موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[فصل]

 

 


أواه ثم أواه على أسرار تظهر وأقمار تزهر ولا عيون تبصر ولا ألباب، تشعر غار صلى الله عليه وسلم أن نتخذ من دون اللّه ندا وأن نصمد إليه في الحوائج صمدا لما كان الحق إلى جميع العبيد أقرب من حبل الوريد ثم أسدل بيننا وبينه حجاب الرسالة وجعل بيدها مفاتيح الكفالة وكتب لهم بها مرسوم الوكالة فنظرت القلوب إلى أيديهم وما برحوا وبسط ناديهم، فإذا انقضت الحوائج أسرعوا في الإدلاج يا لها من حسرة ويا شؤمها من فترة حيث لم يقدروا قدره الواحد ضمن له همه ومع تصحيحه لذلك فاته يومه فعاش على النصف من عمره وبهذا زاد على غمره والآخر أشرك في تحصيل الأبناء تعمير الوعاء حتى كأن الجميع ليس لهم خالق وأن هذا الرسول هو الواحد الرازق رضي اللّه عن الصديق الأكبر صاحب السر العلم الأزهر في قيامه على منبر الطرفاء يوم الداهية الدهياء بموت سيد الأنبياء أمين الأمناء وعلم الاهتداء وقد ذهل من كان عندنا أقوى الأقوياء فما ظنك بالضعفاء وصار الرفيق الأسيف على مذهب السيدة الحميراء لما كان يظهر عليه من شدة التلهف والبكاء فكاء أضعفهم عينا وأقواهم في صميم السويداء فقال من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد اللّه فاللّه حيّ لا يموت ثم تلى استشهادا على مقالته الزاهراء، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى آخر الآية الغراء ثم تلاها بقوله جلّ ثناؤه إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ، ثم خاطب جميع الخصماء فهذه القوة الإلهية من زهده في القوت وسوقه جميع ما ملكته يده للّه ورسوله فملكه مفاتيح التابوت فمن غيرته عليه وأمانته إخفاؤه إيّاه إلى يوم فقد صاحب رسالته ففتح تابوت صدره وأبدى مكنون سره، ونبه بعلمه على مكانته من اللّه وقدره وأقر له الفاروق بالشرح لما بدت لعينه أعلام الفتح ولم يزل الصديق مفتوحا له قبل ذلك من حين ملك المفتاح ورسم ديوان الممالك وإنما كان ينتظر رحلة السيد صلى الله عليه وسلم إلى حضرة المحبوب الرفيق الأعلى المالك فحلاه بزينته لما شاركه في نوره وطينته ثم سلك في الهين واللين على مدرجته لما دعى له أن يكون معه وفي درجته ثم أبان له برهان الموافقة بما ذكره عن نفسه صلى الله عليه وسلم وعنه إلى المقام من المسابقة فسبق النبي صلى الله عليه وسلم الصديق ولذلك قيل له هناك قف إن ربك يصلّي بصوت عتيق فاستأنس وحن من جهة إحساس البدن وقد اتضحت أسرار ولمعت في علية هذا الوجه بوارق الأنوار فنرجع إلى قيامه صلى الله عليه وسلم بين وزيري جمال وجلال فأشار إلى وزيره الموهوب والعبوس القطوب أن قد ظهرت سطوتك على الأعداء الغمر بالهلاك والدمار بين صباح رعود ومرهفات بروق وسهام أمطار، فأمر العسكر الجرار الجنح فقال لم يهلك سلطاني ولكن سمح فتبسم الجمال وقال صدق يا رسول اللّه وصدقت وبالحق نطق صاحبي وبه نطقت فإنا تألفنا من غير شتات وحيين بلا تقدم ممات أنا أظهر لك صدق صاحبي فيم ادعاه، وأبدي متنزها عجيبا إلى مقلتك النجلاء مما حواه غصنه ووعاه فأرسلهم خديمين في العالم أمينين خليلين نديمين وانصرف السيد إلى حضرة العين وغاب بلا كيف حيث لا أين فلذلك لم يروا منه صلى الله عليه وسلم إلّا صورته المشهودة والحركة المعروفة بينن، المعهودة فقلنا م شهد به علينا من الأوراق وسارت به الركبان والرفاق وتلى في المكاتيب والمنابر والمحارب في جميع الآفاق.

ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ عثرة لا تطاق وصيحة ما لها من فواق يعاينها قائلها عند السياق إذا بلغت النفس التراق وقيل هل من راق وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ وأيقن بالفراق.

ولكل واحد من هذه العشرة حظ يراه إذا كان إلى ربه المساق فعليكم بالإيمان الصرف على غاية الجلاء وإلّا واللّه فقد نشر الميثاق وأخذتم بضيق الخناق. خرج أبو داوود في مراسيله في هذا الباب عن شريك يعني ابن نمر عن عطاء بن يسار أن رجلا من نجد أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللّه أجدبنا وهلكن إن لم يدركنا اللّه منه برحمة فادع اللّه يغيثنا فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرجع الرجل وقد مطروا فأحيوا عامهم ذلك ثم رجع من عام قابل فقال يا رسول اللّه دعوت اللّه فأحيين عام الأول فادع اللّه لنا فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غيث كغيث الكفار، لا: ارجع.

ما أعظم ما تحويه هذه اللفظة من الأسرار لما علم صلى الله عليه وسلم أن نزول الأمطار عند اللّه بمقدار وأن ذلك لم تجدر بنزوله الأقدار ردعة بقوله أغيث كغيث الكفار فادرج له العلم في موعظة زاجر وألصق استمرار الرخاء والسعة بالأمة الكافر وإن المؤمن يتقلب في نفسه بين شدة ورخاء وفي قلبه بين خوف ورجاء ليهرب إلى التقليل والزهادة من دام عليه في الدنيا في مأكله ومشربه نعيمه فليتحقق أن ذلك النعيم عذابه وجحيمه فيفرح المقل بفاقته ويستعمل نفسه في الشكر عليها جهد طاقته ويتنغص له عيش الغني فيؤجر في تنغصه ويحرضه على التروح بتبديد المال في ذات اللّه أو تنقصه فيالها كلمة واحدة عمت القبضتين وانسحبت على الطائفتين لقد أوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب والحلم استشهادي له في توقفه عن الإجابة، وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ وَما نُنَزِّلُهُ إلّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ، فتأمل يا وليي سدد اللّه نظرك ما تنطوي عليه هذه الإشارات وما تتضمنه من المعارف والأسرار والمقامات هذه العبارات ولما سمعت النفوس إيرادي لهذه الشذور وإبرازي هذه الأسرار المخدرات من خلف هذه الستور تيقنت أنها في تبان وأن عليين إنم هو الأولى الألباب فألقت يد السمع والطاعة على ملازمة السنة والجماعة والإقرار بالفضل والسبق للمتقدم فإن ذلك هو الإمام المعلم وأيقنت باقتراب الساعة ونفاد أيامه لظهور شرائطها وأعلامه، يقول من كرم هذه الأمة وفضلها: إن من شرائط الساعة أن يلعن آخر هذه الأمة أولها وقد رأينا في هذه البلاد من هذه الشرائط كثيرا وليتهم وقفو مع سب أولهم من جنسهم ولا يتعدون من ذلك إلى ما هو أعظم منه فو اللّه يا وليي لقد قرع سمع أخيك سب عيسى عليه السلام وسب بعض الصحابة الكرام وسب اللّه ذي الجلال الإكرام، وأما المدعون في هذه الطريقة فقد قاربوا الخروج من الجماعة بل خرجوا فطائفة بلغني عنهم أنهم استغنوا عن شفاعة الرسول (عليه الصلاة والسلام) لما تحققوا به مع الحق من حقائق الوصال ولو رأيت أحوالهم لرأيت نقيصه الكون وما تسخن به العين وقال من تبرز فيهم إماما وهو لا يعرف ما خلق له ويدعي الكشف الأتم مع الحق فقال إن الجنة لم تخلق هكذا أعطاه كشفه المكشوف وعقله السخيف المتلوف وأما وليك فسمع واحدا وقد عاب عليه بعض أصحاب السماع لمثلي يقال هذا إن جبريل لا يحسن يسمع مثلي ولا الملائكة فقمت عليه في ذلك فتاب واستغفر اللّه وأناب، فهذه قلوبهم الحاضرة ووجوههم الناظرة إلى ربها الناضرة ! ؟



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!