موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تعليقات أبو العلا عفيفي
على فصوص الحكم

تأليف: د. أبو العلا عفيفي

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية

[نسخة أخرى فيها المتن مع التعليقات والمقدمات]
  السابق

المحتويات

التالي  

فص حكمة إلهية في كلمة آدمية


(1) الكلمة الآدمية.
(1) لا يقصد بآدم هنا آدم أبو البشر، و إنما الجنس البشري برمته: الإنسان من حيث هو إنسان أو الحقيقة الإنسانية.
يدل على ذلك ما يورده المؤلف عن النشأة الإنسانية و أنها النشأة الوحيدة التي تتجلى فيها الكمالات الإلهية في أعظم صورها، و ما يذكره من أمر خلافة الإنسان في الكون و فضله على الملائكة و استحقاقه مرتبة الخلافة دونهم، و كلامه عن الكون الجامع و العالم الصغير الذي يقابله بالعالم الكبير و نحو ذلك.
(2) «لما شاء الحق سبحانه ... و لا تجليه له».
(2) «لما» لا تشير إلى زمان لأن المشيئة الإلهية لا تتعلق بزمان دون آخر:
و لكن المسألة تقريب للأذهان و شرح للحكمة الإلهية في ظهور الإنسان بالصورة التي ظهر بها.
و قد شاء الحق سبحانه أن يظهر الإنسان على هذه الصورة، لا لأن الذات الإلهية تطلب وجود الخلق، فإن الذات الإلهية غنيّة عن العالمين، بل لأن الأسماء الإلهية تطلب ذلك الوجود و تفتقر إليه إذ لا وجود لها إلا به و لا معنى لها إلا فيه.
أليس ذلك الوجود إلا مظهر تلك الأسماء و مجاليها؟ بل ليس الكون كما يقول ابن عربي سوى الأسماء التي أطلقها اللَّه على نفسه؟ و لهذا قال «لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى إلخ» أي لما شاء ظهور الخلق عامة و ظهور الإنسان بوجه خاص و كانت هذه المشيئة من حيث أسماؤه لا من حيث ذاته، أظهر الوجود فبِهِ عُرف، و أظهر الإنسان فكان أعرف مخلوق بربه. «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعْرَفَ فخلقت الخلق فبِه عرفوني».
هذا هو سر الخلق كما يقول به الحديث القدسي أو ما يدعي الصوفية أنه حديث قدسي.
فغاية الخلق إذن هي أن يرى اللَّه سبحانه نفسه في صورة تتجلى فيها صفاته و أسماؤه، أو بعبارة أخرى يرى نفسه في مرآة العالم. و ليست رؤية الشي ء نفسه في نفسه مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة لأن هذه الرؤية الثانية يعطيها المحل المنظور فيه أي تعطيها طبيعة المرآة. ففي العالم تجلى الوجود الإلهي و بالعالم عرفت صفات اللَّه و أسماؤه أي عرفت ألوهيّته. فنحن نعرفه في أنفسنا بقدر ما نعرف من حقيقة تلك النفوس و بقدر ما يتجلى في تلك النفوس من صفات الكمال الإلهي: و هذا معنى قول القائل «من عرف نفسه فقد عرف ربه».
شاء الحق إذن أن يرى أعيان أسمائه- أي يرى تعينات هذه الأسماء في الوجود الخارجي، و إن شئت قلت أن يرى عينه إذ ليست عينه سوى ذاته المتصفة بالأسماء، فظهر في الوجود ما ظهر و على النحو الذي ظهر عليه و كشف عن «الكنز المخفي» الذي هو الذات المطلقة المجردة عن العلاقات و النسب، و لكن لم يكشف عنها في إطلاقها و تجردها، بل في تقييدها و تعينها.
و شاء الحق أن تظهر أعيان أسمائه- أو أن تظهر عينه- في صورة جامعة شاملة تحصر صفات الموجودات كلها في نفسها فخلق الإنسان، ذلك الكون الجامع الذي ظهرت فيه حقائق الوجود من أعلاه إلى أسفله كما سيتبيّن فيما بعد.
(3) «و من شأن الحكم الإلهي ... و القابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس».
(3) هذا شروع في وصف ما يسميه ابن عربي بالخلق، و في الحقيقة لا معنى لفعل الخلق في مذهب يقول بوحدة الوجود كمذهبه، و لكنه يستعمل كلمة الخلق و غيرها مجاراة للعرف و يقرأ فيها من المعاني ما يشاء مما يتفق و مذهبه.
من شأن الحكم الإلهي في الخلق أن يحصل التهيؤ و الاستعداد من الأمر المخلوق فتفيض عليه روح من اللَّه عبّر عنها في قصة خلق آدم بالنفخ، و لو لا ذلك الاستعداد من المخلوق و تهيؤه لقبول الفيض الوجودي ما وُجد. فكل محل تمَّ فيه الاستعداد للوجود على نحوٍ ما، قَبِلَ روحاً إلهياً فوجد في العالم الخارجي على هذا النحو. أي أن روح اللَّه سارية في الموجودات جميعها، و ليست الموجودات الخارجية سوى صور و أشباح اتصفت بصفة الوجود بفضل سريان تلك الروح الإلهية فيها.
و قد يفهم من هذا الكلام أن ابن عربي يقول باثنينية الخالق و المخلوق أو الحق و الخلق: أو الوجود الظاهر و اللَّه. و ليس في الحقيقة أثر للاثنينية في مذهبه.
و كل ما يشعر بالاثنينية يجب تفسيره على أنه اثنينية اعتبارية. فليس في الوجود- في نظره- إلا حقيقة واحدة إذا نظرنا إليها من جهة سميناها حقاً و فاعلًا و خالقاً، و إذا نظرنا إليها من جهة أخرى سميناها خلقاً و قابلًا و مخلوقاً. و ليس على وجه التحقيق في مذهبه خلق بمعنى الإيجاد من العدم، إذ يستحيل في اعتقاده الوجود عن العدم المحض. و إنما أصل كل وجود و سبب كل وجود فيض إلهي دائم (يعبر عنه أحياناً بالتجلي الإلهي) يمد كل موجود في كل لحظة بروح من اللَّه فيراه الناظر في الصور المتعددة التي يظهر فيها. ذلك هو الخلق في اصطلاح ابن عربي: تجل إلهي دائم فيما لا يحصى عدده من صور الموجودات، و تغير دائم و تحول في الصور في كل آن. ذلك هو الذي يطلق عليه أحياناً اسم «الخلق الجديد» و يقول إنه هو المشار إليه في قوله تعالى «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ».
«و القابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس»:
القابل هو الصورة، و قوابل الموجودات صورها المعقولة التي ليس لها وجود عيني و إن كان لها وجود غيبي: فهي بهذا المعنى وجودات ممكنة أو وجودات بالقوة. و قد تكلم ابن عربي عن نوعين من الفيض الإلهي: الفيض الأقدس و الفيض المقدس، و الأول سابق على الثاني في منطق النظام الوجودي لا في الواقع، إذ الفيض الأقدس هو تجلي الذات الأحدية لنفسها في صور جميع الممكنات التي يتصور وجودها فيها بالقوة. فهو أول درجة من درجات التعينات في طبيعة «الوجود المطلق»، و لكنها تعينات معقولة لا وجود لها في عالم الأعيان الحسية بل هي مجرد قوابل للوجود. و هذه الحقائق المعقولة، أو الصور المعقولة للممكنات هي التي يطلق عليها ابن عربي اسم «الأعيان الثابتة» للموجودات و هي شي ء أشبه ما يكون بالصور الأفلاطونية و إن كانت تختلف عنها من بعض الوجوه. و سيأتي مزيد شرح لهذه الأعيان الثابتة في مواضع أخرى.
أما الفيض المقدس: و هو الذي يوصف عادة باسم «التجلي الوجودي» أو تجلي الواحد في صور الكثرة الوجودية، فهو ظهور الأعيان الثابتة من العالم المعقول إلى العالم المحسوس: أو هو ظهور ما بالقوة في صورة ما بالفعل، و ظهور الموجودات الخارجية على نحو ما هي عليه في ثبوتها الأزلي. و ليس في الوجود شي ء يكون في ظهوره على خلاف ما كان عليه في ثبوته.
هذا هو سر القدر الذي يشير إليه المؤلف في الفص السادس عشر و غيره و هو يذكرنا في بعض نواحيه «بالانسجام الأزلي» الذي يتحدث عنه «ليبنتز».
و كما قلنا إن الفيض الأقدس هو تجلي الحق لذاته في الصور المعقولة للكائنات، نستطيع أن نقول هنا إن الفيض المقدس هو تجلي الحق في صور أعيانها، فهو بذلك الدرجة الثانية من درجات التعين في طبيعة الوجود المطلق.
و قد تشير كلمة «الفيض» إلى تأثر ابن عربي بالفلسفة الأفلاطونية الحديثة و نظام الفيوضات فيها، و لكن على الرغم من استعماله لكثير من مصطلحات هذه الفلسفة و أساليبها لا نزال نجد مذهبه الخاص قائماً بنفسه متميزاً عن هذه الفلسفة في أخص صفاتها.
و يكفي أن نقرر هنا أن مذهب ابن عربي صريح في القول بوحدة الوجود و الفلسفة الأفلاطونية الحديثة ليست مذهب وحدة وجود بالمعنى الدقيق، و أن الفيوضات التي يتكلم عنها ابن عربي ليست إلا تجليات لحقيقة واحدة في صور مختلفة أو بطرق مختلفة، في حين أنها في فلسفة أفلاطون سلسلة من الموجودات يفيض كل منها عن الوجود السابق عليه و يتصل به اتصال المعلول بعلته.
(4) «فكانت الملائكة له ... العالم أعلاه و أسفله».
(4) لما اقتضت الإرادة الإلهية ظهور العالم، أو ظهور مرآة للوجود يرى الحق فيها نفسه، اقتضى الأمر جلاء تلك المرآة لتتحقق فيها معاني الرؤية فكان آدم (الإنسان) عين ذلك الجلاء: إذ لولاه لظلت مرآة الوجود مظلمة معتمة لا ينعكس عليها كمال إلهي فيُرَى أو يُعرَف.
و غاية الخلق- كما قلنا- أن يعرف اللَّه و تدرك آثاره و كمالاته. و إذا عرفنا أن جلاء المرآة في لغة ابن عربي معناه كشف أسرار الوجود بنور العقل و القلب، و لا يكون ذلك إلا للإنسان، أدركنا منزلة الإنسان عنده من اللَّه و من الوجود عامة. فالإنسان من اللَّه بمنزلة إنسان العين من العين، و هو من الوجود قلب الوجود النابض و عقله المدرك لحقائقة.
و في الإنسان قوى كثيرة روحية و حسية، و كذلك في العالم مثل هذه القوى.
و كل قوة سواء كانت في الإنسان أم في العالم محجوبة بذاتها، مشغولة بنفسها لا ترى في الوجود أفضل منها. و لهذا الحجاب زعمت الملائكة أنهم أفضل من آدم فلم يسجدوا له.
و لهذا الحجاب أيضاً عميت قوى الإنسان فلم تنظر كل منها إلى كمالات الأخرى و لم تنظر إلى كمالات النشأة الانسانية في جملتها، و هي النشأة التي فيها- فيما يزعم أهلها- الأهليةُ لكل منصب عال و درجة رفيعة عند اللَّه.
ذلك لأن النشأة الانسانية هي المظهر الأسمى للجمعية الإلهية التي هي أسماء اللَّه و صفاته، و فيها وحدها تتجلى جميع الصفات التي توجد في العالم متفرقة في أجزائه.
ففيها أولًا- ما يرجع إلى الجناب الإلهي: أي الذات الإلهية متصفة بالأسماء.
و ثانياً- ما يرجع إلى حقيقة الحقائق- و هي بمثابة العقل الأول في فلسفة أفلوطين. أي فيها العقل الذي هو مظهر العقل الإلهي الكلي.
و ثالثاً- ما يرجع إلى الطبيعة الكلية التي قبلت صور الوجود من أعلاه إلى أسفله.
و رابعاً- فيها فوق ذلك الناحية العنصرية و هي الجسم البشري المراد بقوله «النشأة الحاملة لهذه الأوصاف».
ففي الإنسان جسم و طبيعة و عقل و روح: أو هو كائن جسماني و طبيعي و عقلي و إلهي. و لا يدانيه في هذه الصفات كائن آخر و لذلك استحق الخلافة عن اللَّه و استحق أن يسمى العالم الأصغر.
و قد وضع شراح الفصوص على هذه الفقرة شروحاً كثيرة كلها غامضة و مضطربة لصعوبة النص و التفافِه و تعقده، و لكني آثرت أن أقرأ النص و أفسره على النحو الآتي:
«فكل قوة منه (أي من قوة النشأة الانسانية) محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها، و أن فيه (أي و لا ترى أن فيها- أي في النشأة الانسانية) فيما تزعم الأهليةَ لكل منصب عال و منزلة رفيعة عند اللَّه، لما عنده (أي عند النشأة الانسانية) من الجمعية الإلهية مما يرجع من ذلك (أي من الجمعية الإلهية) إلى الجناب الإلهي، و إلى حقيقة الحقائق، و إلى ما تقتضيه الطبيعة الكلية التي حصرت قوابل العالم كله- أعلاه و أسفله- في النشأة (أي البدنية) الحاملة لهذه الأوصاف (الثلاثة)
(5) «فلهذا سمي إنساناً فإِنه به ينظر الحق إلى خلقه فيرحمهم».
(5) يستعمل ابن عربي كلمة «الرحمة» هنا بمعنى منح اللَّه الوجودَ للأشياء. و هو يتكلم عن نوعين من الرحمة سيأتي ذكرهما في الفص السادس عشر.
و قد سبق أن ذكرنا أن الإنسان في نظره هو الغاية القصوى من الخلق، أو هو الوسيلة لتحقيق هذه الغاية لأن اللَّه خلق العالم لكي يُعرَف، و الإنسان وحده هو الذي يعرفه المعرفة اللائقة به و المعرفة الكاملة.
و من هنا ندرك سر كون الإنسان سبباً في نزول الرحمة بكل مخلوق- أو سبباً في وجود كل مخلوق، لأن الكمال الإلهي الذي شاء اللَّه أن يُعْرَف و الذي لا يعرفه حق معرفته إلا الإنسان، لا يدرَك إلا في العالم و في الإنسان معاً: يدرَك تفصيلًا في الأول و جملة في الثاني. و بهذا المعنى يمكن أن يقال إن الإنسان علة في وجود هذا الكون.
(6) «فهو الإنسان الحادث الأزلي ... و الكلمة الفاصلة الجامعة».
(6) في الإنسان الذي أسلفنا وصفه ناحيتان: ناحية حادثة و هي ما يتصل منه بالصورة البدنية العنصرية، و ناحية أزلية أبدية، و هي ما يتصل منه بالجانب الإلهي.
فهو حق و خلق، و قديم و حادث و سرمدي و فانٍ و ما إلى ذلك من صفات الأضداد. و قد جمع الإنسان- بل كل ما في الوجود- بين صفات الأضداد هذه من أجل أن فيه الناحيتين: اللاهوتية و الناسوتية. و هذه الفكرة من الأفكار الأساسية في مذهب ابن عربي لا يكاد يغفل ذكرها في كل فصل من فصول كتابه، بل عليها يقوم كل مذهبه في وحدة الوجود.
أما كون الإنسان «الكلمة الفاصلة الجامعة» فلأنه يقف حداً فاصلًا بين اللَّه و العالم لأنه صورة اللَّه و العالم هو المرآة التي تنعكس عليها هذه الصورة، و اللَّه هو الذات التي الإنسان صورة لها.
و لهذا يطلق عليه ابن عربي أحياناً- أو بعبارة أدق- يطلق على الإنسان الكامل لا مطلق إنسان- اسم البرزخ و هو اسم يظهر أنه استعارة من فلسفة فيلون اليهودي الاسكندري لأن فيلون يصف الإنسان بهذا الوصف. و أما كونه «كلمة جامعة» فلأنه يجمع في نفسه- كما قلنا- كل الأسماء الإلهية بمعنى أنه مجلى لها.
(7) «فلا يزال العالم محفوظاً ما دام فيه هذا الإنسان الكامل ... أبدياً».
(7) ليس الإنسان- الإنسان الكامل- هو العلة الغائيّة من الوجود فحسب، بل هو الحافظ للوجود و السبب في استمراره.
أما أنه العلة الغائيّة من الوجود فقد شرحناه، و أما كونه سبب استمرار الوجود فلأن العلة إذا وجدت وجد معلولها، و إذا انعدمت انعدم معلولها الخاص، فإذا زال الإنسان من العالم، و هو المقصود بالذات من خلق العالم، لزم أن يزول العالم: أي لزم أن تنحل الصور الكونية و ترجع إلى أصلها و هو الذات الإلهية الواحدة. و هذا معنى قول المؤلف «و انتقل الأمر إلى الآخرة» إذ المراد بالآخرة ذات الحق التي عنها صدر كل شي ء و إليها يرجع كل شي ء، بالدنيا، العالم الخارجي: عالم الظواهر. و خلاصة الفقرة أنه إذا زالت علة ظهور الحق في صور الوجود زال العالم الذي هو مجموع هذه الصور و بقيت الذات الإلهية وحدها غير ظاهرة في شي ء و لا معروفة لأحد.
( 8.) «و ليس للملائكة جمعية آدم ... تقديس آدم».
( 8.) ليس للملائكة جمعية آدم لأنهم لا تتمثل فيهم جميع الأسماء الإلهية التي تتمثل في الجنس البشري.
و لذلك لما علَّم اللَّه آدم الأسماء كلها- و علَّم هنا مأخوذة بمعنى أظهرها فيه- و جعله خليفة عنه في أرضه، أنكر الملائكة الذين لم يدركوا سر ذلك الأمر منزلة آدم و قالوا «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ؟» و كل شي ء في الوجود يسبح اللَّه و يقدسه بحسب منزلته من الوجود و بحسب ما أودع اللَّه فيه من مظاهر أسمائه، لأن التسبيح و التقديس هنا ليس معناهما إلا إظهار الكمال الإلهي الذي يتجلى في الموجود بمقتضى طبيعة الموجود نفسه.
و لذلك قال تعالى «وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» لأن الشي ء لا يفقه تسبيح غيره و تقديسه للَّه إلا إذا كان ذلك الغير مماثلًا له في طبيعته، و لهذا لم تفقه الملائكة تسبيح آدم و لا تقديسه، و لا هي سبحت اللَّه و قدسته تسبيح آدم و تقديسه.
و كلما كان الكائن أعلى درجةً في الوجود من غيره، أي كلما كان مظهراً لعدد أكبر من صفات اللَّه و أسمائه، كان أعظم في تسبيحه و تقديسه للَّه. و الإنسان من بين الكائنات كلها هو الذي يسبح اللَّه و يقدسه أعلى مراتب التسبيح و التقديس، لأنه مظهر الكمالات الإلهية جميعها.
غير أن ما يسميه ابن عربي «كمالًا» يجب ألا يفهم منه الكمال الخلقي وحده، بل الكمال عنده كل صفة وجودية، أو كل صفة تحقق الوجود في ناحية من نواحيه سواء كانت الصفة أخلاقية أم غير أخلاقية، خيراً أم شراً. فالطاعة من العبد كمال و هي من مظاهر اسم المنعم أو اسم الرحيم أو ما شاكلهما من أسماء الجمال.
و المعصية من العبد كمال أيضاً لأنها صفة وجودية و هي من مظاهر اسم الجبار أو المنتقم أو المعذب أو ما شاكلها. و من هنا كانت الطبيعة الانسانية أكمل من طبيعة الملائكة لأنها تحقق من معاني الوجود ما لا تحققه الطبيعة الملائكية.
فطبيعة الإنسان بدنية روحية معاً، و طبيعة الملائكة روحية فقط.
قارن الفص السابع عشر في شرح المؤلف للآية «وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» (س 17 آية 44).
(9) «اعلم أن الأمور الكلية ... فهي باطنة لا تزال عن الوجود العيني».
(9) الأمور الكلية هي المعقولات أو المثل في فلسفة أفلاطون، و المراد بها هنا الصفات الإلهية المتجلية في الخلق على نسب متفاوتة.
و لابن العربي رأي خاص في وجودها يختلف تماماً عن رأي أفلاطون في المثل. فالأمور الكلية في مذهبه معان عقلية ليس لها وجود عيني- أي خارجي- مستقل عن الأشياء التي لها حكم فيها و نسبة إليها، و لكن لها أثراً في كل ما له وجود عيني. و قوله «فهي باطنة لا تزال عن الوجود العيني» يمكن قراءته فهي باطنة لا تزال (بفتح تاء تزال) أي فهي باطنة عن الوجود العيني لا تزال كذلك. و يمكن قراءتها لا تزال (بضم التاء) أي لا تنمحي
أو لا تفارق الوجود العيني. أي أن الكلي إن كان له وجود خارجي فوجوده في أفراده لا يفارقها.
و نسبة الأمر الكلي إلى أفراده نسبة واحدة سواء كان المتصف به شيئاً مؤقتاً أم غير مؤقت، حادثاً أم قديماً. فنسبة العلم مثلًا إلى جميع من يتصفون به واحدة إذ نقول في كل من اتصف بالعلم إنه عالم، و كذلك نقول في الحياة و في الإرادة. و لكن الأمر الكلي من ناحية أخرى يعود إليه حكم من الموجودات العينية التي يتحقق فيها بحسب طبيعة تلك الموجودات، فيوصف بالقدم إذا اتصف به القديم و بالحدوث إذا اتصف به الحادث.
(10) «ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه ... إلا للوجوب الذاتي»:
(10) لما شرح معنى المحدَث (و المراد به العالم) و أنه هو الممكن المفتقر في وجوده إلى غيره لا الذي له أولية في الزمان، أخذ يشرح الصلة بينه و بين محدِثه الذي هو واجب الوجود.
فقال إن طبيعة واجب الوجود اقتضت وجود المحدَث لذاتها، و لذا كان المحدَث واجب الوجود بغيره. و اقتضت طبيعة الواجب الوجود كذلك أن يكون المحدَث (العالم) على صورة من أوجده فيظهر فيه كل شي ء من اسم و صفة عدا وجوب الوجود الذاتي و هي الصفة التي انفرد بها اللَّه.
و لما كان العالم صورة واجب الوجود بهذا المعنى أحالنا اللَّه في العلم به على النظر في الحادث بما فيه أنفسنا، و بذلك عرفناه و استدللنا بأنفسنا عليه.
وهنا يصل ابن عربي إلى النقطة الختامية في هذا الموضوع و يعرج مرة أخرى على مذهبه في وحدة الوجود فيقول «فمما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوبَ الخاص الذاتي».
بل إن الأنبياء أنفسهم (ألسِنة التراجم) يصفون اللَّه بهذه الأوصاف و يصف هو نفسه لنا بها أو بنا، فنحن صفاته لأننا مظهره، و علمنا به علمنا بنا و منَّا، لأننا نراه في المرآة، و يستحيل علينا أن نراه بدونها، و المرآة العالم الذي نحن جزء منه.
(11) «فبهذا صح له الأزل و القدم .. في عين آخريته»:
(11) ظهر مما تقدم أن الحق و الخلق وجهان لشي ء واحد هو الحقيقة المطلقة أَو الوجود المطلق لا فرق بينهما إلا في وجوب الوجود الذي يتصف به الحق، و إمكان الوجود أو الافتقار الذاتي الذي هو من طبيعة الخلق.
و عن وجوب الوجود تتفرع كل الصفات التي يتميز بها الحق عن الخلق كالقدم و الأزلية و الأبدية و غيرها.
فالحق قديم أي لا أول لوجوده لأنه يستحيل عليه المسبوقية بالعدم. فهذا معنى من معاني الأولية انتفى عنه.
و لكنه يصف نفسه بأنه الأول و الآخر فلا بد أن يكون المراد بالأولية هنا أنه مبدأ الوجود و الأصل الذي صدر عنه كل وجود، كما أن المراد بالآخرية رجوع كل موجود في آخر الأمر إليه كما قال «وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ».
و لهذا قال المؤلف «فهو الأول في عين آخريته» أي أن أوليته و آخريته يرجعان إلى سبب واحد هو افتقار الموجودات إليه. فالأزل و الأبد إذن من صفات الواحد الحق وحده، و الوجود الزماني المحدود من صفات الكثرة. و لا يمكن أن تكون أولية الحق تعالى مثل أولية الوجود المقيد بمعنى افتتاح الوجود عن العدم، و إلا لم يصدق عليه أن يكون آخراً لأن الآخرية حينئذ تكون بمعنى آخرية الموجودات المقيدة أيضاً و الموجودات المقيدة أو الممكنات غير متناهية.
(12) «فالعالم بين كثيف و لطيف و هو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه».
(12) في العالم أجسام و أرواح و هي المرادة بالكثيف و اللطيف، و كلها حُجُبٌ تستر الذات الإلهية و تمنعها من الظهور عارية عن كل تعين، كما تحول بيننا و بين إدراك تلك الذات على حقيقتها.
و قد استشهد الصوفية في هذا المعنى بحديث كثيراً ما رددوه و ذهبوا في تأويله كل مذهب و هو أن للَّه سبعين ألف حجاب من نور و ظلمة لو كشفها لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه البصر من خلقه».
قال أصحاب وحدة الوجود المراد بالوجه الذات الإلهية و بالحجب التعينات الكونية.
فالعالم الذي هو صورة اللَّه هو عين الحجاب الذي يستر اللَّه، و لا يدرك العالم من اللَّه إلا بمقدار ما يتجلى فيه من أسرار الحق. و لهذا لا يدرك شي ء من العالم الحقَّ كما يدرك الحق نفسه.
و هذا اعتراف صريح من ابن عربي بأن الوجود المطلق بعيد المنال حتى على ذوق الصوفي، و منه يتبين أن دعواه في وحدة الوجود لا تقوم على الكشف و الاستدلال، و إنما هي فرض افترضه و عجز عن تأييده.
و قد يقال إن المراد بالعالم «العالم الأكبر» لا الإنسان و إن الإنسان وحده هو الذي يستطيع إدراك الحق و إدراك الوحدة الوجودية لأنه الصورة الكاملة للوجود.
و لكن ابن عربي أميل إلى الأخذ بالمعنى الأول. لا فكاك للإنسان من عقاله و لا تخلص له من صورته إلا بالموت: و ما دام في تعينه، و ما دامت له إنِّيَّة تميزه عن غيره فهو عاجز عن إدراك الحق و الوصول إليه.
و لهذا أجمع الصوفية على ضرورة العمل لرفع ذلك الحجاب- حجاب الانِّية، و جعلوا غاية طريقتهم الفناء عن الصفات البشرية المشار إليها بالانِّية. قال الحسين بن منصور الحلاج و قد أشقاه عذاب الحجاب:
بيني و بينك إنِّيِّي ينازعني ... فارفع بفضلك إنِّيِّي من البين
و لكن الحلاج كان حلولياً و لم يكن من أصحاب وحدة الوجود فهو يطلب محو صفاته التي يشعر أنها عائق له دون الوصول إلى اللَّه و حلول الصفات الإلهية محلها. و هذا معنى لا يرمي إليه أصحاب وحدة الوجود عند ما يتكلمون عن الفناء، بل الفناء عندهم حال يتحقق فيها الصوفي من اتحاد موجود بالفعل كان قد حجبه عنه اشتغاله بإنيته: فليس في الامر في زعمهم تحول في الصفات و لا صيرورة و لا حلول، و إنما هو تحقق من زوال الصور الفانية و بقاء الذات الأبدية. أما حقيقة هذه الذات المطلقة فلا يرقى إليها إنسان أياً كان.
و ابن عربي صريح في هذا كل الصراحة حيث يقول: «فلا يزال الحق من هذه الحقيقة غير معلوم علم ذوق و شهود، لأنه لا قَدم للحادث في ذلك» (الفصل الأول).
(13) «فالكل مفتقر ما الكل مستغني» إلى آخر الأبيات:
(13) المراد بالكل الحق و الخلق أو اللَّه و العالم. و الكل في نظره مفتقر لأن الحق و الخلق وجهان لحقيقة واحدة مفتقر كل واحد من وجهيها إلى الآخر.
أما افتقار الخلق إلى الحق فظاهر إذ قد بينا أن الخلق ليس إلا الصورة و المظهر الخارجي للحق: فبالحق وجوده و من الحق يستمد ذلك الوجود على الدوام.
و لو لا أن الحق سبحانه قد طبع صورته على صفحة العالم، أو كما يقول المؤلف «لو لا سريان الحق في الموجودات بالصورة»، ما كان للعالم وجود. و قد ذكرنا أيضاً أن العالم من ناحية أخرى ليس إلا الصفات و الأسماء الإلهية التي وصف الحق بها نفسه و وصفناه نحن بها. فليس للعالم وجود، بل ليس له معنى إلا بالإضافة إلى الحق.
أما افتقار الحق إلى الخلق و يقصد ابن العربي بالحق اللَّه لا الذات الإلهية المجردة عن كل وصف و كل نسبة (و هي التي ترادف في فلسفة أفلوطين «الواحد») فراجع إلى أن للحق من الأسماء و الصفات ما لا يتحقق إلا عن طريق العالم الذي هو مظهرها.
و لو لا هذا المظهر الأسمائي و الصفاتي لظل الحق ذلك «الكنز المخفي» الذي أشار إليه الحديث القدسي الذي أَسلفنا ذكره.
فالافتقار من الخلق إلى الحق و من الحق إلى الخلق في نظر ابن عربي حقيقة لا كناية فيها. و لكنه يصف الحق أحياناً بأنه الغني على الإطلاق، و بهذا يقصد الذات الإلهية العارية عن الصفات و الأسماء، و هذا ما أشار إليه البيت الثاني.
(14) «فقوله «اتقوا ربكم»: اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم ... أدباء عالمين.
(14) مهما يكن التفسير الذي نأخذ به في شرح هذه العبارة، فإن كلمتي «اتقوا» و «ربكم» ليستا مستعملتين في معنييهما للعاديين.
«اتقوا» مأخوذة من الوقاية لا من التقوى، و الرب مأخوذ بمعنى الاسم الإلهي أو الأسماء الإلهية الظاهرة في مجلى من مجالي الوجود. و رب كل موجود هو الاسم الإلهي الظاهر فيه على ما سيبينه المؤلف في الفص الاسماعيلي.
أما قوله «اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم» إلخ فيمكن فهمه بمعنيين:
الأول اجعلوا الصورة التي هي مجلى الاسم الإلهي وقاية لذلك الاسم فإنه لا وجود للاسم و لا معنى له إلا بها، ولا تنسوا أن الاسم الإلهي أيضاً وقاية للصورة إذ لا وجود لها إلا به.
و المعنى الثاني وهو أدنى إلى المراد و أكثر تمشياً مع بقية الفقرة أن يقال إن الصورة الخارجية للإنسان هي جسمه و هو المشار إليه بقوله «ما ظهر» و الصورة الباطنية له هي ذلك الجزء الإلهي فيه المقوم لصورته و هو المعبر عنه بالرب.
فالمراد أن ينسب الإنسان كل الصفات البدنية إلى البدن وحده و بذلك يقي ربه لأن صفات البدن ذميمة، و قصر الوصف بها على البدن وقاية للرب.
و أن ينسب كل الصفات الروحية إلى الصورة الباطنية (و هي الرب) و في هذا وقاية للبدن، لأن صفات الرب صفات حمد أو مدح: و من له صفات الحمد يحتمي به من له صفات الذم.
و معنى العبارة كلها: إن كان ذم فانسبوه لأنفسكم و احموا اللَّه منه، و إن كان مدح فانسبوه إلى اللَّه (الذي هو فيكم) و احتموا به.
و لذلك قال المؤلف «فكونوا وقايته في الذم و اجعلوه وقايتكم في الحمد».
.
قبل أن تقرا ل د.أبو العلا عفيفي رحمه الله:
د.أبو العلا عفيفي رحمه الله ليس متصوف سالك فى الله وإنما تعلم التصوف بفهم وعيون الغرب العلماني للعمل والإرتزاق ولبناء مستقبل علمي وسطهم ليحظي بتقديرهم والاعتراف به كخبير متخصص وأستاذ فى علوم و مخطوطات الشيخ الأكبر ابن العربي فى وسطهم الفلسفي والعلمي على مستوى العالم وكان له ذلك.
لكن لا ينكر فضله الكبير في البحث و جمع ومقارنة و تحقيق مخطوطات الشيخ الأكبر وتراثه العلمي فضل كبير في البحث وجمع ومقارنة وتحقيق مخطوطات الشيخ الأكبر ومحاولة شرحها جل عمره .
لكنه تشبع وانصبغ بما تعلمه من التصوف العقلي في الغرب العلماني حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كمبردج 1930 برسالته عن "فلسفة ابن عربي الصوفية " تحت اشراف المستشرق البريطاني رينولد نيكلسون.
في أن التصوف ووحدة الوجود وأصوله الآفلوطونية والغنوصية وغيرها من نتائج أفكار العقل النظري والواردات الشيطانية التي لا ضوابط حاكمة لها من قواعد وقيود الشرع الحنيف المنزل من عند الله سبحانه.
فالحق سبحانه وإن تجلي أو تنزل أو ظهر في كل شيء وعلى كل شيء وفى كل وجهه ف هو الله الأحد الفرد الصمد لاشريك له ليس كمثله شيء.
والعبد عبد وإن تجلي الله عليه أو كلمه أو اتخذه أو وليا أو نبيا او رسول وعلمه الأسماء كلها وجعله خليفة له يتصرف فى الأكوان فهو مازال عبدا مفتقرا إلى الله تعالى دائما في كل شيء. فالرب رب وإن تنزل . و العبد عبد وإن علا.
فقراءة تعليقات د أبو العلا عفيفي عادة مهمة ولكن تجاوز عن تفسيراته وتعريفاته الفلسفية الغربية العلمانية لوحدة الوجود فهى خطأ وليس ما يريده الشيخ رضي الله عنه يقينا وكذلك كل الأئمة الأولياء الكمل منذ رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا وحتى الآن والى يوم يبعثون وما بعد يوم يبعثون .
فالعقل وحده وهو أعظم أدوات الفلاسفة في التأمل عاجزا تماما بل هو أعمى عن إدراك كل الحقائق والمخلوقات فى عالم الملك والملكوت والجبروت واللاهوت.
كذالك السموات على ما هي عليه مفتقرا لسلطان الله لينفذ في معارجه . كذلك لمشاهدة التجليات والحضرات الإلهية لكي الأسماء والصفات والأفعال ألهية ببصر وسمع الله سبحانه فضلا عن التأييد الإلهي للفهم عنه.
فالحق سبحانه القديم الأزلي السر و النور الساري في كل ما خلق وإلا صار للعدم. والى ذلك أعلمنا سبحانه فأشار بـالحقيقة السارية في كل شيء " لا حول ولا قوة الا بالله" وحدها الحقيقة الحاكمة ازلا وسرمدا على الوجود كله و كافية لإثبات سريان انوار قدرته وحكمته وارادته تعالى في كل شيء و كل وجهه لمن أراد الدليل وتفهم مراد الرسول والأنبياء والشيخ وكل الأولياء أن كل الكون مفتقر تعالى إليه دائما أبدا فى كل لحظة .
قال تعالى :" إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) سورة فاطر".
قال تعالى : " قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) سورة المائدة"
قال تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) سورة ".
قال تعالى : "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) سورة الشورى " .
فالله سبحانه وتعالى يكلم ويخاطب من يشاء من عباده بما شاء كيفما شاء وأينما شاء ولاقيد ولاحد لهذا او يرسل رسولا عدا الوحي الذي رفعه الله سبحانه بعد خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ويعلم من يشاء بما يشاء فلا سلطان لأحد من الخلق عليه.
فالله سبحانه وتعالى النور والسر الساري في كل شيء أزلا وسرمدا خلقا وايجادا واظهارا ومحوا وإحفاء واعداما و زولا غير مفتر للشيء . وكل الكون مفتقر اليه دائما فى كل شيء.
أين كل هذا من علوم أفلاطون والغنوصية والبوذية وغيرها من تلك العلوم الشيطانية النفسية التي أوجدها ليسلبوا عقول الناس و يضيعوا أعمارهم "ليضلوا عن سبيل الله" , فمن أراد الله سبحانه أخذ آيات وشرع الله وتجرد له وأخلص له وصدق معه وينتظر ما سيفتح الله به وقتما يشاء سبحانه .
وعرضت كلامه لأهميته لاكتمال الموسوعة في إيراد أهم التفاسير المتاحة ولأن النص الأساسي للموسوعة هو الذي أورده من دراسته معتمدا على عدد كبير من المخطوطات الموثقة عن كتاب فصوص الحكم للشيخ الأكبر رضي الله عنه.
أخيرا فطالب الحق يكفيه دليل ليعرف أما المعاند النزق أوالجاهل أو من ران على قلبه لا يكفيه الف دليل.
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
.


....



iEDaBBYyfT0

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!