موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب عقلة المستوفز

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

باب فلك الكواكب الثابتة

 

 


وهو آخر الأفلاك الثابتة ثمّ أحدث اللّه هذا.

الفلك الرابع وخلق عالم الرضوان بينه وبين فلك البروج وسطحه أرض الجنّة ومقعّره يكون سقفا للنار وفيه أسكن رضوان خازن الجنان وهو من الملائكة الكرام وملائكة هذ الفلك

يقال لهم التاليات وقال بعض أهل المقاييس في قوله تعالى :" وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ".

أنّ هذا الفلك أحد الثمانية الحملة والسبعة الأفلاك الّتي تحته الّتي سنذكرها إن شاء اللّه تعالى وجعل فلك البروج هو العرش وهو الأطلس والأمر على خلاف ما قاله من كلّ وجه وهذا الترتيب لا يمكن إدراكه إلّا بالكشف والاطلاع أو بخبر الصادق.

وكذا المنجّمون أهل الأرصاد وأصحاب علم الهيئة لم يعرفوا ما عرفوا من ذلك إلّ بطريق الكشف الحسّيّ.

فأبصروا حركات الكواكب فاستدلّوا بذلك على كيفيّة الصنعة الإلهيّة وترتيب الهيئة فأخطئوا في بعض وأصابوا في بعض واختلفت آراؤهم في ذلك اختلافا معروفا متداولا بين أهل هذا الشأن .

وإنّ اللّه تعالى لمّا خلق هذا الفلك رتّب في مقعّره ألف مرتبة وإحدى وعشرين مرتبة قسم الفلك عليها أقساما كما قسم فلك البروج على اثني عشر قسما فظهر لكلّ قسم كرة فظهرت اثنا عشر كرة وهو فلك الكواكب والسبعة الأفلاك الّتي تحته والأربعة الأركان فهذه اثنا عشر وحكمها.

إنّما هو فيها كما رتّبه وقدّره العزيز العليم وقد نبّه عباده على هذا فقال تعالى : " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ " .

فكذلك قسم هذا الفلك الرابع إلى الأقسام الّتي ذكرناها .

وجعل في كلّ قسم ملكا من الملائكة على صورة عالم من العوالم الكائنة في عالم الأركان فحصر صور عالم الأركان بتلك الأقسام فدار هذا الفلك دورة أبرز فيها عالم الجنان كحركة الأرض في إخراج النبات كما قال تعالى في الأرض:" اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " .

فكلّ فلك يحكم فيما دونه بما أودعه الحقّ فيه وفطره عليه وهذا الفلك هو فلك الحروف من هنا انتشأت في عالم الأجسام على الثمانية والعشرين منزلة ثمانية وعشرون حرفا على المخارج المستقيمة.

ثمّ حروف خرجت عن حدّ الاستقامة في الإنسان وغيره من الحيوانات وهي بعدد ما بقي من الأقسام مقدارا بمقدار لا يزيد ولا ينقص ومثالها في الإنسان كالحروف بين الباء والفاء وكالحروف بين الجيم والشين وكحروف الخيشوم .

وهكذا في الحيوانات وأخبرني بعض العلماء من تلميذ جعفر الصادق رضه أنّه أوصله إلى سبعة وسبعين حرفا في الحيوانات .

ولمّا كانت الحروف من هذا الفلك لا تعطى خواصّها إلّا ما يعطيه حكم المنازل ول تعطى أبدا شكلا غريبا لأنّها دون الفلكين .

غير أنّ لها روحانيّة لطيفة في الفلك الأطلس الّذي هو سقف الجنّة بها يبقى الكلام على أهل الجنّة أعني الحروف الفكريّة وأمّا اللفظية.

فهي لهم في نفس هذا الفلك الّذي هم فيه ولكن هو ألطف وأعذب من هذا الكلام المعتاد للعباد لأنّها تفعل هناك بالروحانيّة الخالصة كشكلنا أيضا في الجنان على أعدل نشأة.

فأنتج الاستعداد الحسن والفيض الروحانيّ نتيجة تناسب نشأتها وبما في الفلك الأطلس من الطبيعة وفي هذا الفلك كان في الجنّة الأنهار والرياح والأشجار والحور والقصور والولدان والأكل والشّرب والنكاح والانتقالات من حال إلى حال على أهل الطبيعة.

إلّا أنّ الأمر ثابت في عين الحوامل والقوابل بحفظ الاعتدال فلا يستحيلون أبدا.

لكن يختلف عليها الصّور والحالات والصفات والأشكال في المطاعم والمشارب والملابس والمناكح والأعراض بشريف.

وأشرف وحسن وأحسن وجميل وأجمل حكمة بالغة من عزيز عليم.

وهنا نكتة اللطيفة الانسانيّة ليست من عالم الاستحالة والفناء بل هي من عالم الثبوت والبقاء وهي تستدعى بيتا تدبّره يسمّى الجسم الطبيعيّ.

وهي المخاطبة العاقلة الحية الدائمة الملتذّة المتألّمة والجسم بما هو جسم طبيعيّ يتغذّى ويتخلّل قليلا قليلا.

وينمو قليلا قليلا ويعطى الغذاء من الزيادة قدر ما نقص والفاضل يخرج في هذه الدار عذرة وبولا وبصاقا ومخاضا وعرقا.

وهناك ليس إلّا العرق خاصّة يخرج من أعراضهم يعني من الأبدان وهو فضلات الأغذية أطيب من ريح المسك فالمعتبر من الإنسان لطيفته وهي الحافظة لما

حصّلت والمميّزة لما أدركت فتفهّم هذا فإنّه ينفعك فلمّا أكمل سبحانه أفلاك الثبات والبقاء وصارت الكلمة أربعة بوجود هذا الفلك الرابع.

أراد سبحانه إيجاد عالم الدنيا من الأركان والسماوات السبع والمولّدات الّتي مال تراكيبها وأجسامها إلى فساد وانتقال وما من فلك أوجده الحقّ تعالى من هذه الأفلاك الثابتة إلّا وقد جعل اللّه سبحانه للملكين الكريمين القلم واللوح توجّها إليها عند ما أراد إيجاده

ويخلق اللّه عند التوجّه ما شاء أن يخلقه ممّا شاء أن يتوجّه عليه لا بالتوجّه لأنّه يتعالى ويتقدّس عن المعين والشريك وأحكام الأسباب إذ هو الناصب لها والخالق.

وما لها سبب إلّا من حيث التوجّه والقصد وهو خلق للَّه تعالى مثل أعمالن المرادة لنا بخلقه سبحانه الإرادة فينا إلى تحريك يدنا أو إلى فعل من الأفعال المرادة لنا.

فعند ما تتعلّق إرادتنا بتحريك يدنا أو بفعل ما خلق اللّه تعالى الحركة في اليد وذلك الفعل ليس غير ذلك.

فلا فاعل في الوجود إلّا هو سبحانه هذا هو الّذي أعطاه دليلي وكشفي وهو علمي واعتقادي نسأل اللّه الثبات عليه وأنّه سبحانه ليس بعلّة لشيء بل هو الواحد.

أوجد ما أوجده إيجادا من لم يكن إلى فكان ما ثمّ أزلي قديم انتفت عنه الأوّليّة إلّا هو لا إله إلّا هو فجعل سبحانه للنفس الكلّيّة الّتي هي اللوح توجّها.

من حيث أنّه يريد إيجاد الأجرام النورانيّة وغيرها حتّى إذا حصّلت الاستعدادات لأشخاص أنوار هذه الأفلاك على حسب مقاماتهم ومراتبهم الّتي أهّلهم اللّه تعالى له وأهّلها لهم وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ.

توجّه العقل الّذي هو القلم عن إذن الواحد القهّار توجّه النّفخ.

فأوجد اللّه الأرواح الملكيّة في الأشخاص الفلكيّة.

فقامت حيّة ناطقة بالثناء على اللّه تعالى . ولذلك خلقها

ولنا في هذا النوع الملكيّ أبيات أوّلها:

روح من الروح في جسم من النور * كالماء أودعته في جام بلّور.

يعطيك ظاهره أسرار باطنه * كالمبصرات إذا ما فضّ في النور

له الجناح إذا ما شاء يبسطه * أو شاء يقبضه من غير تشمير

له اليدان له العينان نبصرها * في العين قائمة من غير تصوير

لواحد سدرة علياء يسكنها * وآخر همّه في النّفخ في الصّور

وثالث يقبض الأرواح كارهة * وواهب رزقه من غير تغيير

وخامس يسمع الأرواح دعوته * خير يجود وبخل خلق تدمير

هم الكثيرون لا يحصى مقاصدهم * ولا مراتبهم إلّا من الطّور

فمن على الطور يلحظ سرّ خلقهم * وفوقه سابح في ماء تنّور

وفرق بين النفخ والدّعاء.

ولهذا بيّنّا أنّ النفخ في البدء والإعادة فإنّ الإعادة كالبداءة سواء.

ولهذا قال : "كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ "

وقال في خلق عيسى عم الطير "فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي " وهو إيجاد مخصوص والدّعاء ليس كذلك كما قال لإبراهيم عليه السلام "ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً "

وما كان أذهب منهنّ شيئا إلّا فساد عين التركيب وأمّا الأجزاء فهي باقية بأعيانها.

وليس حكم الجوهر بعد زوال الحياة منه الّتي كان يحملها حسّا لنا مثل الجوهر الّذي لم يكن له ذلك أصلا .

مع أنّا نعلم أنّه ما من شيء إلّا سبّح بحمده إيمانا ولا نعلم الكيفيّة ولا يكون التسبيح إلّا من حيّ .


2AJ-Hc4BKsA

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!