موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن باب النصائح

ما كتبن به إلى السلطان عز الدين الغالب، بأمر الله كيكاوس، جوابا عن كتاب وصل إلينا منه أيّده الله:

بسم الله الرحمن الرحيم.

وصل الاهتمام السلطاني الغالبي بأمر الله العزيز، أدام الله عدل سلطانه، إلى والده الداعي له، فيتعين عليه الجواب بالوصية الدينية، والنصيحة السياسية الإلهية، على قدر ما يعطيه الوقت، ويحتمله الكتاب، إلى أن يقدر الاجتماع، ويرتفع الحجاب.

فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«الدين نصيحة» . قالوا: لمن يا رسول الله؟ فقال: «لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين و عامتهم» . وأنت يا هذا بلا شك من أئمة المسلمين، قد قلّدك الله هذا الأمر، و أقامك نائبا في بلاده، ومتحكما بما توفق إليه في عباده، ووضع لك ميزانا مستقيم تقيمه فيهم، وأوضح لك محجّة بيضاء تسلك بهم عليها وتدعوهم إليها، وعلى هذ الشرط ولاّك وعليه بايعناك، فإن عدلت فلك ولهم، وإن جرت فعليك وعليهم، فاحذر أن أراك غدا يوم القيامة

بين أئمة المسلمين من أخسر الناس أعمالا، ولا يكون شكرك لما أنعم الله به عليك من استواء ملكك بكفران النعم، واستظهار المعاصي، وتسليط نواب السوء على الرعية الضعيفة، فيحتكمون فيهم بالجهالة والأغراض، وأنت المسئول عن ذلك.

فيا هذا، قد أحسن الله إليك وخلع النيابة عليك، فأنت نائب الله في خلقه، وظله الممدود في أرضه، فانصف المظلوم من الظالم، ولا يغرنك أن وسّع الله عليك سلطانك، وسوّى لك البلاد ووطّاها، مع إقامتك على المخالفات والجور وتعدّي الحدود، فإن ذلك الاتساع مع بقائك على مثل هذه الصفات إمهال من الحق لا إهمال، وما بينك وبين أن تقف على أعمالك إلا بلوغ الأجل المسمى، وتصل إلى الدار التي سافر إليها آباؤك و أجدادك، فلا تكن من النادمين، فإن الندم في ذلك الوقت غير نافع.

يا هذا، و من أشد ما يمر على الإسلام والمسلمين، وقليل ما هم، رفع النواقيس، والتظاهر بالكفر، وإعلاء كلمته ببلادك، ورفع الشروط التي اشترطها أمير المؤمنين وإمام المتقين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الذمة، من أن لا يحدثوا في مدينتهم و لا حولها كنيسة، ولا ديرا، ولا قلة، ولا صومعة راهب، ولا يجددوا ما خرب، ول يمنعوا كنائسهم أن ينزل بها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعموهم، ولا يأوو جاسوسا، ولا يكتموا غشا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركا، و لا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقومو لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين، في شيء من لباسهم في قلنسوة، و لا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا يتسمّوا بأسماء المسلمين، ولا يتكنو بكناهم، ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلدوا سيفا، ولا يتخذوا شيئا من السلاح، ول ينقشوا خواتيمهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رءوسهم، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليبا، و لا شيئا من كتبهم في طرق المسلمين، ولا يجاوروا موتى المسلمين بموتاهم، ول يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم، ول يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين.

فإن خالفوا في شيء مما شرط فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين ما يحل من أهل المعاندة و الشقاق.

فهذ كتاب الإمام العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

و قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبنى كنيسة في الإسلام، و لا يجدّد ما خرب منها» . فتدبر كتابي ترشد إن شاء الله تعالى، ما لزمت العمل به. و السلام.

وكتب إليه أيضا:

إذا أنت أعززت الهدى وتبعته فأنت لهذا الدين عزّ كما تدعى

وإن أنت لم تحفل به وتركته فأنت مذل الدين تخفضه وضع

فلا تأخذ الألقاب زورا فإنه لتسأل عنها يوم يجمعكم جمع

يقال لعزّ الدين أعززت دينه ويسأل دين الله عن عزّكم قطع

فإن شهد الدين العزيز بعزّكم تكن مع دين الله في عزّه شفع

وإن قال دين الله كنت بملكه ذليلا وأهلي في ميادينه صرعى

وما زلت في سلطانه ذا مهانة وفي زعمه بي أنه محسن صنع

فما حجّة السلطان إن كان قوله كما قلت فلتسكب لما قلته الدمع

وأدمن لباب الله إن كنت تبتغي تجاوره عن ذينك الضرب والقرع

عسى جوده يوما يجود بنفحة فيبرز عفو الله يدفعه دفعا

فيا ربّ رفقا بالجميع فيا لها إذا اجتمع الخصمان من وقعة شنع

فأنت إمام المتّقين ورأسهم إذا لم تزل تجبر لدين الهدى صدع

لكم نائب في الأمر أصبح ملحدا وأضحى لأهل الدين يقطعهم قطع

فما لك لم تغلبه واسمك غالب وما لك لم تعزله إذ آثر النفع

فيها أيها السلطان حقق نصيحتي لكم وارعني منكم لما قلته سمع

فإني لكم والله أنصح ناصح أذود الردى عنكم وأمنعه منع

وأجلب للسلطان من كل جانب من الدين والدنيا المعارف والنفع


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!