موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الحادي عشر: في وجوب اعتقاد أنه تعالى علم الأشياء قبل وجودها في عالم الشهادة ثم أوجدها على حد ما علمه

فلم يزل عالما بالأشياء لم يتجدد له علم عند تجدد الأشياء (فإن قلت) فإذا كان العالم كله موجودا في علم الحق فماذا استفاد العالم حين ظهر لعالم الشهادة
(فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب السابع عشر من "الفتوحات" أن العالم استفاد ببروزه إلى عالم الشهادة علما بنفسه لم يكن عنده لا أنه استفاد حالة لم يكن عليه

(وإيضاح ذلك) أن الأمور كلها لما كانت لم تزل معلومة للحق تعالى في مراتبها بتعداد صورها فلا بد من فارق يفرق بين علمها بنفسها وعلم الحق تعالى به وهو أن الحق تعالى يدرك جميع الممكنات في حال عدمها ووجودها وتنوعات الأحوال عليه والممكنات لا تدرك نفسها ولا وجودها ولا تنوعات الأحوال عليها فلما كشف لها عن شهود نفسها وهي في العدم أدركت تنوعات الأحوال عليها في خيالها فما أوجد اللّه الأعيان إلا ليكشف لها عن أعيانها وأحوالها شيئا بعد شيء على التتالي والتتابع فهذا معنى قولنا لم يتجدد له علم عند تجدد الأشياء لأنها كانت معلومة للحق تعالى أهي معلوم علمه وهذه المسألة من أعز المسائل المتعلقة بسر القدر وقليل من أصحابن من عثر عليه

(فإن قلت) فهل ثم مثال يقرب للعقل تصور كون العالم مرئيا للحق تعالى في حال عدمه الإضافي

(فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب الثاني والخمسين وثلاثمائة إن أقرب مثال لكون العالم مرئيا للحق تعالى في حال عدمه الدويبة المسماة بالحرباء فإنها تتقلب في لون ما تكون عليه من الأجسام على التدريج شيئا بعد شيء ما هي مثل المرآة تقلب الصورة بسرعة ولا هي جسم صقيل فقد أدركت يا أخي في الحس تقلب الحرباء في الألوان مع علمك بأن تلك الألوان لا وجود لها في ذلك الجسم الذي أنت ناظر إليه ولا في أعيانها في علمك فمن تحقق بهذا علم يقينا إدراك الحق تعالى للعالم في حال عدمه وأنه يراه فيوجده لنفوذ الاقتدار الإلهي انتهى.

ومما يقرب لكم أيضا تعقل شهود الحق تعالى للأعيان في حال عدمها قول الشيخ في باب

الأسرار: العجب كل العجب من رؤية الحق في القدم أعيانا حالها العدم ثم إنه إذا أبرزهم إلى وجودهم تميزوا في الأعيان بحدودهم ولكن انظر وحقق ما أنبهك عليه وأشير وهو أن اللّه تعالى أوجد في عالم الدنيا الكشف والرؤيا ليقرب ذلك الأمر على ضعفاء العقول فترى الأمور التي لا وجود لها في عينها قبل كونها وترى الساعة في مجلاها والحق تعالى يحكم فيها بين عباده حين جلاها وما ثم ساعة وجدت ولا حالة مم رآها شهدت ثم توجد بعد ذلك في مرآها كما رآها فإن تفطنت يا أخي فقد رميت بك على الطريق وذلك منهج التحقيق انتهى.

 

* - وقال في الباب الثالث والخمسين وثلاثمائة لم تزل الممكنات كلها مشهودة للحق تعالى وإن لم تكن موجودة فما هي له مفقودة فهي في حال عدمها مرئية للحق مسموعة له ولا يتوقف مؤمن في تصور ذلك فإن اللّه على كل شيء قدير انتهى. (فإن قلت) ما المراد بذلك الشيء الذي وصف الحق تعالى نفسه أنه قدير عليه هل هو ما تعلق بالعدم المحض أم العدم الإضافي (فالجواب) المراد به ما تضمنه علمه القديم من الأعيان الثابتة في العلم الذي هو العدم الإضافي وليس المراد به العدم المحض لأن العدم المحض ليس فيه ثبوت أعيان ويؤيد هذا قول الشيخ في " لواقح الأنوار " في قوله: أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الطلاق: 12] أي قدير على شيء تضمنه علمه القديم فإن ما لم يتضمنه علمه فليس هو بشيء وكذلك يؤيد ذلك قول الشيخ في باب التسعين من "الفتوحات" لا تتعلق قدرة الحق تعالى إلا بشيء موجود في علمه تعالى لقوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الطلاق: 12] فنفى تعلق قدرته تعالى على ما ليس بشيء مما لم يتضمنه علمه القديم قال: وإيضاح ذلك أن لا شيء لا يقبل الشيئية إذ لو قبلها ما كانت حقيقة لا شيء ولا يخرج معلوم قط عن حقيقته فلا شيء محكوم عليه بأنه لا شيء أبدا وما هو شيء محكوم عليه بأنه شيء أبد انتهى. (فإن قلت: قد قال الشيخ أبو الحسن الأشعري إن وجود كل شيء في الخارج عينه وليس بشيء زائد عليه سواء كان واجبا وهو اللّه وصفاته الذاتية أو ممكنا وهو الخلق وهذا مخالف لقول كثير من المتكلمين إن وجود الشيء أمر زائد عليه فما الحق من القولين (فالجواب) كما قاله ابن السبكي والجلال المحلي. الحق ما قاله الأشعري وعليه فالمعدوم ليس في الخارج بشيء ولا ذات ولا ثابت أي لا حقيقة له في الخارج وإنما يتحقق بوجوده فيه، وقد قال الجلال المحلي ثم هذا الحكم كذلك عند أكثر أهل القول الآخر

أيضا قال وذهب كثير من المعتزلة الجان المعدوم الممكن في الخارج شيء أي له حقيقة مقررة، انتهى ما قاله الجلال المحلي في شرحه " لجمع الجوامع ".

(فإن قلت) فما الوجه الجامع بين قول الأشعرية إن العالم وجد عن عدم متقدم وبين قول المعتزلة إنه وجد عن وجود (فالجواب) أن الوجه الجامع بين قولي الأشعرية والمعتزلة إن العالم حادث في الظهور قديم في العلم الإلهي فمن قال إنه حادث من الوجهين أخطأ أو قديم من الوجهين أخطأ واللّه أعلم (فإن قلت) فما المراد بالحق الذي خلق اللّه تعالى به السماوات والأرض وما بينهما وهل لهذا الحق عين موجودة أم لا (فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب الثامن والستين وثلاثمائة أن المراد أنه تعالى خلق العالم كله للحق تعالى وهو أن العالم يعبده على حسب حاله ليجازيه على ذلك في الدنيا والآخرة وليسبغ عليه نعمه قال الشيخ: وقد غلط في هذ الحق المخلوق به السماوات والأرض وما بينهما جماعة من أهل اللّه وجعلوا عينا موجودة والحق أن الباء هنا بمعنى اللام ولهذا قال تعالى في تمام الآية تعالى اللّه عم يشكرون من أجل الباء فمعنى بالحق أي للحق فالباء هنا عن اللام في قوله تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) [الذاريات: 56]

(وإيضاح ذلك) أن الحق تعالى لا يخلق شيئا بشيء وإنما يخلق شيئا عند شيء وكل باء تقتضي الاستعانة والسببية فهي لام فاعلم ذلك فإنه نفيس لا تجده في تفسير واللّه تعالى يتولى هداك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!