موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مواقع النجوم
ومطالع أهلة الأسرار والعلوم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

باب ما يحتاج إليه من العلوم المرتبطة بالسعادة الأبدية في دار السلام

 

 


أجناس العلوم كثيرة منها علم النظر وعلم الخبر وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم الرصد إلى غير ذلك من العلوم ولكل جنس من هذه العلوم وأمثاله فصول تقومها وفصول تقسمها فلننظر ما نحتاج إليه في أنفسنا مما تقترن به سعادتنا فنأخذه ونشتغل به ونترك ما لا نحتاج إليه احتياجا ضروريا مخافة فوت الوقت حتى تكون الأوقات لنا إن شاء الله تعالى والذي نحتاج إليه من فصول هذه الأجناس فصلان فصل يدخل تحت جنس النظر وهو علم الكلام ونوع آخر يدخل تحت جنس الخبر وهو الشرع والمعلومات الداخلة تحت هذين النوعين التي تحتاج إليها في تحصيل السعادة ثمانية. وهي: الواجب والجائز. والمستحيل. والذات والصفات. والأفعال، وعلم السعادة، وعلم الشقاء. فهذه الثمانية واجب طلبها على كل طالب نجاة نفسه وعلم السعادة والشقاء موقوف على معرفة ثمانية أشياء أيضا منها خمسة أحكام وهي: الواجب. والمحظور. والمندوب. والمكروه.

والمباح. وأصول هذه الأحكام ثلاثة لا بد من معرفتها. الكتاب. والسنة المتواترة. والإجماع. ومعرفة هذه لا بد منها والناس في تحصيلها على مرتبتين عالم ومقلد لعالم فإذا علمها الطالب وصح نظره فيها توجهت عليه وظائف التكليف فاختصت من الإنسان بثمانية أعضاء: العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب والعلم بتكليفات هذه الأعضاء هو المعلم بالأعمال للفائدة إلى السعادة إذا عمل بها على حد ما نذكره في نجم الولاية عقيب هذا النجم.

وهذه العلوم يا بني وفقك الله وشرح صدرك تحتمل أن تكون هي الأنوار التي قال الله سبحانه فيمن عليها فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ وقال فيها جل اسمه نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبِأَيْمانِهِمْ وقال (عليه الصلاة والسلام) بشر المشانين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة وهذه الأنوار لها ثمانية ألقاب ولكل رجال وهم ثمانية أصناف ولهم ثمانية مقامات ولها ثمانية ظلم فأصحاب الشهوات في هذه الظلمات تائهون كما قال الله تعالى: ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ وأصحاب الحضور والعناية في الأنوار ينعمون، فهم على نور من ربهم وطائفة أخرى وهم أهل التخليط تارة مع النور وتارة مع الظلمة، وهم المعترفون بالذنوب وآخَرُونَ اِعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ شعر:

هزم النور عسكر الأسحار فأت الليل طالبا للنهار

فمضى هاربا فرار خداع وللنوى راجعا على الأسحار وهذه الأنوار تسبح في ثمانية أفلاك ولها ثمان حركات وثمانية مشارق وثمانية مغارب وثمانية مواسط حيث نقطة الاستواء وثقالها نقطة الحضيض فألقابها الشمس والهلال والقمر والبدر والكوكب الثابت والبرق والسراج والنار ورجالها ومقاماتها ثمانية فالنور الشمسي لأهل المعرفة والهلال لأهل المراقبة والقمري لأهل الاعتبار والبدري لأهل المسامرة والكوكبي لأهل المراعاة والسراجي لأهل الخلوات والناري لأهل المجاهدات والبرقي لأهل العلم أهل الاختصاص الجامعين للمقامات وهم أهل الذات وهو لهم أرفع الأنوار وأعلاها وهو لمح يخطر للعالم لا يثبت لقوته فإنه مهلك لكن فائدته عظيمة لمجيء رعدة الهيبة بعده وأمطار الأسرار هذا إذ تجلى هيبة فإن تجلى جمالا فهو الخلب فهؤلاء هم رجال هذه الأنوار وأحوالهم وأما مقاماتها فثمانية وأعني بمقاماتها مدلولاتها للتي هذه الأنوار دلائل عليها فمدلول البدر الدنيا الكبرى ومدلول الكوكب الثابت الدنيا الصغرى ومدلول السراج الجنة الكبرى ومدلول النار الجنة الصغرى ومدلول القمر جهنم الكبرى ومدلول الهلال جهنم الصغرى ومدلول الشمس صفات المعنى ومدلول البرق صفات النفس والكبر من هذه في العالم الإنساني والصغر في العالم الكبير فانظر وتحقق.

وظلمات هذه الأنوار ثمانية فنور الشمس يزيل ظلمة النفس ونور الهلال يزيل ظلمة الشك ونور القلمة يزيل ظلمة الغفلة وتود البدر يزيل ظلمة الخيانة ونور الكوكب يزيل ظلمة الجهل والشبهة ونور السراج يزيل ظلمة الوسوسة ونور النار يزيل ظلمة الرعونة والكون ونور البرق يزيل ظلمة التنزيه وأسرار هذه الأنوار كثيرة لو ذكرناها خرجنا عن المقصود من الاختصار هذا النور البرقي يغشى البصائر ويرمي صاحبه في بحار العجز والحيرة لا يدرك بقياس ولا يحصل بمثال ول يرتقم في الخيال هو السر الذي منعنا عن كشفه وهو المانع نفسه بفردانيته في الوجود وتقديسه عن القياس والتشبيه فلا يقوى أحد على التعبير عنه أصلا لعدم اجتماع اثنين على معرفة المعنى الذي يليق به وأنه متى أخذ رسما تحسيس قياس وأمثال بعيد عن المقصد كان وبالا على صاحبه وناقض ما كان في نفسه من التنزيه له وصار الوهم عليه مسلطا بالتقدير فإن تعطش المريه لنيل هذا الشر الموهوب الحاصل بالذوق لأرباب القلوب الذي لا تستقل بإدراكه العقول إذ لا توحيد كامل مع معقول. وطلب الطريق الموصل إليه وهو التخلق السماوي والوصف الرباني حتى يفني كل كائن وغير كائن وحينئذ بالحري أن يذوق إن بدت منه لائحة أو تنسم منه رائحة على قدر محوه وإثباته وفنائه وبقائه وما يريده الواهب فيلتذ به إذ ذاك في نفسه كذائق العسل مع عدم حساسة الذوق فهو ناظر في ذات العسل غير عارف بمعناه وحده فهل يتساويان في اللذة أبدا ولو سودت له القراطيس أقبسة وأمثلة م التذلذة الذائق له فكم بين رجلين في مشاهدة العيان مشتركين وفاز أحدهما بلذة حقائق الامتنان وفاز الآخر بمعنى وخسر المبطلون والله ما سبق مقصر مجدا أبدا فما أشرف الإنسان من حيث هو مجتمع الموجودات ومحل المضاهاة ومرآة المؤمن في الذات والصفات وما أوضعه حيث عمي عن معاينة ما أخفى له فيه من قرة أعين يا أسفاه ما أشقاه إذا فاز بلذة سواه (معرفة أفلاك الأنوار الثمانية على الكمال) اعلم يا بني وفقك الله بتوفيق المختصين بنور البرق الذاتي أن لهذه الأنوار السماوية والأقمار العلوية الروحانية أفلاكا من جنسها على أنواعها تسبح فيها ما دامت هذه الهيئة الإنسانية الفلكية فنور المجاهدة يسبح في فلك معرفة عيوب النفس ودورانه من المشرق إلى المغرب ونور الخلوات يسبح في فلك اتقاء الآفات ودورانه من المشرق إلى المغرب إذ لو انعدمت الأغيار لم يحتج إلى خلوة وهي ظاهر الكون فلهذ كان دورانها من المشرق إلى المغرب وعلى الظاهر والباطن ينظر دوران هذه الأفلاك فأصل حركات هذه الأفلاك من المغرب إلى المشرق وأحكامها في الوجود من المشرق إلى المغرب ولما كان الباعث على المجاهدة في ظاهر الكون المراد اهتمام القلب لحيازة السباق شرع في تضمير الجواد العتيق وتربيض الصعب الفنيق حتى يجوز قصب السبق في نشاوي الحق ولهذا كان دورانه من المغرب إلى المشرق ونور المراعاة يسبح في فلك ترتيب المعاملات ودورانه من المشرق إلى المغرب ونور المراقبة يسبح في فلك محافظة الحدود ودورانه من المشرق إلى المغرب ونور الاعتبار يسبح في فلك موازين الأعمال ودورانه من المشرق إلى المغرب ونور المسامرة يسبح في فلك التدبير ودورانه من المشرق إلى المغرب ونور المعرفة يسبح في فلك المشاهدة ودورانه من المغرب إلى المشرق وهذه الأفلاك لها دورتان مختلفتان في أوقات وكذا النور الذاتي وهو نور العلم فإنه يسبح في فلك التوحيد وليس له مشرق ولا مغرب وهو أصل مادة الأنوار كما قال تعالى: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ لكن يظهر نوره للذائق له المعاين المحقق ونتيجته اتحاد الأشياء وفناء الكون عنده بالعلم والحال على حسب ما تقتضيه الحقيقة حتى يكون التوحيد موحدا ولا شيء معه كما كان وكالذي هو ومثال طلوع الشمس من مغربها حينا ما ولهذا أعطيناه من أنوار الحسن البرق لسرعة زواله فيعود الغرب شرقا وتشرق الجهات ولا يبقى مغرب وإذا انتفى المغرب انتقى ضده من حيث هو مشرق لا من حيث ذاته هكذا المشاهدة في الفنا من حيث أمر ما لا من حيث الذات ولما كانت أبواب التوبة تغلق عند ذلك ولا يرتفع عمل كذلك الذائق لهذه الحقيقة يذهب رسمه ويزول تكليفه وتفني ذاته إذ حقيقة المقام تعطي ذلك فإذا رد لعالم الكون بالتبليغ على أي وجه كان صار حاله في حضرة التفريق متحركا وحقيقته هناك ساكنة كشفا وعلما كما هي وسما وحكم (معرفة أحكام هذه الأفلاك الروحانية) اعلم يا بني أن لهذه الأفلاك حركات وهي دورانها الذي ذكرناه وينبغي لك أن تعرفها حتى تضع كل حركة على فلكه إذا تخلقت بها والله الموفق.

فاعلم أن حركة معرفة عيوب النفس المسارعة إلى الخيرات وحركة فلك اتقاء الآفات المسابقة إلى مجالس العلماء وحركة فلك ترتيب المعاملات المبادرة إلى معرفة الاوقات وحركة فلك محافظة الحدود المجاراة إلى الوفاء بالعهود وحركة فلك موازين الأعمال الانتهاض إلى محاسبة النفس وحركة فلك التدبير الاستعداد إلى التلاوة بتفريغ الخواطر وحركة فلك المعرفة دوام الإخلاص وأما حركة النور العلمي الذاتي فسكون دائم ولكن هو السكون الذي هو ضد الحركة بل هو سكون تنزيه وتقديس فإن أضيف إليه يوما ما حركة على جهة ما في حق من جهل الحقيقة فتكون حركة إفاضة ورحمة وغفران ووهب كما قال تعالى: وجاءَ رَبُّكَ واَلْمَلَكُ صَفًّ صَفًّ وقال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وينزل ربنا إلى سماء الدنيا واشباه ذلك (معرفة مشارق هذه الأنوار ومواسطه في الإستواء والحضيض ومغاربها) اعلم يا بني أن هناك الاختصاص الإلهي والاحتفاء والإعتناء نبأناك أن لهذه الأنوار كما ذكرنا مشرقا ومغربا ومتوسطا وهي نقطة الإستواء ونقطة الحضيض تقابلها في دورة الفلك، فمشرق نوره المجاهدة النحول ومتوسطة الصمت ومغربة الخرس.

ومشرق نور الخلوات الأطراق في المحافل ووسطة القدح والانفصال عنها، ومغربه الأنس في كل الأحوال، ومشرق المراعاة الإبتهال في الدعاء ومتوسطة الإجابة إلى الإجابة ومغربه الأدب. ومشرق نور المراقبة إمساك الجوارح عن المحارم ومتوسطة إمساك النفس عن المباحات ومغربه إمساك القلب عن طوارق الغفلة والكون غفلة فافهم. ومشرق نور الاعتبار السياحة في البلدان ووسطه الهرب إلى الآكام ومغربه الوجود في موضع كان ومشرق نور المجاهدة الصدق في التهجد ومتوسطة الالتذاذ بسماعه، إياك ومغربه تلاوته عليك، ومشرق نور العلم الولاية ومتوسطه النبوة ومغربه الرسالة (الفلك الخامس الإيماني) المطلع الثاني العياني، هلال محاق طلع بنفس الإمام المدبر في عالم الجبروت والملكوت فاهتدى ألم يعلم الشيخ الإمام أنه لم اجتمعت الأنوار في نادي المساجلة وأخذوا في المناضلة وأنصت الجمع وألقي السمع أخبروا أولي المعاينة والفهم أنه ما طاش لأحدهم سهم إلاّ بحمد الله أصاب القرطاس وأقام العدل في افتخاره والقطاس وأول قائم الشمس فاظهر ما في النفس صعدت الشمس على منبر القدس وقالت شمس أشرقت النفس أنارت الحس في الليالي الدنس تعالت عن الجنس نجلت في حضرة القدس أنكره الأنس لم وقع اللبس وجلست بأضيق جلس قيدت باليوم والأمس كيف اللمس جاء نداء الهمس يدخل أكرم بعد بأطهر عرس في بيت القدس كفرت العرب وآمنت الفرس إذ هم الفصحاء الخرس والله أعلم حيث يجعل رسالاته من الحمس:

شمس الهدى في النفوس لاحت فأشرقت عندها القلوب

*يا حب مولاي لا تولي عني فالعيش لا يطيب*

*لا أنس يصفو القلب إلاّ إذا تجلى له الحبيب*

*الحب أشهى إلي مما بقوله العارف اللبيب*

ثم نزل وصعد الهلال على منبر الوصال وقال هلال أهل فأزال منه شبهة الاتصال بالمتعال ببرهان الانفصال فظهر المثل في المثال كالآل وشبهة كالسراب واللآل فيم يعطيه الخيال فصال وتحكم وطال وتكلّم فأطال كلام عال عذب زلال سحر حلال السابقة والمال سياق حال شيئان عند الرجال لا تنال إلاّ بصفاء الأحوال ونتائج زكي الأعمال وعلى الأعراف رجال في ميدان القتال يوم تدعى نزال عند ميلان الظهيرة والزوال فالزم بإبطال مقارعة الأبطال، ولا تشتغل بالمحال إن أردت أن تكون من أهل الوصال.

أهل هلال شهر الصيام وشهر الزكاة وشهر القيام

فصام الحليم عن اسم الصفات وأفطر ذاتا بدار السلام

قال أنا الحق فاستمتعوا بنور التجلي وحسن الكلام

تعالى الهلال بأوصافه على بدره الفرد عند التمام

ثم نزل وصعد القمر على المنبر الأزهر وقال قمر طل فنور وتكلم فسحر ونظم ونثر الجوهر والدرر أنا السر الأكبر والبرزخ الأظهر صاحب المقام الأزهر والنور الأبهر الله أكبر سبحاني لا أكثر نظر الناس فاعتبر جمالا قد بهر وجلالا قد غمر كل من شاهد ونظر عمن تكشف أو استتر أو ستره القدر العلم سر القدر والمعرفة نتيجة الفكر نفس تقبر وشر يقهر وروح يزهر حمل الكل فمر على ذات ألواح ودسر فالتقى الماء بالعين على أمر قد قدر فهي تجري بأعيننا جزء لمن كان كفر جسم عبر لما قبر روح بهر تبكي ذرر على العين جاء الخبر عند السحر ما ينتظر يا روح سر المقتدر أن السفر عن البشر حيث السرر عش في نهر على سرور يوم أعز ظل نثر على الزهر لا ينتظر من قال شران الأشر إذا بطر يصلى سقر ثم أنشد ذلك:

قمر شاهد الغيوب عيانا بين جسم وبين روح دفين

*و حباه الإله منه بعلم لم ينله بعد المطاع المكين

عبرة فانعموا بما لاح فيكم من سناه البهيج عند الكون

ثم نزل وصعد البدر على المنبر وقال: بدر بدأ في الصدر وقال أنا الجليل القدر والبيت اليتيم الندر، ذو الرداء الغمر لست ببكر ولا عمرو قربى فاسود الشهر قابلني كاتب الليالي الغر أضاءات بي إنكسار الفقر تحدثت الأعراب في الليالي القمر يميني اليمن ويساري اليسر أنا قائد الزهر صاحب المد والجزر، أمددت النهر كان الكثر على أنه النزر توالى البر، صحبني الكبر، سدل الستر قلت أنا الغمر أعطيت الصبر اعترفت بالفقر قيل له العذر جاء البشر صحوت من السكر صارت القيمة كالظهر قمت بالسكر بقيمة العمر إلى من له الخلق والأمر ثم أنشد:

البدر في المحو لا يجاري وفي تناهيه لا يحد

صح له النور من بعد محو ثم إليه يعود بعد

سرائر سرها ثلاث رب مليك والله فرد

في المحو صحت له فأثنت عليه لما أتاه يعدو وجابها في التمام ربا ثلاثة طينهن عبد

ثم نزل وصعد الكوكب على المنير المركب وقال كوكب طلع ولم ينتكب عن الطريق بالمذهب توسط المركب ذهب في كل مذهب من أبقى وأذهب وتولع بذات ريق أشنب أعذب من جآذر الربوب أنصب قلبه وأتعب قلب تقلب ودمع يكسب يسيل ويرغب في تقضي لبانات الفؤاد المعذب قيل له تطيب في كل مشرب وحينئذ تغرب وإلاّ فشرق وأغرب تحير في المطلب بين أن تقرب أو تغرب فالطراز مذهب جزع لم يثقب قرطاس لم يكتب عجب لمن تعجب وقع الترجيح كذب ومنه الشهب بين جد ولعب نطقت بتعيينه الكتب كما لم نتن تب بسب كذب خاف الريب كذب حين انتخب حنق وغضب لما عيب برز في أثوابه القشب أتاها بجميع القرب وقف موقف سلب سأل الإقالة من العطب نظم وخطب صب وغب اعترف بالنقص والكذب من آل القرب عام في العرب جابر ثقب جد عليه بما طلب خرج إليه منتقب قصر ولا تطنب أوجز ولا نسهب دعيت فأجب سلم بما يجب اضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك يا كوكب فاقترب ثم أنشد:

كوكب قال بتنزيه نفسه فرماه العجب في سجن رمسه

طلعت حكمة مولاه ليلا بمحياه فأودت بنفسه

فشكى الكوكب وجدا وشوقا سناها عند أبناء جنسه

قيل يا حكمة هذا محب حاكم يرغب وصلا بجسمه

قبضتها وأنت في جلاها نحو باريها وحطت بقدسه

ودعته فأتاها مجيبا يا محبا يشتهينا لنفسه

أشكر الله على كل حال وأنس ما يسلك هذا بعرسه

ثم نزل وصعد النار على منير الأنوار وقال يا نار أحرقت الأغيار ومحيت الآثار وخرقت الأستار أظهرت الأبكار كشفت الأسرار لأهل البصائر والأبصار وسر في الأوار لا يعرفه الدمع المدار لو أنار ما تعذب عاشق بنفار ولا تنعم بقرب مزار ول بإتصال ديار ول بك الأطيار ولا ندب الآثار وجب السرار لهذه الأنوار فإنها محل الأسرار فأنوار التجلي لا تصح مع الأغيار إلاّ للمحبين الكبار ثم أنشد:

النار تضرم في قلبي وفي كبدي شوقا إلى نور ذات الواحد الصمد

فجد علي بنور الذات منفردا حتى أغيب عن التوحيد بالأحد

جاد الإله به في الحال فارتسمت حقيقة غيبت عقلي عن الجسد

فصرت أشهده في كل نازلة عناية منه في الأدنى وفي البعد

ثم نزل وصعد السراج على منبر الابتهاج وقال هدى ذي أعوجاج استضاء به التاج سلك الفجاج في ظلمة الليل الداج كان له أقوم معراج إلى مقام الابتهاج أعطي الأكليل والتاج وقيل أسكن في قصر الأمشاج حتى تعلم حكمة الإزدواج ولطف ذات الكأس بالابتهاج واغسله بماء النجاح حتى يمتزج صفا السراج بصفا الزجاج فإذا حسن المزاج صح النتاج ولاحت أنوار الاختلاج وكان لمصباح الحكمة ابتهاج بالمقام المحمدي التاج:

سرج العلم أسرجت بالهواء لمراد بليلة الإسراء

أسرجتها عند العشاء لديه طالعات كواكب الأنواء

فاهتدى كل سالك بسناها من مقام الثرى إلى الاستواء

ثم لما توحدوا واستقلوا ردأ علاهم إلى الاهتداء

هذه حكمة المهيمن فينا بين كاف وبين دال وياء

ثم نزل وصعد البرق على منبر الصدق وقال برق لمع في جو الفرق سلطانه المحق يليه الصعق أن ومض في الصدق أظهر الرتق وأن ومض في النطق أظهر الفتق يتردد في الخلق بين غرب وشرق وحقيقة وحق هو سر ذاتية الحق خدم الأنوار بالملك والرق يزيل الزلق ويذهب العشق ويجود بالعتق في حلبة الأنوار حتى حائز قصب السبق ثم أنشد:

لمع البرق علينا عشا وكمثل الصباح رد المساء

وسطى باسم الحكيم وأخفى زمن الصيف وابدا الشتاء

زرع الحكمة في أرض قوم وكساها من سناها البهاء

الفلك السادس الإحساني: المطلع الثالث الإلهي مطلع هلال ارتقاب طلع بروح الإمام المدبر في عالم برزخ الرحموت والرهبوت فاضل وهدي يا ليت شعري هل صرح الحكيم في بستان مشاهدته بحمامتين مطوقتين تجاوبنا في صورة المثاني وليس سر أحدهما مغاير للثاني في درجة الروضة الغناء الصاهد على كشف الغطاء والنازل لتعليم الأدباء فصعد الواحد على حد الإستواء وترك الآخر إلى مستقر الماء فتناولا حقائق الأشياء الصاعد على كشف الغطاء والنازل لتعليم الأدباء ومن يطيق بها العظمة والكبرياء إلاّ بلطف اللطيف الأرجاء ثم كر النازل راجعا والصاعد جامعا والتقيا في الهواء وتعانقا تحت منطقة الجوزاء وتناجيا على الكثبان العفر في الليلة القمراء بظلال الأوفياء واجتمع إليهما ملأ الأرض والسماء حتى ضاق متسع البطحاء فقام الصاعد خطيبا على منبر الطرفاء بلسان الاهتداء إلى العبيد وإمام أهل المودة والصفاء وأهل الأهواء فسقطت كواكب الأنواء على قلوب العلماء فأمطرت معارف الكيمياء ومعالم السيمياء وقام النازل خطيبا على منبر سدرة الانتهاء وقد تأخر عنها أمين الأمناء أتى النور للثامن المستور في مضاهاة النظر فالزموا معشر الملائكة والأنبياء وأهل المعاملة من الأولياء قارعة السبب فأمطرت كواكب الآلاء في السنة الشبهاء على قلوب النجباء والعالمين من النقباء والبدلاء بمعارف حقائق الفناء ومعالم تصحيح البقاء في اللقاء ثم انصرف الجمع على محجة الأتقياء إلى يوم الجمع والقضاء واجتمع الطائران من بعد بالصعدة السمراء واكتنف العوالم على السواء وظهر الواحد وبطن الآخر من غير تدان ولا تفاء فانظر يا أخي إلى عالم الأبناء تعش عيشة السعداء فقد لعبت بك يد الأهواء واسمع ما سامرتني به بمنزلة العذار في جوزاء السماء:

قمر الكواكب السعيد أمامي عن هلالين طالعين أمامي

فإذا استقبل إلي جميعا كنت سر الليالي والأيام

فإذا أدبرا بقيت وحيدا ساهرا لا أذوق طعم المنام

ذاك نور الوجود بالحق يسعى من وراه به ومن قدامي

يوم قبري ويوم حشري لربي وبه همتي ومنه اهتمامي

إن سري وأن سر حبيبي واحد أول وعند الختام

هو غيري إذا بعثت رسولا هو ذاتي لقدس دار نظام

خادمي نوره الذي كان عندي والذي عند من هويت غلامي

يا أخي التفت لحالك وانظر في وجودي بطرفك المتعامي

تر غيري إذا افترقت أمامي وإذا ما اجتمعت كنت أمام

معقل أنسه: ليت شعري هل أشهد الحكيم للمهيمن الخلاق صفو إشراق ذواتي أطواق عاشا في ارتفاق سر عاشق تواق ومعشوق ذواق حل الأملاق زال الأشفاق وقع الفراق نادت الأشواق دمع يراق ونفس في التراق ومن لي واق قول غير مصداق نزلت واحدة لماء مهراق أماطة الأخلاق وارتفعت الأخرى على جواد طراق انفجرت الطباق وهبت وثبتت مفاتيح الأخلاق فتحت الأغلاق فدخلت في المحاق أعطيت الأشراق ثلاث مقامات على اتساق ساقت الأمر أحست مساق تحلت بالانفاق وقع الإطراق سودت الأوراق امتطيت الأعتاق وقع السباق التقت الساق بالساق فإذا السباق لساق المساق زج البراق خرج عن الطباق التقت الأحداق تذكر عهد وميثاق كان التلاق اتحد الافتراق وقع الإنفاق على ترتيب الاتفاق وجه نجم براق لصيحة ما لها من فواق همت سحب بغيداق حلت الوثاق جاءت بالإطلاق حصل العناق ثبتت الأوراق درت الأرزاق شنشنة أعرفها من رزاق:

جسم بلا روح ضجيع الردى غصن ذوي يابس أورق

روح بلا علم وهي بيته لرؤية الأغيار إذ أخلق

افتقر الكل إلى جوده أهل الأباطيل ومن حقق

فوجه الأنوار سيارة أنارت المغرب والمشرق

*فأشرق الجسم بأنواره وأظهر الأسرار إذا أشرق

*فالحمد الله الذي قد وقى من شر ما يحذر أو يتقى

المرتبة الثالثة: في عمل الولاية الفلك السابع الإسلامي الموقع الثالث العملي موقع نجم ولاية وقع بقلب الإمام المدبر في عالم الشهادة فهنا قال الله تعالى: وقالُوا اَلْحَمْدُ لله اَلَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وأَوْرَثَنَا اَلْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ اَلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ اَلْعامِلِينَ أخبر تعالى أن أصحاب الأعمال الحافظين حدود الله الموفين لما عاهدوا الله عليه المشتغلين بكل عمل توجه عليهم منه في أوقاتهم أن لهم الآخرة والأولى أعطاهم ملك الدارين ونزههم في العاملين وذكرهم بلسان صدق فيمن عنده وفي كتابه العزيز منه وطولا والله ذو الفضل العظيم. فاعلم يا بني أصلح الله شأنكم إن الله تعالى ما أثنى على أحد من عباده في كتابه العزيز ولا على لسان نبيه في حديثه إلاّ كان الثناء عملا من الأعمال ما مدحهم إلاّ بأعمالهم هي التي رد سبحانه وتعالى عليهم مع توليه لهم فيها وهذا غاية الكرم والجود أن يمنحك ويعطيك ويثني عليك بعد ذلك بما ليس لك فإنه آخذ بناصيتك قائدك إلى كل فعل أداده منك أن يوجده فيك وعلى يدك وأنت في غلة لا تشعر فمن شعر بتولي الحق سبحانه وتعالى له في أفعاله فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: اَلَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ لأنهم في مشاهدة الفاعل ومناجاته ومن لم يشعر فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ فيقول العبد صليت وصمت وتصدقت وجاهدت وعملت وسابقت إلى الخيرات وشهدت الجماعات وقد استغرقتك المنن وسبحت في بحر نعم إلهية لا ساحل له والله لو فتح لك باب إلى مشاهدة توليه لك فيها وأخذه بناصيتك إليه لبهرك المقام ولخرست وما أعطاك الحال أن تقول صليت ولا صمت ولا كنيت عن نفسك بشيء من هذه الأفعال ألا ترى الخليل (ع) وقوله في هذا المقام الذي خلقني فهو يهديني والذي هو يطعمني ويسقيني وإذا مرضت فهو يشفيني فانظر إلى أدبه في قوله في مرضه مرضت وانظر إلى الحكمة النبوية في يقظته حيث قال والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين فابحث تولاك الله بما تولى به عباده الصالحين فطائفة أثنى عليهم بالتقوى وطائفة بالإيمان وطائفة بالعلم وهو من جملة الأعمال فقال تعالى: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ثم فصل أعمالهم إعتناء بهم وشرفا وتعليما لنا وهداية وبيانا وموعظة فقال تعالى: اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرّاءِ واَلضَّرّاءِ 283 واَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ واَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ الآيات وقال تعالى: أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله ورُسُلِهِ فما وصفهم لما وصفهم إلاّ بأعمالهم التي خلق لهم ثم أنه سبحانه وتعالى ما نص على مقام يناله العبد عنده إلاّ قرنه بالعمل الصالح كما قال تعالى:

اَلَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وفِي اَلْآخِرَةِ وقال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ اَلَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، وقال تعالى: إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ ونَهَرٍ في حق أصحاب الرسول فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ كناية عن أصحاب الهمم عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ كناية عن العلماء وهم الأقطاب والرسل والورثة إلى أمثال هذه الآيات النيرات فقد شاء الله سبحانه وتعالى أن لا تنال المقامات على تفاضله بتفاضيل بعضها على بعض إلاّ بالعمل فإن قيل قدير يرتقي الإنسان بالبلاء مقامات لا يوصله إليها عمل والبلاء ليس بعمل وهذا غلط فإن البلاء لا يعطي مقاما أصلا ولا يرقى أحدا عند الله درجة ولو كان البلاء بما هو بلاء يرفع درجات من قام به عند الله وينال به السعادة الأبدية لنالها أهل البلاء من المشركين والكفار بل هو في حقهم تعجيل لعذابهم كما قال تعالى في المحاربين: أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ اَلْأَرْضِ . ثم قال:

ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي اَلدُّنْيا ولَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ فما يعطي لأهل البلاء مقامات إلا بالصبر عليه والرضى به كل على حسب مشربه والصبر والرضى من جملة أعمال الأحوال المشروعة لن المأمور بها شرعا كما قال تعالى: واِصْبِرْ وما صَبْرُكَ إِلاّ بِالله وما يكون الصبر إلاّ على بلاء ومشقة وأصل والسعادة الجامعة موافقتنا الحق تعالى فيما أمر به ونهي عنه شرعا كما تقدم في نجم العناية وموافقته توحيدا في باطنه ببقاء الأغيار وتلك الموافقة عناية من الله ببعض عباده ولكنه يا بني ينبغي للعبد أن يعتقد أن أعماله لم توصله إلى نيل تلك المقامات وإنم أوصله إلى ذلك رحمة الله الذي أعطاه التوفيق للعمل والقدرة عليه والثواب فحصول السعادة أعني دخول دار الكرامة إبتداء إنما هو برحمة الله تعالى قال (ص) : لا يدخل الجنة أحد بعمله قيل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمته فالدخول برحمة الله وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات وهذه ثلاث مقامات وكذلك في دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابه بالأعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به العذاب المؤبد المخالفة كما كانت السعادة للموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لو لا المخالفة ما عذبهم الله شرعا نسأل الله تعالى لنا ولك والجميع المسلمين أن يستعملنا بصالح العمل ويرزقنا الحياء منه تعالى. وأعلم يا بني أسعدك الله تعالى سعادة من أصطفاه أنه أول ما يجب عليك إن رزقت الموافقة والتوفيق العلم بالأمور التي مهدناها لك في نجم العناية فإذا علمتها توجه عليك بها خطاب الشارع وإن كان طالب العلم في عمل من حيث طلبه وركن يعطيك العلم أنوار أخر يتوجه عليك بها خطاب الشارع كما أن العلم لم يصلح طلبه إلاّ بالعلم فمن حصل له العلم بالأحكام التي يحتاج إليها في مقامه فلا يكثر مما لا يحتاج إليه فإن التكثير مم حاجة فيه سبب في تضييع الوقت عما هو أهم وذلك أنه مما يعول أن يلقي نفسه في درجة الفتيا في الدين لأن في البلد من ينوب عنه في ذلك حتى لا يتعين عليه طلب الأحكام كلها في حق الغير طلب فضول علم فيأخذ منها ما توجه عليه في الوقت من علم تكليف ذلك الوقت والعلم الذي يعم كل إنسان في الحال عند البلوغ على أحد أنواعه وشروطه من الإسلام وسلامة العقل على العقائد بوضحات الأدلة إن كانت فطرته تعظى الأدلة والنجح فيه ومن لم يكن ذلك في فطرته وكان جامدا يخاف عليه إن فتح له باب النظر لا يراد شبهات الملحدة فمثل هذا يعطي العقائد تقليدا مسلمة ويزجر عن النظر إن أراده في ذلك العلم بأشد الزجر.

فإذا صحت عقيدته بالعلم أو التقليد يعرف بقواعد الإسلام فإذا عرف ترتب عليه أن يعرف أوقات العبادات فإذا دخلت عليه وقت الصلاة مثلا تعين عليه أن يعرف الطهارة وما تيسر من القرآن ثم يعلم أن لا يحتاج إلى غير هذا فإن أدركه رمضان وجب عليه أن ينظر في علم الصيام فإن أخذه الحج وجب عليه حينئذ علمه فإن كان له مال وحال عليه الحول تعين عليه علم زكاة ذلك الصنف من لا غير فإن باع أو اشترى وجب عليه علم البيوع والمصارفة وهكذا سائر الأحكام لا تجب عليه إلاّ عند ما يتعلق به الخطاب فذلك وقت الحاجة إليها فإن قيل يضيق الوقت عن نيل علم ما خوطب به في ذلك الوقت قلنا لا نريد عند حلول الوقت المعين وإنما نريد بقربه بحيث أن يكون له من الزمان قدر ما يحصل له ذلك العلم المخاطب به ويدخل عقبه وقت العمل وهكذا ينبغي أن تقرأ العلوم وتنظر المعارف ويربط الإنسان نفسه بما فيه سعادته ونجاته ولا يكون ممن قال سبحانه وتعالى فيهم أَلْهاكُمُ اَلتَّكاثُرُ ليقال فقدم ذم الله ذلك في كثير العلم وقليله وليعمر أوقاته بما هو أولى به وليحذر العبد أن تفتح له خزائن الغفلات أوقات تصرفه في المباحات وليملأها بالذكر وأشباه المندوبات وهذا لا يصح له ما لم يعرف الواجبات حتى يسارع إليها ويؤديها والمحظورات حتى يجتنبها والمندوبات حتى يرغب فيها والمكروهات حتى يحفظ نفسه منها والمباحات حتى يتعوذ بالله من الغفلة وتحقق هذه المعاني التي هي أهم أحكام أصول الفقه ويعرف أيضا ما تحت كل واحدة منها على التشخيص مما يلزمه كما تقدم ومعرفة هذا من كتاب الله وسنة رسوله (ص) وإجماع العلماء فإذا عرفت هذا ولازمت العمل فأنت الموفق السعيد.

واعلم أنه إذا تقرر هذا عندك فإنه ينبغي لك أن تعرف ما يعم ذاتك من الأحكام وم يخص وأريد بالعام لذاتك كل عبادة دخلت فيها حرم عليك التصرف في غيرها كالصلاة وأريد بالخاص كل عبادة تختص ببعض الجوارح دون بعض أو كل عبادة لا تمنعك من إتيان بعض الأفعال المباحة. واعلم أن عدد الأعضاء المكلفة ثمانية وهي العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب فعلى كل واحد من هذه الأعضاء تكليف يخصه بأنواع من الأحكام الشرعية ثم تصرفها على الوجه الشرعي في محلين خاصة إما في ذاتك وإما في غير ذاتك فالذي في ذاتك ما يلحقك عليه المذمة الشرعية أو المحمدة عند الله تعالى فالمحمودة كالصلاة والصوم وما أشبههما والمذمومة كضربك نفسك بسكين لتقتلها ومنها ما لا يلحقك فيه مذمة ولا محمدة كصنف المباح ولا يجوز لك هذا الفعل إلاّ في ذلك وأما في غير ذاتك فلا إلاّ بشرط فالذي لذاتك كنظرك إلى عورتك والذين هم غيرك ثمانية أصناف خارجون عنك الولد والوالدان والزوجة وملك اليمين والبهيمة والجار والأجير والأخ الأيماني والطيني. واعلم أن الله تبارك وتعالى إذا أيدك بالتوفيق للعلم والعمل على الإخلاص فتح عليك بابا إلى ملكوته يمنعك مشاهدة ما تجلى لك وراء ذلك الباب من طوارق الغفلات وللرجوع إلى عالم الشهوات واشتغلت بموارد الحق عليك من لطائف وأسرار وكشف حقائق وذلك هو علم التدلي وعلم التلقي فاسرح في تحصيله بمداومة الذكر والخلوة وطيب الأطعمة وقلّة الأكل والورع في النطق وتصرف القلب في فضول الخواطر ولتستجب نفسك تحت أمر آمر يأمرك وينهاك وتلمذ له واتخذه شيخا مرشدا فإنه لم تجر أفعالك على مراد غيرك ولم يصح لك انتقال عن هواك ولو جاهدت نفسك عمرك بما ترتبه عليها وإن صعب لم تزل عن هواها فإنها المترتبة على نفسها وإن فتح لها في لطائف المشاهدة وضروب المكاشفة لم تزل بذلك عن رعونتها ورياستها إلى ما لا يمكن خروجها منها إلاّ بالإنقياد إلى طاعة نفس أخرى مثلها وتصرفها تحت أمره ونهيه وذلك لكثافة حجابها وعظم أشراكها حتى ترتقي إلى الأمر على الإطلاق ويكون ذلك سلما لها إليه ولذلك قال المحقق كل عمل لا يكون عن أثر فهو هوى النفس وآخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة وقال الحق لأبي يزيد البسطامي في بعض مشاهدة معه تقرب إلي بما ليس لي الذلة والإفتقار وهذه إشارة إلى إزالة الرياسة فاسع ي بني في طلب يرشدك ويعظم خواطرك حتى يكمل ذاتك بالوجود الإلهي وحينئذ تدبر نفسك بالوجود الكشفي الاعتصامي .


uvxYRtKsjkc

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!