موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

مواقع النجوم
ومطالع أهلة الأسرار والعلوم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الفلك السادس وهو فلك البروج

 

 


الفرج يحمل في الأنثى وفي الذكر على حقيقة لوح العلم والقلم
فذا يخط حروف الجسم في ظلم وذا يخط حروف الجسم في همم

كلاهما بدل من ذات صاحبه عند الوجود فلا تنظر إلى العدم

إعلم يا بني أن شهوة الفرج ضعيفة جدا في ذاتها إذ ليس لها حركة من نفسها وإنما هي من خاطر يقوم بالقلب للنكاح ينتج ذلك الخاصر وبولده نظره بالعين أو لمس بيد أو سماع بأذن من منازعة حديث وهذا كله مولد من الامتلاء والشبع وهو أصل الأشياء المحركة لهذه الشهوة فمتى ما وقع شيء من هذه حينئذ فارت الشهوة وتقوى سلطانه فحركت العضو ذكرا كان أو أنثى فطلب وقوع ما تحرك إليه فإن عصم واقدر عليه وقع حلالا وإن خذل واقع حراما فإذا سدت له المسالك لم تتحرك هذه الشهوة وأصل هذا كله كما ذكرناه الإمتلاء من الطعام فإنه إذا أمتل البطن قامت خواطر الفضول في النفس فتحركت الجوارح بحسب حقائقها بأنواع فضولها وإذا جاع البطن غشيت العين وخرس اللسان وصمت الأذن وانقبضت اليد والرجل وانعدمت شهوة الفرج وفنيت خواطر الفضول ولهذا قال السيد الصادق (ع) الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فسدوا مجاريه بالجوع والعطش أي هذه الأشياء معينة له على ما يأمر به من السوء والفحشاء وقال (ص) عليكم بالباءة فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وقال (ص) الصوم جنة فنبه (ص) في هذه الأخبار كلها أن السبب المولد لفوران هذه الشهوة الخسيسة إنما هو الطعام والشراب فإن كان جوع مجاهدة استنار القلب وكشف له عن عالم الغيب لأنه جوع عن همة طالبة غاية ما فيشاهد من أسرار الله ما شاء الله سبحانه وتعالى أن يشهده منها ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ الله سبحانه.

وإن كان الجوع اضطرارا فليس هو مقصودن في هذا الكتاب إلاّ أن يكون المضطر من أهل طريق الله تعالى فجوعه عناية من الله تعالى به وهدية منه إليه قال بعض الشيوخ (رضي الله عنه) لو بيع الجوع في السوق للزم المريدين أن لا يشتروا شيئا سواه (فائدة) الجوع والفقر لا تدرك لهما غاية ولا تحد ولا يعرفها إلاّ من ذاقها فإن كانت يا بني شهوة الفرج بهذا الضعف فلا يلتفت إليها وليشغل نفسه بسد مسالكها التي ذكرناها آنفا (تنبيه وتحقيق) واعلم وفقن الله وإياك لطاعته إنك إذا نظرت عالم الكون والفساد حيوانية كله أنسيه وبهيمه حروف مخطوطة قد خطها الله تعالى في لوح الوجود والقلم المخطط لهذا الشخص الإنساني والجسم المتغذي الحساس قلمان قلم يسمى النفخ والقلم الذي هو الذكر وأول من كتب به أبو البشر في لوح أم البشر ولكن خط هذا القلم المحسوس هيولي من غير تشكيل ولا تصوير بل هو كما قال الله تعالى فعدلك وهذا هو حده وفِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ نسخة بأثر القلم الإلهي الذي هو المتوسط وهو يعبر عنه بالطبيعي الذي هو لتشكيل ما ألقاه المحسوس هيولاني وتفصيل ما ألقاه مجملا قلم النفخ فامتد كالفتيلة فخط فيه القلم الإلهي الروحي المعبر عنه بالنفخ وهذا هو الروح الحيواني ومنها مخلقة وغير مخلقة لتصح المشيئة لله تعالى في إيجاد العالم وهذه كلها أسباب وأغطية على عين بصيرة العمي الذين يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا والعلم هو الذي يوصلك إلى رفع هذه الأغطية عن عين بصيرتك وتولي الحق تعالى لتلك الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب ليضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون والقلم الرجل واللوح المرأة وقد يكون الرجل لوح للقلم المعبر عنه بالنفخ كمريم وعيسى (ع) فما سلّم من خط هذا القلم المحسوس في اللوح المحسوس خاصة إلاّ ثلثة وهو آدم (ع) خلقه الله تعالى بيده كما قال تعالى: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ وحواء وعيسى (عليهما السلام) من نصف هذا الخط إلاّ أن عيسى (ع) حصل له درجة النفخ الاختصاصي حين أحصن الفرج كما قال تعالى: ومَرْيَمَ اِبْنَتَ عِمْرانَ اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وهذا هو الروح الاختصاصي وجَعَلْناها واِبْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ وفي هذا رد على من يقول لا يوجد مولود إلاّ من أبوين فلو قال إلاّ عن أمرين لصدق كما سنذكره فإنه عن مريم ونفخ الملك فهذا فصل ينبغي أن يتحقق وممن حصل له درجة نفخ الطير فإنما هو روحية تنبعث يكون عنها عصفور وزرزور فمنزل الصوفي من تحقق علم هذا المقام أنه إذا حصن فرجه أعني أنه من طهر لوحه ومحاه حتى يتركه مهيئ لقبول ما يخط فيه من الخط الاختصاصي فإن الله سبحانه وتعالى ينفخ له روحا من أمره وكلمة من كلمه يهبه في ذلك النفخ سر إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وترك كل ما يشغل عن الله تعالى وهذه كرامات هذا المقام وعلامات مدعيه رفض الدنيا وأهلها وتأثير كلامه وموعظته في نفس أكثر المستمعين له لا في كلهم والطلبة والتلامذة للشيخ المتحقق في هذ المقام ألواح منحوتة منصوبة لرقمه وكتابته وقبائل مستعدة لنفخه فلا يزال ينفخ فيهم أرواح الأسرار ويخط فيهم حروف المعاني القدسية فيكون إذ ذاك متصفا باسمه الخلائق الحكيم وهذا الاسم لهذا العضو وحضرته من الأسماء وما في معناه فتحقق ترشد.

(تتميم) إني أقول إن الحيوان المذكور أجمعه ومحاله موجودان بين النفخ وهو القلم الإلهي وبين الفرج والقلم الطبيعي فالقلم الطبيعي لتخطيط حروف أجسام الأرواح والنفخ وهو القلم الإلهي لتخطيط أرواح الأجسام قال الله تعالى: فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي على الإطلاق وهذا منزل لا يعرفه أحد أبدا إلاّ من وقف مشاهدة من نفسه على الحقيقة الآدمية والأسرار فيه فمن شاهد هاتين الحقيقتين عرف هذين القسمين القلمين وكيفية صدور الأشياء عنه ثم إن النفخ على قسمين نفخ احصان وغير إحصان فالنفخ الذي على غير إحصان يكون عند النفخ الحيواني والذي على الإحصان الروح القدسي يكون عنه مع حصول النفخ المطلق الحيواني فنفخ الإحصان ينتج المنازل العلية والإستشراف على الكائنات الإنفعالية والمقامات الروحانية القدسية والنفخ على غير الإحصان ينتج وجود الأرواح الجسمانية خاصة إلاّ أن هناك نفخا آخر بين النفخين وهي صورة شعيرة نفخ الإحصان ملحق بالملأ الأعلى والقباء السرمدي في النعيم الأبدي ونفخ غير الإحصان ملحق بعالم الكون والفساد مطلقا ثم النفخ الإحصاني الاختصاصي على ثلاث مقامات نفخ ولاية وهو على ثلاث شعب شعبة منبئة وشعبة مرسلة وشعبة معلقة بالمرسلة لا غير ولها شعب كثيرة لا تحصى وأعلاها التي هي منوطة بالمرسلة من جميع الوجوه ونائبة منابها إذا فقدت فتيانها وهم الصوفية أهل الورث النبوي والتخلق الرباني والتحقق الإلهي فتحقق ما مهدناه فلقد كشفنا كنوزا في هذا الكتاب ما كشفه أحد من أهل طريقتنا إلاّ صانوها وغاروا عليها ولكنني لما علمت أن الطفيلي ليس له منها إلاّ الذكر ومعرفة الأسم لم أبال بذكرها إذ نيلها حرام على من ليس له قلب سليم وكنا نظهر هنا أمرا ولكن في هذا تنبيه وغنية عن إفشاء ما ستر وفك معم ما غير عليه فحجبه.

إعلم وفقك الله يا بني أنك إذا حصنت فرجك وتعففت نقلك من افتضاض أبكار الحواس إلى إفتضاض أبكار المعاني على سرير المعاملات في جنة التخلق بالأسماء ثم ترتقي من هذه المنزلة إلى نكاح الحقيقة الكلية على سرير التوحيد في جنة التنزيه فينتج لك أيضا هذا المنزل منزلا آخر تشاهد فيه هذه الحقيقة المجردة عن الوجود المطلق المختار ينكحها من شاء الله على سر الفناء في جنة الأرب وهذه الحقيقة المعبر عنها بالحرفين التي هي سبب في الموجودات وعلة للكائنات إذا قضي الله سبحانه وتعالى أمرا سلطها عليه وأوجد الشيء عند تسلطها عليه وتعلقها به فكان إذا حصل العالم في هذه المنزلة واستوى على عرش الكائنات لم يشاهد شيئا في الوجود موصوفا كان أو صفة حساسا أو غير حساس نتيجة لا عن مقدمتين تنكح أحدهما الأخرى وهو عبارة عن الرابط الذي بينهما فيتولد بينهما أمر زائد عليهما فالمولدات تنبعث بينهما علوا وسفلا فإن ذكرا عليا وإن انث انسفل غير أن العبارات اختلفت بحسب أصناف المولدات فقيل هذا طفل بين رجل وإمرأة وهذه نتيجة عن مقدمتين وفرع عن أصلين ورسالة عن مرسل ورسول وسنبلة عن زرع وأرض وإحراق عن نار وخشب وبيت عن آلات وصانع وهذا موجود عن قادر وقدرة وهكذا جميع العالم بأسره نتيجة إزدواج ليصح على كل جزء من العالم الفاقة والإضطرار في وجوده إلى من يوجده حتى يقف له الأمر للناظر المشاهد ما العالم أو الموجودات المقيدة ويحصل له في الطريق من الفوائد بحسب ما مشي عليه من المقامات فإذا وقف عند هذا الموجود الأول المقيد عرفه بذاته أن وجوده نتيجة عن قدرة وقادر واختصاصه عن إرادة ومريد وإتقانه عن علم وعالم فيصح اضطراره وفاقته إلى الحق سبحانه وتعالى وهو الغني الحميد الموجود المطلق لا عن أصلين ولا عن مقدمتين ولا عن أبوين بل هو خالق الأصول والمقدمات والآباء والأمهات المقدس المنزه غير جواز ما تنزه عنه عليه بل هو منزه عن التنزيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير:

الروح أصل لكل خلق بحجة العالم الحكيم

لو لا الذي فيه من حدوث ما دل خلق على القديم

إتقانه إن نظرت فيه فرع عن العلم والعليم

فانظر إلى عالم يراه وانظر إلى المهج القديم

ينتج نار الجحيم فيهم أو جنة الخلد والنعيم

فإذا حصل وفقك الله في هذا المقام وشاهد الحق غاب عن جميع الخلق وغاب عن مشاهدته وعن جميع الخلق وغاب عن مشاهدته وعن طلبته وعن كل كون فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فمحق الرسوم ودكها وأصعق الهمم فملكها فبين الحق والصعق كما بين الحق والخلق عطس رجل بحضرة الجنيد فقال الحمد لله فقال له الجيد أتمها كما قال الله تعالى وقل رب العالمين فقال يا سيدنا ومن العالم حتى يذكر مع الله الآن قلت يا أخي فإن المحدث إذا قورن بالقديم لم يبق له أثر فهذا يا بني قد تعين لك أنه لم يظهر في العالم موجود محدث إلاّ عن مقدمتين هما أصلا وجوده فتفهم ما كشفناه لك من الأسرار المحجوبة في خزائن الغيرة عن الأغيار وأزل رمد التقليد عن جفنيك واكتحل بكحل الاجتهاد في المعاملات والتخلق بالأخلاق السماوية فطهر ثوبك ظاهرا وباطنا فإذا تجلى البصر تقوى النظر فأبصرت الأشياء على ما هي عليه ووقعت عينا على ما قلناه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.


uvxYRtKsjkc

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!