماء ومظاهرها في خزانة الآخرة.
(وكان ذلك الإنسان الكامل (ختمة على خزانة الآخرة ختمة أبدية) كما كان ختمة على خزانة الدنيا ختمة مفكوكا عنها، ولما استخلف الحق سبحانه الإنسان الكامل ومن شرط الخليفة أن يكون على صورة المستخلف.
فرع: رضي الله عنه قوله : ( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية) يعني أحدية جمع الأسماء الإلهية وصورة اجتماعه (من الأسماء) بيان لما في الصورة في هذه النشأة الإنسانية الجامعة بين النشأة الروحانية والعنصرية التي هي أحدية جمع مظهريات تلك الأسماء (فحازت)، أي جمعت هذه النشأة (رتبة الإحاطة) بجميع الأسماء (والجمع)، أي ورتبة جمعية مظاهرها.
(بهذا الوجود)، أي الوجود العيني العنصري (وبه)، أي بكونه حائز رتبة الإحاطة والجمع
متن نص فصوص الحكم:
فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك، وانظر من أين أبي على من أتي عليه .
فإن الملائكة، لم تقف مع ما تعطيه نشأة هذا الخليفة ولا وقفت مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية .
فإنه ما يعرف أحد من الحق إلا ما تغطيه ذاته.
وليس الملائكة جمعية آدم .
ولا وقفت مع الأسماء الإلهية التي تخصها وسبحت الحق بها وقدسته، وم
شرح الجامي :
(قامت الحجة)، أي حجة الحق سبحانه في ادعاء استحقاقه الخلافة.
حيث قال: "إني جاعل في الأرض خليفة" (على الملائكة) القادحين في ذلك الاستحقاق.
بقوله : "أتجعل فيها من يفسڈ فيها ويسفك الدماء"آية 30 سورة البقرة .
(فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك) يعني الملائكة (وانظر من این اني على من أتي عليه) مبني للمفعول .
يقال : أتاه وأتى به وأتى عليه ولا يستعمل مبنيا للمفعول إلا في المكاره يريد رضي الله عنه إتيان المعاتبة وتوجه المطالبة من قبل الحق سبحانه على الملائكة في اعتراضهم على الحق وجرحهم لأدم وتزكيتهم أنفسهم .
ثم اعلم أن ههنا أمور ثلاثة :
أحدها: نشأة هذا الخليفة.
وثانيها: حضرة الحق الذي أراد أن يجعله خليفة .
وثالثها: نشأة الملائكة الذين شاورهم في هذا الجعل.
والوقوف مع كل واحد من هذه الأمور والعمل بما يقتضيه منع من الاعتراض على جعله خليفة .
فأراد الشيخ رضي الله عنه أن ينبه على أن منشأ اعتراض الملائكة المفضي إلى هذه المعاتبة والمطالبة هو عدم وقوفهم من هذه الأمور والعمل بمقتضاه.
فقال : (فإن الملائكة لم تقف)، أي لم تتوقف (مع ما تعطيه)، أي تقتضيه (نشأة هذا الخليفة) وتجاوزت عن مقتضاه.
(ولا وقفت) الملائكة أيض (مع ما تقتضيه حضرة الحق سبحانه) ويستحقه من العبادة الذاتية التي هي من مقتضيات ذاته وذوات عبيده سبحانه .
وهي الانقياد لأمره والخضوع تحت حكمه .
وإنما لم يقفوا مع ما تقتضيه نشأة هذه الخليفة ولا مع ما يقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية.
(فإنه ما يعرف أحد من الحق سبحانه إلا ما تعط ذاته) من الأسماء التي هو مظهره (وليس للملائكة جمعية آدم)، أي جامعيته للأسماء كلها .
فما عرفوا من الحق الأسماء التي تخص آدم وهي الأسماء الثبوتية التشبيهية.
فما عرفوا من آدم الجمعية الأحدية الكاملية المقتضية لرعاية الأدب معه والنزول إليه والدخول تحت حكمه لا الجرح والطعن فيه.
وانبعث بهم معنى الحسد والتعصب وصار غشاوة بصر بصيرتهم "الذي" تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية.
فلا جرم تجاوزوا عن مقتضى شأنه ولم ينقادوا لأمر الحق خلافته (ولا وقفت) أيض (مع الأسماء الإلهية التي تخصها) وهي الأسماء السلبية التنزيهية وتجاوزت عن مقتضاها.
فإن مقتضاها وهي شطر من الأسماء الإلهية الانقياد لمن نشأته تعمها .
وغيرها من تلك الأسماء (وسبحت) الملائكة (الحق) سبحانه
متن نص فصوص الحكم:
علمت أن لله أسماء ما وصل علمها إليها، فما سبحته بها ولا قدسته فغلب عليها ما ذكرناه، وحكم عليها هذا الحال.
فقالت من حيث النشأة : "أتجعل فيها من يفسد فيها" آية 30 سورة البقرة.
وليس إلا النزاع وهو عين ما وقع منهم فما قالوه في حق آدم هو عين ما هم فيه مع الحق.
فلولا أن نشأتهم تعطي ذلك ما قالوا في حق آدم ما قالوه وهم لا يشعون.
فلو عرفوا نفوسهم لعلموا، ولو علموا لعصموا.
شرح الجامي :
(بها)، أي بتلك الأسماء عطف على تخصها (وقدسته) أيضا بها .
ولما كان منشأ عدم وقوفهم مع مقتضى تلك الأسماء عدم علمهم بما عداها مما هو في نشأة الخليفة .
صرح الشيخ رضي الله عنه بها عاطفا على قوله : ولا وقفت
فقال : (وما علمت) ، أي الملائكة (أن الله سبحانه أسماء) أخرى غير ما سبحوه به (ما وصل علمها)، أي علم الملائكة (بها)، أي بتلك الأسماء الأخرى كالخالق والرازق والمصور والسميع والبصير والمعظم.
وغير ذلك مما يتعلق بالنعيم والعذاب والموت والهلاك والسقم والشفاء وسائر الأسماء التي تخص عالم الأجسام والطبيعة (فما سبحته) أي الملائكة الحق سبحانه
بها)، أي بتلك الأسماء.
(ولا قدسته) كما يسبحه آدم ويقدسه .
فإن قلت: ما معنى التقديس والتنزيه في الأسماء المنبئة عن التشبيه؟
قلنا : فيها تقديس وتنزيه عن الانحصار في التنزيه .
فحال التقديس التنزيه عن الانحصار في التنزيه أو التشبيه أو الجمع بينهم (فغلب عليها)، أي على الملائكة (ما ذكرناه) من عدم وقوفهم مع الأمور الثلاثة (وحكم عليها)، أي على الملائكة (هذا الحال) أي غلبة ما ذكرناه عليهم أو ما ذكرناه وهو عدم وقوفهم معها .
(فقالت) أي الملائكة (من حيث النشأة) التي تخصهم بلسان التنافي والتنافر الذي بين الوحدة والبساطة الملكيتين، وبين الكثرة و التركيب الإنسانيين.
"أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " آية 30 سورة البقرة .
(وليس) ما ينسبونه إلى آدم من الإفساد وسفك الدماء (إلا النزاع) و المخالفة لا من الحق (وهو)، أي ذلك النزاع (غير ما وقع منهم) مع الحق من اعتراضهم عليه في جعله آدم خليفة.
(فما قالوه في حق آدم) مع الحق من النزاع والمخالفة (هو عين ما هم فيه مع الحق) منهما حال اعتراضهم على الحق والطعن في آدم (فلولا أن نشأتهم تعطي ذلك) النزاع مع الحق سبحانه ويقتضي ذلك الاعتراض (ما قالوا في حق آدم ما قالوه وهم لا يشعرون) مع الحق سبحانه.
(فلو عرفوا نفوسهم)ونشأتهم التي تخصهم لعلموا أن ما قالوه هو النزاع مع الحق سبحانه الذي هو من لوازم نشأتهم وأحكام نفوسهم (ولو علموا) ذلك( لعصموا) من الإقدام على النزاع

متن نص فصوص الحكم:ثم لم يقفوا مع التجريح حتى زادوا في الدعوى بما هم عليه من التقديس والتسبيح .
وعند آدم من الأسماء الإلهية ما لم تكن الملائكة تقف عليها ؛ فما سبحت ربها بها ولا قدسته عنها تقديس آدم وتسبيحه.
فوصف الحق لنا ما جرى لنقف عنده ونعم الأدب مع الله تعالى.
فلا ندعي ما نحن متحققون به وحاوون عليه بالتقييد .
فكيف أن نطلق في الدعوى , فنعم بها ما ليس لنا بحال, ولا نحن منه على علم فنفتضح؟
فهذا التعريف الإلهي مما أدب الحق به عباده الأدباء الأمناء الخلفاء.
شرح الجامي :
فإنهم من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم، فلو علموا أن ما قالوه نزاع مع الله سبحانه و عصيان لأمره ما وقع منهم ذلك القول.
وإنما وقع منهم الذهول عن هذا المعنى.
وأيضا ليس من مقتضى الإنصاف إذا أطلع أحد على أمر مذموم في نفسه أن يطعن به في غيره ويجرحه (ثم لم يقفوا مع التجريح) في آدم (حتى زادوا في الدعوى بما هم عليه من التسبيح والتقديس) حيث أطلقوا في دعوى التسبيح والتقديس ولم يتقيدوا بما هم عليه منهما .
فتبادر منه أنهم يسبحونه ويقدسونه كل التسبيحات والتقديسات وليس الأمر كذلك ?یف (وعند آدم من الأسماء الإلهية ما لم تكن الملائكة مطلعين عليها فما سبحت) الملائكة (ربها بها)، أي بتلك الأسماء (ولا قدسته)، أي الملائكة الحق (عنها)، أي عن نقائصها على حذف المضاف.
فإن التقديس بالأسماء ليس عن أنفسها بل في كل تقديس باسم تقدیس عن نقيصة (تقدیس آدم و تسبیحه) تقدیس ذوق و تسبیح وجدان (فوصف الحق سبحانه لنا ما جرى) بينه سبحانه وبين الملائكة في حق آدم (لنقف عنده) أي عند ما جرى .
ولا يتجاوز عما اقتضاه من التأدب بين يدي الحق أو عند الحق.
أي أمره وحكمه ونتعلم الأدب مع الله سبحانه وتعامل معه بحسب ما تقتضيه مرتبته (فلا ندعي ما نحن متحققون به وحاوون عليه) من الكمالات (بالتقييد) فإن الكمالات كلها.
إنما هي لله سبحانه ظهرت فينا وتقيدت بحسب استعداداتنا وفابلياتنا والظهور بادعائها.
إنما هو من العجب والأنانية (فكيف أن نطلق في الدعوى فنعم بها)، أي بالدعوى.
(ما ليس لنا بحال) من الكمالات (ولا نحن معه على علم فنفتضح ) عند الله سبحانه وعند عباده العارفين بالأمور على ما هي عليه.
(فهذا التعريف الإلهي مما أدب به الحق عباده الأدباء) المتعاملين مع الحق والحق بما يقتضيه المراتب (الأمناء) الحاملين الأمانة.
التي هي صورة الله سبحانه التي حذى عليها آدم حين عرضها علي سماوات الأرواح وأرض الجسمانيات فأبين أن يحملنها .
إن لم يطعن ذلك ولم يستطعن وأشفقن منها .
لعدم أحدية جمع الجميع عند واحد منها .
وحملها الإنسان لتحقيقه بأحدية الجميع المذكورة (الخلفاء) الذين
:متن نص فصوص الحكم
ثم نرجع إلى الحكمة فنقول :
اعلم أن الأمور الكلية وإن لم يكن لها وجود في عينها فهي معقولة معلومة بلا شك في الذهن ؛ فهي باطنة لا تزول عن الوجود العيني .
ولها الحكم والأثر في كل ما له وجود عيني .
بل هو عها لا غيرها، أعني أعيان الموجودات العينية .
شرح الجامي :
استخلفهم الله تعالى في حفظ خزانتي الدنيا والآخرة.
فإن قلت : أي حاجة للمتحققین بهذه الصفات إلى التأديب.
قلنا : المراد تأديب ذواتهم قبل التحقق لتتحقق .
أو قلنا : لكل جواد كبوة فيمكن منهم وقوع الزلات بعد التحقق بها أيضا.
(ثم نرجع) مما وقع في البين من قصة الملائكة وبيان لطائفه (إلى الحكمة) الإلهية التي كان رضي الله عنه بصدد بيانها.
فابتدأ رضي الله عنه بيان الارتباط بين الأمور الكلية والأعيان الخارجية.
وفرع عليه بيان الارتباط بين الحق والعالم ثم خلق الإنسان على صورته .
ثم بيان ما يتفرع عليه من الحكم والأسرار.
(فنقول اعلم أن الأمور الكلية)، أي الحقائق المشتركة بين الأعيان الخارجة كالحياة والعلم والإرادة والقدرة و غيره (وإن لم يكن لها) من حيث أنها كلية (الوجود في عينها) وحد ذاتها .
فإنه لا يكون وجوده للكليات إلا في ضمير أفراده (فهي معقولة معلومة) من مراده (بلا شك في الذهن فهي باطنة) من حيث هي كلية (لاتزول عن الوجود العيني) بالعين المهملة كما هو في بعض النسخ المقروءة على الشيخ رضي الله عنه.
أي هي باطنة باعتبار وجودها العقلي لكن لا يزول عن الموجودات العينية ولا يسلب عنها بل هي ثابتة لها في ضمن ثبوت أفرادها لها.
أو بالغين المعجمة ، أي : لا تزول عن الوجود العيني العقلي ولا تنصف بالموجود العيني الخارجي.
وحاصله أنها لا تخرج من العلم إلى العين .
وفي بعض النسخ لا تزال إما بضم التاء من الإزالة ، فمعناه قريب مما سبق سواء كانت العين مهملة أو معجمة وبما يفتحها والعين مهملة .
فقال الشارح الجندي رحمه الله :
إن قوله باطنة منصوب على هذا الوجه والتقدير فهي لا تزال باطنة عن الوجود العيني.
أي لا تظهر أعيانها في الخارج وإن كانت موجودة في العلم وبالنسبة إلى العالم، وأما فتحها والغين معجمة فلا وجه له ظاهر.
(و) هذه الأمور الكلية التي لا تتحقق في الخارج من حيث كليته (لها الحكم والأثر في كل ما له وجود عيني) من الموصوفين بها .
فإن الحياة مثلا حكمها على الموصوف بها بأنه حي وأثر فيه، وهو العلم وتوابعه (بل هو)، أي ما له وجود عيني (عينها)، أي عين الأمور الكلية فعلى هذا يكون قوله : (أعني أعيان الموجودات العينية) تفسير للضمير المرفوع. ويحتمل أن يجعل تفسيرا للضمير المجرور .
وإذا كان المرفوع كناية عن الأمور الكلية مؤولة الأمر الكلي وعلى كل تقدير فالعينية بناء على الحقيقة الواحدة التي هي حقيقة الحقائق كلها هي الذات الإلهية وباعتبار تعيناتها وتجلياتها في
متن نص فصوص الحكم :
و لم تزل عن كونها معقولة في نفسها.
فهي الظاهرة من حيث أعيان الموجودات كما هي الباطنة من حيث معقوليتهَا. فاستناد كل موجود عيني لهذه الأمور الكلية التي لا يمكن رفعها عن العقل، و لا يمكن وجودها في العين وجوداً تزول به عن أن تكون معقولة.
و سواء كان ذلك الوجود العيني مؤقتاً أو غير مؤقت، نسبة المؤقت و غير المؤقت إلى هذا الأمر الكلي المعقول نسبة واحدة.
غير أن هذا الأمر الكلي يرجع إليه حكمٌ من الموجودات العينية بحسب ما تطلبه
شرح الجامي :
مراتبها المتكثرة تتكثر وتصير حقائق مختلفة جوهرية متبوعة وعرضية تابعة.
فكل عين عين من حيث امتيازها عما سواها ليست إلا عين أعراض شيء اجتمعت في عين واحدة فصارت عينة موجودة خارجية.
كذا ذكره في آخر الفص الشعيبي.
(و) هذه الأمور الكلية مع كونها عين أعيان الموجودات (لم تزل عن كونها معقولة في نفسها) باعتبار كليتها.
فقوله : لم تزل إما مبني للفاعل من الزوال، أو مبني للمفعول من الإزالة (فهي)، أي تلك الأمور الكلية هي (الظاهرة من حيث أعيان الموجودات)، أي من حيث أنها عين الأعيان الموجودة (كما هي الباطنة من حيث معقوليتها) وكلياته (فاستناد ?ل وجود)، أي موجود (عيني) باعتبار اتصافه ب?مالاته .
نظرة إلى قوله : ولها الحكم والأثر في كل ما له وجود عيني أو باعتبار تعينه و امتيازه عما عداه و صيرورته عينا متميزة من غيرها بهذه الأمور الكلية.
نظرة إلى قوله : بل هو عينها أعني الموجودات العينية ( لهذه الأمور)، أي إلى هذه الأمور (الكلية التي لا يمكن رفعها عن العقل) من حيث كليتها بأن تصير موجودات خارجية تخرج عن كونها معقولية صرفة .
ولهذا عطف عليه قوله : (ولا يمكن وجودها في العين وجودة تزول به عن أن تكون معقولة) عطف تفسیر .
(وسواء كان ذلك الموجود العيني مؤقتا) مقترنا بالزمان ?المخلوقات (أو غير مؤقت) وغير مقترن كالمبدعات روحانيا كان أو جسمانيا.
فإن (نسبة المؤقت) الزماني واستناده (و) نسبة (غير الموقت) الغير الزماني و استناده (إلى هذا الأمر الكلي المعقول نسبة واحدة) واستناد وأحد .
فاقتران الوجود العيني بالزمان أو عدم اقترانه لا يخرجه عن استناده إلى هذه الأمور الكلية على الوجه المذكور .
ولما أشار رضي الله عنه إلى ارتباط الأمور الكلية بالموجودات العينية وكيفية تأثيرها فيها .
أراد أن يشير إلى ارتباط الموجودات بالأمور الكلية وكيفية تأثيرها فيها.
فقال : (غير أن هذا الأمر الكلي يرجع إليه حكم) وأثر (من الموجودات العينية) فكما كانت الأمور الكلية يحكم عليها بأحكام وأثار .
كذلك تحكم هي على الأمور الكلية
متن نص فصوص الحكم :حقائق تلك الموجودات العينية، كنسبة العلم إلى العالم، والحياة إلى الحي.
فالحياة حقيقة معقولة و العلم حقيقة معقولة متميزة عن الحياة ، كما أن الحياة متميزة عنه.
ثم نقول في الحق تعالى إن له علماً و حياة فهو الحي العالم.
ونقول في المَلَك إن له حياة و علماً فهو العالم و الحي.
ونقول في الإنسان إن له حياة و علماً فهو الحي العالم.
وحقيقة العلم واحدة، و حقيقة الحياة واحدة، و نسبتها إلى العالم و الحي نسبة واحدة.
ونقول في علم الحق إنه قديم، و في علم الإنسان إنه محدث.
فانظر ما أحدثته الإضافة من الحكم في هذه الحقيقة المعقولة
شرح الجامي :بأحكام وآثار (بحسب ما تطلبه) وتقتضي (حقائق تلك الموجودات العينية) من الأحكام والآثار .
وذلك (كنسبة العلم) مثل (إلى العالم و) نسبة (الحياة إلى الحي فالحياة حقيقة معقولة) كلية (والعلم حقيقة معقولة) كلية (والعلم حقيقة معقولة) .
كذلك (متميزة عن الحياة) بحسب التعقل (كما أن الحياة) حقيقة معقولة (متميزة عنه) بحسبه (ثم نقول في الحق تعالى أن له علما وحياة) وهما حكمان على الموصوف بهما بأنه حي عالم (فهو) تعالى (الحي العالم و)
كذلك نقول في الملك إن له حياة وعلما.
و كذلك (هو)، أي الملك (الحي العالم) حقيقة لا مجاز (ونقول) مثل ذلك (في الإنسان إن له حياة وعلما) وهما بحكمان على الموصوف بهما بأنه حي عالم. (فهو) أي الإنسان (الحي العالم وحقيقة العلم) في كل من الحق والملك والإنسان (واحدة) وكذلك (حقيقة الحياة في الكل واحدة ونسبتهما)، أي نسبة حقيقة الحياة والعلم (إلى العالم والحي) حقا كان أو ملكة أو إنسان (نسبة واحدة) وهي ثبوتها لهم (و) مع ذلك نقول في كل واحد من علم الحق في حياته وسائر صفاته الحقيقية (أنه قدیم) غير مسبوق بالعدم الزماني وأنه عين ذاته وعلى سائر صفاته في مرتبة الأحدية.
(و) نقول (في علم الإنسان إنه محدث) بالحدوث الزماني وغير ذاته و غیر سائر صفاته .
ولا يصح هذا الحكم كليا إلا في علمه الحاصل له باعتبار أحدية جميع روحه وجسمه.
وإلا فقد صرح الشيخ صدر الدین القونوي قدس الله سره في بعض وسائله بأن الأرواح الكلية التي للكمل مقارنة للعقل الأول في الوجود واقعة معه في وصف واحد . ولا شك أن لها في تلك الحالة تكون بعض العلوم حاصلا وأقلها الشعور بنفسه .
(فانظر إلى ما أحدثته الإضافة)، أي إضافة الأمور الكلية إلى الموجودات العينية فأحدثت واقتضت إضافتها إلى الحق القديم سبحانه قدمها وإضافتها إلى الإنسان الحادث حدوثها.
وكأنه رضي الله عنه إنما لم يتعرض للملك بناء على أن الحكم بقدم صفاته وحدوثها مطلقة لا تصح كما في الحق تعالى، والإنسان.
فإن الملائكة كالعقل الأول من الدائمات بدوام الحق سبحانه، فكذا صفاته، وبعضها يمكن أن لا يكون كذلك بالدائم
متن نص فصوص الحكم :
وانظر إلى هذا الارتباط بين المعقولات و الموجودات العينية.
فكما حَكَمَ العلمُ على مَنْ قام به أنْ يقال فيه عالم، حكم الموصوف به على العلم أنه حادث في حق الحادث، قديم في حق القديم.
فصار كل واحد محكوماً به محكوماً عليه.
ومعلوم أن هذه الأمور الكلية و إن كانت معقولة فإنها معدومة العين موجودة الحكم، كما هي محكوم عليها إذا نسبت إلى الموجود العيني.
فتقبل الحكم في الأعيان الموجودة و لا تقبل التفصيل و لا التجزّي فإن ذلك محال عليها، فإنها بذاتها في كل موصوف بها كالإنسانية في كل شخص من هذا النوع الخاص لم تتفصَّل و لم تتعدَّد بتعدد الأشخاص و لا برحت معقولة.
شرح الجامي :
إلا أن يحكم بحدوثها وحدوث صفائها مطلقة على الخلق الجديد في كل آن لكن باعتبار أشخاصها لا أنواعه (وانظر إلى هذا الارتباط) الواقع (بين) تلك (المعلومات) الكلية (والموجودات العينية وكما حكم القلم على من قام به) و اقتضى (أن يقال فيه) أي فيمن قام به (أنه عالم) كذلك (ح?م) الوجود العيني (الموصوف به)، أي بالعين (على العلم بأنه حادث في حق الحادث) كالإنسان مثل (قديم في حق القديم) كالحق سبحانه (فصار كل واحد) من المعقولات الكلية والموجودات العينية(مح?ومأ به) أي شيئا بحكم بسببه .
فإن المحكوم به في قولنا : علم الحق سبحانه قدیم، هو القديم لا الموجود العيني الذي هو الحق سبحانه .
لكن الحكم بالقديم على العلم إنما هو نسبته كما لا يخفى فيكون محكومة بالعين المذكور لا المشهور و محكوم عليه بالحكم الذي يقتضيه الآخر.
(ومعلوم أن هذه الأمور الكلية وإن كانت معقولة) من حيث كليته (فإنها معدومة العين و) الذات في الخارج من هذه الحيثية (موجودة الحكم) على الأعيان الموجودة
(كما هي)، أي الأمور الكلية (محكوم عليها) بالندم والحدوث مثل (إذا نسبت إلى الوجود المبني فتقبل) الأمور الكلية (الحكم) عليها بالقدم والحدوث مثلا عند تحققه
(في الأعيان الموجودة) المتكثرة فإن الشيء ما لم يتحقق بنصف بالقدم والحدوث (و) لكنه (لا تقبل التفصيل والتجزي) بحسب تعدد تلك الأعيان وكثرتها.
(فإن ذلك) التفصيل والتجزي (محال عليها)، أي على الأمور الكلية (فإنها بذاتها) وكليتها محققة (في كل موصوف بها)لا بالتفصيل والتجزئة.
فإن الموجود منها في كل موجود عيني حصة لا جزء، والحصة عبارة عن تمام الحقيقة مكتنفة بعوارض مشخصة (كالإنسانية) المتحققة المخصصة (في كل شخص شخص من هذا النوع الخاص) فإنه (ولم تنفصل) بالتجزئة .
(ولم تتعدد) أجزاؤه (بتعدد الأشخاص) بأن يكون في كل شخص جزء بل هي بذاتها وكليتها موجودة في كل شخص شخص (ولا برحت) تلك الأمور الكلية (معقولة) غير
متن نص فصوص الحكم :وإذا كان الارتباط بين من له وجود عيني و بين من ليس له وجود عيني قد ثبت، و هي نسب عدمية، فارتباط الموجودات بعضها ببعض أقرب أن يعقل لأنه على كل حال بينها جامع و هو الوجود العيني وهناك فما ثَمَّ جامع.
وقد وُجِدَ الارتباط بعدم الجامع فبالجامع أقوى وأحق.
ولا شك أن المحدث قد ثبت حدوثه و افتقاره إلى محدِث أحدثه لإمكانه لنفسه. فوجوده من غيره، فهو مرتبط به ارتباط افتقار.
ولا بد أن يكون المستندُ إليه واجبَ
شرح الجامي :
زائلة عن الوجود العقلي إلى الوجود العيني غير من?ثرة بنكثر الموجودات العينية وفي قوله رضي الله عنه.
ولكنهما لا تقبل التفصيل والتجزي إشارة إلى أن الذات الإلهية التي هي حقيقة الحقائق كلها ظاهرة فيها من غير طريان التجزي والتكثر في تلك الذات.
ولا يقدح في وحدتها كثرة المظاهر (وإذا كان الارتباط بين من له وجود وبين من ليس له وجود عيني) المراد به الأمور الكلية والتعبير عنها كأنه بناء على المشاكلة.
وفي نسخة شرح مؤيد الدين الجندي هكذ وإذا كان الارتباط بينهما.
أي بين تلك الأمور الكلية وبين من له وجود عيني (قد ثبت وجود) من ليس له وجود عيني والتأنيث إما باعتبار المعنى الخبر.
وإما على النسخة الثانية مرجع الضمير هو الأمور الكلية كما لا يخفي (نسب عدمية) وكون الأمور الكلية نسبة إما بناء على كونها منتسبة إلى الموجودات العينية ثابتة لها .
وإما بناء على أخذ نسبة الكلية معها، وإما عدمها فنسبة كليته (فارتباط الموجودات بعضها ببعض أقرب أن يعمل لأنه) الضمير للشأن (على كل حال بينها)، أي بين الموجودات (جامع) يعتد به (وهو)، أي ذلك الجامع هو (الوجود العبني و) إم

(هناك)، أي بين الأمور العدمية وبين الموجودات العينية (فما ثمة) إشارة إلى ما أشير إليه بقوله : هناك قائم مقام الضمير يعني إما هناك فما فيه (جامع) يعتد به وإنما قيد بذلك،
لأنه لا يوجد مفهومان إلا وبينهما جامع وأقله مكان الوجود العقلي (وقد وجد) من الوجود أو الوجدان (الارتباط) حال كونه ملتبسة (بعدم الجامع) الذي هو الوجود العيني
(فبالجامع)، أي فالارتباط الملتبس بالجامع الذي هو الوجود العيني (اقوى) من ارتباط غير ملتبس به في ترتب آثار الارتباط (وأحق) منه بالتحقق وأنيق .
ولما فرغ رضي الله عنه عن الأصل الذي هو بناء عليه بيان الارتباط بين الحق سبحانه والعالم شرع في المقصود.
وقال : (ولا شك أن المحدث) بالحدوث الذاتي، أو الزماني (قد ثبت حدوثه وافتقاره إلى محدث)، أي موجد (أحدثه لإمكانه) الذي هو يساري نسبته إلى جانب الوجود والعدم (لنفسه) فلا بد من مرجح يرجح جانب الوجود وهو المحدث (فوجوده من غيره) الذي هو المحدث (فهو)، أي المحدث (مرتبط به)، أي بمحدثة (ارتباط


متن نص فصوص الحكم :الوجود لذاته غنياً في وجوده بنفسه غير مفتقر، و هو الذي أعطى الوجود بذاته لهذا الحادث فانتسب إليه.
و لما اقتضاه لذاته كان واجباً به.
و لما كان استنادُه إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شئ من اسم و صفة ما عدا الوجوبَ الذاتيَّ فإن ذلك لا يصح في الحادث و إن كان واجب الوجود و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه.
شرح الجامي :
افتقار) و مستند إليه استناد احتیاج وذلك يقتضي إفاضة الوجود منه عليه .
فهذه الإفاضة أثر من الممكن في الوجوب (ولا بد أن يكون المستند إليه)، أي الذي يستند إليه الحدث في وجوده بالآخرة (واجب الوجود لذاته) لا بغيره دفعا للتسلسل (غنيا في وجوده بنفسه) عن غيره (غير مفتقر إليه) وإلا لكان ممكنا.
(وهو) أي المستند إليه الواجب الوجود هو (الذي أعطى الوجود) المفاض(بذاته) المتجلية السارية بأحدية جمعه الأسمائي في الحقائق كلها لهذا الحادث الذي قد ثبت حدوثه وافتقاره إلى محدث (فانتسب)، أي انتسب هذا الحادث (إليه)، أي إلى واجب الوجود في قبول الوجود منه وانتسب الواجب إلى الحادث في إعطاء الوجود إياه (ولما اقتضاه) أي الواجب الحادث لذاته.
أي التجلي ذاته المتجلية السارية فيه (كان واجبة به) في وجوب المعلول بعلته .
فكما أعطاه الوجود أعطاه وجوب الوجود أيضا .
فكل واحد من الوجود ووجوبه أثر في الواجب الممكن فلكل من الواجب والممكن حكم على الآخر .
كما كان لكل من الأمور الكلية والأعيان الخارجية حكم على الآخر.
ثم لما فرغ من بيان الارتباط بين الحق والعالم وكان ذلك الارتباط على وجه يقتضي أن يكون العالم على صورته سبحانه نبه عليه.
بقوله : (ولما كان استناده)، أي استناد الحادث (إلى من ظهر)، أي الحادث (عنه لذاته) المتجلية بأحدية جمعه الأسماء في كل ما ظهر عنه.
(يقتضي) ذلك الاستناد (أن يكون) الحادث الظاهر عنه (على صورته) وصفته (فيما ينسب إليه) تعالى (من كل شيء) بیان لم (من اسم وصفة) بيان لشيء.
فحاصله أن يكون على صفته تعالى في كل اسم.
وصفة تنسب إليه تعالى كما أنه ينسب كل اسم وصفة إليه تعالى. كذلك إلى الحادث.
فإنه بأحدية جمعه الأسماء متجلي وصار فيه .
ولذا قيل : كل موجود متصف بالصفات السبع الكمالية لكن ظهورها فيه بحسب استعداده وقابليته (ما عدا الوجوب الذاتي) الخاص .
(فإن ذلك)، أي الوجوب الذاتي (لا بصع للحادث) ولا ينسب إليه (وإن كان)، أي الحادث (واجب الوجود) بالمعنى الأعم.
فإنه أعم من أن يكون وجوبه بالذات أو بالغير، والحادث وإن لم يكن واجبا بذاته لكنه واجب بغيره كما قال (ولكن وجوبه)، أي وجوب الحادث (بغيره) الذي هو موجده (لا بنفسه) وإلا انقلب الممكن واجبا .
متن نص فصوص الحكم :
ثم لنعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث و ذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه.
فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.
فلما علمناه بنا و منا نَسَبْنَا إليه كل ما نسبناه إلينا.
و بذلك وردت الإخبارات الإلهية على ألسنة التراجم إلينا.
فوصف نفسه لنا بنا: فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا، و إذا شَهِدَنَا شهد نفسه.
شرح الجامي :ولما فرغ من بیان كرن الحادث على صورته شرع في بيان ما يتفرع عليه من إحالة الحق إبانا في معرفته على النظر في الحادث.
فقال : (ثم لنعلم أنه) الضمير للشأن (لما كان الأمر)، أي الشأن (علی ما قلناه من ظهوره) بيان لما أي ظهوره الحادث (بصورته).
أي الحق سبحانه (احالنا) الحق (تعالى في العلم به)، أي بالحق (على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آیاته) الدالة عليه ذات وصفة (فيه).
أي في الحادث ليستدل به تعالى كما قال تعالى : "سنيرهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم "آيه 53 سورة فصلت .
(فاستدللنا بنا)، أي بأنفسنا والنظر فيها كما قال تعالى: " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " آية 21 سورة الذاريات.
(عليه تعالی) فما وصفناه تعالى (بوصف) وما عرفناه به (إلا كنا عن ذلك الوصف)، أي متصفين بذلك الوصف أو عينه بناء على ما سبق من أن كل موجود عبارة عن مجموع أعراض اجتمعت في عين واحدة.
وفي بعض النسخ إلا كنا نحن ذلك الوصف ومعناه ظاهر (إلا الوجود الذاتي الخاص) لا العام الذي يعم الوجوب الذاتي والوجوب بالغير فإنه يتصف به الحادث أيضا.
(فلما علمناه بنا) باعتبار معنى الإلية أو السببية (ومنا) باعتبار معنى المنشئية (نسبنا إليه تعالي كلما نسبناه إلينا) من الأوصاف الكمالية لا ما فيه توهم نقص إلا ما نسبه الحق تعالى إلى نفسه كالمرض والقرض والاستهزاء والسخرية و غيره (وبذلك)، أي بتوصيفه سبحانه كما نسبناه إلين (وردت الأخبار الإلهية على ألسنة التراجم) من الأنبياء والأولياء وانتهت (إلينا فوصف) الحق سبحانه (نفسه لنا بنا)، أي بصفاتنا من أتا عين الأوصاف ،
(فإذا شهدناه تعالی) بصفاته (شهدنا نفوسنا)، لأن نفوسنا عين تلك الصفات ظهرت في مرتبة أخرى (وإذا شهدنا بالحق) سبحانه (شهد نفسه)، أي ذاته التي تعينت وظهرت بصورتنا.
وفي بعض النسخ: وإذا شهدنا نفوسنا شهدنا نفسه فكلاهما صحيح ثم اتساق كلامه رضي الله عنه في بيان جهة الارتباط بين الواجب والممكن إلى سائرهم الإيجاد

متن نص فصوص الحكم : و لا نشك أنّا كثيرون بالشخص و النوع، و أنا و إن كنا على حقيقة واحدة تجمعنا فنعلم قطعاً أن ثَمَّ فارقاً به تميزت الأشخاص بعضها عن بعض، و لو لا ذلك ما كانت الكثرة في الواحد.
فكذلك أيضاً، و إن وَصَفَنَا بما وصف نفسه من جميع الوجوه فلا بد من فارق، و ليس إلا افتقارنا إليه في الوجود و توقف وجودنا عليه لإمكاننا و غناه عن مثل ما افتقرنا إليه.
فبهذا صح له الأزل و القدم الذي انتفت عنه الأولية التي لها افتتاح الوجود عن عدم. فلا تُنسَبُ إليه الأوليّة مع كونه الأول.
شرح الجامي :
دفعه بقوله : (ولا تشك أنا) يعني أهل العالم (كثيرون) متفاوتون (بالشخص والنوع)، فإن في العالم أنواعا مختلفة .
ولكل نوع أشخاصا متعددة (وإنا) يعني الأفراد الإنسانية (وأن ?نا) مشتملة على حقيقة واحدة) نوعيه (يجمعنا ليعلم قطعا أن ثمة).
أي أشخاص تلك الحقيقة (فارقا به)، أي بذلك الغارق (تميزت الأشخاص بعضها عن بعض)، وإذا لم يجمعنا يعني أهل العلم حقيقة واحدة نوعية فوجود الفارق أظهر ولهذا ما وقع التعريض له.

(ولولا ذلك) الفراق (ما كانت الكثرة) بحسب الأفراد متحققة (في) النوع (الواحد) ، وإذا عرفت أن بين أفراد العالم بل الأفراد الإنسانية فارقة يميز بعضها عن بعض (فكذلك) الحال بيننا وبين الحق (أيضا)، فإنه (وإن وصفنا).

أي الحق سبحانه وأعطانا الاتصاف (بما وصف به نفسه من جميع الوجوه)، أي وجوه الصفات وأنواعها أو وجوه الأوصاف القولية والفعلية (فلا بد من فارق) بيننا وبينه لا نشاركه ولا يشاركنا فيه أصل (وليس) الفارق من قبلنا الذي خصصنا به دونه (إلا افتقارنا إليه في الوجود وتوقف وجودنا عليه الإمكاننا).
وتساوي نسبتي الوجود وانعدم إلى ذواتنا فلا بد من مرجح.
وأما الفارق الذي انفرد به سبحانه ، فهو وجوبه الذاتي وغناه عن مثل ما افتقر إليه من الموجد (فبهذا) الوجوب الذاتي والمعنى :
(صح له الأزل)، أي الأزلية (والقدم) الذاتي (الذي انتفت به عنه الأولية التي) ثبت (بها)، أي تلك الأولية (افتتاح الوجود عن عدم).
قال صلى الله عليه وسلم : "أول ما خلق الله العقل" ، أي الذي افتتح الوجود بعدم العدم من الموجودات هو العقل.
(فلا تنسب إليه تعالى الأولية) بهذا المعنى.
فإنها من سمات الحديث (مع كونه الأول) بالأولية التي هي عبارة عن كونه مبدأ لما سواه كما أن آخريته عبارة عن كونه مرجع كل
متن نص فصوص الحكم :
و لهذا قيل فيه الآخِر.
فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد لم يصح أن يكون الآخِرَ للمقيد، لأنه لا آخر للممكن، لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها.
و إنما كان آخراً لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا، فهو الآخر في عين أوّليته، و الأول في عين آخريّته.
ثم لتعلم أن الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن ، فأوجد العالم عالم غيب و شهادة لندرك الباطنَ بغيبنا و الظاهر بشهادتنا.
و وصف نفسه بالرضا و الغضب، و أوجد العالم ذ خوف و رجاء فيخاف غضبه و يرجو رضاه.
شرح الجامي :
شيء ومنتهاه (ولهذا). أي لأن أوليته لیست، بمعنى افتتاح الوجود عن العدم (قيل فيه الآخر) المقابل للأول.

(فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد) وافتتاح وجود المقيد عن عدم (لم يصح أن يكون آخرا للمقيد) بأن ينتهي إليه وجود المقبلات الممكنة ولا يوجد بعده ممكن لا آخر (لأنه آخر للممكن لأن الممكنات غير متناهية) .
وإن كان بحسب النشأة الأخروية (فلا آخر لها) وإذا لم يكن لها آخر فكيف يكون سبحانه آخرا له (وإنما كان سبحانه آخرا لرجوع الأمر كله).


متن نص فصوص الحكم : و لا نشك أنّا كثيرون بالشخص و النوع، و أنا و إن كنا على حقيقة واحدة تجمعنا فنعلم قطعاً أن ثَمَّ فارقاً به تميزت الأشخاص بعضها عن بعض، و لو لا ذلك ما كانت الكثرة في الواحد.
فكذلك أيضاً، و إن وَصَفَنَا بما وصف نفسه من جميع الوجوه فلا بد من فارق، و ليس إلا افتقارنا إليه في الوجود و توقف وجودنا عليه لإمكاننا و غناه عن مثل ما افتقرنا إليه.
فبهذا صح له الأزل و القدم الذي انتفت عنه الأولية التي لها افتتاح الوجود عن عدم. فلا تُنسَبُ إليه الأوليّة مع كونه الأول.
شرح الجامي :
دفعه بقوله : (ولا تشك أنا) يعني أهل العالم (كثيرون) متفاوتون (بالشخص والنوع)، فإن في العالم أنواعا مختلفة .
ولكل نوع أشخاصا متعددة (وإنا) يعني الأفراد الإنسانية (وأن ?نا) مشتملة على حقيقة واحدة) نوعيه (يجمعنا ليعلم قطعا أن ثمة).
أي أشخاص تلك الحقيقة (فارقا به)، أي بذلك الغارق (تميزت الأشخاص بعضها عن بعض)، وإذا لم يجمعنا يعني أهل العلم حقيقة واحدة نوعية فوجود الفارق أظهر ولهذا ما وقع التعريض له.

(ولولا ذلك) الفراق (ما كانت الكثرة) بحسب الأفراد متحققة (في) النوع (الواحد) ، وإذا عرفت أن بين أفراد العالم بل الأفراد الإنسانية فارقة يميز بعضها عن بعض (فكذلك) الحال بيننا وبين الحق (أيضا)، فإنه (وإن وصفنا).

أي الحق سبحانه وأعطانا الاتصاف (بما وصف به نفسه من جميع الوجوه)، أي وجوه الصفات وأنواعها أو وجوه الأوصاف القولية والفعلية (فلا بد من فارق) بيننا وبينه لا نشاركه ولا يشاركنا فيه أصل (وليس) الفارق من قبلنا الذي خصصنا به دونه (إلا افتقارنا إليه في الوجود وتوقف وجودنا عليه الإمكاننا).
وتساوي نسبتي الوجود وانعدم إلى ذواتنا فلا بد من مرجح.
وأما الفارق الذي انفرد به سبحانه ، فهو وجوبه الذاتي وغناه عن مثل ما افتقر إليه من الموجد (فبهذا) الوجوب الذاتي والمعنى :
(صح له الأزل)، أي الأزلية (والقدم) الذاتي (الذي انتفت به عنه الأولية التي) ثبت (بها)، أي تلك الأولية (افتتاح الوجود عن عدم).
قال صلى الله عليه وسلم : "أول ما خلق الله العقل" ، أي الذي افتتح الوجود بعدم العدم من الموجودات هو العقل.
(فلا تنسب إليه تعالى الأولية) بهذا المعنى.
فإنها من سمات الحديث (مع كونه الأول) بالأولية التي هي عبارة عن كونه مبدأ لما سواه كما أن آخريته عبارة عن كونه مرجع كل

متن نص فصوص الحكم :
و لهذا قيل فيه الآخِر.فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد لم يصح أن يكون الآخِرَ للمقيد، لأنه لا آخر للممكن، لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها.
و إنما كان آخراً لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا، فهو الآخر في عين أوّليته، و الأول في عين آخريّته.
ثم لتعلم أن الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن ، فأوجد العالم عالم غيب و شهادة لندرك الباطنَ بغيبنا و الظاهر بشهادتنا.
و وصف نفسه بالرضا و الغضب، و أوجد العالم ذ خوف و رجاء فيخاف غضبه و يرجو رضاه.
شرح الجامي :
شيء ومنتهاه (ولهذا). أي لأن أوليته لیست، بمعنى افتتاح الوجود عن العدم (قيل فيه الآخر) المقابل للأول.

(فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد) وافتتاح وجود المقيد عن عدم (لم يصح أن يكون آخرا للمقيد) بأن ينتهي إليه وجود المقبلات الممكنة ولا يوجد بعده ممكن لا آخر (لأنه آخر للممكن لأن الممكنات غير متناهية) .
وإن كان بحسب النشأة الأخروية (فلا آخر لها) وإذا لم يكن لها آخر فكيف يكون سبحانه آخرا له (وإنما كان سبحانه آخرا لرجوع الأمر كله).

أي أمر الموجود وتوابعه (إليه سبحانه) بفناء الموجودات ذات وصفة وفعالا في ذاته وصفاته وأفعاله بظهور القيامة
الكبرى أو القيامة الدائمة المشاهدة للعارفين.
(بعد نسبة ذلك) الأمر (إلينا). لأن الوجود وتوابعه كان لله
اولا ثم نسب إلينا ئم بعد هذه النسبة مرجع الكل إليه (فهو الآخر في عين أوليته الأول في عين آخريته) بهويته بين الأضداد وهو ظاهر بها أزل الآزال و أبد الآباد.
وكما أشار رضي الله عنه
فيما تقدم إلى الأوصاف المشتركة بيننا وبين الحق سبحانه خص بالذكر منها الأوصاف
المتقابلة ههنا ليفرع عليها بيان المراد من اليدين اللتين توجهتا من الحق على خلق
آدم و بنيه على أن في جميع الیدین تشريفا له و ليس لإبليس هذه الجمعية.
فقال: (لعلم أن الحق سبحانه وصف نفسه)، أي ذاته المطلقة (بأنه ظاهر) بظهوره في عالم الشهادة المطلقة التي هي مرتبة الحس.
(وباطن) ببطونه عنه . فالباطن بهذا الاعتبار يشتمل ما عدا مرتبة الحس من المراتب الإلهية والكونية (فأوجد العالم).
أي كل واحد من عالمي الكبير والصغير عالمین (عالم غيب) لا يدرك بالحواس الظاهرة (وعالم شهادة) يدرك به (لندرك) اسمه
(الباطن بغيبنا) الذي هو روحه و مداركه الغيبية.
أو ندرك باطنه وغيبه بالقياس على غيبنا وباطنن (و) كذلك ندرك أسمه (الظاهر بشهادتنا)، أي بمشاعرنا الشاهدية .
أو بأن يدرك شهادتنا فإن شهادتنا شهادة ، أو بالمقايسة (ووصف نفسه بالرضى والغضب) حيث قال تعالى
:"رضي الله عنهم ورضوا عنه" آية 119 سورة المائدة.
وسبقت رحمتي غضبي (فإذا وجد العالم) ذا خوف ورجاء (فنخاف غضبه ونرجو رضاه)
متن نص فصوص الحكم :
و وصف نفسه بأنه جميل و ذو جلال فأوجَدَنَا على هيبة و أُنْسٍ.
و هكذا جميع ما ينسب إليه تعالى و يُسَمّى به.
فعبّر عن هاتين الصفتين باليدين اللتين توجهنا
منه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامعَ لحقائق العالم و مفرداته.
شرح الجامي :
وإنما جاء بأثر الرضى والغضب وهو الخوف والرجاء ولم يقل ذا رضی وغضب مع أنه صحيح أيضا.
تنبيها على أن ظهور الصفات في العالم كما تكون ظهور أعيانها كالظهور والبطون فيما تقدم .
وكذلك يكون ظهور آثاره كالخوف والرجاء فإنهما من آثار الغضب والرضی لا عينهما.
(ووصف نفسه بأنه جميل)، أي متصف بالصفات الجمالية، وهي ما تتعلق باللطف والرحمة.
(وذو جلال)، أي متصف بالصفات الجلالية وهي ما تتعلق بالقهر والغلبة.
(فأوجدنا على هيبة)، أي دهشة وحيرة من مشاهدة أسمائه الجلالية .
فتكون تلك الهيئة من آثاره فينا أو على هيئة مدهشة محيرة لمن يشاهدها فينا فتكون الأسماء الجلالية ظاهرة فيها بأعيانها لا بآثارها.
وعلى هذا القياس قوله : (وأنس) فإن الأنس رفع الدهشة والوحشة فتارة ترتفع الدهشة عنا وتارة ترفعها عن غيرنا.
فيحتمل أن تكون الهيئة والأنس
من قبيل ظهور أعيان الأسماء فينا أو من قبيل ظهور أثارها فين (وهكذا جميع ما ينسب إليه تعالى و یسمی به) من الأسماء المتقابلة كالهداية والضلالة والإعزاز والإذلال وغيرها .

فإنه سبحانه أوجدنا بحيث نتصف بها تارة وتظهر فينا أثارها تارة، (فعبر عن هاتين الصفتين باليدين)، أي عن
هذين النوعين من الصفات المتقابلين الشاملين كله (باليدين) لتقابلها .
وتصرف الحق سبحانه بهما في الأشياء (اللتين توجها منه)، أي من الحق سبحانه (على خلق الإنسان الكامل) وإنما توجهت هاتان اليدان على خلته (لكونه).
أي الإنسان الكامل (الجامع الحقائق العالم ومفرداته) التي هي مظاهر لجميع الأسماء التي يعبر عنها لملاحظة شمول معنيين متقابلين لها باليدين.
وهذه الأسماء الظاهرة فيها المرتبة لها ويجوز أن تكون اللام في لكونه متعلقة بالكامل الذي هو صفة للإنسان تعلية لكماله وأن تكون متعلقة بالخلق.
واعلم أن المراد بكل واحد من حقائق العالم ومفرداته أنها الأعيان الثبوتية أو الوجودية أو المراد بواحد منهما الأعيان
الثبوتية والآخر الأعيان الوجودية . ولا شك أن الإنسان الكامل بحسب حقيقته وعينه الثابتة أحدية جمع جميع الأعيان الثابتة التي للعالم.
وبحسب وجوده العيني أحدية جمع جميع الأعيان الخارجية.
وبحسب عينه الثابتة والوجودية
مع أحذية جمع أعيانه الثبوتية والخارجية جميعا .
فالأعيان الثابتة للعالم تفصيل لعينه الثابتة .
والأعيان الخارجية تفصيل لعينه الخارجية .
والمجموع تفصیل
متن نص فصوص الحكم :
فالعالم شهادة و الخليفة غيب، و لذا تحجَّبَ السلطان.
و وصف الحق نفسه بالحُجُب الظلمانية و هي الأجسام الطبيعية، و النورية و هي الأرواح اللطيفة.
فالعالم بين كثيف و لطيف، و هو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحقَّ إدراكَه نَفْسَه.
شرح الجامي :
للمجموع. وكل تفصيل صورة الإجمال.
وكل صورة فهي شهادة بالنسبة إلى ذي الصورة، وذو الصورة غيب لها .
وكذلك كل موجود عيني، فهو شهادة بالنسبة إلى وجوده العلمي ووجوده العلمي غيب له .
وإذا عرفت هذ (فالعالم) بوجوه كثيرة تظهر بالتأمل شهادة بالنسبة إلى الإنسان الكامل (و) الإنسان الكامل الذي هو (الخليفة غيب)بالنسبة إليه.
(ولا) يخفى أن عالم الملك شهادة مشهودة والخليفة بحسب نشأته العنصرية أيضا غیب .
لكن من حيث خلافته لا مطلقا فإنه لا يعرفه من هذه الحيثية الا بعض الخواص من أولياء الله سبحانه .
(ولهذا)، أي لكونه الخليفة غيب (تحجب) السلطان، لأنه مظهر الخلافة الغيبية في الملك لذلك وجب الانقياد والمطاوعة له.
ولما انساق الكلام إلى ذكر الحجاب أراد أن ينبه على المراد بالحجب الإلهية الواقعة في الكلمات النبوية.
فقال : (ووصف الحق نفسه) شأن نبيه صلى الله عليه وسلم : (بالحجب الظلمانية)، أي بأن له حجبة ظلمانية.
(وعن الأجسام الطبيعية) عنصرية كانت أو غير عنصرية (و) بالحجب (النورية)، أي بأن له حجبة نورية (وهي الأرواح اللطيفة) مثالية كانت أو روحية.
حيث قال صلى الله عليه وسلم:" إن لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة".
"رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، حديث رقم 1957 [2/273] وابن حبان الأصبهاني في العظمة ، حديث رقم 246 [2/668]."
(فالعالم) الذي هو عين تلك الحجب دائر (بين کثیف) هو الحجب الظلمانية (و) بين (لطيف) هو الحجب النورية .
(وهو)، أي العالم (عبن الحجاب على نفسه)، أي الحاجب إياها عن شهود الحق وإن كان عينه.
لأن الحجاب ليس إلا الأجسام الطبيعية والأرواح النورية التي هي عين العالم أو هو عين الحجاب على نفسه.
أي على نفس الحق وذاته بحجبه عن إدراك الحق ذوقا وشهودا .
وإذا كان العالم عين الحجاب فهو يدرك نفسه بلا حجاب .
ويدرك الحق من وراء حجاب (فلا ندرك) أي العالم (الحق) إدراكا يماثل (إدراك) أي إدراك العالم (نفسه) .
فإن إدراکه نفسه إدراك ذوقي شهودي من غیر حجاب.
وإدراكه الحق من وراء الحجاب الذي هو عينه أو إدراكا يماثل إدراك الحق نفسه.
فإن إدراك الحق نفسه إنما هو بذاته من غير حجاب.
وإدراك العالم إياه من وراء
متن نص فصوص الحكم :
فلا يزال في حجاب لا يرفع مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره.
و لكن لا حظ له في الوجوب
الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا.
فلا يزال الحق من هذه الحقيقة غير معلوم علم ذوق و شهود، لأنه لا قدم للحادث في ذلك.
فما جمع الله لآدم بين يديه إلا تشريفا.
و لهذا قال لإبليس: «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي»؟
و ما هو إلا عين جمعه بين الصورتين: صورة العالم و صورة الحق، و هما يدا الحق.
شرح الجامي :
الحجاب (فلا يزال) العالم (في حجاب). أي في حجاب تعينه وأنيته عن إدراك الحق (لا يرفع) ذلك الحجاب عنه بحيث لم يصر مانعة عن الشهود ولم يبق له حكم فيه.
فإنه وإن أمكن أن يرتفع تعينه عن نظر شهودي لكن يكون حكمه باقية فيه ويكون شهوده بحسبه لا بحسب ما هو المشهود عليه .
فلا يرفع الحجاب بالكلية (مع علمه)، أي العالم (بأنه متميز عن موجده بافتقاره) إليه وعدم افتقار موجده إليه لغناه ووجوبه الذاتي .
فيعلم موجده بعدم افتقاره ووجوبه الذاتي (ولكن لا حظ له)، أي للعالم في الوجوب الذاتي الذي الوجود الحق سبحانه فلا يدرکه).
أي العالم الحق من حيث وجوبه ، أو لوجوب إدراك شيء (فلا يزال الحق من هذه الحيثية).
أي الوجوب الذاتي أو من أجل هذا الحكم الحقيقي الذي هو أن العالم لا حظ له في الوجوب الذاتي (غير معلوم علم ذوق وشهود لأنه لا قدم للحادث في ذلك) يعني الوجوب فلا يدركه إدراك ذوق وشهود نعم يدرکه إدراكا تصورية يكفي في الحكم به على الحق سبحانه .
وإذ قد عرفت المعنى المراد من اليدين وجمعهما في خلق آدم (فما جمع الله سبحانه لآدم) حين خلقه (بين يديه إلا تشريفا) وتكريما له من بين سائر الموجودات (ولهذا) أي لأن هذه الجمعية ليست إلا للتشريف.
(قال سبحانه لإبليس) توبيخا له: "ما على أن تسجد لما خلقت بيدي "آية 75 سورة ص .
وجعل رضي الله عنه اليدين فيما سبق عبارة عن نوعين متقابلين من الصفات الوجوبية الفعلية كما هو الظاهر
وجعلهما هنا إشارة إلى معنى آخر.
بقوله: (وما هو)، أي الجمع بين يديه لآدم (إلا) عين (جمعه)، أي الله تعالی أو آدم (بين الصورتين صورة العالم)، وهي أحدية جمع الحقائق الكونية القابلة.
(وصورة الحق)، وهي أحدية جمع الحقائق الإلهية الوجوبية الفاعلة.
(وهما)، أي هاتان الصورتان : (يدا الحق) إحداهما اليد القابلة الآخذة وهي اليسرى، وإحداهما اليد الفاعلة
المعطية، وهي اليمنى وكلتا يديه يمين مباركة.
وإنما جعلهما يدي الحق لأن كل واحد منهما صورة من صورة تجلياته بها يتم أمر الوجود.
لأنه الذي يتجلى بصورة القابل بأمره والفاعل أحرى،
والفرق بين المعنيين أن الصفات المتقابلة لو خصت هناك بالصفات


متن نص فصوص الحكم :
و إبليس جزء من العالم لم تحصل له هذه الجمعية.
و لهذا كان آدم خليفة فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيما استخلفه فيه فما هو خليفة، و إن لم يكن فيه جميع
ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه و إلا فليس بخليفة عليهم.
فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم و صوره و أنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى.
شرح الجامي :
الفعلية الوجوب كما هو الظاهر يكون المراد بمجموع الیدین هناك بما أراده بالیمنی ههنا.
ولو عمت الصفات الإمكانية أيضا يكون المعنى فإن من جزئيات المعنى الأول خص بالذكر دونها لما يرد بعده .
أعني قوله : (وليس هو جزء من العالم) الذي هو جزء من أدم.
لأنه حقيقة مظهرية للاسم المضل الداخل تحت الاسم الجامع للأسماء الظاهرة في مظاهر العالم كلها ظهورا قرآني
وفي آدم ظهورا جميعا.
ولهذا قال : (لم يتحصل له)، أي إبليس (هذه الجمعية)، أي جمعية أدم.
(ولهذا)، أي لحصول هذه الجمعية (كان آدم خليفة) من الله على العالم (فإن
لم يكن) آدم (ظاهرا بصورة من استخلفه) وهو الحق سبحانه متصفا بصفاته متسما بكمالاته
ليتصرف بهما.
(فيما استخلفه فيه) وهو العالم (فما هو خليفة وإن لم يكن فيه).
أي في آدم (جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف) آدم (عليها) من مقتضيات الأسماء الإلهية وآثارها.
(لأن استنادها) تعليل للطلب أي ذلك الطلب إنما يقع منهم، لأن استناد الرعایا في تحصيل حاجاتهم (إليه) لكونه خليفة
عليهم (فلا بد أن يقوم) آدم (بجميع ما تحتاج الرعايا إليه وإلا).
أي وإن لم يقم آدم بجميع م تحتاج إليه الرعايا .
وإذا كان ذلك في قوة قوله :
وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا كان كأنه أثر له فاقتصر في الجواز على قوله:
(فليس بخليفة عليهم)، ولم يصرح بالجزاء في الأول (فما صحت الخلافة) من أفراد العالم (إلا للإنسان ومن أفراد الإنسان إلا للإنسان الكامل).
لأن فيما عدا الكامل لم تحصل شرائط الخلافة بالفعل وفيما عدا الإنسان بالقوة أيض (فأنشأ صورته).
أي صورته الجسمانية العنصرية (الظاهرة من حقائق العالم)، أي من الموجودات المتحققة في العالم (و صوره)،
أي صور العالم التي هي تلك الموجودات المتحققة فهي معطوفة على الحقائق عطف تفسير.
أو من أعيانه الثابتة وصوره الخارجية بأن أفاض على أعيانه الثابتة الوجود فصارت صورة خارجية فأنشأ صورة
الإنسان منها .
(وأنشأ صورته الباطنة) أحدية جمع روحه وقلبه وقواه الروحانية (على صورته تعالى)


متن نص فصوص الحكم :
و لذلك قال فيه «كنت سمعه و بصره»
ما قال كنت عينه و أذنه: ففرق بين الصورتين.
و هكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود.
و لكن ليس لأحد مجموع م للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
و لو لا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية
ما ظهر حكم في الموجودات العينية.
و من هذه الحقيقة كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده:

شرح الجامي :
أحدية جمع صفاته وأسمائه (ولذلك)،
أي لإنشاء صورته الباطنة على صورته تعالى (قال فيه)، أي في الإنسان الكامل وشأنه (كنت سمعه وبصره) فأتي بالسمع والبصر اللذين هما من الصفات الباطنة .
(وما قال : كنت عينه وأذنه) اللتين هما من الجوارح الظاهرة مع أنه صحيح أبيض لسريانه بهويته في جميع الموجودات .
(ففرق) في هذه العبارة (بين الصورتين) صورته الظاهرة وصورته الباطنة حيث أخبر أنه سمعه وبصره ولم يفل عينه
وأذنه (وهكذا).
أي كما أن الحق سار بهويته في سمع العبد وبصره كذلك (هو) سار (في كل موجود من) موجودات (العالم بقدر ما يطلبه حقيقة ذلك الموجود) بحسب استعداده في قابلیته (لكن ليس لأحد من أفراد) العالم (مجموع ما للخليفة) فإنه لا يظهر في كل واحد واحد إلا بعض أسمائه دون بعض ويظهر في الخلفية مجموعها .

(فما فاز) الخليفة (إلا بالمجموع) دون البعض على انفراده بحيث لا يكون معه غيره .
ويحتمل أن تكون الباء للسببية لا صلة للفوز أي ما فاز الخليفة بالخلافة إلا بسبب المجموع.
وفي بعض النسخ :
فما فاز إلا هو بالمجموع وكأنه إلحاق من المتصرفين لتصحيح المعنى فإن في كل من شرحي الجندي والقيصري وأكثر نسخ المتن التي رأيناها أو قریء بعضها على الشيخ رضي الله عنه وقعت العبارة كما ذكرنا أول (ولولا سریان) الوجود
(الحق في الموجودات بالصورة)، أي بصورة جمعية الأسماء (فما كان للعالم وجود) و ظهور فإنه في حد ذاته معدوم لا يوجد إلا بالسريان المذكور.
ثم إنه رضي الله عنه شبه توقف ظهور حكم الوجود في الموجودات على سريان الوجود الحق .
بتوقف ظهور أحكام الموجودات العينية على سريان الأمور الكلية فيها.

فقال : (كما إنه) الضمير للشأن (لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية) وسريانها في
الموجودات العينية (ما ظهر حكم في الموجودات العينية) .
لأنه ما لم يسر الحياة أو العلم مثلا في موجود عيني لم يصح الحكم عليه بأنه حي أو عالم كما سبق.
(ومن هذه الحقيقة ) التي هي الرقيقة الثابتة في نفس الأمر
متن نص فصوص الحكم :فالكل مفتقر ما الكل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نَكني فإن ذكرت
غنيّاً لا افتقار به ... فقد علمت الذي بقولنا نَعْنِي فالكل بالكل
مربوط فليس له ... عنه انفصالُ خذوا ما قلته عني

شرح الجامي :
بين الموجودات والحق يتوقف وجودها على سريانها فيه (كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده)
كما أن الافتقار منه سبحانه إلى العالم في ظهوره .

ولما شبه رضي الله عنه ارتباط الموجودات بالوجود الحق بارتباطها بالأمور الكلية، وقد ثبت في ما تقدم الارتباط
بينهما بافتقار كل من الطرفين إلى الآخر.
في بعض الأحكام كان فيه إشعار بأن الحق سبحانه وإن كان غنية عن العالمين بذاته وأسمائه الذاتية .
لكن لا سيما باعتبار ظهورها وترتب أثارها عليه افتقار إلى العالم كما وقع به الإشارة إليه في صدر الفص.
فلهذا فرع عليه قوله : (فالكل)، أي كل واحد من الحق والعالم (مفتقر) إلى الآخر، أما افتقار العالم إليه فعلی تعينه العلمي بالفيض الأقدسي .
وفي تعبنه الوجودي بالفيض المقدسي.
وأما افتقار الحق إلى العالم فباعتبار ظهور أسمائه في المراتب وترتب آثارها عليها لا باعتبار ذاتها واتصافه
بالصفات الحقيقية كالوجوب والعلم فإنه بهذا الاعتبار غني عن العالمين .
ثم أكده بقوله: (ما الكل مستغن) ما نافية و مستغن خبره رفعه على اللغة التميمية وعليها قريء : ما هذ
بشر بالرفع (هذا) الذي قلناه من إثبات الطرفين (هو الحق)
المطابق لما في نفس الأمر (قد قلناه) صريحا لإرشاد الطالبين (لا نكني).
أي لا نقوله على سبيل الكناية لئلا يلتبس عليهم (فإن ذكرت عينا) مطلق (لا افتقار) ملتبس (به).
بأن لا يفتقر إلى غيره أصل وهو الحق سبحانه باعتبار ذاته وصفاته الذاتية .
فهو لا ينافي ما قلناه (فقد علمت الافتقار الذي بقولنا نعني).
أي نعنيه ونزيده بقولنا : الكل مفتقر .
فإن الافتقار الذي أثبتناه من جانب الحق سبحانه إنما هو باعتبار ظهور الأسماء وترتب آثارها كم علمت.
وهو لا ينافي الغني الذاتي (فالكل بالكل مربوط) ارتباط افتقار (فليس له عنه) استغناء لكل واحد عن الآخر أو للعالم عن الحق أو بالعكس (انفصال) انفصال أستغناء (خذوا ما قلته عني).

اعلم أن الشيخ المفيد المرشد رضي الله عنه لما كان بصدد بيان نسبة الحق والعالم بافتقار كل إلى آخر من وجه .
وكانت هذه النسبة بعينه واقعة بين المفيد المرشد والمستفيد الطالب بل هي من طلالها وفروعها نبه عليه بالماح لطيف.
وهو أنه عبر في البيتين الأولين عن نفسه بصيغة جماعة المتكلم الدالة على التعظيم المنبئ عن رفعة شأنه .
وعن المخاطب الطالب بصيغة الواحد الدالة بالمقابلة على صفة شأنه وذلك لمعنى افتقار الطالب إلى المرشد، فإن
المفتقر إليه أرفع شأنا من المفتقر، ثم قلب الأسلوب في البيت الآخر بأن عبر عن نفسه بصيغة الواحد .
وعن المخاطب بصيغة الجماعة إشعار بأن المفيد
متن نص فصوص الحكم :فقد علمت حكمة نشأة آدم أعني صورته الظاهرة.
و قد علمت نشأة روح آدم أعني صورته الباطنة، فهو الحق الخلق .
و قد علمت نشأة رتبته و هي المجموع الذي به استحق الخلافة.
فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني.
و هو قوله تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْه زَوْجَها

شرح الجامي :أيضا مفتقر إلى المستفيد لتظهر كمالاته فيكون المفيد مفتقرا والمستفيد مفتقرا إليه و المفتقر إليه أرفع
شأنا كما عرفت (فقد علمت حكمة نشأة
آدم أعني) بجسده (صورته الظاهرة) وهي أحدية جمع جميع الحقائق المظهرية الجسمانية والعنصرية والحكمة فيها .
أن تكون أنموذجا لحقيقة العالم في كونها مظهرة لأحكام الروح المدبر لها كما أن العالم مظهر الآثار الأسماء الإلهية المتصرفة فيه.

(قد علمت نشأة روح آدم)، يعني حكمة نشأة روحه (اعني) بروحه (صورته الباطنة) التي هي أحدية جمع جميع الحقائق الروحانية العقلية والنفسية.
وحكمتها كونها أنموذجا وظل للأسماء الإلهية باعتبار التصرف والتأثير .
فكما أن الأسماء الإلهية منصرفة في يده في العالم كذلك الروح مؤثر متصرفي في يديه (وقد علمت نشأة رتبته)، أي حكمة نشأة رتبته (وهي)، أي نشأة رتبته هي (المجموع).
أي مجموع صورتيه الظاهرة والباطنة (الذي به استحق) آدم (الخلافة) و توصیف النشأة الرتبية باستحقاق الخلافة.
إشارة إلى حكمتها فإن الحكمة في الجمع بين صورتيه الظاهرة والباطنة أن يناسب بالجهة الباطنة المستخلف و بالجهة الظاهرة
المستخلف عليهم فيستفيض بالجهة الأولى ويفيض بالأخرى فيتم أمر الخلافة.
(فآدم) أبو البشر (هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني)، أي خلق منها زوجها ومن ازدواجهما أولادهما و من
ازدواج أولاده أولاد أولاده إلى ما شاء الله .
فهو منشأ تكثير هذا النوع، وهذا هو المراد بقوله : خلق منها هذا النوع بأدني مسامحة.
فإنه قائم مقام قوله : خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء.
فالمراد بالنوع الإنساني أولاد آدم من هذا النوع .
واعلم أن لكل مرتبة آدم هو مبدأها كالعقل الكل للمعقول والنفس الكل للنفوس.
ولكل آدم زوج بث من أزواجهما نتائج.
وحمل بعض الشارحين آدم في هذا المقام على العقل الكلي وبعضهم عن النفس الكلي.
ولا يخفى على المستبصر أن كلام الشيخ رضي الله عنه فيما تقدم وفيما تأخر صريح في أن المراد بآدم ههنا هو أبو البشر.
أنه صريح في نقش الفصوص بأن المراد بأدم وجود النوع الإنساني (وهو)، أي كون آدم هو النفس الواحدة المذكورة .

ما يدل عليه قوله تعالى : ("يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" )، أي ذات واحدة يعني آدم ("وخلق منها")، أي من ضلعها الأيسر ("زوجها ")،
متن نص فصوص الحكم :وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً».
فقوله اتَّقُوا رَبَّكُمُ اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم، و اجعلوا ما بطن منكم، وهو ربكم، وقاية لكم: فإن الأمر ذمٌ و حمدٌ: فكونوا وقايته في الذم و اجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين.
ثم إنه سبحانه و تعالى أطْلَعَهُ على ما أوْدع فيه و جعل ذلك في قبضتَيْه:
القبضةُ الواحدة فيها العالم، و القبضة الأخرى فيها آدم و بنوه. و بيَّن مراتبهم فيه.


شرح الجامي :يعني حواء ("وبث منهما")، من أدم وزوجه بالتوالد والتناسل ("رجالا كثيرا ونساء" ) .
ثم نبه رضي الله عنه على بعض معاني الآية بما لم يتنبه له أهل الظاهر فقال : (فقوله : " اتقوا")،
أمر من الاتقاء بمعنی جعل الشيء وقاية لشيء.
و الشيئان ههنا المخاطبون والرب تعالى .
فإن جعلت الشيء الأول المخاطبينو الشيء الثاني: الرب لاحظت إضافة الوقاية إليه .
كان المعنى: اجعلوا أنفسكم وقاية ربكم.
وإن جعلت الشيء الأول الرب والشيء الثاني المخاطبين.

كان المعنى : اجعلوا ربكم وقاية أنفسكم.
فلما كانت الآية تحتمل المعنيين جمعهما الشيخ رضي الله عنه .
كما هو رأيهم في الآيات القرآنية في الجمع بين جميع المعاني المحتملة التي لا يمنع من إرادتها الشرع والعقل.
فعلى هذا يكون معنى قوله :" اتقو (ربكم) الذي خلقكم" آية 1 سورة النساء.
أي أوجدكم باختفائه بصوركم فأنتم ظاهره وهو باطنكم .
(اجعلوا ما ظهر منكم)، وهو أحدية جمع روحكم وبدنكم (وقاية ربكم)، أي ألة ووقاية .
كما في قوله تعالى : "خذوا حذركم "آية 71 سورة النساء . أي آلة حذركم.
(واجعلوا ما بطن منكم وهو ربكم وقابة لكم فإن الأمر) المنسوب إلى ربكم بوجه وإليكم بوجه من الصفات والأفعال.
إم (ذم) يذم به لم ينسب إليه (و) إم (حمد) يحمد به .

بتصف به وكل واحد منهما كما يقتضيه توحيد الصفات والأفعال مسند إلى الله تعالى.
لكن إسناد المذام إليه قبل زكاء النفس وطهارتها وقوع في الإباحة وبعدهما إساءة للأدب (فكونوا وقايته) عن نسبة النقص إليه (في الذم) بأن تنسبوه لكم لا إليه (واجعلوه وقايتكم) عن ظهور أنياتكم.
(في الحمد) بأن تنسبوه إليه لا إليكم (تكونوا أدباء) حين تنسبون المذام إلى أنفسكم لا إليه (عالمين)
بحقيقة الأمر على ما هو عليه حين تنسبون المحامد إليه تعالی.

فإن الأمور كلها مستندة إليه تعالى بالحقيقة، وتحذرون مما يلحقكم بإسنادها إلى أنفسكم من ظهور أنياتكم (ثم إنه تعالى أطلعه)، أي آدم (على ما أودع فيه وجعل ذلك).
أي ما أدوع فيه من الحقائق الإلهية والكونية (في قبضتيه سبحانه)، أي قبضتي الجمع والفرق السالمين للكل المشار إليهما الآفاق والأنفس (القبضة الواحدة ) اليسرى التي هي قبضة الفرق( فيها العالم وفي القبضة الأخرى) اليمني التي (فيها) الجمع (آدم وبنوه)، أي أولاده.
متن نص فصوص الحكم :و لما أطلعني اللَّه سبحانه و تعالى في سري على ما أودع في هذا الإمام الوالد الأكبر.
جعلت في هذا الكتاب منه ما حدَّ لي لا ما وقفت عليه، فإن ذلك لا يسعه كتاب و لا العالم الموجود الآن.
فمما شهدته مما نودعه في هذا الكتاب كما حَدّه لي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم:
حكمة إلهية في كلمة آدمية، و هو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبُّوحيَّة في كلمة نُوحِيَّة.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسيَّة.
ثم حكمة مُهَيَّميَّة في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حَقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة عليَّة في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يُوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شُعَيبيَّة.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قَدَرِية في كلمة عُزَيْرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نَفَسِيَّة في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
و فص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.
فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحِكَم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب.
فامتثلت ما رسم لي، و وقفت عند ما حُدَّ لي، و لو رمت زيادة على ذلك ما استطعت، فإن الحضرة تمنع من ذلك و اللَّه الموفق لا رب غيره. و من ذلك:
شرح الجامي :
(وبين مراتبهم فيه)، أي بين مراتب بني آدم في آدم المشتمل عليهم.
(ولما أطلعني الله سبحانه في سري) حيث ل واسطة فيه أصل (على ما أورد في هذ الإمام الوالد الأكبر) آدم عليه
السلام من كمالاته وكمالات بنیه كما أطلعه عليه.
(جعلت في هذا الكتاب ) منه ، أي مما أودع فيه (ما حد لي) أن أدرجه فيه (لا م وقفت عليه فإن ذلك).
أي ما وتفت عليه (لا يسعه كتاب) لو بين بالكلمات الحرفية والرقمية (ولا العالم الموجود الآن)
لو بین بالكلمات الوجودية فإن العوالم البرزخية و الحشرية الجنانية والجهنمية الغير المتناهية أبد الآبدين .
هي تفصيل ما أودع في النشأة الإنسانية الكمالية وهي لا تنتهي .
فكيف يسعه كتاب والعالم الموجود الآن فإنهما متناهيان (فم شهدته على ما نودعه في هذا الكتاب)
المسمى بفصوص الحكم (كما حده لي رسول الله ).
و في أكثر نسخ شرح القيصري ما حده لی بدون الكاف.
فيكون بدلا مما نودعه وهو هذا الباب .
حكمة إلهية في كلمة آدمية وهي هذا الباب .
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية .
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية .
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .
ثم حكمة خفية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية .
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية .
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية .
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية .
ثم حكمة فتوحية في كلمة صالحية .
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية .
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية .
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية .
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية .
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية .
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية .
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية .
ثم حكمة جلالية في كلمة يحيوية .
ثم حكمة مالكية في كلمة زكریاوية .
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية .
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية .
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية .
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية .
(وفص كل حكمة)، أي محل انتقاشه (الكلمة التي نسبت) تلك الحكمة (إليها) من حيث القلب المودع فيها .
ففص كل حكمة هو القلب المضاف إلى الكلمة التي نسبت الحكمة إليها لا نفس الكلمة .
كما يشعر به قوله في أول الكتاب : منزل الحكم على قلوب الكلم (فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما بينت في أم الكتاب).
أن أذكرها وهي الحضرة العلمية الإلهية فإنها أصل الكتب الإلهية .
وقيل : يحتمل أن يراد بها فاتحة كتابه فإن الفاتحة أم الكتاب ونكون إشارة إلى ما ذكر فيها من منامه الذي هو فاتح أبواب كتابه.
و يلائمه قوله : (فامتثلت ما رسم لي ووقفت عندما حد لي ولو رمت زيادة على ذلك ما استطعت فإن الحضرة) .
الإلهية أو الحضرة المحمدية أو الحضرة الإلهية من المظهر المحمدي أو الحضرة التي أقمت أنا فيها من الحضرات الإلهية والمقامات العبودية (تمنع من ذلك والله الموفق لا رب غيره).
.

iEDaBBYyfT0

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!