موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


اجتماع سليمان بن عبد الملك مع أبي حازم

روينا من حديث المالكي، عن أبي غسان عبد الله بن محمد، عن أبي سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، عن عبد الجبار بن عبد العزيز، عن جده أبي حازم، قال:

دخل سليمان بن عبد الملك المدينة فأقام بها ثلاثا، فقال: ما هاهنا رجل ممن أدرك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يحدثنا؟ فقيل له: بلى، هاهنا رجل يقال له أبو حازم. فبعث إليه، فجاءه.

فقال له سليمان بن عبد الملك: يا أبا حازم ما هذا الجفاء؟ فقال له أبو حازم: وأي جفاء رأيت مني؟ قال له سليمان: أتاني وجوه أهل المدينة كلهم ولم تأتني، فقال له:

أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ما جرى بيني وبينك معرفة آتيك هكذا، فقال سليمان:

صدق الشيخ، ثم قال سليمان: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ فقال أبو حازم: لأنكم أخربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، فأنتم تكرهون أن تنقلوا من العمران إلى الخراب. قال:

صدقت ي أبا حازم، كيف القدم على الله؟ فقال: أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله، وأم المسيء فكالآبق يقدم على مولاه.

قال: فبكى سليمان وقال: يا ليت شعري ما لنا عند الله يا أبا حازم؟ فقال أبو حازم:

اعرض نفسك على كتاب الله عز وجل تعلم ما لك عند الله. فقال: يا أبا حازم، أين نصيب تلك المعرفة في كتاب الله عز وجل؟ قال أبو حازم: عند قوله عز وجل: إِنَّ اَلْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وإِنَّ اَلْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ .

فقال سليمان: يا أبا حازم، فأين رحمة الله؟ قال أبو حازم: قريب من المحسنين، قال سليمان: يا أبا حازم، من أعقل الناس؟ قال أبو حازم: من تعلّم الحكمة وعلّمه الناس، قال سليمان: يا أبا حازم، من أحمق الناس؟ قال أبو حازم: من باع آخرته بدني غيره، فقال سليمان: ما أسمع الدعاء؟ قال أبو حازم: دعاء المخبتين إليه. قال سليمان:

ما أزكى الصدقة؟ فقال أبو حازم: جهد المقل. فقال سليمان: يا أب حازم، ما تقول فيما نحن فيه؟ فقال أبو حازم: اعفنا من هذا.

فقال سليمان: نصيحة بلغتها. قال أبو حازم: إن أناسا أخذوا هذا الأمر من غير مشورة من المؤمنين، ولا إجماع من رأيهم، فسفكوا فيها الدماء على طلب الدنيا ثم ارتحلو عنها، فليت شعري ما قالوا وما قيل لهم. فقال بعض جلسائه: بئس ما قلت يا شيخ، فقال أبو حازم: كذبت، إن الله تبارك وتعالى أخذ على العلماء ليبيننه للناس، ول يكتمونه.

فقال سليمان: يا أبا حازم، كيف لنا بصلح؟ قال: تدعوا التكلّف وتمسكوا بالمروءة. قال سليمان: يا أبا حازم، كيف الأخذ بذلك؟ قال أبو حازم: تأخذه من حقه، وتضعه في أهله.

فقال له سليمان: اصحبنا يا أبا حازم، وتصيب منا ونصيب منك. فقال: أعيذك من ذلك. قال سليمان: ولم؟ قال: أخاف أن أركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني الله منها ضعف الحياة و ضعف الممات.

قال سليمان: يا أبا حازم، فأشر عليّ، فقال أبو حازم: اتق الله أن يراك حيث نهاك وأن يفقدك حيث أمرك. قال سليمان: يا أبا حازم، ادع لنا بخير. فقال أبو حازم: اللهم إن كان سليمان وليّك فبشّره بخير الدنيا والآخرة، وإن كان عدوك فخذ إلى الخير بناصيته.

فقال سليمان: عظني يا أبا حازم، قال: فقد أوجزت إن كنت وليّه، وإن كنت عدوه، فما ينفعك إذ أرمي بقوس بغير وتر.

فقال سليمان: يا غلام، ائت بمائة دينار، ثم قال: خذها يا أبا حازم، فقال أبو حازم: ل حاجة لي بها، إني أخاف أن تكون لما سمعت من كلامي أن موسى عليه السلام لما هرب من فرعون وورد ماء مدين وجد عليه الجاريتين تذودان، قال: ما خطبكما؟ قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، فسقى لهما، ثم تولى إلى الظل فقال:

رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، ولم يسأل على عون الله أجرا على دينه فلما أعجل بالجاريتين الانصراف، أنكر ذلك أبوهما وقال: ما أعجلكما؟ قالتا: وجدنا رجلا صالح فسقى لنا، قال: فما سمعتماه يقول؟ قالتا: سمعناه يقول: رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، قال: ينبغي أن يكون هذا جائعا، تنطلق إحداكما فتقول له: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.

قال: فجزع من ذلك موسى عليه السلام، وكان طريدا في فيافي الصحراء، فأقبل والجارية أمامه، فهبت الريح فوصفتها له، وكانت ذا خلق، فلما بلغ الباب دخل وإذا طعام

موضوع، قال شعيب: أصب يا فتى من هذا الطعام، قال موسى عليه السلام: أعوذ بالله، قال شعيب: ولم؟ قال موسى: لأننا من بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهبا. قال شعيب عليه السلام: لا والله، لكنها عادتي وعادة آبائي، نطعم الطعام، ونقري الضعيف. فجلس موسى فأكل. فإن كانت هذه الدنانير هي عوضا لما سمعت من كلامي، فالآن أرى أكل الميتة والدم في حال الضرورة أحب إليّ من أخذها. فكان سليمان أعجب بأبي حازم، فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين، أيسرّك أن يكون الناس كلهم مثله؟ قال الزهري: إنه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلّمته بكلمة قط. قال له أبو حازم:

صدقت إنك نسيت الله فنسيتني، ولو أحببت الله لأحببتني. قال الزهري: صدقت أتشتمني؟ قال سليمان: بل أنت شتمت نفسك، أما علمت أن للجار على جاره حقا. قال أبو حازم:

إن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب، وكانت الأمراء تحتاج إلى العلماء، وكانت العلماء تضنّ بدينها عن الأمراء، فاستغنت الأمراء عن العلماء، واجتمع القوم على المعصية، فشغلوا وانتكسوا، ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم، لكانوا لم تزل الأمراء تهابهم.

قال الزهري: كأنك لي تريد وبي تعرّض، قال: هو ما تسمع.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!