و بعد هذا التجلي المتقدم يحصل لك هذا التجلي الآخر تستشرف منه على مآخذ كل ولي خاص مقرب وغيره ومآخذ الشرائع الحكمية والحكمية وسريان الحق فيها وارتفاع الكذب منها ثم يلقي إليك ما يختص باستعدادك من ما لا تشارك فيه فتمرض في هذا التجلي وتموت وتحشر وتنشر وتسال ويضرب لك صراطك على متن جهنم طبيعتك ويوضع لك ميزانك في قبة عدلك وتحضر لك اعمالك صورا امواتا واحياء على قدر ما كان حضورك مع ربك فيها ولست بنافخ فيما مات منها روحا في ذلك التجلي فإنها مثال الدار الآخرة وتعطي كتابك بما كان من يديك مطلقا وتري فيه ما قدمت فيرتفع الشك والالتباس ويأتي اليقين كما قال تعالى (وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰي يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ) بمعانية هذه الاشياء وهذه هي القيامة الصغري ضربها لك الحق مثلا في هذا التجلي سعادة لك وعناية بك وشقاوة ان ضللت بعدها فتكون ممن اضله على علم وهو قوله تعالى (وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰي يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ) فاعرف ما تشهد ولا تحجب بما اسدل لك من لطائف الغيوب والأسرار وتنزل هذه الانوار عن التحقيق بالمعاملات عند الرجوع من هذا التجلي الي عالم الحس وموطن التكليف فان الحق ضربه لك مثالا حتي تصل إليه بعد الموت عيانا فقد امهلك ومن عليك اذ ردك الي موطن الترقي وقبول الاعمال لتنفخ روحا في تلك الصورة الميتة فيكسوها حلة الحياة فتاخذ غدا بيدك الي مستقر السعادة فانه خير مستقرا واحسن مقيلا.