موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الحادي والستون: في بيان أنه لا يموت أحد إلا بعد انتهاء أجله

وهو الوقت الذي كتب اللّه في الأزل انتهاء حياته فيه بقتل أو غيره وبيان معنى قوله ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده وأنه يتجلى لكل ميت عند موته اثنتا عشرة صورة المقتول وأنه لو لم يقتله لعاش أكثر من ذلك ويحتاج القائل بهذا القول أن يعرف مقدار عمر ذلك المقتول في علم اللّه تعالى حتى يحكم بنقصه بالقتل ولا سبيل له إلى ذلك ثم بتقدير اطلاعه على ذلك لا يجد أجله ينقضي إلا بقتله بالسيف فإن للحق تعالى أن يأخذ روح العبد بآلة وبلا آلة وكلاهما هو الأجل المضروب له في علم اللّه تعالى فإن الحق تعالى إذا كتب قتل عبد بسيف عند انتهاء أجله فلا بد من السيف ولو أن السيف فقد لعاش لا محالة إلى وجود السيف، قال بعضهم والأولى حمل كلام المعتزلة على هذا لأنهم أهل إسلام بلا شك ولا ينبغي حمله على اعتقاد أن اللّه تعالى أراد حياة هذا المقتول بالسيف والقاتل لم يردها فغلب بقتله الإرادة الإلهية فإن ذلك بعيد عن أن يريده مثل الزمخشري وأضرابه بخلاف عامة المعتزلة من المقلدين فإنهم ربما فهموا أن القاتل قطع عمر المقتول فهما من نحو حديث: بادرني عبدي فيمن قتل نفسه، وهو فهم خطأ لا يصلح أن يكون دليلا لأن قاتل نفسه لم يبادر بقتل نفسه مستقلا بغير قضاء اللّه وإنما هو بإرادة اللّه ومشيئته فما بقي اللوم على قاتل نفسه إلا من حيث إنه قتل نفسه بغير أمر من اللّه تعالى فكأنه هدم ملك الغير بغير إذنه وذلك حرام والأحكام الشرعية دائرة مع الاحتجاجات بالأمر دون الاحتجاج بالإرادة ومن هنا قالوا: نؤمن بالقدر ولا نحتج به. قال الشيخ كمال الدين بن أبي شريف في " حاشيته " ومن مشهور أدلة أهل السنة قوله تعالى: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [النحل: 61] وقوله تعالى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [نوح: 5] ومن متمسكات المعتزلة أحاديث في " الصحيحين " وغيرهما صرحت بأن بعض الطاعات تزيد في العمر كحديث من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه. قال وعن ذلك أجوبة أصحها أن هذه الزيادة مؤولة بالبركة في أوقات العموم بأن يصرف عمره في الطاعات إذ لا يحسب له من عمره إلا ما كان في طاعة وهذا جمع بين الأدلة، قال وأم نحو حديث الطبراني إن المقتول يتعلق بقاتله يوم القيامة ويقول: يا رب إنه ظلمني وقتلني وقطع أجلي، فقد تكلم الحفاظ في إسناده وبتقدير صحته فهو محمول على مقتول سبق في علم اللّه أنه لو يقتل لكان يعطي أجلا زائدا لأن معنى قولنا المقتول ميت بأجله أن قتله لم يتولد من فعل القاتل وإنما ذلك من فعل اللّه تعالى وأنه لو لم يقتل لم يقطع بموته ولا بحياته على ما ذكره في " شرح المقاصد " انتهى.

(قلت): وهذا هو الاعتقاد الصحيح المعتمد وأما نقص العمر في نحو قوله تعالى وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ [فاطر: 11] فليس المراد به النقص من ذلك العمر لأن المراد وما ينقص من عمر معمر آخر والضمير له وإن لم يذكر لدلالة مقابله عليه والموت قائم بالميت مخلوق للّه تعالى لا صنع فيه للعبد لا كسبا ولا خلقا ومبنى هذا على أن الموت وجودي بدليل قوله تعالى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ [الملك: 2] وفي الحديث أيضا: يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فينظر إليه أهل الجنة وأهل النار فيعرفونه فيضعه الروح الأمين ويأتي يحيى عليه السلام ومعه الشفرة فيذبحه. والأكثرون على أنه عدمي ومعنى خلق الموت قدره والنفس باقية بعد موت الجسد منعمة أو معذبة هذا هو مذهب المسلمين بل وغيرهم وخالف في ذلك الفلاسفة بناء على إنكارهم المعاد الجسماني والكتاب والسنة مشحونان بالدلالة على بقاء النفس قال تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران: 185] والذائق لا بد أن يبقى بعد المذوق. وقال تعالى كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ(26) [القيامة: 26] وهي نص في بقاء الأرواح وسوقها إلى اللّه تعالى يومئذ وقال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ(169) [آل عمران: 169] .

وفي " الصحيحين " أنه صلى اللّه عليه وسلم كان يزور الموتى ويقول: ما أنتم بأسمع منهم. فتأمل. وأما من أماتهم اللّه تعالى عقوبة لهم أو اعتبارا كقوم موسى حين قالواأَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: 153] كالذينخَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ [البقرة: 243] وكَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها [البقرة: 259] فليس موت هؤلاء بانتهاء آجالهم ولذلك بعثهم اللّه تعالى ليكملوا بقية آجالهم المقدرة في علم اللّه تعالى فقد بان لك أنه لا يموت أحد إلا بأجله وأن معنى حديث: بادرني عبدي أي لكونه قتل نفسه بغير أمري فهو عاص للأمر مطيع للإرادة كسائر المعاصي الواقعة في هذ الوجود واللّه أعلم. وأما معنى قوله تعالى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [الأنعام: 2] فالمراد بقوله: ثُمَّ قَضى أَجَلًاهو الأجل المقضى لكل حي يقبل الموت وأما قوله تعالى بعد ذلكوَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُفالمراد به أجل الروحانية الذي ميقات حياة كل من كان قبل الموت في حياته الأولى المعبر عنه بالبعث ولذلك عقبه بقوله تعالى ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَيعني في البعث فإن الموت لا يمترون فيه لأنه مشهود لهم في كل حيوان فما وقعت المرية إلا في البعث الذي هو الأجل المسمى عنده تعالى ، وأطال الشيخ محيي الدين في ذلك الباب الرابع والسبعين ومائتين ثم قال وإنما لم يجعل أجل الموت مسمى عنده لأنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه يبقي طائفة لا يصعقون فأما أن يكونو على حقائق لا تقبل الموت فيكون الاستثناء منقطعا ويكون معنى قولهلِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر: 16] فلا يجيبه أحد ممن صعق، وإما أن يكونوا على مزاج يقبل الموت لكن لم يصل إليهم النفخ فلم يصعقوا فيكون الاستثناء متصلا انتهى.

(فإن قلت): فمن آخر الناس يقبض روحه من بني آدم ؟

(فالجواب): آخر من يقبض روحه الإنسان الموحد الذي يقوم ذكره مقام ذكر جميع العالم المشار إليه بحديث لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول اللّه اللّه.

(فإن قلت): فما مذهب الشيخ محيي الدين في الموت ؟ هل هو عدمي أو وجودي ؟

(فالجواب): هو عنده عدمي وعبارته في الباب السابع عشر وثلاثمائة: اعلم أن الموت حقيقة إنما هو للسلب وأما الحياة فهي دائبة للأعيان من حيث كونه مسبحة بحمد اللّه تعالى ولا يسبح إلا حي، ولكن لما أعرض الروح عن الجسد بالكلية وزال بزواله جميع القوى عبر عنه الموت فهو كالليل بمغيب الشمس وأما النوم فليس إعراض الروح عن الجسم فيه إعراضا بالكلية وإنما هي حجب أبخرة تحول بين القوى وبين مدركاته الحسية مع وجود الحياة في النائم كالشمس إذا حال السحاب دونها ودون موضع خاص من الأرض يكون الضوء موجدا كالحياة وإن لم يقع إدراك الشمس لذلك الذي حال بينه وبين السماء ذلك السحاب المتراكم انتهى.

(فإن قلت): فما معنى قوله تعالى فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق: 22] ؟

(فالجواب): المراد به أن البصر يحتد عند الموت فيعاين العبد جميع ما ينتهي أمره إليه وهو اليقين المشار إليه بقولوَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) [الحجر: 99] . قال الشيخ في الباب السادس والسبعين مائة: واعلم أن كل محتضر يرد عليه اثنتا عشرة صورة يشهدها كلها أو بعضها لا بد له من ذلك وهي صورة علمه وصورة عمله وصورة اعتقاده وصورة مقامه وصورة حاله وصورة رسوله وصورة الملك وصورة اسم من أسماء لأفعال وصورة اسم من أسماء الصفات وصورة اسم من أسماء النعوت وصورة اسم من أسماء التنزيه وصورة اسم من أسماء الذات: فأما الذي يتجلى وله علمه عند الموت فقد قال الشيخ محيي الدين: المراد به علمه باللّه تعالى والعلماء باللّه تعالى رجلان رجل أخذ علمه باللّه تعالى عن نظر واستدلال ورجل أخذ علمه به عن كشف ومعلوم أن صورة علم الكشف أتم وأكمل وأجمل في التجلي من صورة النظر والاستدلال لما يطرقها من الشبه وكلا الصورتين لا بد أن يفرح بهما العبد فإن صحبه في علمه دعوى نفسية كان صورة علمه دون صورة علم من لم يصحبه دعوى فتفاوت الناس في جمال صورة التجلي يكون على قدر نياتهم. وأما الذي يتجلى عمله عند الموت فيكون في صورة حسنة أو قبيحة لا بد له من ذلك والحسن والقبح على قدر ما أنشأه العامل من الكمال والنقص، فإن كان أتم عمله كما أمر ولم ينقص شيئا من أركانه وشروطه وآدابه في أحسن صورة وكان براقا لروحه يسرى به عليه إلى أعلى عليين وإن كان انتقص شيئا من أركانه وشروطه وآدابه رآه في أحسن صورة وكان براقا لروحه يسري به عليه إلى أعلى عليين وإن كان انتقص شيئا أركانه وشروطه وآدابه رآه في أقبح صورة وهوى به إلى سجين وعباد اللّه على طبقات في العمل فمنهم من عمله حسن ومنهم من عمله أحسن ومنهم من عمله جميل ومنهم من عمله أجمل. وأما الذي يتجلى له صورة اعتقاده فهو بحسب ما كان عليه في دار الدنيا فينظره من خارج كما يرى جبريل في صورة دحية وتزيد صورة اعتقاده حسنا وجمالا بحسب علو المشاهد وأما الذي يتجلى له صورة مقامه فهو الذي لحق بدرجة الأرواح النورية فيظهر له مقامه فيعرفه معرفة لا يدخلها شك ولا ريب فهو إما حزين وإما فرح مسرور والغالب على كل من مات مسلما الفرح والسرور. وأما من يتجلى له حاله فهو إما منقبض وإما منبسط فإذا مات على حاله كان بحسب ميزان الشرع فإن كان البسط في محل كان اللائق به فيه القبض قضاه في البرزخ فلا يزال مقبوضا بقدر ما فرط. وأما من يتجلى له رسوله فهو خاص بورثة الرسل فإن العلماء ورثة الأنبياء فتارة يرى هذا عيسى عند احتضاره وتارة يرى موسى أو إبراهيم أو محمدا أو أي نبي كان على جميعهم أفضل الصلاة والسلام. فمن الناس من ينطق باسم ذلك النبي الذي ورثه عندما يأتيه فرحا به لكون الرسل كلهم سعداء فيستبشر عند رؤية ذلك النبي بالسعادة فيقول عند الاحتضار عيسى أو المسيح وهو الأغلب فيسمع الحاضرون ذلك فيسيئون به الظن ويعتقدون أنه تنصر عند الموت وسلب دين الإسلام وكذلك يظنون من نطق باسم موسى أنه تهود وليس كذلك إنما ذلك الناطق من أكبر السعداء عند اللّه تعالى ، وهذا أمر لا يعرفه إلا أهل الكشف وأما من يتجلى له الملك فهذا الملك هو ملكه الذي يشاركه في المقام فإن فيهم الصافين والمسبحين والتالين إلى غير ذلك من المقامات فينزل إلى ذلك الشخص صاحب هذا المقام مؤنسا وجليسا فربما يسميه عند الموت باسمه ويتهلل وجهه لكن هذا لا يكون للعامة وإنما ذلك لأهل الاختصاص الخارجين عن دائرة التلبيس وأما العامة فتتمعر وجوههم عند رؤية ذلك الملك وتسود وذلك لغلبة الأحوال النفسانية عليهم في أعمالهم وأحوالهم وعلومهم. وأما من يتجلى له اسم فهو الاسم الذي كان غالبا عليه من أسماء الأفعال كالخلق بمعنى الموجد والبارىء والمصور والرزاق والمحيي وكل اسم يطلب فعلا فإن كان بذل جهده في أعمال حضرة ذلك الاسم تجلى له في أحسن صورة وكان من لازمه السرور والفرح، وإن كان دخله في تلك الأعمال كسل أو غفلة أو فتور كان في صورة ممتهنة وكل صورة تخاطب العبد بحسب حاله فإن كان عمله كاملا خاطبته تلك الصورة وهي في غاية الحسن وتقول له أنا ذكرك فيسر وإن كان عمله ناقصا خاطبته صورته وهي في أقبح صورة فتقول له أنا ذكرك فيحزن ويقاس على ذلك بقية الأسماء انتهى.

(فإن قلت): فما معنى قول الإمام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؟ هل المراد بالغطاء الذي ينكشف غطاؤه رضي اللّه عنه أو غطاء غيره فإنه رضي اللّه عنه كان كامل الإيمان بلا شك وكامل الإيمان الغائب عنده كالحاضر على حد سواء.

(فالجواب): كما قاله الشيخ في الباب الستين وثلاثمائة: إن المراد بذلك الغطاء الذي ينكشف هو غطاؤه هو، إذ لا بد من مزيد كشف غطاء لكل طائفة عند الموت لأنه رضي اللّه عنه أثبت أن ثم غطاء ينكشف وقوله ما ازددت يقينا يعني في علم اليقين إن كان ذا علم أو في عينه إن كان ذا علم عين أو في حقه إن كان ذا علم حق لا أنه لا يزيد بكشف الغطاء أمرا لم يكن عنده إذ لو كان كذلك لكان كشف الغطاء في حق من هذه صفته عبثا معرى عن الفائدة فلم يكن الغطاء وراءه أمر عدمي وإنما هو وجودي بالجملة فجميع الأغطية تنكشف عند الموت ويتبين الحق لكل أحد ولكن ذلك الانكشاف لا يعطي صاحبه سعادة فهو كإيمان أهل البأس لا ينفع صاحبه ولكن هذا حق العامة أما الخاصة من أهل الكشف والشهود فينتقلون من عين اليقين إلى حق اليقين كما أن أهل العلم ينتقلون من علم اليقين إلى عين اليقين وما سوى هذين الرجلين فينتقلون من العمى إلى الأبصار فيشاهدون الأمر عند كشف غطاء العمى عنهم لا عن علم تقدم. انتهى. وتصريح الشيخ بأن إيمان أهل البأس لا ينفع صاحبه فيه إيماء إلى أنه لا يقول بقول إيمان فرعون لأنه إنما آمن عند البأس واللّه أعلم.

(خاتمة): (إن قلت): ما المراد بقولهم العارفون لا يموتون وإنم ينقلون من دار إلى دار ؟

(فالجواب): كما قاله الشيخ في الباب الحادي والخمسين وثلاثمائة: إن المراد به أن من مات الموت المعنوي بمخالفة نفسه حتى لم يبق له مع اللّه تعالى اختيار ولا إرادة ولا يعظم تألمه عند طلوع روحه لأنه عجل بموت نفسه حين قتلها بسيف المجاهدة، وأما من وافق نفسه في هواها وشهواتها فيشتد عليه الألم عند الموت لاجتماع تلك الآلام التي فاتته حين لم يجاهد. وإيضاح ذلك أن أهل اللّه تعالى لم علموا أن لقاء اللّه لا يكون إلا بالموت وعلموا معنى الموت استعجلوه في الحياة الدنيا فماتوا في حين حياتهم عن جميع حركاتهم وإرادتهم فلما ظهر عليهم الموت في حياتهم التي لا زوال لهم عنها حين ورد عليهم حيث كانوا لقوا اللّه تعالى فلقيهم وكان لهم حكم من يلقاه محبا للقائه فإذا جاءهم الموت المعروف في العامة وانكشف عنهم غطاء هذا الجسم لم يتغير عليهم حال ولا ازدادوا يقينا عما كانوا عليه فم ذاقوا إلا الموتة الأولى وهي التي ماتوا في حياتهم فوقاهم ربهم عذاب الجحيم فضل من ربهم وإلى هذا الموت المعنوي الإشارة بقوله صلى اللّه عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى ميت يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى أبي بكر رضي اللّه عنه، أي لأنه رضي اللّه عنه كان ميتا في حياته عن حركاته وسكناته النفسانية كلها مذمحق التسليم للّه تعالى جميع ما عنده مما فيه رائحة اعتراض ما نفساني فكان مع اللّه تعالى في مال حياته كحاله معه في حال عدمه. انتهى.

* - وقال في الباب الثاني والثمانين ومائتين: اعلم أن من صار حكمه حكم الميت في عدم التصرف فقد وفي مقام الكمال حقه فإن الميت لا يتصور منه من ولا إباية ول حمد ولا ذم ولا اعتراض بل هو مسلم للّه تعالى فهو حي في الأفعال الظاهرة ليقوم بالأمر والنهي ميت بالتسليم لموارد القضاء راض بالقضاء لا بالمقضى واللّه تعالى أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!