موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

وهنا قصائد ترجمان الأشواق دون شرح

 

 


52- القصيدة الثانية والخمسين وهي ثمانية أبيات من البحر الطويل

وقال رضي الله عنه:

1

رَضِيتُ بَرَضْوَى رَوْضَة وَمُنَاخَا،

***

فَإِنَّ بِهِ مَرْعًى وَفِيهِ نُفَاخَ

2

عَسـَى أَهْلُ وُدِّي يَسْمَعُونَ بِخِصْبِهِ،

***

فَيَتَّخِذُوهُ مَرْبَعاً وَمُنَاخَ

3

فَإِنَّ لَنَا قَلْباً بِهِنَّ مُعَلَّقاً

***

إِذَا مَا حَدَا الْحَادِي بِهِنَّ أَصَاخَ

4

وَإِنْ هُمْ تَنَادَوْا لِلرَّحِيلِ وَفَوَّزُوا،

***

سَمِعْتَ لَهُ خَلْفَ الرِّكَابِ صُرَاخَ

5

فَإِنْ قَصَدُوا الزَّوْرَاءَ كَانَ أَمَامَهُمْ،

***

وَإِنْ يَمَّمُوا الْجَرْعَاءَ، ثَمَّ أَنَاخَ

6

فَمَا الطَّيْرُ إِلَّا حَيْثُ كَانُوا وَخَيَّمُوا،

***

فَإِنَّ لَهُ فِي حَيِّهِنَّ فِرَاخَ

7

تَحَارَبَ خَوْفٌ لِي وَخَوْفٌ مِنَ اجْلِهَا،

***

وَمَا وَاحِدٌ عَنْ قِرْنِهِ يَتَرَاخَ

8

إِذَا خَطَفَتْ أَبْصَارَنَا سُبُحَاتِهَا،

***

أَصَمَّ لَهَا صَوْتُ الشَّهِيقِ صِمَاخَ

شرح البيتين الأول والثاني:

1

رَضِيتُ بَرَضْوَى رَوْضَة وَمُنَاخَا،

***

فَإِنَّ بِهِ مَرْعًى وَفِيهِ نُفَاخَ

2

عَسـَى أَهْلُ وُدِّي يَسْمَعُونَ بِخِصْبِهِ،

***

فَيَتَّخِذُوهُ مَرْبَعاً وَمُنَاخَ

"رضوى": فيه تنبيه من مقام الرّضى، "روضة": أصنافا من العلوم، و"مناخا": مبرك الإبل، وهي الهمم، "فإنَّ به مرعى"، أي غذاء الأرواح، و"فيه نفاخا"، يريد صفاء العيش، وقوله "عسى أهل ودي"، يريد: أشكاله (أي أمثاله)، (كي) يُبلغ الهمم ما هو عليه هذا المحل الأعلى من الخصب، فيتخذونه مربَعاً لهِمَمِهم، ومناخاً، ومَحَلًّا لحطِّ رحالهم، لوجود راحة من تعب السفر المعنوي، فإنّ الأسرار قد تكلُّ، ولا سيما إذا كانت حركاتها في طريق الاستدلال.

شرح الأبيات الثالث والرابع والخامس:

ثم قال:

3

فَإِنَّ لَنَا قَلْباً بِهِنَّ مُعَلَّقاً

***

إِذَا مَا حَدَا الْحَادِي بِهِنَّ أَصَاخَ

4

وَإِنْ هُمْ تَنَادَوْا لِلرَّحِيلِ وَفَوَّزُوا،

***

سَمِعْتَ لَهُ خَلْفَ الرِّكَابِ صُرَاخَ

5

فَإِنْ قَصَدُوا الزَّوْرَاءَ كَانَ أَمَامَهُمْ،

***

وَإِنْ يَمَّمُوا الْجَرْعَاءَ، ثَمَّ أَنَاخَ

يقول عن أشكاله الذين تقدموه إلى مقصوده: إنّ له قلبا معلَّقاً بهم، وقد كان تعلُّقه بالأسرار، ويريد بالرحلة: رحلتها عنه في وقت غفلاته ورجوعه إلى حظوظه. وقوله: "إذا ما حدى الحادي بهنّ أصاخا"، يقول: إذا ما دعى داعي الحق بهم إليه، أصاخ هذا القائل المحبُّ لذلك الدعاء، يقول: "وإن هم تنادوا"، أي يصيح بعضهم لبعض: "الرحيل"، من قوله تعالى: ﴿وتَعَاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، و"فوّزوا": أي طلبوا الفوز في مقام التجريد، سمعت له، يعني قلبه، خلف الركاب، يعني الهمم والقلوب الراحلة عن أبدانها، "صراخا": يريد بكاءً عاليا. "وإن قصدو الزوراء": حضرة القطب، وسميت زوراء لميلها إلى جانب الحقِّ المشروع، "كان أمامهم": يعني بهمَّتِه وقلبه، لا بعمله، فإنَّهُ يعجز عنهم، فليس للعاجز إلاّ تقدُّم التمني. "وإن يمموا"، قصدوا، "الجرعاء": موطن المجاهدات، وتجريع الغصص، فإنه سلوكٌ عن حجاب، "ثَمَّ أناخا"؛ يقول: يقيم لا يبرح لأنه لا يطيق حمل تلك المشاق، وقد يريد أيضا بقوله، "ثَمَّ" (أي: في ذلك المكان) يعني الجرعاء: إنه يقيم في مواطن المجاهدات الشاقة من أجل نيل مقصوده.

شرح الأبيات السادس والسابع والثامن:

ثم قال:

6

فَمَا الطَّيْرُ إِلَّا حَيْثُ كَانُوا وَخَيَّمُوا،

***

فَإِنَّ لَهُ فِي حَيِّهِنَّ فِرَاخَ

7

تَحَارَبَ خَوْفٌ لِي وَخَوْفٌ مِنَ اجْلِهَا،

***

وَمَا وَاحِدٌ عَنْ قِرْنِهِ يَتَرَاخَ

8

إِذَا خَطَفَتْ أَبْصَارَنَا سُبُحَاتِهَا،

***

أَصَمَّ لَهَا صَوْتُ الشَّهِيقِ صِمَاخَ

يقول: ما تقصد الهمم إلا المواطن التي تناسبها بحكم الأصل، فالعارف أبداً حنينه إلى التحقق كشفاً بالأسماء الإلهية. وقوله: "تحارب خوفٌ لي وخوفٌ من أجلها"، يقول: في قلبي خوفان؛ خوفٌ من أجلي، وخوفٌ من أجلها، وهما قَرْنان قويان، كلُّ واحدٍ منهما لا يسأل عن صاحبه. فالخوف الذي من أجلي: هو على بصري عند التجلي أن تَخطفَ نورَه سُبُحاتُها، والخوف الذي هو عندي من أجلها: هو على سمعها، لئلَّ يُصمَّ من صوت بكائي عليها. وجعل المطلوب هنا قد تجلى له في صورة برزخية في عالم المثال، فنسب إليه ما يُنسب إلى الصور لَمَّا نزلت إليها احتاج هو أن ينزل في العبارة، وهكذا أوردت النبوءات في كلامها، ولا سيما وقد ورد: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيٍّ يتغنى بالقرآن»، أي ما استمع.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!