موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

شرح بالي أفندي
على فصوص الحكم

تأليف: الشيخ مصطفي سليمان بالي زاده الحنفي

فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية

  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية


19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .كتاب شرح فصوص الحكم مصطفي بالي زاده على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

شرح الشيخ مصطفي بالي زادة الحنفي أفندي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
لما كان سريان الحياة في الماء أظهر وكان مسر الشيء غيبة وكان طهارة جسم أيوب عليه السلام عن الأمراض بالماء سمى هذه الحكمة غيبية وأضافها إلى كلمته
لذلك ابتداء بقوله : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو ) أي الماء ( أصل العناصر والأركان ) وهي النار والتراب والهواء والحياة صفة من صفات اللّه تعالى حقيقة واحدة كلية شاملة على جميع الموجودات ، لكن يظهر في بعضها في العموم والخصوص وفي بعضها لا يظهر إلا في حق الخصوص وسرها هو الهوية الإلهية الظاهرة بالصورة الحيوانية فأول ما ظهرت به الهوية الإلهية الحياة لذلك تقدمت على باقي الصفات تقدما ذاتيا وأول ما ظهرت به الحياة من الممكنات الماء لذلك كان أول كل شيء وأصله.
قال رضي الله عنه : ( ولذلك ) أي ولأجل سريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حيا ) كالحيوانات فإنها خلقت من نطفة الأمهات والآباء وهي الماء وكالنباتات فإنها لا تنبت إلا ( وما ثمة )أي وما في العالم عند الخواص ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه ) يجوز على البناء المجهول والمعلوم فمعناه على المجهول لا يفقه أحد ( تسبيحه ) بشيء ( إلا بكشف إلهي ولا يسبح ) بحمد اللّه ( إلا حي فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء ) عند أهل الحقيقة بخلاف أهل الحجاب فإنه يزعم أن بعض الأشياء حي وبعضها ليس بحي وإن أصل بعضها من الماء وبعضها ليس من الماء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) لقوله تعالى :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 11 ] ،
قال رضي الله عنه : ( لأنه تكوّن منه فطفا ) أي إرتفع ( عليه فهو يحفظ من تحته ) أي الماء يحفظ العرش من تحته فإذا كان الماء أصلا للعرش كان أصلا لكل ما أحاط العرش فكل شيء أصله الماء قال بعض الأفاضل المراد بالماء الذي هو أصل كل شيء
النفس الرحماني الذي كان عرشه عليه ويراد بالعرش الملك فهذا وجه صحيح قد بين الشيخ في مواضع لكن لا يناسب هذا المقام
فإن أول الكلام مختص بالعناصر وهو قوله سرى في الماء فهو أصل العناصر وقوله فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء نتيجة القياس
وما ينتج القياس الصحيح إلا عين الدعوى وهي وكل شيء من العناصر أصله الماء المتعارف
فالمراد بالعرش العرش المتعارف عند أهل الشرع ،
وأما قوله رضي اللّه عنه في الحكمة العيسوية وما فوق السماوات كالعرش والكرسي وملائكتهما طبيعيون لا عنصريون فهو ما ثبت عند أهل الحقيقة والعرش عند أهل الشرع سابع السبعة التي خلقت من دخان الماء الذي هو أصل العناصر
ويدل على ما قلناه قوله ألا ترى العرش فإنه إنما ورده بعد إثبات المطلوب تسهيلا لفهم أهل الحجاب بما هو معلوم ومسلم عندهم
فإنهم قائلون بأن العرش المعروف عندهم كان على الماء المتعارف وأنه يحيط بالأشياء وما هذا إلا قول منهم بأن أصل كل شيء الماء ولكن لا يشعرون فيشعرهم بذلك بهذا الكلام ليزول حجابهم فيطلعون حقيقة الأمر في دائرتهم أو لأن المراد بإيراد هذا الكلام في أول الفص بيان خواص الماء الذي هو يزيل به مرض أيوب عليه السلام وهو الماء المتعارف والماء الذي هو النفس الرحماني خارج عن المقصود في اختصاص إزالة ألم أيوب عليه السلام بالماء .
فما أزال الماء مرض أيوب عليه السلام إلا لحكمة مختصة وهي سريان الحياة في الماء المتعارف بالذات وفي غيره بواسطة الماء ، فإن قيل كيف يصح قوله فهو أصل العناصر والأركان
فقد ورد في الحديث النبوي أن اللّه خلق درة بيضاء فنظر إليها بنظر الجلال والهيبة فذابت حياء فصار نصفها ماء ونصفها نارا فحصل منها دخان فخلق السماوات من دخانها والأرض من زبدها ومقتضى هذا الحديث أن الماء ليس بأصل للنار قلنا المراد بالنار المتعارف وهو النار التي تستخرج من الحديد والحجر بضرب أحدهما على الآخر فالأرض زبد الماء والحجر والحديد من جنس الأرض فالماء أصل النار
وعلى الحقيقة أن الصورة المذابية وإن تضمنت الحرارة النارية والبرودة المائية غالبة في هذا المزاج المذابي حتى لو عين له الاسم لاستحق باسم الماء دون غيره فعلى كلا التقديرين كان الماء أصلا للنار ، لكن هذا المعنى غير مناسب بالمقام كما قلنا في نفس الرحماني وإنما قلنا المائية لكن المائية غالبة في هذه الطبيعة لامتناع الاعتدال الحقيقي الذي يوجب البقاء وذا لا يكون إلا في الوجود الأخروي فالاعتدال لا يكون إلا فيه
قال رضي الله عنه : (كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه ) هذا إشارة إلى من ادّعى الربوبية ( فهو سبحانه مع هذا ) أي مع تكبر عبده عليه لا يتكبر عليه ولا يهلكه مع أنه قادر بذلك ( يحفظه من تحته ) بلطفه وكرمه ( بالنظر إلى علو هذا العبد ) من حيث أنه مخلوق على صورته ( الجاهل بنفسه ) ولو عرف نفسه لعرف ربه ولو عرف ربه ما تكبر وما عل ( وهو ) أي المذكور معنى ( قوله عليه السلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه ).
" ورد بلفظ « لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على اللّه » " .
وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه فما زائدة للتأكيد أي كنسبة الفوق إليه (في قوله :"يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ" وهو القاهر فوق عباده فله الفوق ) أي فثبت أن به الفوقية بهذه الآية بإضافة الفوق إلى الإنسان (والتحت ) بهذا الحديث فلا يظهر أن له الفوق والتحت إلا بالإنسان لاستواء نسبة الفوق والتحت إليه لكونه محيطا بالأشياء من جميع الجهات ( ولهذا ) أي ولأجل استواء نسبة الفوق والتحت إليه ( ما ظهرت الجهات الست ) أي إلى الحق بشيء ( إلا بإنسان فهو على صورة الرحمن ) فإن الجهات الست وجميع الصفات المتقابلة سره ولا يظهر سره إليه إلا بمن هو على صورته كما مر تحقيقه في أول الفص الآدمي ، فظهر أن الفوق والتحت للَّه لا للإنسان وما عرف العبد الجاهل ذلك فتفوق على ربه وعلا وكلام بعض الأفاضل في توجيه هذا الكلام مما لا ينبغي لهذا الكلام
( ولا يطعم إلا اللّه وقد قال) الشيخ رضي الله عنه :
( اللّه في حق طائفة ) أي في حق قوم عيسى عليه السلام ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل ) أي ولو عملوا بما فيهما من الأحكام ( ثم نكر وعمم ) المعطوف (فقال و ) أقامو ( ما أنزل إليهم ) من الأحكام ( من ربهم فدخل في قولهوَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْكل حكم منزل ) من ربهم ( على لسان رسول اللّه ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التورية والإنجيل وإلا لكان من التورية والإنجيل كسائر الأحكام الموجودة فيهما ويدل عليه قوله ( أو ملهم ) من ربهم على قلوبهم مما لا يعلم بالتوراة والإنجيل وما أنزل على لسان رسول من الأحكام وإلا لكان ذلك الحكم داخلا فيها والمقصود تعميم الحكم بها لا يدخل فيه ( لأكلوا ) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية
(من ) جهة ( فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري من فوقهم الصوري بسبب المطر فعلى أيّ حال ( وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و ) لأكلوا الرزق المعنوي ( من تحت أرجلهم ) بالسلوك والرياضات والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم ( وهو المطعم من التحية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ) بقوله : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه " .
ولما فرغ عن بيان حفظ وجود الحق عباده من فوقهم وتحتهم رجع إلى إثبات حفظ الماء وجود العرش من تحته
فقال رضي الله عنه : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ينحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) وكل شيء حي وكل حي ينحفظ وجوده بالحياة ومن الماء كل شيء حي فإذا لم يكن العرش على الماء لم ينحفظ وجوده من تحته فلم يكن حيا بل ينحل أجزاءه عن الظلم الخاص وتبدلت أخرى فاختص حفظ الإنسان بالنص الإلهي بالحق وحفظ العرش بالماء ، مع أنه هو حافظ أيضا تعظيما لشأن الإنسان فعظمه اللّه حق تعظيم فلو علم الإنسان قدره عند اللّه لم يخالف قط .
ولما فرغ عن بيان خواص الماء وما يتوقف عليه من معرفة حال أيوب شرع في بيان حال أيوب عليه السلام قال : ( قال اللّه تعالى لأيوب :ارْكُضْ) أي اضرب بِرِجْلِكَ الأرض فلما ركض خرج منها الماء فقال : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ[ ص : 42 ] أي ماء بارد ) ، يزيل باغتساله مرضك من بدنك وإنما كان الماء بارد ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه اللّه ) إفراطه (ببرد الماء ) من التسكين الضمير يرجع إلى الإفراط فسكن اللّه إفراطها الزائد المهلك فبقي الحرارة النافعة للإنسان والإشارة فيه .
وهي أن اللّه تعالى أمر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لإزالته ألم البدن فهو أمر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج الماء الحياة وهو العلم باللّه والأرض وجودنا لإزالة أمراض أرواحنا وهي الحجبات المبعدة عن الحق وفي هذه الآية سر لطيف .
وهو أن السالكين سلوك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا في منزل وذكروا اللّه كثيرا بأعلى صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أيّ حركة كانت
وكانت نيتهم بذلك لإزالة ألم الروحاني جاز منهم ذلك إذ ضرب الرجل الصوري على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل إلى الحقيقة إذ ما من حكم شرعي إلا وله حقيقة يوصل عامل إلى حقيقته ( ولهذا ) أي لكون الإزالة إفراط الحرارة مطلق ( كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص فالمقصود ) من نقص الزائد وازدياد الناقص ( طلب الاعتدال ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه ) فكان المزاج المنحرف قريبا من الاعتدال بالتداوي
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود يعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ولا يكون التكوين إلا عن ميل يسمى ) ذلك الميل ( في الطبيعة انحرافا ) كالإنسان وغيره من الحيوانات ( أو تعفينا ) كما في المأكولات والمشروبات كالفاكهة واللبن أو عصيرا وغيرها إذا تغيرت أمزجتهم ( وفي حق الحق ) يسمى ذلك الميل ( إرادة وهو ) راجع إلى الإرادة باعتبار الميل ( إلى المراد الخاص دون غيره والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع وهذا ) السواء ( ليس بواقع ) لإعطاء الحقائق والشهود خلاف (فلهذا ) أي فلأجل عدم وقوع التسوية في الجمع أو فلأجل هذا المذكور ( منعنا من حكمة الاعتدال ) بقولنا ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضى وبالغضب وبالصفات المتقابلة والرضى مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه ( والغضب مزيل للرضي عن المرضى عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضى والغضب ) وهذا ليس بواقع كما أمر آنفا فإذا ثبت أن حقيقة الرضى إزالة الغضب عن المغضوب عليه وحقيقة الغضب إزالة الرضى عن المرضى عنه.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض فقد اتصف )الحق (بأحد الحكمين في حقه ) أي في حق المغضوب عليه ( وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المغضوب عليه وهي الرضى والغضب ( ميل ) من الاتصاف بالرضى إلى الاتصاف بالغضب فكان الغضب قبل اتصافه بالغضب متصفا بالرضى في حقه إذ الغضب إزالة وجود الرضى
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما رضي الحق عن من رضي عنه وهو ) أي الحق ( غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المرضى عنه وهو الرضى ( ميل ) من الاتصاف بالغضب إلى الاتصاف بالرضى والمقصود أن اللّه لا يخلو عن الاتصاف في حق عباده بأحد هذين الحكمين المتقابلين فلا بد اتصافهما بأحدهما في حق شخص قبل أن يسبق اتصافه بالآخر في حق ذلك الشخص لعدم الاعتدال فانقطع التسلسل
بقوله سبقت رحمتي على غضبي ألا ترى أيوب عليه السلام كيف اتصف الحق بأحد الحكمين في حقه فاتصف الحق بالغضب عند المرض إذ الغضب عين الألم فأزال ذلك الألم بالماء فاتصف في حقه بالرضى إذ زوال الألم عين الرضى فقد اتصف الحق في حق الأنبياء عليهم السلام بأحد الحكمين فإنهم يتألمون بآية الورود وإن لم تمسهم النار
فقد اتصف الحق في حقهم بالرضى وبإدخال الجنة فزال عنهم ذلك الألم فقد ظهر من هذا التحقيق إن أهل النار ما غضب اللّه عليهم إلا وهو عنهم راض فكان حكم الرضى ثابتا في حقهم فلا يدوم غضب اللّه عليهم في النار فلهم حكم الرضى من اللّه الذي سبق على الغضب وإنما يدوم عذابهم إذا لم يتصف الحق في حقهم بأحد الحكمين بأن يتساوى الرضاء والغضب وليس بواقع فالواقع اتصاف الحق بأحد الحكمين في حقهم فالواقع في حقهم حكم الرضاء من اللّه بإزالة الغضب وهذا معنى قوله
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإنما قلنا هذا ) المذكور ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه ) فإذا كان غضب اللّه عليهم دائما في زعمه ( فما لهم حكم الرضى من اللّه ) في زعمه فإذا قلت هذا من أجل ذلك قلن ( فصح المقصود ) وهو أن لهم حكم الرضا من اللّه فلا يصح قول من زعم أنه ما لهم حكم الرضى من اللّه فكان الأمر كما قلناه لا كما قاله فكان هذا القول منه ردا لمن زعم أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائم
قال رضي الله عنه : ( فإن كان كما قلنا حال أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم فلا يقع أن يكون العذاب دائما لهم فيؤدي أدلته إلى التوقف بين جواز دوام وقوع العذاب وبين جواز إزالته فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل وسنبين إن شاء اللّه تعالى في مسألة فرعون فقد أعاد الشيخ رضي اللّه عنه هذه المسألة في هذا الكتاب كثيرا في مواضع لتضمنه في كل إعادة فائدة جديدة للطالبين لذلك شرحت في كل مرة وإن كان البيان كافيا في موضع .
فلما بين غضب اللّه وهو إيصال الألم إلى عباده أراد أن يبين غضب الناس فقال ( فمن غضب ) من الناس على غيره ( فقد تأذى ) بذلك الغضب ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلام إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ) الإيلام فإذا وجد الراحة بإيلام المغضوب عليه ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه الحق إذا أفردته ) أي إذا نظرته من حيث غنائه ( عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد فإذا كان الحق هوية العالم )
أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) مع أنه متعال منزه بالانفعال والتأثير بالأحكام كظهور أحكام الرائي في المرآة فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم به الرائي أو نقول إذ كان الحق هوية العالم ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به وهو الحق الخلق وهو العبد فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق فلا يستريح الخالق باستراحة المخلوق ،
ولا يتألم بتألمه فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة والإرادة وغير ذلك يقال له حق ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد جرى اصطلاحهم على ذلك
( وهو ) أي ظهور الأحكام كلها في معنى قوله لاحتياجه إليه ( قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) في الظهور فيه كما إن الصورة في المرآة ترجع في الظهور إلى صاحبه ( حقيقة وكشفا ) أي يعلم هذا المعنى من هذا القول بالحقيقة والكشف فكل شيء يرجع إليه لاحتياجه إليه من كل الوجوه لا يرجع هو إلى شيء أصلا وهو المرجع والمآب فإذا كان الأمر في نفسه على ما قلناه فأنت عبد ضعيف ( فاعبده ) بما أمرك ( وتوكل عليه حجابا ) أي حياء من ربك ( وسترا ) أي وكن مستور الحال بين الناس بحفظ آداب الشريعة والطريقة ( فليس في ) عالم ( الإمكان ) وهو عالم الأول والآخر والظاهر والباطن ( أبدع من هذا العالم ) وهو العالم الظاهر الجامع جميع ما في العوالم ( لأنه على صورة الرحمن ) يتعلق بقوله ( أوجده اللّه تعالى ) أي وإنما كان هذا العالم أبدع من غيره من العوالم لأن اللّه أوجده على صورة الرحمن قوله ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) تفسير لقوله على صورة الرحمن أوجده اللّه أي وإنما كان أبدع لأنه ظهر وجود الحق بظهور العالم لا ببطونه وفيه دليل على أن علم الشريعة لكون ظهور وجود الحق بظهوره ظهورا تاما أبدع من العلم المسمى بالباطن فكان أبدع العلوم كله ( كما ظهر ) حقيقة ( الإنسان ) وهي الروح الانساني ( بوجود الصورة الطبيعية ) وهي هذا الهيكل المحسوس
قوله رضي الله عنه : ( فنحن ) يجوز أن يكون عبارة عن الإنسان خاصة أي فإذا كان الأمر كذلك فنحن مع أرواحنا وأبداننا .
( صورة الظاهرة ) أي الصورة الفائضة لأرواحنا منه ( وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ) لظهور وجود الحق بوجودنا لكوننا على صورة الرحمن كما ظهر الحق بوجود هذا العالم لكونه على صورة الرحمن فالعالم من حيث كونه عبارة عن الهيئة الاجتماعية كان على صورة الرحمن أي يظهر الحق فيه مع جميع صفاته وأسمائه وأفعاله وليس كذلك أجزاؤه إلا الإنسان فإنه وإن كان جزءا منه لكنه لكونه جامعا لما فيه كان على صورة الرحمن ويجوز أن يكون كناية عن العالم كله فنحن أي العالم من حيث صورته الجمعية .
قال رضي الله عنه : ( فما كان التدبير ) أي تدبير الحق العالم كله ( إلا فيه ) أي في الحق ( كما لم يكن ) التدبير ( إلا منه ) فكان الحق مدبرا فيه ومدبرا منه أي يقع التدبير منه وفيه بالاعتبارين هذا لسان الوحدة ( فهو الأول بالمعنى ) أي يظهر أوليته بسبب المعنى ( والآخر بالصورة ) أي يظهر آخريته بسبب ظهور الصورة ( وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال ) إذ لا بد من متغير فيظهر الحق بسبب تغير الأحوال .
( والباطن بالتدبير ) أي بتدبير خلقه وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فإذ كان بكل شيء عليم ( فهو على كل شيء شهيد ) وإنما قال اللّه في حقه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ( ليعلم ) أن علمه بكل شيء ( عن شهود لا عن فكر ) ويجوز ليعلم أن يكون مبينا للفاعل من الأعلام ليعلم الحق خلقه أو من العلم ، أي ليعلم الخلق وأن يكون مبنيا للمفعول ( فكذلك علم الأذواق ) عن شهود ( لا عن فكر وهو ) أي علم الأذواق (العلم الصحيح ) لأنه حاصل بتجلي الحق لعباده بعلمه فلا يقع في هذا العلم خط ( وما عداه ) من العلم
( فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) ثم رجع إلى بيان حكمة مسألة أيوب عليه السلام .
فقال رضي الله عنه : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) أي الماء الذي سرى الحياة فيه فكان ذلك الماء ماء الحياة ( شرابا لإزالة ألم العطش ) وهو نار الاشتياق ( الذي هو ) حاصل له ( من النصب ) أي الضرّ بفتحتي النون والصاد وضمتيهما وضمة وسكون (والعذاب الذي مسه به ) أي بذلك العذاب ( الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليها ) فلما اغتسل أيوب زال حرارة بدنه التي كانت من مس الشيطان بضرّ فإذا شرب زال حرارة العطش من روحه التي حصلت من مس الشيطان أي البعد عن إدراك الحقائق وهو الحجاب الذي يقع على عين القلب فيبعده عن الإدراك فأشار عليه السلام في كلامه إلى ألمه الروحاني فإذا شرب أدرك الحقائق وإنما فسر الشيطان بالبعد عن إدراك الحقائق مع أن الشيطان بعيد عن إدراك الحقائق ليس يبعد لكون البعد من صفة الشيطان فكان المعنى أني مسني شطن الشيطان ، فتركت الإضافة إلى الشيطان مبالغة ،
قال رضي الله عنه : ( فيكون ) أيوب عليه السلام ( بإدراكها في محل القرب وكل مشهود قريب من العين ولو كان ) ذلك المشهود ( بعيدا بالمسافة ) من البدن ( فإن البصر ) بسبب خروج الشعاع منه (يتصل به ) أي بالمشهود ( من حيث شهود ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده ) أي لم يشهد الشاهد المشهود ( أو يتصل المشهود بالبصر ) بحسب انطباعه به ( كيف كان )
قلت ( فهو ) أي الشهود ( قريب بين البصر والمبصر ولهذا ) أي ولأجل كون الشهود قريبا بين البصر والمبصر ( كنى ) أي أتى ( أيوب عليه السلام ) كلامه ( في المس ) بالكناية ( فأضافه إلى الشيطان ) بقوله أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ وهو البعد ( مع قرب المس فقال البعيد مني ) وهو الشيطان ( قريب مني لحكمة فيّ ) وهذه الحكمة هو الحجاب الذي يمس عين قلبه فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى فطلب من اللّه إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه ،
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ) فكان البعيد من الشيء لمعنى قريبا منه لمعنى آخر كما ذكر في المشهود فإنه قريب من الشاهد من مشهوده بعيد من حيث المسافة .
( واعلم أن سر اللّه في أيوب عليه السلام الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا ) أي لا يعرف معنى ذلك الكتاب إلا أهل الحال ومنسوبا إلى حال أيوب عليه السلام ( تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه ) من الأعلام على البناء للفاعل أو من العلم على البناء للمفعول أو على صيغة الغيبة ،
وكذا قوله رضي الله عنه ( فتلحق بصاحبه ) أي فتصل هذه الأمة في الدرجة بمقام صاحب ذلك الكتاب وهو أيوب عليه السلام في الرضاء بالقضايا والصبر على البلايا فمن صبر منا على الأعمال الشاقة في طريق الحق فقد أعطى اللّه له ما أعطى أيوب عليه السلام وإنما جعله اللّه هكذ ( تشريفا لها ) أي لهذه الأمة وأيّ تشريف وتكريم أعظم من هذا الذي ابتلي نبيه لن ( فأثنى اللّه عليه ) أي فإذا كان البصر أجمل الوصف الجميل وأكرمه عند اللّه أثنى عليه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أعني على أيوب عليه السلام بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه فعلمنا ) من معاملة الحق مع أيوب عليه السلام ( أن العبد إذا دعا اللّه في كشف الضرّ عنه ) أي عن نفس العبد ( لا يقدح في صبره ) وإلا لما أثنى على أيوب عليه السلام ( وإنه ) أي والحال أن أيوب عليه السلام ( صابر وأنه نعم العبد ) ولو كان دعاؤه في كشف الضرّ عنه يقدح في صبره لما جعله متصفا بهذه الصفة الحسنة ( كما قال ) تعالى في حقه (إِنَّهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلى اللّه ) في كشف الضرّ ( لا إلى الأسباب ) فلا ينافي صبره إذ الرجوع إلى اللّه في كل أمر أحسن الصفة الحسنة فلا ينافي الصبر بل إنما ينافيه الرجوع إلى الأسباب في رفع الضرّ ( والحق يفعل ) ما دعاه العبد ( عند ذلك ) أي عند دعائه ( بالسبب ) وإنما أعطى الحق ما طلبه العبد منه بالسبب مع أن اللّه قادر أن يفعله بدون سبب ( لأن العبد ) وإن كان رجّاعا إلى اللّه لكنه ( يستند إليه ) ،
أي السبب ولما اتجه أن يقال لم لا يجوز رجوع العبد إلى الأسباب مع أن الرجوع إلى الأسباب رجوع إلى اللّه بحسب العين على أن الإزالة لا يكون إلا بالأسباب فلا يذمّ العبد في رجوعه إلى ما يزيل به ضرّه فلا ينافي ذلك الرجوع أيضا صبره أجاب ذلك بقوله له ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) من الأمور المضارّة ( كثيرة ) والعبد لا يعلم يقينا أن الحق بأيّ سبب كشف ضرّه ( والمسبب واحد العين فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى ) أي أوجب ( من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ) ذلك الرجوع ( علم اللّه فيه فيقول ) العبد ( إن اللّه لم يستجب لي ) دعائي ( وهو ما دعاه ) ،
أي والحال أن العبد لم يدعو فافترى على اللّه وعلى نفسه وهو لا يشعر بذلك وأساء الأدب ( وإنما جنح ) أي مال العبد في وقت دعائه ( إلى سبب خاص لم يقتضه ) أي السبب ( الزمان ولا الوقت فعمل أيوب عليه السلام بحكمة اللّه إذ كان نبيا لما علم ) أيوب عليه السلام ( إن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى ) مطلق ( عند الطائفة ) الذين لم يروا الأمر على ما كان عليه ( وليس ذلك ) أي ما ذهب الطائفة ( بحد للصبر عندنا ) أي عند الأنبياء والأولياء الكاملين ( وإنما كان ) هذا عندن
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه لا إلى اللّه فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضاء بالقضاء ) كما يقدح في الصبر بالبلاء (وليس كذلك فإن الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا غيره وإنما يقدح ) الشكوى ( في الرضاء بالمقتضيّ ونحوه ما خوطبنا بالرضا بالمقتضيّ والضرّ هو المقضيّ ما هو عين القضاء ) إذ المقضيّ هو المحكوم به والقضاء حكم اللّه فظهر أن الصبر أخص مطلقا من الرضاء
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وعلم أيوب عليه السلام أن في حبس النفس عن الشكوى إلى اللّه في رفع الضرّ مقاومة القهر الإلهي وهو )أي مقاومة القهر الإلهي ذكر الضمير باعتبار حبس النفس أو باعتبار ما بعده (جهل بالشخص إذا ابتلاه اللّه بما تألم منه نفسه فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل إلى اللّه في إزالة ذلك الألم عنه ) أي عن نفسه
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن ذلك إزالة عن جناب اللّه عند العارف صاحب الكشف فإن اللّه قد وصف نفسه ) على البناء للفاعل ( بأنه يؤذي ) على المبني للمفعول ( فقال إن الذين يؤذون اللّه ورسوله ) فإن الرسول وجه خاص من الوجوه الإلهية فمن يؤذيه فقد أذى اللّه واللّه منزه عن التألم لكن لما كان الأذى غاية كراهة عنده وصف نفسه بما يتأذى به عبده ( وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو ) عند غفلتك ( عن مقام إلهي لا تعلمه ) أي لا تعلم أنت أن ابتلاء أعظم أذى للحق فإنه يتأذى بما تتأذى به أي لا يرضى الحق أن يتأذى عباده فكانت غفلتك سببا لابتلاءك باشتغالك بغير اللّه والغفلة في الحقيقة إعراض عن الحق ( لترجع إليه بالشكوى فيرفعه ) أي فيرفع اللّه ذلك الابتلاء ( عنك ) فالبلاء عناية ورحمة من اللّه على عباده المحبين والإشارة في هذه المسألة يقول اللّه لعباده المحبين السالكين في طريق الحق بالرياضات والمجاهدات إذا ابتلاهم اللّه عند غفلتهم يا عبادي إن رضيتم ببلائي فقد رضيت بغفلتكم عني وإن شكيتم إليّ من ضرّي فقد شكيت إليكم من غفلتكم فهذا الكراهة غفلة العبد عبد اللّه .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك ) أي لازم لحقيقتك وبه تميز العبد عن ربه كأنه عين حقيقة العبد لذلك قال هو حقيقتك ( فيرتفع الأذى عن الحق بسؤالك إياه في رفعه عنك إذ أنت صورته الظاهرة ) أي أنت مظهر من مظاهرة فإذا رفع الأذى عنك فقد ارتفع عن الحق الذي هو حقيقتك ونصيبك عن الحق الواجب الوجود الخالق والحق من هذه الحيثية لا يوصف بأنه يؤذي فقد عرفت أن الإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية يوصف بأنه حق في الحقيقة كان معناه فترفع الأذى عن جهة حقيتك بسؤالك إياه في رفعه عن جهة حقيتك واللّه تعالى منزه عن الأذى إذا أفردته عن العالم .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك ) البكاء ( من لا ذوق له في هذا الفن ) أي في العلوم الإلهية ( معاتبا له فقال العارف ) المبتلى مجيبا له ( إنما جوّعني لأبكي يقول ) العارف ( إنما ابتلائي بالضرّ لأسأله في رفعه عني وذلك ) السؤال ( لا يقدح كوني صابرا فعلمنا ) من قول هذا العارف ( أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه اللّه ) متعينا بتعينات متعددة وهو الوجه المفصل والمقيد ( وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى وجه الهوية فيدعوه ) أي فيدعو العبد المبتلى من الحق ( من ذلك الوجه في رفع الضرّ لا ) يدعو ( من الوجوه الأخر المسماة أسبابا وليست ) أي والحال إن الوجوه الأخر والأسباب ليست ( إلا هو ) أي الأعين ذلك الوجه الخاص المدعوّ في رفع الضرّ .
قال الشيخ رضي الله عنه : (من حيث تفصيل الأمر في نفسه فالعارف لا يحجب سؤاله هوية الحق في رفع الضرّ عنه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ) فإذا سأل غير العارف زيدا في رفع ضرّه عنه فقد سأل عن الحق المتعين بذلك الوجه الخاص من وجوه اللّه فسؤاله إنما يكون هوية الحق لكن سؤاله يحجبه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة بخلاف العارف وإن كان سؤاله عما سأله غير العارف لكن لا يحجبه سؤاله عن أن يكون جميع الأسباب عينه فسؤال العارف حين سأل وجه الهوية الخاصة سؤال عن وجه الهوية المطلقة التي تجمع جميع الوجوه وهو الاسم اللّه ولا كذلك غير العارف لاحتجابه عن العينية كان سؤاله عن الغير لا عن اللّه .
قال رضي الله عنه : ( وهذا ) أي ما ذكرناه ( لا يلزم طريقته ) أي لا يلازم ولا يداوم عن السؤال الذي على هذه الطريقة ( إلا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه فإن اللّه أمناء لا يعرفهم إلا اللّه ويعرف بعضهم بعضا وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل ) فكن من عباد اللّه الأمناء .

.
....

zSlDyuoR4HI

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!