موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[فصل]

 

 


فافهم ما أومئنا إليه من صفة الجلال وتمهدت المملكة باليدين وظهر وجوده في العين على التوحيد المطلق من حيث كل واحد منهم يرجع خلقه إلى يد واحدة فعبد ربه من حقيقته واشتغل بطريقته فلم تتصور معصية ولا مخالفة إلى أن خلق الإنسان بيديه وهداه نجديه وأوضح سبيله وأظهر به كلمتيه وبان به عن قبضتيه، فنظر إلى العالم ونظر إليه العالم في مملكتيه الكبرى والصغرى فعرف كل واحد ما رآى منه لأنه رآى ما يقابله فالساكن من العالم في الجانب الغربي رأوا أسفله فلم تقدم عندهم قيمته فظهرت في ذلك قبضتهم ليعلموا أنهم أشقى والساكن من العالم في جانب الطور الأيمن رأوا علوه فقامت عندهم عظمته وظهرت في ذلك قبضتهم ليعلموا أنهم سعداء، ثم لما كانوا في نور التجريد لم يستطيعوا أن يعرفو نور التمريج ولما كانت حقيقتهم صادرة عن اليد الواحدة شهدوا لأنفسهم بالتقديس والتحميد ولما رأوا توجه اليدين على الإنسان عرفوا أنه ل بد من المنازعة لإمضاء الحكم، وإذا كانت المنازعة فلا بد من الفساد فنظروا حق وقالوا صدقا (صلوات اللّه عليهم) فأعرض اللّه عن إجابتهم في نفس كلامهم إعراض صحيحا من جهة جعلهم الكل جزءا وحكموا عليه بصفة النقص فتركهم الحق وما عدلوا إليه، وأراد أن يبين لهم حقيقة ما فطره عليه وأن الإنسان هو القبضة الجامعة للعاصية والطائعة وأن كل العالم على النصف منه فهو أيضا على النصف من الحضرة الإلهية، وأن الإنسان كل فهو على الكل من الحضرة الإلهية فجمع له بين يديه لتكمل صورته وتصح خلافته وتبين مرتبته ويعلم أنه أشرف موجود وأعلى مقصود ولهذا مدحه لمن نظره بعين النقص - ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي - في معرض الثناء فعرض في أدبه بغيره وهو الذي حكم عليه بالفساد وسفك الدماء، فما أحسن أدبه عرض في آداب الملائكة بإبليس فطالبهم بعلم الأسماء، وجعل الإنسان عالم العلماء وعرض في آداب إبليس بالملائكة بخلقه بيده المقدسة والبيضاء فاتعظ إبليس بأدبه وآداب الملائكة واتعظت الملائكة بآدبهم وأدب إبليس فهؤلاء اتعظوا بامتثال الأمر ففازوا، وهذ اتعظ بعد المخالفة فما نفعته موعظته وخسر فلا شيء أنكا على إبليس من ابن آدم في جميع أحواله في صلاته من سجوده لأنها خطيئة، فكثرة السجود تحزن الشيطان وطوله وليس الإنسان بمعصوم في صلاته إلّا في سجوده فإنه إذا سجد تذكر الشيطان معصيته فحزن فاشتغل عنك بنفسه، ولهذا قال (عليه الصلاة والسلام) “ إذا سجد ابن آدم اعتزل الشيطان يبر يبكي “ فالعبد في سجوده معصوم من الشيطان وليس بمعصوم من النفس فخواطر السجود كلها إم ربانية أو ملكية أو نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل وإذا رفع من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه واشتغل بك ولعل وليي (رضي اللّه عنه) ، يقول والنفس أيضا تزول في السجود والملك يزول ولا يبقى إلّا الحق فإنه يقول وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فقد صحت القربة بالسجود وفني الساجد بالموجد عن الموجود فأقول له نعم يا وليي ما نظرت وبحالك ومقامك قضيت، ونحن إنما نتكلم بما تعطيه الحقائق وكيف ارتبطت الدقائق ولو كان الأمر على ما قاله وليي لكان كل إنسان في سجوده باللّه عارفا ومعه واقفا فانيا عن الإحساس بعيدا عن الالتماس ولم يصح منه دعاء ولا ثناء ولا تضرع ولا بكاء فإن التضرع والدعاء نداء على رأس البعد بالحجاب، والمشاهدة للبهت غير اكتساب، فإن وجد وليي مقام البهت في سجوده فتلك حالة لا تطرد حكما فإن غيره في سجوده يقول رب اغفر لي مغفرة عذبا فهذا مع الملك حتما وآخر في سجوده يتحدث مع شريكه في دكانه حربا وسلما فهذا مع نفسه إما وإما...

رجعنا إلى كلامنا فأضاف الإنسان إلى يديه ووكل أمره إليه وسخر له ما في السماوات وما في الأرض وحجبه عن التوكل إليه فظهر الإنسان لنفسه في نفسه إمام فالسعيد من لازم الباب لرفع الحجاب والشقي من نبذ ذلك الباب وراء ظهره فحسبه جهالة ما جهل من أمره لا ما جهل من غيره، ولما قام الإنسان خليفة في الأرض دون السماء لحملها العالمين على السواء فقد جمعت جميع العالم وهي أقل الأجزاء فمن ولي الأرض ولي السماء والنار والماء والهوى ومن ولي السماء فما ولي الأرض وما له من الميزان سوى الرفع وليس له نصيب في الخفض.

دليلي على ذلك أيها الولي المالك أن الأرض تحمل الملائكة الكرام وليس السماء يحمل للشياطين ولا لعوالم الأجسام ولهذا كانت الأرض حضرة الخلافة ومنزل الخليفة والسماوات فردوس من فراديسه ومتنزه من متنزهاته سرح روحه القدس فإن السماء -وأعني به العالم العلوي - موجود من الرحمة الخالصة، وإن الأرض - وأعني به السفل - حيث أنزل آدم عليه السلام بعد - أحسن تقويم - إلى - أسفل سافلين - موجود من الغضب الخالص، فإن قلت فهذه الرحمة الظاهرة فيها فتلك رحمة الإنسان ولهذا إذا لم يبق إنسان عليها زالت الرحمة بزواله وتوجه عليها فأعدم عينه وهلكت في الهالكين وانتقلت العمارة إلى الدار الآخرة بانتقال الإنسان، فإن قلت وقبل الإنسان قد كانت الأرض موجودة فذلك لحقيقتين لأن ذلك كان زمان التمهيد للخليفة والحقيقة الأخرى لحقيقة البرزخية فيها لأنه تشبه العدم لكونها تؤول إلى الفناء وتشبه دار البقاء لأنها قد وجدت يوما فهذه النفخة الرحمانية في الوجود هي التي أمسكها حتى ظهر الإنسان فافهم، ولا تقتصر بهذ على آدم عليه السلام فحسب فكل صالح من المؤمنين وغيرهم في وجوده قطب ولم يبق إلّ خليفة جائر وخليفة عادل فإما إلى عذاب غير زائل وإما إلى نعيم طائل ومن هنا وقع الخوف على الخلفاء وأنت وأنا من جملتهم...



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!