موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

رسالة روح القدس في مناصحة النفس

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

[فصل]

 

 


ناشدتك اللّه يا نفس فهذا مجلس حق فأصدقيني هل سمعت قط كتاب اللّه يتلى فلم تهتدي فلما أنشد شعرا اهتززت وجننت وأخذك الحال، فقالت واللّه ذلك ديني ودأبي أبدا وأزيدك واللّه ما هو انحس من هذا مما أنا عليه إني أقرأ القرآن ويدركني العياء وأقول لك واللّه لا أقدر على شيء وقد ضعفت وكل خاطري فتجيبني إلى ذلك وتترك المصحف من يدك أو التلاوة من لسانك فما تليت أن نبهتك على مقطوعة من كلامك أو كلام غيرك في أي فن كانت فتفتح فاك بها وتنشده وتترنم فيها وترتلها مترسلا على طريقة تستحسنها نشيطا طيب النفس ما بك من كسل ول عياء فلو كان ذلك الكسل والعياء حقيقة مني لاستصحبك وإنما ثقل على القرآن، وكنت أجعلك في تلاوته تحدر ولا ترتل عسى تستريح وكذلك في أوراد العبادات التي يستحب التثبت فيه وذلك كله خديعة مني بك ترى هكذا حالة المؤمن لا واللّه بل كلام اللّه للمؤمن ألذ وأشوق إلى سماعه من الظمآن للماء الزلال فإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ على نقص الإيمان بل واللّه على ذهابه، يا شؤم نفسي ويا حسرتي ويا أسفي كم مرة واللّه سمعت آية من كلام اللّه، فثقلت علي ومججته وكم واللّه رنة شعر سمعتها فاستعذبته أخاف اللّه ي وليي على نفسي وعلى من هو مثلي أن ينقل اسمه من ديوان المؤمنين إلى ديوان من قال فيهم الحق جلّ وعلا وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، وقد اتصفت بهذا يقول القول زخرف القول وغروره فأهتز وأقوم وأقول لك شاباش هذا واللّه حسن فأقسم باللّه كاذبا ول يزال الملعون من شيطان يرقصني كم يفعل صاحب القرد بقرده فإذا أخذ حاجته مني صفعني صفعة فاضجعني فيقوم من قل فلاحه فيغطيني برداء حتى يخلي سبيلي وأقوم واهنى وقد عزاني الملأ الأعلى في ديني وفيم مضى من عقلي فإذا كان آخر الليل أنام والجماعة السوء مثلي وقد تعبنا من كثرة م رقصنا فلا نلحق ننام إلّا والصبح، قد قام فنقوم نتوضأ أقل ما ينطلق عليه اسم الوضوء ثم نجئ إلى المسجد هذ إذا وفقت وإلّا فالأغلب على من هذه حالته أن يصلي في داره بأنا أعطيناك الكوثر وسورة الفاتحة كيف ما كانت والقنوت ليس بواجب فاتركه وانقرها مخففة جدا ثم اضطجع لأستريح هيهات، واللّه ما كانت طريق اللّه هكذا، وإن كنت موفقا أكثر من غيري توضأت وخرجت إلى المسجد وإذا دخلت فيقال لي قد صلّى الناس فلا أجد لذلك حزنا ولا أكترث بل أقيم الصلاة وأصلّي وكأنه ما فاتني شيء إلّا لا هي القلب مسرور، وأقول بلسان الحال قد حصل لي أجر الجماعة بقصدي وأراحني اللّه من تطويل الإمام وإن أدركت الصلاة مع الإمام فإنا في تلك الصلاة على أحد وجهين إذ كنت مستريح القلب من كل شيء أما حاضر في ليلتي البارحة وحسنها ما كان أحسن ذلك القوال وشعره، واقضي صلاتي كلها في هذا حتى لا أدري ما صلّى الإمام ولا بما صلّى وإنما رأيت الناس يفعلون شيئا ففعلت مثلهم ركعوا فركعت وسجدوا فسجدت ووقفوا فوقفت وجلسو فجلست أو يكون النوم قد أخذ مني وهي الحالة الثانية فأترقب عند ذلك فراغ الإمام وتثقل على القراءة وأغتاب الإمام في نفسي وأمقته وأقول ما أثقله، قد أفتتح سورة الحشر أو الواقعة هلا كان قنع بالانفطار والفجر والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالتخفيف هذا خلاف السنة ونحو قل وتهلل كل ذلك لغير اللّه أما تستحيي يا نفس من اللّه وقد وقعت البارحة مسخرة للشيطان وملعبة له ورقبتك مصفعة له وناصيتك بيده وأنت في هذا كله تلتذين ثم الداهية العظمى والطامة الكبرى والداء العضال والمصيبة الآزفة التي ليس لها من دون اللّه كاشفة، إنّي أقول في تلك الحالة كلها إنّي كنت مع اللّه وفي اللّه وباللّه قمت وفي اللّه شطحت وإلى اللّه وصلت وقلت للّه وقال لي اللّه ويعتب أولئك الغمر الجهال مثله فيقول لم لم تسألني إذا رجعت من حالي، ولو سئل لا فتضح ولو فرضت أنه أجاب فقد يجيب الكاذب عما يسأل عنه مثل هذ ويؤيده الشيطان بخيالات ينصبها له ويبديها في سره فيعبر عنها قال اللّه تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ فهذا ولي الشيطان ينطق بلسانه، وهو مطيع له فانتظم في أهل الشرك فناهيك من مجلس يحوي أو يضم المشركين وأولياء الشياطين. أخبرني شيخي - وكان من أهل الكشف والوجود - عن رجل أعمى البصر من الصالحين حضر مبيتا في سماع فقال الأعمى هذا إبليس قد دخل على صورة معزى يشم واحدا واحدا.

قال الشيخ وقعد الأعمى ينعت الجماعة الأول فالأول على التتابع كما هم عليه من اللباس والصورة وهو يقول ترى الملعون يمشي عليهم ناظرا إليهم حتى قال تراه قد ثبت عند واحد عليه عباءة حمراء وعمامة واحرام التفتوا عليه، قال فالتفتن فرأيناه يستجلب الحال فقال الأعمى أرى الملعون قد وقف عند هذا الرجل ثم قال تراه يريد أن ينطحه بقرنه فإذا ذلك الرجل قد صاح صيحة وغلب عليه الحال وقام يشطح فقام أهل المجلس لقيامه وهو بهذه المثابة.

ما أحسن قول اللّه عزّ وجلّ إذ يقول: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَم يَنْبَغِي لَهُ فناهيك من خصلة لم يرضها لنبيه وقال: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ بارك اللّه فيك يا نفس أقررت بالحق وخضعت له، فقالت الحق أحق أن يتبع. صدق واللّه سلمان الفارسي (رضي اللّه عنه) ورضي اللّه عن أبي مدين حيث قال لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد.

هذا مقام المريد فما ظنك بالعارف هل يعرج على كلام غير كلام سيده وكل من سمع من الشيوخ فهو على أحد أمرين إما قبل أن تحصل له مرتبة التمكين فالسماع عندن حرام في ذلك الوقت أو سمع بعد التمكين بشروطه المعروفة التي ذكرناها في غير هذ الموضع ويعلم من هذا أنه قد نزل بعض من لقيناه من المشايخ وكان يولع بالسماع وكان قبل ذلك لا يقول به فسألنا عنه فقلنا الشيخ متمكن ومقام السماع نازل وحظه النفس فما هو الشيخ واللّه أعلم إلّا نزل إلى السماع رحمة بنفسه دنيوية وجاد على السماع بذلك ليشرف به السماع فإن السماع يشرف بالعارفين ولا يشرف به العارفون فصار نزوله إليه كنزول الحق لعباده هل من تائب فيغفر له فيشرفنا نزوله إلينا ولم يشرف هو بنا هذا إذا كان الشيخ عالي ولكن يقع منه هذا نادرا إلّا إن أراد الحق أن يبقيه فيه زمانا طويلا فيعلم الشيخ إن كان عارفا متمكنا أنه مطرود وأن رجوعه إلى السماع مستصحبا عقوبة من اللّه عزّ وجلّ له لذنب أتاه ولذلك عقبه بالسماع فلا يجد حاله إلّا فيه ويفقدها إذا أفقده مكرا من اللّه واستدراجا فيبكي على نفسه ويبحث على م جنته نفسه فيجد ذنبا ضرورة لا بد من ذلك واللّه يلبسنا وإياكم رداء العافية ويحلن وإيّاكم المراتب السامية العالية ول يجعلنا وإيّاكم ممن له إلى سماع السماع أذن واعية فيكون من أهل القلوب اللاهية.

يا نفس أعرض عليك غير هذا ؟

قالت نعم أحوال مثل هؤلاء هي الشفاء والدواء إذ ليس لنا سبيل إلى اللّه تعالى إلّا على مدارجهم ولا إرتقاء إلّا على معارجهم فبأحوالهم يتحقق وهي الوصلة إلى الحق.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!