موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حديث سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري مع الوليد بن عبد الملك في حرق القبة

حدثن يونس بن يحيى، انا ابن أبي منصور، عن أبي القاسم، عن أبي عبد الله بن بطة، عن أبي صالح محمد بن أحمد، عن الحارث، عن أبي أسامة، عن الواقدي، عن موسى بن أبي بكر، عن صالح بن كيسان، أن الوليد بن عبد الملك ولّى سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف على قضاء المدينة، وكان ذا دين وورع وصلابة في الدين

ل تأخذه في الله لومة لائم، وأراد الوليد الحج فاتخذ قبة من ساج ليجعلها حول الكعبة ليطوف هو ومن أحب من أهله ونسائه فيها، وكان فظا مجبرا، فأراد ابن عمه أن يطوف فيها حول الكعبة، ويطوف الناس من وراء المقصورة، فحملها على الإبل من الشام، ووجّه معها قائدا من قوّاده في ألف فارس من الشام، وأرسل معه مالا يقسمه في أهل المدينة، فقدم بها فنصبت في مصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففزع من ذلك أهل المدينة، فاجتمعوا، فقالوا: إلى من نفزع في هذا الأمر؟ فقالوا: إلى سعد بن إبراهيم، فأتاه الناس فأخبروه الخبر، فأمرهم أن يضرموها بالنار، فقالوا: ل نطيق ذلك، معه ألف فارس من الشام، فدعا مولى له فقال: عليّ بدرعي، فجاءه بدرع جده عبد الرحمن بن عوف التي شهد بها بدرا، فصبها عليه، ثم دعا ببغلته فركبها، فما تخلف عنه يومئذ قرشي ولا أنصاري حتى أتاها، فقال: عليّ بالنار، فأتي بنار فأضرمه فيها، فغضب القائد، فقيل له: هذا قاضي أمير المؤمنين ومعه الناس ولا طاقة لك بهم فانصرف راجعا إلى الشام. قال ابن كيسان:

وشبع أهل المدينة من الناطف مما اكتسبوا من حديدها، فلما بلغ ذلك الوليد كتب إليه:

ولي القضاء رجلا وأقدم علينا، فولّى القضاء رجلا، وركب حتى أتى الشام، فقام ببابه شهرا لا يؤذن له حتى نفذت نفقته، وأضربه طول المقام، فبينما هو ذات عشية في المسجد إذا هو بفتى سكران، فقال: من هذا؟ قالوا: خال أمير المؤمنين سكران يطوف في المسجد، فقال لمولى له: هلم السوط، فأتاه بسوطه فقال: عليّ به، فضربه في المسجد ثمانين سوطا، وركب بغلته ومضى راجعا إلى المدينة. فأدخل الفتى على الوليد مجلودا، فقال: من فعل به هذا؟ قالوا: قاضيك على المدينة سعد بن إبراهيم، فقال: عليّ به، فلحق على مرحلة فدخل عليه فقال: يا أبا إسحاق، ما ذا فعلت بابن أختك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنك ولّيتنا أمرا من أمورك، فأتى حقا لله ضائعا سكران، يطوف في المسجد وفيه الوفود ووجوه الناس، فكرهت أن يرجع الناس عنك بتعطيل، فأقمت عليه حدّه. فقال:

جزاك الله خيرا، وأمر له بمال، ولم يذاكره شيئا من أمر حرق القبة.

حدثن محمد بن إسماعيل، ثنا عبد الرحمن بن علي، نبّأ محمد بن الحسين، ثنا عبد الملك بن بشران، قال: أنبأ أبو بكر الآجريّ، نبأ ابن صاعد، نبأ الحسين بن الحسين، أنا ابن المبارك، انا هشام، قال: حدّثني مولى مسلمة بن عبد الملك، قال: حدّثني مسلمة بن عبد الملك، قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر فلا يدخل عليه أحد، فجاءته جارية بطبق فيه تمر صيحاني، وكان يعجبه التمر، فوضع في كفه منه فقال: يا مسلمة، أترى لو أن رجلا أكل من هذا، ثم شرب عليه الماء، فإن الماء على التمر طيّب، فكان يجزئه إلى الليل؟ قال: فقلت: لا أدري، فرفع أكثر منه،

قال: فهذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين كان كافيه دون هذا حتى لا يبالي أن يذوق طعام غيره، قال: فعلام يدخل النار؟ قال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت مني هذه.

روينا من حديث ابن أبي الدنيا، حدّثنا عبد الرحمن بن صالح، نبأ أبو نعيم، عن سفيان، قال: قال معاوية لابن الكوا: كيف ترى الزمان؟ قال: يا أمير المؤمنين إن تصلح يصلح.

قيل لبعض خلفاء عصرنا، وقد ذكرنا إنسانا لم يكن له قديم مجد، فقال له بعض الحاضرين: ي أمير المؤمنين، ممن هو يؤبه له، فإن الدهر ما ساعده بشيء؟ فقال: نحن الزمان، من رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتّضع، وولاّه.

وتقول الصوفية: شروط السماع أربعة: إذا كلّمت، ولا مانع الزمان، والمكان، والإخوان، و يعنون بالزمان: السلطان، إذا قال به، ودعا إليه، وطاب الوقت لأصحاب القلوب، و انبسطت النفوس.

وروين من حديث ابن أبي الدنيا، قال: قال أبو كريب: نبأ أبو بكر بن عيّاش، عن أبي سعيد، قال: سمعت الحجاج وهو على المنبر يوما يقول: يا ابن آدم، بينما أنت في دارك و قرارك إذا تسوّر عليك ملك الموت، واختلس روحك، ثم دفنك أهلك، ورجعوا، واختصمو فيك، حبيباك: حبيبك من أهلك، وحبيبك من مالك. فاتق الله، فالآن تأكل، وغد تؤكل. ثم بكى حتى تلقّى دموعه بعمامته.

وروين من حديث أبي نعيم، انا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مخلد، انا الحارث بن أبي أسامة، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، عن أزهر بن سنان القرشي، حدّثنا محمد بن واسع، قال: دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت: يا بلال، إن أباك حدّثني عن جدّك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن في جهنم لواديا، ولذلك الوادي بئرا يقال لها هبهب، حق على الله عز وجل أن يسكنها كل جبار، فإياك أن تكون منهم» .

وقيل: لما دفن سليمان بن عبد الملك قربت مراكب الخلافة لعمر بن عبد العزيز، فبكى عمر و قال: دابتي أوفق لي.

وأنشدو في ذلك:

ولو ل التقى ثم النهى خشية الردى لعاصيت في حب الصبا كل زاجر

قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى له صبوة أخرى الليالي الغوابر

ثم قال: إن شاء الله، فجاءه صاحب الشرط، فمشى بين يديه فقال: تنحّ عني، ما لي

و لك؟ أنا رجل من المسلمين، فسار حتى دخل المسجد، فصعد المنبر فقال: إني ابتليت بهذ الأمر من غير رأي كان مني فيه، وقد خلعت ما في أعناقكم من تبعتي، فاختارو لأنفسكم، فصاح الناس: قد اخترناك، فقال: أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلف، واعملوا لآخرتكم، فإن من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا من ذكر الموت، وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، وإن من تذكر من آبائه فيما بينه و بين آدم أبا حيا لمعرف له في الموت. ثم نزل فدخل وأمر بالستور. ثم ذهب يتبو مقيلا، فقال له ابنه: تقبل ولا ترد المظالم؟ فقال: يا بني، إني سهرت البارحة فإذ صليت الظهر رددتها، فقال: من لك أن تعيش إلى الظهر؟ فقبّل بين عينيه وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني، فخرج وأمر مناديه أن ينادي: كل من له مظلمة فليرفعها، فردّ الكل، فقال: أيها الناس، إني أنساكم هاهنا، وأذكركم في بلادكم، فمن ظلمه عامله فلا إذن له عليّ، وإني والله ما أنا بخيركم، ولكني أثقلكم محلا. ثم خيّر جواريه فقال: إنه قد نزل بي أمر شغلني عنكن، فمن أحب أن أعتقه أعتقته، ومن أراد أن أمسكه أمسكته، ولم يكن مني إليها شيء. قالت زوجته فاطمة: ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا من احتلام منذ ولّي الخلافة إلى أن مات. و قوموا ثيابه جميعا حين استخلف فكانت اثني عشر درهما. وقيل لزوجته:

اغسلي قميصه، قالت: والله ما يملك غيره. كتاب إلى عامله: لا تقيد أحدا بقيد يمنع عن تمام الصلاة.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك: إياك أن تدركك الصرعة عند العزّة، فل تقال العثرة، ولا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما به اشتغلت والسلام. أخبرنا به محمد بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن علي، عن علي بن محمد، عن أبي عمرو، عن محمد بن الحسن، عن عبد الملك بن بشران، عن أبي بكر الآجري، عن أبي صاعد، عن الحسين بن الحسن، عن ابن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن جابر، أن عمر بن عبد العزيز، وذكره.

وروين من حديث ابن أبي الدنيا، عن محمد بن الحسين، عن شهاب بن عياد، عن سويد الكلبي، أن ذرّ بن حبيش، كتب إلى عبد الملك بن مروان كتابا يعظه، وكان في آخر كتابه: ول يطمعنك يا أمير المؤمنين في طول الحياة ما يظهر من صحة بدنك، فأنت أعلم بنفسك، و اذكر ما تكلم به الأولون.

إذ الرجال ولدت أولادها وبليت من كبر أجسادها

و جعلت أسقامها نفتادها تلك زروع قددنا حصادها

فلما قرأ عبد الملك الكتاب بكى حتى بلّ طرف ثوبه، ثم قال: صدق ذرّ، ولو كتب إلين بغير هذا لكان أوفق.

حدثن محمد بن إسماعيل، نبأ عبد الرحمن بن علي، حدثنا عبد الله بن علي، انا منصور بن عبد العزيز العسكري، انا أبو أحمد عبد الله بن أبي مسلم، انا علي بن عبد الله بن المغيرة، أخبرني أحمد بن سعيد الدمشقي، انا الزبير بن بكار، حدثني مدائني، عن عونة بن الحكم، قال: قال الشعبي: سمعت الحجاج تكلم بكلام ما سبق إليه في علمي أحد، قال: أما بعد، فإن الله كتب على الدنيا الفناء، وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، ولا يغرّنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، وأقصر وأطول الأمل بقصر الأجل. وقال مبارك بن فضالة: خطب الحجاج يوما فقال: أما بعد، فإن الله كفانا مئونة الدنيا، وأمرنا بطلب الآخرة، فليت الذي كان أمرن به طلب الدنيا وكفانا مئونة الآخرة. فلما سمعه الحسن قال: ضالة مؤمن عند فاسق خذوها.

حدثن بهذا كتابة أبو سعد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور، عن ظاهر طاهر، عن أبي عثمان سعيد بن محمد بن أحمد، عن أبيه، عن علي بن المؤمل، عن محمد بن يونس، عن ابن عوف، عن مبارك بن فضالة، وذكره.

بلغنا عن هرم بن حيان، أنه بات عند حممة فبكى حممة إلى الصباح، فقال هرم: ما أبكاك يا حممة؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تناثر النجوم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!