موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[أبو الدرداء (رضي الله عنه)]

 

 


قلت لها: نعم هذا أبو الدرداء (رضي اللّه عنه) روينا من حديث أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه حدثنا أيوب السختياني عن أبي قلابة قال أبو الدرداء (رضي اللّه عنه) إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها وإنك لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في جنب اللّه ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس.

وكان أبو الدرداء (رضي اللّه عنه) من الذين أوتوا العلم ناشدتك اللّه ي نفس هل كنت قط على ما أشار إليه أبو الدرداء قالت كنت على بعضه لا كله قلت لها فقد نقصك من الفقه على قدر ما نقصك منه فقد ثبت جهلك قالت صدقت ولكن أشرح لي قوله قلت لها نعم سمع وطاعة أما قوله إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها تحت هذ الكلام بحور طامية وأسرار عالية عمادها الذي يرجع إليه معرفة القرآن ومنزله وتنزله، وليس هذ المكتوب بجملته لما بني عليه من الاختصار فأما الوجوه يا نفس التي يكون بها فقيه من رآها فهي كثيرة نذكر منها وجهين أو ثلاثة فمنها المسألة التي كن فيها في سماع الشعر وذلك أن الإنسان له أحوال كثيرة يجمعها حالتان مسميتان بالقبض والبسط وإن شئت الخوف والرجاء وإن شئت الوحشة والأنس وإن شئت الهيبة والتأنس وغير ذلك فمتى أتصف الإنسان عارف كان أو مريدا متمكنا أو متلونا بحال من هذه الأحوال فإنه من المحال أن يتصف بها عبد من غير باعث ولا داع إليه إلّا في وقت ما وهو مقام ومفزع نص عليه الشيوخ وهو أن تجد قبضا أو بسطا وتجهل سببه فالمحققون يخافون من ذلك أن يمكر اللّه بهم فيه فمتى تصف الإنسان بشيء من هذه الأحوال فلينظر من داعية إلى ذلك ومن سلطانه فإن كانت آية من كتاب اللّه فإن حاله انبنى على أصل صحيح وبيان ذلك إن النفس ليست بمحل للقرآن الكريم فإنه يثقل عليها بطبعه وحقيقتها وهنا تفصيل فإن القرآن يعم الحقائق كلها والنفس من جملتها فلا بد أن يكون لها فيه نصيب وما بقي إلّا تعيين ذلك النصيب من غيره وكنا نذكره لولا المدعي يأخذه فتركناه لهذا السبب والشيطان أبعد من أن يكون له حال فيك فإن الشيطان ليس له منك من يأخذ منه إلّا نفسك وهي قد أبت عن حمل القرآن لضعفها عنه فمن المحال أن ينبعث عن القرآن حال من الأحوال من الشيطان أو النفس البتة وتعرف عند ذلك أن الحال في العقل والعقل في الروح لا في النفس وأن الروح صاحب الملك وأن الملك صاحب العلم والفراسة والإلهام واليمنى والآخرة والذكر والحق واليقين، فلا بد أن تكون في حالك الذي قام بك من القرآن صاحب علم أو شيء مما ذكرناه لك فلهذا أشار الجنيد (رضي اللّه عنه) علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ولهذا قال اللّه تعالى إن في، ذلك لآيات لأولى الألباب ولأولي النهى ولقوم يعقلون كما إنه إذا أنبنى الحال من الشعر والسماع والصفق والألحان إنما يتلقاه من الهوى والهوى في النفس والنفس صاحبة الشيطان الذي الشعر نفثه على ما أخبرنا به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلّا ما تعلق منه بتوحيد اللّه عزّ وجلّ فهو محمود من محامد النفس خاصة ما زال انبعاثه من أصله وأن الشيطان للنفس بمنزلة الملك للروح فكما كان أمينا على الأوصاف التي ذكرنا بعضها كذلك الشيطان في مقابلة صاحب الجهل والملك في مقابلة صاحب العلم والظن في مقابلة الفراسة والوسوسة في مقابلة الإلهام والشمال في مقابلة اليمين والدنيا في مقابلة الآخرة والغفلة في مقابلة الذكر والباطل في مقابلة الحق والشك في مقابلة اليقين والمعصية في مقابلة الطاعة والتشبيه في مقابلة التنزيه والشرك على مراتبه في مقابلة التوحيد وغير ذلك مم تضيق هذه العجالة عنه فإنه باب واسع هذ أنموذجه وكل حال ينبعث عن القرآن فلا بد أن يعلو بصاحبه إلى أحد هذه المنازل على قدر السماع ومعنى ينبعث عن القرآن لا يزول سامعه عن المعنى الذي نزله له القرآن لا لخيال قام به عند تلاوة القرآن في معشوقه أو المرأة التي اتخذها أختا على دعواه ولكل هذا شروط وكل حال ينبعث عن الشعر والسماع فلا بد أن ينزل بصاحبه إلى أحد هذه الدركات وسر ذلك أن أصل انبعاث القرآن كلام اللّه المقدس الذي ما اعتراه قط نقص نفس ولا تدنيس ولا جاز عليه ذلك فمن المحال أن يعطي إلّا بحسب طهارته. وأصل انبعاث الشعر كلام المخلوق والناقص الدنس الذي ما صح له كمال طهارة لامتزاجه فالغاية في الشعر أن يكون ممتزج لا تكمل طهارته أبدا فمن ثم إلى الآن لم يزل في النقص والتدنيس فمن المحال أن يعطي حالا ناقصا دنسا. هذا حالة العارفين المكملين فيهم ومعهم أتكلم من السادة الكبار يعرفون هذا من نفوسهم وأما من نزل عنهم من المدعين والمريدين فلا كلام لنا معهم.

ولهذا قال أبو يزيد البسطامي (رضي اللّه عنه) في سماع العارفين مطلق يحكم على مقام أهل السماع أنهم أهل الكدية واستعاذ باللّه منه كما استعاذ من طي الأرض والمشي على الماء وفي الهوى وسأل أن يهيئه اللّه لشيء من أشيائه أي سر من أسراره، فلو تبدلت هذه الأسرار في السماع لما استفاد منه مثل أبي يزيد وقال في حق المريد إذا رأيت المريد يميل إلى السماع فاعلم أن فيه بقية البطالة فجعل محله للمريدين البطالة وللرجال الكدية، وإنما سقت كلام أبي يزيد (رضي اللّه عنه) لم وصلني عن بعض الناس من المقلدين في بعض الطريقة أنه قال لما سمع مني الإنكار في السماع وقد أوضحت له حقيقته حتى اعترف بها فقال تقليد بتقليد والأولى أن أقلد الشيوخ المتقدمين الذين قالوا بالسماع، ولهذا سقنا كلام أبي يزيد لكونه من المتقدمين وأن كلامنا موافق له ولقد بلغني من ثقة عن رجل من المتمشيخين لا من الشيوخ كان يلازم مجلسنا فسمعن نتكلم في السماع واجازته وأنه مباح وبينا نقصه في المقامات واين ينتهي بصاحبه فغضب وانقطع فسألت عنه وما شأنه فقيل إنه قال قد كان الشيوخ يسمعون مثل ابن الدقاق وغيره فلم أدر قبل مما أتعجب من جهله في حكمه على الحق بالرجال والرجال لا يعرفون إلّا بالحق لا الحق يعرف بهم فهذا جهل محض وتقليد صرف ومن هذه حالته في العلم كيف يرجى فلاحه في نفسه أو كيف يتصور أن يفلح به غيره أو أتعجب أيضا من عدم تحصيله لم أوردناه في السماع فإن لم نحرمه بل أبحنا الشعر والغناء على القدر الذي جاءت به الشريعة ثم تكلمنا في نقصه من المقامات وأين منزلته والفرق بينه وبين غيره كما نفرق بين التوكل والزهد أي الذي ينبني على معرفة التوكل ما هو والزهد ومقامه وأن المتصف بصفة ما يكون بحيث مقامها ويتميز في أهلها وقد سمعت من أبي محمد عبد العزيز المكتوب له هذه الرسالة (رضي اللّه عنه) إشارة عجيبة لا يعرفها إلّا متمكن متحقق جدا في قوله تعالى: وَم كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولً، فقال (رضي اللّه عنه) سر هذه الآية في قوله لبشر ولا يكون بشرا إلّا من غلبت عليه البشرية، وفي الآية عندي تفصيل عجيب في نساء يوسف عليه السلام ما يؤيد إشارته ما هذا بشرا إن هذا إلّا ملك كريم وعندنا من الدلائل عليه ما لا يحصى فهذ من بعض وجوه القرآن الذي نبه عليها أبو الدرداء (رضي اللّه عنه) ومنها أن يردك إلى الحق ويصرفك عن الخلق في معاشك وما ضمن لك وغير ذلك مما تحذر وترجو فإن القرآن يحرضك على هذا وكذا فعل أبي الدرداء بآية قرأها قال فأردت أن أجمع بين العبادة والتجارة فلم يجتمعا فأخذت في العبادة وتركت التجارة يؤيده قول اللّه تعالى لموسى عليه السلام أطلب مني كل شيء حتى الملح تلقيه في عجينك وهذ المقام هو الذي أخذه سالم عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم ذكره، وهذا يعني ما في كلامه.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!