موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الثاني: في حدوث العالم

اعلم أن مسألة حدوث العالم من معضلات المسائل لقوة شبهة الخلاف فيه بين أهل السنة والفلاسفة وقد انعقد الإجماع من سائر الملل على حدوثه كما سيأتي إيضاحه إن شاء اللّه تعالى ولنبدأ بنقول محققي المتكلمين في هذه المسألة ثم بنقول محققي الصوفية رضي اللّه تعالى عنهم فأقول وباللّه التوفيق: قال الجلال المحلي محقق أهل الأصول إنما كان العالم محدثا لأنه يعرض له التغير والاستحالة وكل متغير محدث ولا بد للمحدث بفتح الدال من محدث بكسرها ولا بد أن يكون واحدا ضرورة. قال شيخ الإسلام الشيخ كمال الدين بن أبي شريف ومعنى قول الجلال المحلي في علة المحدث إنه يعرض له التغير أي على الوجه الذي يشاهد فإنا نشاهد تغير الحركة بطريان السكون وتغير الظلمة بطريان النور وبالعكس وليس مراده أن مستند كل تغير المشاهدة فإن كثيرا من أجزاء العالم لا نشاهده كما في باطن الأرضين وما في السماوات فالحكم بالتغير فيه مستند إلى دليل العقل. قال: وتمام التقرير ليلة الحدوث المذكور أن يقال: العالم أعيان وأعراض فالأعراض يدرك تغير بعضها بالمشاهدة في نفس الأمر كانقلاب النطفة علقة ثم مضغة ثم لحما ودما وفي الآفاق كالحركة بعد السكون والضوء بعد الظلمة وسائر ما يشاهد من أحوال الأفلاك والعناصر والحيوان والنبات والمعادن، وبعضها بالدليل وهو طريان العدم فإن العدم ينافي القدم وأما الأعيان فإنها لا تخلو عن الحوادث وكل ما لا يخلو عن الحوادث فقدمه محال انتهى. (وأما كلام أهل الطريق) فمن أكثرهم في هذه المسألة إطنابا سيدي الشيخ محيي الدين بن العربي رضي اللّه تعالى عنه وها أنا أجلي عليك عرائس كلامه رضي اللّه تعالى عنه. فقال في أول خطبة "الفتوحات": الحمد للّه الذي خلق الوجود من عدم وأعدمه. انتهى. أي لأن عدم العدم وجود لأنه موجود في العلم الإلهي ومعلوم العلم قديم من هذه الحيثية وأما من حيث ظهوره للخلق فهو حادث بإجماع. فمن قال إنه قديم مطلقا أخطأ أو حادث مطلق أخطأ وسيأتي بسط ذلك في المبحث الثاني عشر إن شاء اللّه تعالى نظما ونثرا عن الشيخ رحمه اللّه. (فإن قيل) فما شبهة من قال بقدم العالم من

الفلاسفة (فالجواب) ما قاله الشيخ في الباب الثالث والتسعين ومائتين إن شبهة وجود الارتباط المعنوي بين الرب والمربوب والخالق والمخلوق فإن الرب يطلب المربوب والخالق يطلب المخلوق وبالعكس ولا يعقل كل واحد إلا بوجود الآخر. فإن قيل فهل وجد العالم للدلالة على الحق تعالى . فالجواب كما قاله الشيخ في الباب الأربعين ومائة: إنه لم يوجد للدلالة على الحق تعالى لأنه لو وجد للدلالة عليه لما صح للحق تعالى الغنى عنه ولكان للدليل سلطنة وفخر على المدلول فكان الدليل لا ينتقل عن مرتبة الزهو لكونه أفاد الدال أمرا لم يكن للمدلول أن يتوصل إليه إلا به فكان يبطل غناه تعالى عن العالمين. انتهى. وقال أيضا في الباب الحادي والسبعين وثلاثمائة: إنما سمى العالم عالما من العلامة لأنه الدليل على المرجح انتهى فليتأمل مع ما قبله. فإن قيل: فهل تصح المنافرة عند من يقول بقدم العالم بينه وبين الحق من سائر الوجوه ؟ (فالجواب) كما قاله الشيخ محيي الدين إنه لا تصح المنافرة بين الحق والعالم من سائر الوجوه فإن العالم مرتبط بالحق تعالى من حيث استمداده في وجوده منه فهذا هو الباب الذي دخل منه من قال بقدم العالم على أنه لا يلزم من وجود هذا الارتباط الاتحاد في نوع ولا شخص ولا جنس فإن اللّه تعالى هو الخالق وله رتبة الفاعلية في الوجود وأطال في ذلك. ثم قال: فعلم أن المنافرة بين الحق والخلق لا تشمل الوجود العلمي الأزلي لارتباط الوجود بالحق تعالى ارتباط عبودية بسيادة حتى في حال عدم العالم فإن الأعيان الثابتة في العلم الأزلي لم تزل تنظر إلى الحق تعالى بالافتقار أزلا ليخلع عليه اسم الوجود ولم يزل تعالى ينظر إليها لاستدعائها بعين الرحمة فلم يزل سبحانه وتعالى ربا لنا في حال عدمنا وفي حال وجودنا على حد سواء فالإمكان لنا كالوجوب له وأطال في ذلك ثم قال ومن لم يعتقد هذ الارتباط الذي ذكرناه زلت به قدم الغرور في مهواة من التلف أي لأن الوجود إذا خل من هذا الارتباط صار قائما بنفسه وذلك محال، أما الارتباط الجسماني فلا يصح بين العبد والرب لأنه تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] فلا يصح به ارتباط من هذا الوجه أبدا لأن الذات له الغنى عن العالمين بخلاف الارتباط المعنوي كما مر فإنه من جهة مرتبة الألوهية وهذا واقع بلا شك لتوجه الألوهية على إيجاد جميع العالم بأحكامها ونسبتها وإضافتها وهي التي استدعت الآثار، فإن قاهرا بل مقهور وقادرا بلا مقدور وخالقا بلا مخلوق وراحما بلا مرحوم صلاحية ووجود

وقوة وفعلا محال، ولو زال سر هذا الارتباط لبطلت أحكام الألوهية لعدم وجود من يتأثر فالعالم يطلب الألوهية وهي تطلبه والذات المقدس غني عن هذا كله. قال الشيخ: ومن هذا المبحث ظهر القائلون بقدم العالم لظنهم ارتباط الذات بالعالم كارتباط الألوهية التي هي مرتبة الذات لا عين الذات وظهر أيضا من هذا المبحث القائلون بحدوث العالم مع الإجماع من الطائفتين بأن العالم ممكن وأن كل جزء منه حادث وأنه ليس له مرتبة واجب الوجود لنفسه وإنما هو واجب الوجود بغيره إذ الخالق مثلا يطلب مخلوقا ولا بد انتهى. وقال في هذا الباب في قول الإمام الغزالي رحمه اللّه ليس في الإمكان أبدع مما كان هذا كلام في غاية التحقيق لأنه ما ثم لنا إل رتبتان قدم وحدوث فالحق تعالى له رتبة القدم والمخلوق له رتبة الحدوث، فلو خلق تعالى ما خلق فلا يخرج عن رتبة الحدوث فلا يقال هل يقدر الحق تعالى أن يخلق قديم مثله لأنه سؤال مهمل لاستحالته انتهى.

(قلت) ويحتمل أن يكون مراده أنه ليس في الإمكان شيء يقبل الزيادة والنقص على خلاف ما سبق في العلم أبدا. وقال أيضا في باب الأسرار الحق تعالى مع العالم مرتبط ارتباط عبودية بسيادة فإن مالكا بلا مملوك وقاهرا بلا مقهور لا يصح انتهى.

* - وقال في " لواقح الأنوار " أيضا: اعلم أن كل أمر يطلب الكون فهو من كونه سبحانه وتعالى إلها وكل أمر لا يطلب الكون فهو من كونه تعالى ذاتا فمهما أتاك من كلام أهل التوحيد فزنه بهذا الميزان يتحقق لك الأمر فيه إن شاء اللّه تعالى انتهى.

* - وقال فيه أيضا: إن قيل ما قلتموه من كون الألوهية طالبة للذات هو مضاه للعلة والمعلول (فالجواب) أن ذلك ليس بمضاه للعلة والمعلول لأن العلة والمعلول أمران وجوديان عندهم وأما الألوهية فهي عندنا نسبة عدمية لا وجودية فإياك والغلط انتهى.

* - وقال في باب الأسرار من "الفتوحات" لو كانت العلة مساوية للمعلول في الوجود لاقتضى وجود العالم لذاته ولم يتأخر عنه شيء من محدثاته والعلة معقولة وماثم علة إلا وهي معلولة ولو كان الحق تعالى علة لارتبط والمرتبط لا يصح له تنزيه انتهى. وقال فيه أيضا: ما قال بالعلل إلا القائل بأن العالم لم يزل وأنى للعالم بالقدم وماله في الوجود الوجوبي قدم لو

ثبت للعالم القدم لاستحال عليه العدم والعدم واقع ومشهود.

* - وقال في الباب التاسع والستين:

العالم كله موجود عن عدم ووجوده مستفاد من موجد أوجده وهو اللّه تعالى فمحال أن يكون العالم أزلي الوجود لأن حقيقة الموجد أن يوجد ما لم يكن موصوفا عند نفسه بالوجود وهو المعدوم لا أنه يوجد ما كان موجودا أزلا فإن ذلك محال فإذن العلم كله قائم بغيره لا بنفسه والسلام.

* - وقال في موضع آخر من هذا الباب: اعلم أن مدلول لفظة الأزل عبارة عن نفي الأولية للّه تعالى أي لا أول لوجوده بل هو سبحانه عين الأول لا بأولية تحكم عليه فيكون تحت حيطتها ومعلولا عنها كالأوليات المخلوقة وأطال في ذلك. ثم قال: فالحق تعالى يقال في حقه إنه مقدر الأشياء أزلا ولا يقال في حقه موجدها أزلا فإنه محال من وجهين الأول: هو أن كونه موجدا إنما هو بأن يوجد ولا يوجد تعالى ما هو موجود وإنما يوجد ما لم يكن موصوفا لنفسه بالوجود هو المعدوم ومحال بأن يتصف المعدوم بأنه موجود أزلا إذ هو إنما صدر عن موجد أوجده فمن المحال أن يكون العالم أزلي الوجود (الوجه الثاني) من المحال وهو أنه لا يقال في العالم إنه موجود أزل وذلك لأن معقول لفظة الأزل نفي الأولية والحق تعالى هو الموصوف بذلك فيستحيل وجود العالم بالأزل لأنه رجع إلى قولك العالم المستفيد من اللّه الوجود غير مستفيد من اللّه الوجود لأن الأولية قد انتفت عنه تعالى بكون العالم معه أزلا انتهى.

* - وقال في كتابه المسمى " بالقصد الحق ": لا يقال العالم صادر عن الحق تعالى إلا بحكم المجاز لا الحقيقة وذلك لأن الشرع لم يرد بهذا اللفظ وجل اللّه تعالى أن يكون مصدر الأشياء لعدم المناسبة بين الممكن والواجب وبين من يقبل الأولية وبين من لا يقبلها وبين من يفتقر وبين من لا يقبل الافتقار وإنما يقال: إنه تعالى أوجد الأشياء موافقة لسبق علمه بها بعد أن لم يكن لها وجود في أعيانه ثم إنها ارتبطت بالموجد لها ارتباط فقير ممكن يغني واجب فلا يعقل لها وجود إلا به سبحانه وتعالى لأن تقدمه عليها وجودي ولو كان العدم أمرا يشار إليه لكان الممكن صادرا عن اللّه تعالى فيكون صادرا من موجود إلى وجود ويكون له عين قائمة في الأزل وذلك محال انتهى.

 

* - وقال في الباب الثاني والتسعين ومائة: مما استند إليه القائلون بقدم العالم قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) [النحل: 40] فقالوا إنه تعالى ما أضاف التكوين إليه تعالى وإنما أضافه إلى الذي تكون فإن الحق أمره بالتكوين فامتثل ولو أنه تعالى أضاف التكوين إلى نفسه أو إلى القدرة لانتفت الشبهة ثم إنهم اضطروا إلى أن قالو إن للحق تعالى تجليا يقبل القول والكلام بترتيب الحروف.

* - قالوا: والحق الذي يقول به إن العالم كله حادث وإن تعلق به العلم القديم انتهى. فهذه نصوص الشيخ محيي الدين رضي اللّه عنه في قوله بحدوث العالم فكذب من افترى على الشيخ أنه يقول بقدم العالم وقد كرر الشيخ الكلام على حدوث العالم في "الفتوحات" في نحو ثلاثمائة موضع وكيف يظن بالشيخ مع هذا العلم العظيم أن يقع في مثل هذا الجهل الذي يؤدي إلى إنكار الصانع جل وعلا بل أفتى المالكية وغيرهم بكفر من قال بقدم العالم أو ببقائه أو شك في ذلك هذا مع أن مبنى كتب الشيخ ومصنفاته كلها في الشريعة والحقيقة على معرفة اللّه تعالى وتوحيده وعلى إثبات أسمائه وصفاته وأنبيائه ورسله وذكر الدارين والعالم الدنيوي والأخروي والنشأتين والبرزخين ومعلوم أن من يقول بقدم العالم من الفلاسفة لا يثبت شيئا من ذلك بل ول يؤمن بالبعث والنشور ولا غير ذلك مما هو منقول عن الفلاسفة فقد تحقق كل عاقل أن الشيخ بريء من هذا كله. وقد قال في الباب الخامس والستين من "الفتوحات": اعلم أن سبب غلط منكري النبوة من الحكماء قولهم إن الإنسان إذا صفى جوهر نفسه من كدرات الشهوات وأتى بمكارم الأخلاق العرفية انتقش في نفسه ما في العالم العلوي من الصور بالقوة فنطق بالغيوب واستغنى عن الوسائط. قال الشيخ: والأمر عندنا وعند أهل اللّه ليس كذلك وإن جاز وقوع ما ذكروه في بعض الأشخاص وذلك أنه لم يبلغنا قط عن أحد من نبي ولا حكيم أنه أحاط علما بما يحتوي عليه حاله في كل نفس إلى حين وفاته أبدا بل يعلم بعضا ويجهل بعضا بل لو سئل اللوح المحفوظ عما خط الحق تعالى فيه من العلوم ما عرف ذلك إلا أن يشاء اللّه فانظر يا أخي كيف غلط الشيخ رضي اللّه عنه من ينكر النبوة وكيف يظن بالشيخ أنه يرد على أحد شيئا ويتدين هو به واللّه إن هذ لبهتان عظيم. (فإن قيل) إن الحكماء تسمى الذات علة الوجود والأشعرية تسمي تعلق العلم بكون العالم أزلا علة فما الفرق بين العبارتين ؟ (فالجواب)

ما قاله الشيخ في الباب الثامن والأربعين من "الفتوحات" أنه لا فرق بين العبارتين عند المحققين فإن الذي هرب منه الأشعرية وشنعوا على الحكماء لأجله وهو قولهم بالعلة يلزمهم في سبق العلم بكون المعلوم فإن سبق العلم بطلب كون المعلوم بذاته ولا بد ولا يعقل بينهما كون مقدر ولا يلزم كما لا يلزم مساواة المعلول علته في جميع المراتب إذ العلة متقدمة على معلولها بالرتبة بلا شك سواء أكان ذلك سبق العلم أو ذات الحق، ولا يعقل بين الواجب الوجود لنفسه وبين الممكن كون زماني ولا تقدير زماني لأن كلامنا في وجود أول ممكن والزمان من جملة الممكنات فإن كان أمرا وجوديا فالحكم فيه كسائر الحكم في الممكنات وإن لم يكن أمرا وجودي وكان نسبة فالنسبة حدثت بوجود الموجود المعلول حدوثا عقليا لا حدوثا وجوديا وإذ لم يعقل بين علم الحق وبين معلومه بون زماني فلم يبق إلا الرتبة ولا يصح أبدا أن يكون الخلق في رتبة الحق تعالى كما لا يصح أن يكون المعلول في رتبة العلة من حيث ما هو معلول عنها وأطال في ذلك. ثم قال على أن من أدل دليل على توحيد الحق تعالى كونه تعالى علة للعالم عند الحكماء فإنه توحيد ذاتي ينتفى معه الشريك بلا شك لكن إطلاق لفظ العلة في جانب الحق تعالى لم يرد بها عندنا شرع فلا نطلقها عليه سبحانه وتعالى انتهى.

* - وقال في الباب الحادي والسبعين وثلاثمائة: اعلم أنه إنما سمى العالم عالما من العلامة لأنه الدليل على المرجح انتهى. وقد مر ذلك أوائل المبحث وسيأتي آخر المبحث الحادي عشر ما له تعلق بهذا المبحث فراجعه واللّه سبحانه وتعالى أعلم (خاتمة) إن قيل هل اطلع أحد من الخواص على معرفة تاريخ مدة العالم على التحديد من طريق العقل أو الكشف أو الأدلة (فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب التسعين وثلاثمائة أنه لم يبلغنا أن أحدا عرف مدة خلق العالم على التحديد وذلك أن أكثر الكواكب قطعا في الفلك الأطلس الذي لا يكون فيه فلك الكواكب الثابتة والأعمار لا تدرك حركتها لظهور ثبوتها للأبصار مع أنها سابحة سبحا بطيئا والعمر يعجز عن إدراك حركتها لقصره فإن كل كوكب منها يقطع الدرجة من الفلك الأقصى في مائة سنة إلى أن ينتهى إليها فما اجتمع من السنين فهو يوم تلك الكواكب الثابتة فتحسب ثلاثمائة وستين درجة كل درجة مائة سنة قال وقد ذكر لنا في التاريخ المتقدم أن أهرام مصر بنيت والنسر في الأسد وفي نسخة الحمل وهو اليوم عندنا في الجدي فاعمل حساب ذلك تقرب من معرفة تاريخ الأهرام فلم يدر بانيها ولم يدر أمرها على أن بانيها من الناس بالقطع قال الشيخ عبد الكريم الجيلي في " شرح كلام الشيخ " ومعلوم أن النسر الطائر لا ينتقل من برج إلى غيره إلا بعد ثلاثين ألف سنة قال وهو اليوم عندنا في الدلو فقد قطع عشرة أبراج ولا يتأتى ذلك إلا بعد ثلاثمائة ألف سنة انتهى. فلينظر بين كلام الشيخين ويحرر. قال الشيخ محيي الدين رحمه اللّه: ولقد رأيت وأنا بين النائم واليقظان أني طائف بالكعبة مع قوم لا أعرفهم فأنشدوني بيتين حفظت أحدهما ونسيت الآخر:

لقد طفنا كما طفتم سنينا * بهذا البيت طرا أجمعين

وتكلمت مع واحد منهم فقال أما تعرفني ؟ فقلت له لا، فقال أنا من أجدادك الأول قلت له: كم لك منذ مت ؟ فقال لي بضع وأربعون ألف سنة فقلت له: ليس لأبينا آدم عليه الصلاة والسلام هذا القدر من السنين فقال لي عن أي آدم تقول عن هذا الأقرب إليك أم عن غيره فتذكرت حديثا رواه ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال إن اللّه تعالى خلق مائتي ألف آدم فقلت في نفسي قد يكون الجد الذي نسبني ذلك الشخص إليه من أولئك. قال والتاريخ في ذلك مجهول مع حدوث العالم بلا شك عندنا انتهى.

* - وقال أيضا في الباب السابع والستين وثلاثمائة: اجتمعت بإدريس عليه السلام في واقعة من الوقائع فقلت له إني رأيت شخصا في الطواف فأخبرني أنه من أجدادي فسألته عن زمان موته فقال لي أربعون ألف سنة فسألته عن آدم لما تقرر عندن في التاريخ من مدته فقال عن أي آدم تسأل عن آدم الأقرب أم غيره، فقال إدريس عليه السلام: صدق هذا الشخص، إني نبي اللّه ولا أعلم للعالم مدة يقف عندها والآجال في المخلوقات بانتهاء المدد لانتهاء الخلق فإن الخلق مع الأنفاس بتجدد فلم يزل الحق تعالى خالقا ولا يزال دنيا وآخرة، فقلت له: يا نبي اللّه عرفني بشرط من أشراط الساعة فقال وجود أبيكم آدم الأقرب من علاماتها فقلت له كان قبل الدنيا دار غيره فقال دار الوجود واحدة والدنيا ما كانت دنيا إلا بكم انتهى.

 

* - وقال في الباب السابع من "الفتوحات": اعلم أن عمر الدنيا لا يحصى بآلاف ألوف

* - وقال في الباب السابع أيضا قد أكمل اللّه تعالى خلق المولدات من الجمادات والنباتات والحيوانات

عند انتهاء إحدى وسبعين ألف سنة من خلق العالم الطبيعي ثم قال لم انتهى: خلق العالم الطبيعي وانقضى من مدته أربع وخمسون ألف سنة خلق اللّه هذه الدنيا فلما انقضى من مدته ثلاث وستون ألف سنة خلق اللّه الآخرة التي هي الجنة والنار فكان بين خلق الدنيا وخلق الآخرة تسعة آلاف سنة ولهذا سميت آخرة لتأخر خلقها عن خلق الدنيا هذه المدة كما سميت الدنيا أولى لأنها خلقت قبلها ولم يجعل اللّه تعالى للآخرة أمدا ينتهي إليه بقاؤها فلها البقاء الدائم قال وخلق اللّه تعالى آدم بعد أن مضى من عمر الدنيا سبعة عشر ألف سنة ومن عمر الآخرة التي لا نهاية لها في الدوام ثمانية آلاف سنة فخمر اللّه تعالى طينة آدم إذ ذاك قال وخلق اللّه الطير والدواب البرية والبحرية والحشرات من عفونات الأرض ليصفو الهواء من تلك العفونات التي لو خالطت الهواء الذي أودع اللّه فيه حياة هذا الإنسان وعافيته لكان سقيما مريضا معلولا مدة عمره فصفى اللّه تعالى الجو لطفا منه تعالى بتكوين هذه العفونات حيوانات فلذلك قلت الأسقام والعلل انتهى واللّه تعالى أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!