موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

وهنا قصائد ترجمان الأشواق دون شرح

 

 


27- القصيدة السابعة والعشرين وهي سبعة أبيات من البحر الكامل

وقال رضي الله عنه:

1

يَا أَيُّهَا الْبَيْتُ الْعَتِيقُ تَعَالَى

***

نُورٌ لَكُمْ بِقُلُوبِنَا يَتَلَالَا

2

أَشْكُو إِلَيْكَ مَفَاوِزاً قَدْ جُبْتُهَا،

***

أَرْسَلْتُ فِيهَا أَدْمُعِي إِرْسَالَا

3

أُمْسِـي وَأُصْبِحُ لَا أَلَذُّ بِرَاحَة،

***

أَصِلُ الْبُكُورَ وَأَقْطَعُ الْآصَالَا

4

إِنَّ النِّيَاقَ وَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْوَجَى

***

تَسْـرِي وَتُرْفِلُ فِي السُّـرَى إِرْفَالَا

5

هٰذِي الرِّكَابُ إِلَيْكُمُ سَارَتْ بِنَا

***

اشَوْقاً وَمَا تَرْجُو بِذَاكَ وِصَالَا

6

قَطَعَتْ إِلَيْكَ سَبَاسِباً وَرِمَالَا

***

وَجْداً وَمَا تَشْكُو لِذَاكَ كَلَالَا

7

مَا تَشْتَكِي أَلَمَ الْوَجَى وَأَنَا الَّذِي

***

أَشْكُو الْكَلَالَ لَقَدْ أَتَيْتُ مُحَالَا

شرح البيت الأول:

1

يَا أَيُّهَا الْبَيْتُ الْعَتِيقُ تَعَالَى

***

نُورٌ لَكُمْ بِقُلُوبِنَا يَتَلَالَا

"البيت العتيق": القديم، وهو قلب العبد العارف التقيّ النقيّ الذي وسع الحقَّ سبحانه حقيقتُه. وقوله: "تعالى"، يقول: ارتفع لكم نور من القلوب شعشعاني، وظهر على الألسنة والعيون والأسماع وسائر الجوارح، فكان العبد في هذا المقام يَسْمَعُ بالله، وَبِهِ يُبْصِرْ، وَبِهِ يَتَكَلَّمُ، وَبِهِ يَبْطِشْ، وَبِهِ يَسْعَى وَيَتَحَرَّكُ [انظر الحديث القدسي في القصيدة الثانية: البيت الثالث عشر]، فإنّ القلب من الجسد مثل النقطة من المحيط في الوسط، فالمحيط منها من كل جانب علوّاً، فلهذا قال: "تعالى"، أي اطلب العلوّ من معدن انبعاثه فيلقى الجوارح فيصرفها بحسب ما تعطيه من الحقائق، فما تعالى منه إلى العين قيل فيه: "هٰذَا الحَقُّ بَصَرُهُ"، وإلى الأذن قيل: "هٰذَا سَمْعُهُ"، وإلى الرِّجل قيل: "هٰذَا سَعْيُهُ" [انظر الحديث القدسي في القصيدة الثانية: البيت الثالث عشر]، فناب مَن هذه صفته في الخلق مناب الحق، فكان خليفة حقٍّ في أرض صدق، لإقامة ميزان عدل عن امتنان وفضل.

شرح البيت الثاني:

2

أَشْكُو إِلَيْكَ مَفَاوِزاً قَدْ جُبْتُهَا،

***

أَرْسَلْتُ فِيهَا أَدْمُعِي إِرْسَالَا

يصف حاله في سلوكه وسفره وما قطع في طريقه من الرياضات والمجاهدات التي كنّى عنها بالمفاوز. وقوله: "أرسلت فيها أدمعي إرسالا"، حالة شوقية للقاء المحبوب والظفر بالمطلوب.

شرح البيت الثالث:

3

أُمْسِـي وَأُصْبِحُ لَا أَلَذُّ بِرَاحَة،

***

أَصِلُ الْبُكُورَ وَأَقْطَعُ الْآصَالَا

يقول: تركت الراحات وأخذت بالعزائم والشدائد لبلوغ المقصد، فإنَّ الهِمم تعلَّقت بعظيمٍ عزيزِ الحمى، الطريق إليه وعرة صعبة، وعقبتها كؤود، فليس يوصل إليه إلاّ بالإيضاع، والمراد بالإيضاع الإسراع بالسير.

شرح البيت الرابع:

4

إِنَّ النِّيَاقَ وَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْوَجَى

***

تَسْـرِي وَتُرْفِلُ فِي السُّـرَى إِرْفَالَا

يقول: الهمم وإن أعيت لعزة المطلوب فإنها مع ذلك لا تفتر، فإنّ الأدلة العقلية تريد أن تحيِّرها، لقصور الأدلة عن تعلقها بما هو المطلوب عليه من الحقائق، فربما تكسل بعض همم العارفين الذين لا ذوق لهم محقّق في الإلهية، الواقفين مع الوجوب العقلي والجواز والاستحالة، والأمر الإلهي خارج عن هذا التقييد، فقد يحكم العقل بإحالة أمر ما وهو محال عقلا، لكن ليس محالاً نسبة إلهية، وهكذا في أكثر أحكامها، فقد يدرك العقل بعض <ما يعطيه الحق من حيث النسبة الإلهية، وقد يقصر عن إدراك بعض>الأمور من تلك الحيثية ولا يعرف بقصوره، فيقول: هذا واجب عقلاً، أو جائز، أو محال، وهو صحيح من حيث دلالة العقل، لا يكون إلاّ هكذا، لا من حيث النسبة الإلهية.

شرح البيت الخامس:

5

هٰذِي الرِّكَابُ إِلَيْكُمُ سَارَتْ بِنَا

***

شَوْقاً وَمَا تَرْجُو بِذَاكَ وِصَالَا

"الرّكاب": كلُّ حامل من الإنسان، ظاهر أو باطن، فإنّ السلوك يعمُّ ذات الإنسان عملاً وهمةً، فهي تحمل المشتاق "وما ترجو وصالاً"، واللطيفة الإنسانية المحمولة أولى بالمشتاق (هي) التي ترجو الوصال، وإن كان لهذه المراكب وصول من حيث ما هي، ولكن الوصول الذي لأجله تسلك بها إنما هو اللطيفة الإنسانية، ولا علم للمراكب بذلك فإنها تحت التسخير، وبحكم التسخير تمشي، ولو كُشف الغطاء لبدت الحقائق لكلِّ ذي عين، كما أشرنا إليها، فهنيئا لأهل الكشف.

شرح البيتين السادس والسابع:

ثم قال:

6

قَطَعَتْ إِلَيْكَ سَبَاسِباً وَرِمَالَا

***

وَجْداً وَمَا تَشْكُو لِذَاكَ كَلَالَا

7

مَا تَشْتَكِي أَلَمَ الْوَجَى وَأَنَا الَّذِي

***

أَشْكُو الْكَلَالَ لَقَدْ أَتَيْتُ مُحَالَا

يقول: هذه المراكب الكثيفة واللطيفة ارتكبت هذه المشاق، ولم يظهر عليه أثر إعياء ولا وَهَن، وأنا ما لي فيها سوى الأمر والتدبير، والنظر بحكم السياسة لإقامة هذه النشأة، واكتساب المعارف، ودعوى المحبة؛ ثم أشكو الضجر والإعياء! لقد أتيت محالاً في دعواي.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!