موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[عرض النفس على القرآن والسنة]

 

 


ثم اعرف وليي (أبقاه اللّه تعالى) فيما طرأ بيني وبين نفسي رأيت في هذه البلاد مسجونة مقهورة فإني كما يعلمه وليي ممن يقول بوجوبها ولا يصح عندي أبد موتها عن صفاتها لمعرفتي بحقائقها ومكانه.

ولما رأيت اللّه تعالى قد فتح إلى قلبي باب الحكمة وأجرى فيه بحاره وسبح سري في سبحها حتى إني واللّه لأنظر إلى معظم البحر إذا اشتدت عليه الرياح الزعازع فعلا موجه وارتفع دربه ثم انظر إلى تموج بحر المعارف والأسرار في صدري فأجد معظم ذلك البحر بما وصفناه من تلاطم الأمواج واشتداد الرياح ساكنا لا حراك به عند تموج بحر الحلم في صدري واصطفاقه لا سيما في مكة المشرفة فداخلني من ذلك رعب شديد وجزع عظيم وخوف متلف فعزمت على قطع الميعاد وأن لا أقعد للناس فأمرت بالقعود والنصيحة للخلق قسرا وحتما واجب، فقعدت رفيع الكلام مصلت الحسام ثم أخلو بنفسي حيث مسكني فآذن المواهب بالحال التي أنا عليها وفيه فلا أجد بينهما نسب يربط ولا سبب يضبط فخفت واللّه ي وليي مكر اللّه بي واستدراجه إياي فخلوت بنفسي وقد داخلني من ذلك ما لا يعلمه إلّا اللّه تعالى، ولا أجد طريق أدخل منه لتمحيص نفسي وقد انسدت على المسالك بفنون الحقائق الأول والمعارف إلى أن لطف اللّه بي برؤيا رأيتها وجدت بها الظفر على نفسي وإقامة الوزن عليها وذلك أني رأيت في منامي كأني أدخلت الجنة فلما حصلت فيه، ولم أكن رأيت نارا ولا حشرا ول حسابا ولا شيئا من أهوال القيامة وجدت في نفسي راحة عظيمة لا يقدر قدرها وسروره وحمدت اللّه تعالى.

فلما استيقظت علمت أن في حالي بعض اختلال وأن نفسي أدعت فوق حالها من جهة ما أعطاها اللّه من العلم، ولو كانت متحققة بالحق تحققا عقليا مقدسا إلاهي يغنيها عنها لم تلتذ بدخول الجنة ولا عقلت الراحة وأشغلها التنزه في جلال اللّه عن النظر إلى راحته والتفاتها إلى نجاتها من أهوال الوعيد فأرادت تقيم على الحجة القاطعة من جهة تقسيم الحقائق الإنسانية ومراتبه فلم أسمع لها وقامت حجتي عليه وآذنتها بقصورها وعظيم دعواها في شيء هي دونه وحمدت اللّه الذي أظفرني بها فقلت لها يا نفس وعزة من جبلك على المخالفة وجعلك محلا لكل وصف مذموم لا أتركنك على دعواك حتى أعرض أحوالك كلها على كتاب اللّه تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن وافقت ذلك ولم أجد منك خللا سلمت لك فيما أردت أن تقيمي عليّ من سلطانك واللّه تعالى يقول: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

وقال ابن مسعود (رضي اللّه عنه): كن أنت المحدث إذا سمعته يقول: ي أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن وجدتك دون ذلك فأنا ألطف بك وأرحمك بأن أمشي بك على أحوال أهل الصفة الذين تنتسبين إليهم وعلى أحوال الصفوة من الصحابة الأعلام فيهم فإن خرجت مع واحد منهم في حال ما فأنا أنزل معك وأرضى عنك وإن لم أجد مشيت بك على تابعيهم على نحو ما فعلت بك مع الصحابة فإن قصرت عن أحوالهم مشيت بك على تابعي تابعيهم وتابعي تابعي تابعيهم فإم أن تقفي مع واحد منهم وإما أن تقصري عن شأوهم فالنار أولى بك واجعل حكمتك ومعرفتك كدرهم زائف عند صيرفي ناقد فقالت لي (وقالت بعض حق) ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعرض حالي مع حاله أدبا معه فإن فلك النبوة ليس لنا فيه قدم ولا تقوم لك به على حجة فإنه البحر الذي يغترف منه الخاص والعام فإن شددت علي به رخصت أنا على نفسي به وتتعارض الحجج وكل سنة وأنا أسقط لك الدعوى من أول وهلة وأهجم على الرخص واتخذها سنة كما وردت واقنع بالنجاة من النار خاصة واحرمك التنزل في المنازل العلا فيما بقي من عمرك.

وكذلك القرآن فإنه البحر الأعظم الذي لا يدرك قعره إذ ليس له قعر فيدرك ولا ساحل فيبلغ فيه هلك الهالكون ونجا المفلحون قال اللّه تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً تاللّه لو عرضت الملائكة والنبيون والمرسلون أجمعون أحوالهم على آية من القرآن على حد ما يعلمه اللّه من أسرار ما أودع فيها من الغيوب لبقي الكل إلى جانبها كلا شيء عندها لقد في أول آية منه:

وهي قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يتيه العالم أسفله وأعلاه لا يعرف طريقه أبدا ولا يفي أحد بحقيقته، فإن في الغيب أمورا لو بدا منه لمحة بارق لأعلى عالم مشاهدة من العالم وأقواه إيمانا لترددوا فيها واتهمو إيمانهم فهم جهلوا الأسماء فما ظنك بما تنطوي عليه المسميات من المعاني وذلك لعلو الأمر عن مراتب العقول وانفرد الحق بالخلق والإيجاد دون الخلق.

ولهذا قال اللّه تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ولما لم يكن لنا علم فما أعطانا فمنة منه وعلمه لا يتناهى فليس بإنصاف منك أن تعرض حالي على كتاب اللّه الأقوى الأقهر ولكن حسبك من دون القرآن والنبوة من المؤمنين فخذ معي في مراتب الولاية وأنا المنقادة السميعة السهلة المطيعة أرجع معك علي باللائمة إن قصدت وأنصفك من نفسي أن أحصرت ولا تبقي في محل الغبن والخسران فإنك أنا، كما أنا أنت، فلست غيري ولست غيرك، وما لك على حجة وقد أعطيت يد الانقياد في التمحيض والاختيار فتعجبت واللّه من نفس تنقاد لهذا المقدار فتلوت كلامها وما جاءت به فوجدتها قد انطوت على مكر وخداع وأمر هائل لا يستطاع وقد شابت الأمر بالشرك وأبطنت الحرب في السلم فتعاميت عنها في ذلك.

وحررت نفسي معها في المناظرة ولم انتق لها من أحوالهم إلّا ما لم يخطر له على بال ولا اتصفت به في حال وعدلت عن كل حال رأيت لها فيه بعض اشتراك ولو علمت أني أجد وليا من أولياء اللّه تعالى لم يمتز عنها بحال البتة لم أناظرها بأحوالهم ول أخذت من مناقضتها ابتداء في سهولة انقيادها وإظهار نصيحتها وتركتها بتعرضه لمعرفتي بنقصها وانه تعجز عن ذلك.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!