موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[فصل]

 

 


فنرجع إلى نفوسنا في هذه الحالة العمياء ونقيم عليها ميزان القضاء وأحكم على السواء بمرتبتها التي وجدت لها ومنزلتها العالية السناء، فأقول: يا نفس يا برزخا بين الضراء والسراء اصطفاك اللّه دون أهل الأرض والسماء وجمع لك بين يديه إما للشرف الذي لك عنده أو للإبتلاء ومحال أن يكون الشرف لقبضة الأشقياء وإنما الشرف فيه موطن في مقابلة الخصماء، فلم يبق أن يكون ذلك إلّا لمجرد الابتلاء قال تعالى: خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ، ولم يقل ليشرفكم خطاب يشمل جميع المأمورين والأمراء فمن نصب هذا المنصب وذهب به هذا المذهب كيف يطيب له معاشه أو يستقر به فراشه وهو لا يدري أي اليدين يحكم عليه وبأي العين من العينين ينظر إليه، فواجب عليك يا وليي محافظة السر والوقت مخافة أن يفاجئك نظرة المقت وأنت لا تشعر، بذلك فتكون عند الناس السعيد وعند اللّه الشقي الهالك وحكم اللّه أمضى وحاكمه أقضى فالويل لمن اغتر ولو بشر والويل كل الويل لمن اغتر وهو لم يبشر.

هذا عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه) الصلب القوي الذي ليس للشيطان عليه سبيل حسب الشيطان أن ينجو منه نزل القرآن موافقا لحكمه وأداه أن يقول “ لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا “ ما يعرفه من إيمانه وعلمه قد جمع بين العلم والعيان وتبرز في صدر المشاهدة الأعيان ليس أحد من وقته إلى يوم القيامة يبرز أمامه ولا يكون في حالة من الأحوال أمامه، قد اهتز لموعظة أويس القرني خير التابعين همة وقال ما أداه إليه كشفه وعلمه المعصوم: ليت عمر لم تلده أمه، فكيف ينبغي أن أقول أنت وأنا إلى متى هذه القبيحة على اللّه تعالى أما آن لنا أن نرجع أما حان لنا أن نرعوي ونقلع وقد دعينا بالعارفين باللّه ونحن في حزب إنا للّه أترضى لنفسك أن تكون صاحب حال فيحكم عليك هواك وتغلب عليك دنياك ويلتبس أن ذلك من مولاك هلا أقمنا عليها ميزان العدل وطالبناها بصحة النقل فإنها لا تخلو في إتساعه في دنياها بعد ضيقها وراحتها بعد جهدها من أحد أمرين، إما أن تكون في ذلك تستر مقامها عن الناظرين وتعمى مكانتها عن أبناء الدنيا المفتكين وتصول بذلك على المترفين وتسعى في الكسب حتى لا يكون عليها يد لأحد من المحجوبين، فإن كان هذا فياجهل هذه النفس ويا حسرتها فلا حال لها ولا مقام عظمت الدنيا وأبناؤها في عينها فصادمتهم وقابلتهم وأين هي من جناح البعوضة ومن تشبيه النبوة لها بالمزبلة والجيفة إلى هذ بلغت منزلة هذه النفس الركيكة مع دعواها أنه السيدة الملكية إن كنت تقول الحق وعزمت على مصادمة الدنيا ومنازعة أبنائها فاستند إلى الحق في خرق العوائد، فإن الناس كلهم ينفقون من الجيب وصاحب الحال إنما ينفق من الغيب، فإذا رأيت نفسك تحيد عن ذلك فلا تغالط وكن لها المجاهد والمرابط ولا يغرنك حالة طرأت عليك في بدايتك وافقت وقت صدق منك، فتخيل أنها أبقيت عليك والعادة طبيعة خامسة وما عسى الدني وأبناؤها حتى تشاركهم فيها وتقول أرى أن لا يأكلوا عندي ولا آكل عندهم ول يزوروني ولا أزورهم: كل ذلك حظ نفساني وتلبيس شيطاني فإن كنت عبدت اللّه لتعبك، فقد حصل لك أجرك في الدنيا، وساء منقلبك في العقبى، وإن كنت عبدت اللّه لحظ نفسك في الآجل إم لكونها عبدا فتحشر مع النبيين وإما لكونها أجيزت الحسنة بعشر أمثالها فتحشر مع المؤمنين فأزور، وأزار وأقصد وأقصد، وهذا حال النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور ويزار ويحمل الكل ويعين الضعيف ويقري الضيف ولا يبيت على معلوم ولا يجزع من الفقر.

ألا إن الفقير العارف من لا يبكي غده من أجل رزقه فكيف من أجل خلقه وبهذ تغالط النفس فتقول إنما أمسك هذا الشيء في حق الغير ل في حق نفسي، قال اللّه تعالى يكذبها: ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَم أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، ومحال أن اللّه يطعم فلم يبق إلّا أن يطعم من أجله، فمنع من ذلك السادات الكبراء وأبقى في حالة العامة الضعفاء ونفسي تدعى الخروج عن العامة فقد لزمها أن تخرج من السعي والإدخار في حق الغير، فإنه شرك محض، وطعن في القدرة كما أن المتسبب إذا لم يقدر على الجلوس مع اللّه مطعون في إيمانه فهذا هو الأمر الواحد من الأمرين فقد بطل دعواها فيه في اتساعها في الدني بعد تضييقها وإن كان يريد الإنصاف من نفسه، وهو عند الأكابر مقام نازل ولكن لهذا أن يفعله فإنه ليس من الأكابر حيث رأى للدنيا وأبنائها حظا وقدرا فيصول عليهم ويتعزز هلا شغلته عبوديته مع عزة اللّه عن عزته مع ذلة الخلق، ولقد فاته حظه من اللّه - نسأل اللّه جميل العاقبة - وأن يطعم الخلق ول يأكل منه ألبته فإن أكلل فلنفسه سعي ولها أدخر.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!